منوعات

محمد قاروط أبو رحمه: تنمية فكر التغيير

محمد قاروط أبو رحمه 18-7-2023: تنمية فكر التغيير

إن إحداث تغييرات جوهرية في سلوك المجتمع (عائلة، تنظيم سياسي، قطاع عام او خاص) تجاه بعض المسائل الهامة والتي تلمس حياته اليومية تتطلب تنمية فكر التغيير لدى العاملين في مجال التغيير.

يوصف الخيال بأنه مصنع الأفكار. والخيال أهم ما ميّز به الله سبحانه وتعالى الإنسان عن سائر مخلوقاته، فإذا كان العقل مناط التكليف فإن الخيال مصنع الأفكار.

لا يستطيع الإنسان أو عقل الإنسان أن يتخيل أشياء لم يعرفها، بغض النظر عن الكيفية التي عرفها بها، فالمعرفة أساس التخيل. وكلما زادت المعرفة زادت قدرت الإنسان على التخيل.

 إن جودة ونوعية التخيل تعتمد على جودة ونوعية ما يعرفه الفرد ومهاراته وخبراته، وجودة عمليات التفكير عنده، وقدرته على التركيز لأطول فترة ممكنه، وكلما زادت قدرت الإنسان على التخيل زادت قدرته على إنتاج أفكار جديدة، و- أو تقبل أفكار جديدة.

إن المعرفة العميقة بالمسائل التي نرغب بإحداث تغييرات عليها، هامة جداً، وبدون المعرفة لا يُمكننا أن نصنع فكراً تغييريا قادرا على إحداث التغييرات المطلوبة، من جهة أخرى يجب أن نلم بشكل كاف بخصائص الأفراد الذين سنقوم بتغييرهم.

إذا كان الهدف من التغيير هو إحداث تغييرات نوعية وكمية في سلوك المجتمع أو جزء منه في مسألة ما، فإنه من المفيد أن نتذكر أن خلف كل سلوك فكرة ما، وتعديل السلوك يتم عن طريق إحداث تغييرات في الأفكار (والعمليات الذهنية) التي تُنتج السلوك، وقد يكون السلوك آلي، أو مبرمج في اللاوعي، أو سلوكاً واعياً.

المهم هنا أن تغيير السلوك، أو إحداث تغييرات كمية ونوعية فيه تتطلب معرفة بدوافع السلوك ومبرراته وأفكاره، تم وضع الخطط المناسبة لتحسين قدرة الناس على تخيل السلوك الجديد وفوائده، وهذا يتم عن طريق زيادة معرفة الناس عن المسألة التي نرغب في إحداث تغييرات فيها.

حتى نُحدث تغييرات في المعرفة فإنه يلزمنا أن نتبع مداخل مناسبة لذلك، من المفيد التذكير أن مداخل زيادة المعرفة عن طريق التعليم هي ثلاث، التعليم من الجذور، والتعليم الإستنتاجي، والتعليم التجريبي.

إن معرفتنا بهذه المداخل واستخدامها بشكل خلاّق يساعدنا على إحداث التغييرات المعرفية اللازمة للتأثير على مصنع الأفكار (الخيال) والعمليات الذهنية لدى الفئة المستهدفة، حتى يتبنى سلوك جديداً.

من المهم ملاحظة أن كل سلوك معين يتطلب أيضاً معرفة دوافع السلوك الحالي، ثم تعديل الدوافع بما يتناسب والسلوك المرغوب إحداثه. الدوافع الثلاثة الأساسية التي تُسّير حياة الناس، هي دافع البقاء والدوافع الداخلية، والدوافع الخارجية.

العاملين في مجال التغيير عليهم تنمية فكرهم في مجال الدوافع، وكيفية توطينها لتكون داخلية، مع ملاحظة أن استخدام الدافع الخارجي ودافع البقاء مشروعان لتوطين الدوافع لتصبح داخلية.

أخيراً، تنمية فكر التغيير بحاجة إلى معرفة بالسلوك الإنساني وأسبابه ودوافعه، وكيفية إحداث تغييرات فيه، وهو بحاجة إلى زيادة المعرفة وطرقها لتوسيع قدرة العقل على التخيل لصناعة أو تقبل أفكار جديدة.

 إن تبني أفكار جديدة، والتفاعل مع أفكار الغير الجديدة هو أساس إحداث تغييرات كمية ونوعية في سلوك المجتمع تجاه مسألة ما.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى