منوعات

بكر أبو بكر: هل تراني فهمت المدرسة الانسانية؟

بكر أبو بكر 24-7-2023: هل تراني فهمت المدرسة الانسانية؟

في سياق التغيير في الحياة قد تملك الزمام أحيانًا أو في مراحل معينة وتغير المسار أو تنشيء مسارًا موازيًا، وفي كثير من الأحيان يكون التغيير قهريًا جبريًا نتيجة قوى خارجية مثل الحرب والهجرة ….الخ. لكنه في جميع الأحوال فإنك قد تجد المفتاح أو النافذة التي منها تستطيع تحقيق التغيير الذي تبتغيه أو يتوافق مع أمنيتك، رغبتك ولاحقًا هدفك أو رؤيتك.

أعرف مجموعة من الحالات -لدى أخوة أصدقاء- التي عندما دهمتها القوى القاهرة غيّرت مسارها ربما مرغمة، أو بتأقلم مع المتغير الكبير لكن بانفتاح وتخير وإقدام . أو على غير ما تهوى فسكنت وخارت قوة التغيير لديها وتآلفت مع وضعها الجديد. ومنها من لم تستطع أن تنشيء نافذة أو مسارًا موازيًا ينفتح على ما تريده، أو لم تقدر أو لم ترد تحت ضغط المحيط اوضعف الشخصية أن تتغير. 

بشكل عام دعني أقول إن وُجدت الرغبة ولكن الإرادة غير مفعلة وهي التي تجر مركبة الرغبة عبر الجسر للبناء الجديد، فإن التغيير لا يحصل.

صديقي بكلية الهندسة الأخ محمد أحد الذين استطاعوا أن يرسموا الطريق الجديد لحياتهم بعد أن أدت القوة الخارجية (حرب الخليج) الى تزعزع وضعه. 

لقد قرر الخروج الكلي من المكان الذي أصابته القوة القاهرة-الحرب، لاسيما وأنه يحمل وثيقة سفر لأنه من أبناء قطاع غزة الميامين، فعمل كل جهده للانتقال الى دولة أجنبية فكانت كندا مكانه الجديد التي عمل جاهدًا ليحقق فيها الانعطافة والنقلة. 

ودعني أقول أنه حقق انعطافته ضمن خطوات التغيير التي أراها في خمسة أي أنه 

قيّم وضعه الحالي جيدًا، وبصدق مع الذات وبالنظر للمستقبل أولًا

وثانيًا قرر التغيير بلا هوادة فأشعل الإرادة وقام بنقل القرار من الدماغ الى الأرض.

وثالثًا حرك مجال القرار من العقل الى الأرض فبدأ بخطوة  

ووصل الى رابعًا بفعل المثابرة اليومية والاستمرارية التي لا تكل ولا تمل

 وخامسًا  سخر كل موادره العقلية وعلاقاته ووقته ليعمل كل ما سبق بتناغم وتناسق والتزام…. وقد فعلها. 

وكان لمحمد هذه التغيير جوهريًا ولكني لم أتابع تغييراته اللاحقة في شخصيته ذاتها، لتباعد الجغرافيا وضعف الاتصالات، الا أنه فعلها.

أعود لاتخاذ نفسي نموذجًا للتغيير، ودعني هنا أسرد 3 مواقف من عشرات تلك الفترة في تونس لربما كان لها الفضل الأول في هذا التغيير الجديد

 قاطعني أحدهم في دورة سياسية عقدتها في تونس، وشتمني الشخص فبلعت الشتيمة، ولم أرد لاسيما والقيادة حاضرة. الى أن جاء بعد نهاية الدورة ليقول أنه كان يعلن لي بشتيمته أنني لا آتي بجديد فهو يعلم مسبقًا كل ما سنقوله! وليقول معتذرًا أنه قد أخطأ، فلقد سمع ورأى ما لم يتوقعه من الجديد والكثير، لذا يطلب السماح عن الإساءة وعن إغلاق عقله.  

وفي الموقف الثاني حين عقدنا دورة في ستوكهولم، وفي إطار حلقة النقاش عن حالة دراسية مشابهة لما حصل بالواقع (لم توفر السفارة حافلة أو سيارة للطلاب المشاركين بالدورة القادمين من خارج السويد، لنقلهم من المطار الى المدينة ما سبب حنقًا شديدًا)، وفي الحالة الدراسية الافتراضية (حلقة النقاش بالدورة) تجاوب المشاركون من الطلاب بأنهم استدلوا كيف يصلون المدينة من المطار بأنفسهم معتبرين ذلك تحدي، فتغلبوا على العقبة. بينما أصرّ آخر وبصلابة شديدة على إيقاع المسؤولية على السفارة، دون أن ينتقل أبدًا لايجاد الحل! 

اما ثالث المواقف فلقد كان في الهند حيث عقدنا دورة هامة هناك، قال لي فيها أحدهم عبارة لم أنسها حتى اليوم “أنني وجدت الآن هدف حياتي”! لقد وجد هدف حياته مما طرح بالدورة حيث الإضاءات الجديدة، يا الله ما للكلمة الجميلة والصادقة من تأثير حقيقي على الناس، مما كنا ومازلنا نقدمه في الكتابات والمقالات وكُتبنا، وفي الاجتماعات واللقاءات والدورات وعبر تقديم أنفسنا كنموذج، لعلنا نكونه.

 في الانعطافة أو النقلة الثالثة التي حصلت لي كانت النقلة بطبيعة التفكير ضمن نفس المسار النضالي، من الصلابة والشدة بالحكم على الآخرين الى الليونة النسبية أو الى محطة المدرسة الانسانية ومحاولة التفهم والتماس الأعذار للآخرين التي وضع جذورها في عقلي سابقًا حسن المطري مسؤولي التنظيمي الفذّ فترة الكويت.

أي أن التغيير قد جاء بطريقة النظر وطريقة التقييم للمواقف وللناس، لا سيما أن عديد الدورات التي عقدتها في أكثر من بلد انطلاقًا من تونس قد أسست لمثل هذا التغيير إضافة لعوامل أخرى من دعم واحتضان وجدته من البيئة أي من مكتب التعبئة والتنظيم برئيسه الكبيرأبوماهر غنيم، ودعم عدد من الأخوة ناهيك عن دور القراءات الأولى والجديدة في علم الإدارة وعلم التنظيم وعلم النفس وعلم الاجتماع…الخ، هذه المرة ما أضاف لما سبق الكثير وأسس لهذه النقلة الثالثة في مضمون وسلوك الشخصية، وليس في مسار الحياة الفيزيائية أو طبيعة العمل. ونكمل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى