ترجمات عبرية

يديعوت: قبل أن تغلق نافذة الفرص

يديعوت 25/4/202بقلم: آفي كالو: قبل أن تغلق نافذة الفرص

لاكثر من نصف سنة ونحن نستيقظ الى واقع لا يطاق يعيشه مخطوفونا في أسر القتلة. ويخيل أن التاريخ، بجوانبه الظلماء، يصر على ان يكرر نفسه، في سياق مشابه تقشعر له الابدان.

1987 كانت سنة نافذة الفرص الأولى (والأخيرة) لاعادة مساعد الطيار المفقود المقدم رون أراد من الاسر في لبنان. حتى أواخر السنة إياها كان لإسرائيل عنوان حقيقي للحديث معه في قضية رون جميل سعيد، رجل اعمال لبناني كان يسكن في لبنان وكان مقربا من نبيه بري، رئيس منظمة “أمل” وحتى اليوم شخصية عامة ذات نفوذ في الساحة اللبنانية. غرست هذه القناة بقدر كبير إحساس امن مغلوط في إسرائيل في حينه بانه يمكن اجراء الاتصالات مع الوسيط سعيد على مياه هادئة، بخاصة في ضوء حقيقة أنه جاءت عدة رسائل من رون شكلت بأثر رجعي إشارة حياة الأخيرة منه.

ولكن آليات داخلية في “أمل” لم تشعل أضواء حمراء في الكريا في حينه وتقرب رئيس جهاز الامن في منظمة “أمل” مصطفى ديراني من طهران اديا ان في نهاية 1987 أغلقت نافذة الفرص، مع إقامة “المقاومة المؤمنة”، منظمة شيعية متطرفة مقربة من الحرس الثوري الإيراني. ديراني، الذي انسحب من “امل” ووقف على رأس تلك المنظمة، أخذ رون تحت وصيته خطوة أدت الى انهيار قناة الوساطة المريحة. بعد اختفاء مساعد الطيار الأسير من قرية النبي شيت في صيف 1988 في ظروف غامضة بذلت اسرة الاستخبارات جهودا عظمى بهدف محاولة العثور عليه في ارجاء الشرق الأوسط.

عمليا، على مدى ثلاثة عقود ونصف مرت منذ اختفائه من القرية الشيعية المعادية في ظلمة الليل، نفذت سلسلة عمليات جريئة الى جانب جهود استخبارية وبحثية متفرعة لم تنجح في تحقيق حل للغز. هكذا مثلا في عهد حكومة التغيير، وحسب اعلان رئيس الوزراء في حينه بينيت من على منصة الكنيست، جرت حملة غنية المقدرات تنطوي على مخاطرة عظيمة، رغم الانجازات العملياتية المبهرة، لم تنجح في تبديد السحابة حول مصير وظروف اختفاء مساعد الطيار.

تفويت نافذة الفرص لاعادة مساعد الطيار الأسير في 1987 غذته سلسلة عناصر بينها أيضا صدمة صفقة جبريل (1985) التي اثارت نقدا جماهيريا شديدا وادتالى تردد كبير في المستوى السياسي، ولاحقا جرت جهاز الامن الى توظيف مقدرات هائلة واحيانا باثمان معقدة للعثور على مساعد الطيار، كما اسلفنا، حتى أيامنا هذه.

فضلا عن ذلك، فان انعدام الوضوح بالنسبة لحياة مساعد الطيار منذ اختفائه في البقاع اللبناني في أواخر الثمانينيات، خلق تشوشا وغموضا في النظريات والتقديرات الاستخبارية مما اثقل جدا على القدرة لخلق جدول اعمال أهلي وبذل جهد مركز دقيق لاجل حل القضية الأليمة.

ان الفشل الاستخباري الذريع في قضية رون يجب أن يقف امام أصحاب القرار في هذا الوقت في قضية المخطوفين. دروس لغز أراد تشكل إشارة تحذير واضحة ونداء صحوة صادم للمستوى السياسي: عدم استخدام نافذة فرص دبلوماسية، مهما كانت صعبة ومركبة، لاعادةمخطوفينا يزيد دراماتيكيا الخطر على حياتهم ويشكل اخفاقا وطنيا كفيل بان يرتفع الى مستوى بكاء للأجيال، في ضوء الخوف الحقيقي في أن يصعب على المخطوفين الذين لا يزالون على قيد الحياة النجاة على مدى الزمن من اسر منظمة القتلة.

ولما كان هذا، وكما يتضح من قضية أراد، فان عدم إعادة المخطوفين اليوم ستنطوي على ثمن باهظ في المستقبل، ليس فقط في جوانب سلة الاثمان لاعادتهم من خلال المفاوضات بل وأيضا من زاوية المقدرات التي ستلزم اسرة الاستخبارات وجهاز الامن بتوسيع الانشغال في مجال الاسرى والمفقودين لسنوات الى الامام بهدف العثور على المخطوفين بشكل سيكلف مقدرات واسعة واحيانا على حساب مجالات لا تقل أهمية، توجد في قلب جدول الاعمال الأمني للدولة. هذا اعتبار ثقيل الوزن يجب أن يقف امام ناظر أصحاب القرار.

يقف امامنا عدو غير انساني، مرير ووحشي، من اكثرالأعداء وحشية الذين عرفتهم إسرائيل لكنه ضعيف للغاية عسكريا، سياسيا، حوكميا، بينما إنجازات الجيش المبهرة في المناورة في أراضي القطاع آخذة في التآكل (مثلما ألمحت محافل عسكرية رفيعة المستوى) في ضوء الشلل الاستراتيجي المتواصل الذي تعاني منه حكومة إسرائيل. امام دروس الماضي المدوية وفي ذروة عيد الحرية على المستوى السياسي أن يوجه التفوق الميداني على حماس من خلال الأوراق التي لا تزال في يديه، لاجل تحقيق صفقة وإعادة مخطوفينا ممن تركوا لمصيرهم من قبل الدولة في 7 أكتوبر وبسرعة.

هذا في أيدينا. وهذا ممكن. خشية ان يكرر التاريخ البشع نفسه ويأتينا على بواباتنا المتكدرة، اذا لم نصحو ونعيدهم الى حدودهم.

 

*رئيس دائرة الاسرى والمفقودين في الجيش سابقا، وباحث في معهد السياسة ضد الإرهاب، جامعة رايخمن

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى