ترجمات عبرية

يديعوت: دمار في صفوف الجيش الإسرائيلي يصعب إصلاحه

يديعوت 2023-07-24، بقلم: عوفر شيلح: دمار في صفوف الجيش الإسرائيلي يصعب إصلاحه

“سيتصدى أحفاد أحفادنا للضرر الذي لحق منذ الآن”، قال لي في نهاية الأسبوع ضابط كبير سابق في سلاح الجو، يؤيد الكتاب الذي بعث به أكثر من ألف من رجال السلاح، وأعلنوا فيه بأنه إذا أُجيز التشريع دون إجماع واسع فإنهم سيوقفون تطوعهم للاحتياط. ودرءاً للشك: إذا أجيز التشريع بالفعل كما هو ونفذوا قولهم سيكون في أعقابهم كثيرون آخرون، في سلاح الجو وفي وحدات أخرى.

قبل عشرين سنة، في كتاب عني بتفكك جيش الشعب، كتبت أن “جيش الشعب، في صيغته الحالية، لم يعد مصدر وحدة. أصبحت الخدمة فيه حجة مريرة يوجهها جمهور ما لجمهور آخر في إطار حرب القبائل الإسرائيلية”. وفي الأشهر الأخيرة تحول الجيش إلى مكان أكثر تهديداً بكثير: “ميدان المعركة الذي تحسم فيه المعارك المختلفة لحرب القبائل – معارك، وليس الحرب كلها، التي يُعتبر الحسم فيها ليس ممكناً، وستكون مصيبة. في كل جدال جوهري سيكون السؤال: من ينجح في أن يجند داخل صفوف الجيش ما يكفي من القوة لتحقيق نصر محلي، على حساب الجيش نفسه وفي ظل إلحاق ضرر للأجيال؟ جيش كهذا لا يمكنه أن يكون جيشا، لا للشعب ولا للدولة.

الذنب كله ملقى بكامله على الحكومة الحالية. ففي خليط متعذر من التطرف، وانعدام المسؤولية، ومجرد الفوضى قاد نتنياهو، لفين، ومنفذو قوله إسرائيل والجيش إلى هذا الوضع المتعذر. لكن أيضا من يتخذ ضدهم ما يبدو كوسيلة أخيرة لمنع تغيير متطرف في طبيعة الدولة، ينبغي أن يعترف بضرر الفعل ذاته. مهما كانت النتيجة، لن يعود الجيش ليكون ما كان عليه. سيتطلب إعادة تأسيس، لو كان ذلك ممكنا، وسيستغرق أجيالا.

نتنياهو محدث المصيبة، لكنه لا يعمل في فراغ. في الـ 75 سنة لم نتمكن من أن نخلق هنا فكرة شراكة مدنية تترك مكانا لفوارق الآراء والثقافات وتدفع إلى التوافق في صالح العموم. لا يوجد في إسرائيل بديل للفكر البقائي، والذي بموجبه الأمر الوحيد المهم هو القتال ضد من يأتون لإفنائنا: كل أمر نفعله مهما كان عنيفا وفظا مبرر ظاهرا، فالاعتراف بالآخر بنظرته إلى العالم هو ضعف يجب احتقاره، ولخلافات الرأي يوجد حل واحد: حسم في صالحي. لأجل أن نتعرف على ذلك يكفي أن نخرج إلى الشارع أو الطريق.

تعاظم كل هذا أضعافاً في الـ 56 سنة التي كنا فيها نحتل شعبا آخر، ونقيم نظام “أبرتهايد” عملي على ملايين الناس، ونتعاطى مع 20 في المئة من مواطني إسرائيل كرعايا، الحد الأقصى من الخطاب معهم هو طلب التأييد السياسي الموضعي مقابل امتيازات اقتصادية يستحقونها على أي حال. بشكل غير مفاجئ يتجاهل الاحتجاج من اجل الديمقراطية كل هذا، وذلك لأنه “ينبغي الارتباط بالجمهور اليميني” لأجل تعزيز الرواية التي حققت لنا ما حققناه.

لا غرو أن الجيش الإسرائيلي، الجسم الذي تقدسه الفكرة الإسرائيلية والذي جوهره هو استخدام القوة، أصبح بشكل محتم ميدان المعركة حتى في الصراع الداخلي. إذا كانت اللغة الوحيدة هي الحسم والطريق الوحيد هو القوة، فأين سنجري استيضاحنا الجماهيري إن لم يكن في الجيش؟ ولأول مرة في الـ 75 سنة تكون هذه المعركة علنية وعديمة الكوابح. هدم الجيش الإسرائيلي نفسه هو فقط، بالكلمات البشعة جدا، ضرر جانبي.

كتاب رجال سلاح الجو مصوغ بعناية. ليس فيه، بخلاف موقف محافل احتجاج أخرى، طلب لسحب التشريع كاملاً. فهو يترك الطريق مفتوحا لوقف النزف الفوري: تمديد دورة الكنيست، والدخول في حوار حول علة المعقولية، وإجازة تشريع متفق عليه، والإعلان أن هكذا سيكون لاحقا وبذلك التأكيد بأنه يوجد طريق آخر. هذا لن يرضي الساعين إلى الحسم من هنا ومن هناك، وهذا بالضبط هو الموضوع. الزعامة ليست قيادة المعركة أمام الجانب الآخر، بل قول الحقيقة والمطالبة بالتغيير من جانبك. تختبر الديمقراطية في المكان الذي نضع نحن فيه الحدود لأنفسنا، وليس لمن يفكر بشكل مختلف. لعل المشهد الحالي، للجيش الإسرائيلي، ينزف من تمزقات سيستغرق إصلاحها أجيالاً، وسيجلب كل الأطراف إلى هذا الاعتراف.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى