ترجمات أجنبية

من الحرب وحتى السلام جيش الدفاع الإسرائيلي يستعد لليوم الذي يأتي بعد الأسد


ترجمة: مركز الناطور للدراسات والأبحاث

 

إعداد: أفي يشتخروف وعاموس هيرائيل

معهد القدس للشؤون العامة والدولة 

 

كان هذا أسبوع أقل اعتيادية في سوريا، صحيح أن المظاهرات ضد نظام الأسد استمرت وفي يوم الجمعة الماضي وصل عدد المشاركين في الاحتجاجات ضد نظام بشار الأسد إلى الذروة بضع مئات الآلاف، لكن وجود عشرات المراقبين العرب في الدولة قلل إلى حد معين من مستوى العنف من جانب قوى الأمن، وهكذا تضاءل عدد القتلى إلى حد معين وبدلا من 40إلى50 قتيل في اليوم قتل في الأسبوع الذي تلي وصول المراقبين 20 إلى25 شخص في اليوم، وصول المراقبين أعضاء الجامعة العربية أثار انتقادات حادة من قبل حركات المعارضة في سوريا التي ادعت بأنها تساعد الرئيس على البقاء في السلطة.

كما أن تعيين مصطفى دابي الجنرال السوداني الذي كان على ما يبدو شريكا في عملية إبادة شعبه في دولته رئيسا للطاقم أثار ضجة كبيرة، في الأسبوع الماضي نجح دابي في شراء عدد غير قليل من العداء له من بين المعارضين للنظام لأنه صرح بعد وصول الطاقم إلى مدينة حمص مباشرة أن الوضع في المدينة هادئ للغاية، صحيح أنه ادعى أن من السابق لأوانه استخلاص النتائج لكن من الصعب أن نفهم مثل هذا القول من قبله إذا وضعنا في الاعتبار الوضع في حمص حيث أنه قبل ساعات فقط من وصول المراقبين  كانت المدينة قد تعرضت لقصف من قبل الجيش السوري.

الجامعة العربية وعدت يوم أمس الأول بإرسال مجموعة كبيرة أخرى من المراقبين خلال الأيام القليلة القادمة كمحاولة لدرء الانتقادات الموجهة إليها، أعضاء فريق المراقبين استأجروا مكاتب في عدة مدن وأعلنوا بأنهم سيجمعون شهادات وإفادات من السكان حول ما يحدث لكن سكان حماه اشتكوا هذا الأسبوع بأنهم يخشون الوصول إلى المكاتب في المدينة لأنه يرابط عند المدخل أفراد من قوات الأمن السورية الذين يتأكدون من هوية الداخلين والمغادرين.

أجهزة استخبارات غربية صرحت هذا الأسبوع أنه على الرغم من الانخفاض النسبي في حجم العنف فإن الاتجاه فوق الأرض هو في غير صالح الأسد وأنه يتعزز.

أعداد كبيرة من الفارين من جيش الأسد  يبلغ عددهم مئات من الضباط وبينهم عشرات من الرتب رائد وما فوق، وعدد من العقداء، في الأسبوع الأخير سجلت شهادات أولية على أن الجيش يهاجم المناطق التي تحتشد فيها عناصر المعارضة وكذلك عن طريق النيران من الجو، في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية مقتنعون بأنه في عام 2012 سيحدث شيء ما سيحدث أي لبشار السد في سوريا لكنهم غير ملتزمين بتحديد موعد دقيق.

ليس من المؤكد أن الأسد يدرك ذلك، من تابع المقابلة الشهيرة التي منحها الرئيس الذي يتعرض للهجوم للمذيعة الأمريكية  باربارا بولترس خرج بانطباع بأن الرجل يواجه مأزق وأن الذين يخضعون لإمرته معزولون عن المعلومات الموثوقة حول ما يحدث في الميدان.

 

وثيقة التفاهمات

يبدو أن مراكز القوة المختلفة في سوريا تستعد لليوم الذي يلي سقوط النظام العلوي، من الصعب إيجاد شخص ما في الشرق الأوسط في الوقت الحاضر على استعداد لأن يراهن أن بشار الأسد سيبقى في السلطة لسنوات طويلة، المؤشر الموثوق للغاية على الوضع المنهار للأسد بدا واضحا هذا الأسبوع  عندما دعا الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط الذي ظل يتأرجح بين سوريا وخصومها إيران وروسيا إلى دعم التغييرات في النظام في دمشق.

الطرف الشاذ الوحيد هو طهران، صحيح أن حليفة الأسد بدأت قبل حوالي شهرين توجه الانتقادات لسياسة الرئيس السوري لكنها في الآونة الأخيرة بدأت تتعاطى معه بشكل علني وكأنه سيبقى يمسك بمقاليد السلطة لسنوات طويلة.

ومع ذلك من الصعب أن نقيم سلفا كيف ستبدو سوريا بعد سقوط الرئيس، ليست هناك في الوقت الحاضر حركة معارضة بارزة ومعروفة تقود المظاهرات ضد الأسد ولا حتى الإخوان المسلمين، ومن الجائز أن الجهة الأهم بين المجموعات والشخصيات التي يطلق عليه صفة المعارضون للنظام هو الكولونيل رياض الأسعد قائد جيش سوريا الحر، هذا الاسم الرسمي لقوات الميليشيا التي تعمل ضد الجيش السوري.

الأسعد يدعي أن تحت إمرته توجد 23 كتيبة، لكن لا يبدو حتى الآن أن هذه الوحدات أكبر من حجم السرايا مجهزة بمعدات عسكرية متقادمة.

المجموعات المختلفة التي تتشكل منها المعارضة السورية بعيدة عن التوصل إلى اتفاق حول مستقبل سوريا بعد الإطاحة بسوريا.

كما يبدو محاولة صياغة وثيقة تفاهم نجحت في يوم السبت الأخير بعد أن وقعت مجموعتين رئيسيتين من المعارضة للنظام وهما المجلس الوطني السوري ولجنة التنسيق على اتفاق يلتزمان بموجبه بخلق مستقبل ديمقراطي لسوريا.

ووفقا للوثيقة فإنه بعد الإسقاط سيعلن عن سنة انتقالية تجري عند انتهائها انتخابات برلمانية ورئاسية مع الحفاظ على الحرية الدينية لكل المواطنين في سوريا.

لكن لسبب غير واضح المجموعتين الموقعتين على الوثيقة لم تضمان في صفوفهما الأسعد ولا رجاله، وبعد يوم من التوقيع على الاتفاق بدأ أعضاء بارزون في المجموعتين وفي حركات معارضة أخرى التنصل من مضمون الوثيقة.

ومع ذلك فإن محاولة توصيف السيناريوهات بشأن مستقبل سوريا في فترة ما بعد الأسد تطرح عدة احتمالات مثيرة.

هذا الأسبوع أجرى معهد القدس للشؤون العامة برئاسة الدكتور دوري جولد مداولات شارك فيها عدد من الخبراء والباحثين من قبل المركز لشؤون الشرق الأوسط، الاحتمال الأكثر رجحانا ما طرحه عقيد الاحتياط شمعون شابيرا الذي عمل سكرتيرا عسكريا لبنيامين نتنياهو خلال عهدته الأولى كرئيس للحكومة هو أن  الأسد سيحاول قبل لحظة من الإطاحة به أن يسجل على أنه البطل العربي الذي تجرأ على شن حرب ضد إسرائيل.

بعبارة أخرى الرئيس سيحاول إطلاق صواريخ نحو إسرائيل.

أما البدائل المحتملين للأسد حسب شابيرا فإن من المرجح تشكيل ائتلاف للنخب السنية (المنقسمة في الوقت الحاضر بين مجموعات معارضة تقيم في دمشق وفي تركيا) ويمكن أن نضيف إليها نائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام ورئيس المجلس السوري الوطني برهان غليون، ويقول البريجادير شابيرا أن فرضية العمل الذي قمت به في تحليل الوضع السوري أن الطائفة العلوية ستخسر قوتها ومركزها بعد سقوط بشار.

وهناك احتمال آخر نشوب صراع بين الطوائف وسفك الدماء ينتهي بتشكيل ائتلاف سني.

سيناريو متطرف آخر  كان الخلاف عليه داخل مجموعة الخبراء وهو احتمال أن يوقع النظام الجديد اتفاقية سلام مع إسرائيل، وبحسب شابيرا فإذا ما استقر نظام يحظى بدعم من واشنطن فإن الإدارة الأمريكية ستحاول أن تحقق عن طريقه اتفاقية سلام جديدة في الشرق الأوسط ولا يستبعد احتمال أن يوافق النظام الجديد على أية ترتيبات أمنية تطالب بها إسرائيل في مقابل الانسحاب الكامل من الجولان بما في ذلك سحب القوات السورية حتى دمشق.

سمير نصار أحد زعماء المجلس السوري الوطني صرح هذا الأسبوع في مقابلة مع صحيفة واشنطن تايمز أنه يتوقع أن تقبل سوريا الجديدة المبادرة العربية للسلام.

عقيد الاحتياط جاك نيريا الذي عمل مستشارا سياسيا لإسحاق رابين اختلف مع شابيرا وادعى بأنه لا يرى النظام الجديد في سوريا يتطوع لأن يكون الأول من بين الأنظمة الجديدة من يقيم سلاما مع إسرائيل، كما أن نيريا لا يعتقد باحتمال أن تتحول سوريا إلى دولة كانتونات على ضوء تركيبة السكان الأحادي (حوالي 80% من السنة) وحسب قوله فإن الدافع الوطني في سوريا قوي جدا وكذلك أيضا المكون العلماني، وادعى أن البنية المدنية للإخوان المسلمين التي كانت في مصر في عهد مبارك ليست موجودة في سوريا وأن الإسلاميين هم جزء من الانتفاضة ولكنهم ليسوا رأس الحربة.

وقال نيريا أنه على ضوء الضعف المتوقع للنظام الجديد في سوريا فإنه لا يرى حربا ضد إسرائيل تلوح في الأفق.

تسفي مزال سفير إسرائيل الأسبق في مصر يعتقد أن هناك احتمال آخر يجب أن تضعه إسرائيل في الحسبان هو أن بشار مازال يبدي حتى الآن قدرة على السيطرة على الجيش وأنه سينجح في البقاء جزءا من المعارضة الجديدة التي سيتشكل في سوريا.

وحسب مزال فإن الافتراض بأنه بعد مقتل 6000 من أفراد المعارضة فإنها لن تقبل بالإبقاء على الأسد يستند إلى منطق غربي هناك احتمال بأن يكون الأسد جزءا من ائتلاف للقوى وأن نقل السلطة سيتم بشكل مسيطر عليه وحذر بالإضافة إلى ذلك من الجائز أن العلويين سيطالبون بالتخلص منه ويتصلوا بالسنة بدون مواجهة طائفية.

السيطرة:

جميع المشاركين في هذه المداولات اتفقوا أن حزب الله وإيران سيكونان الخاسران الأكبران نتيجة لسقوط الأسد، وحسب شابيرا حزب الله بدأ يستعد لليوم الذي يلي سقوط الأسد وهناك مخاوف بأن ينقل جزءا كبيرا من الصواريخ البعيدة المدى التي بحوزته إلى داخل لبنان بعد أن كانت في الماضي قد احتفظ بها في منشآت على الجانب السوري من الحدود وذلك من أجل الحيلولة دون قصف إسرائيلي لهذه الصواريخ، ويقول يعتقد أن جزءا من وسائل القتال الكيماوية التي بحوزة السوريين وهي أحد المستودعات الأكبر من نوعها في العالم ستنقل هي الأخرى لتكون في حوزة حزب الله، لكن ليس من الواضح كيف سيتصرف حزب الله بعد سقوط الأسد.

وحسب فريق الباحثين هناك احتمال لسيطرة عسكرية من جانب حزب الله على لبنان هذا إلى جانب تعزيز التداخل السياسي للحزب.

في الآونة  الأخيرة فقط بدأ حزب الله بمبادرة التغيير في اتفاقية التوزيع الطائفي في لبنان الذي ظل معمولا به منذ عام 1943 والذي يمنح تمثيلا مناسبا للقوى في المنظومة السياسية (حسب الاتفاق المواطن من أصل شيعي لا يستطيع أن يعين رئيسا أو رئيس حكومة) حزب الله يستطيع أن يقترح ذلك على البرلمان الحالي وتمرير هذا الاقتراح بأغلبية الأصوات لكن عندها ستثور معارضة مسيحية وربما قد تتحول إلى معارضة عنيفة.

وحسب شابيرا فإنه إذا ما طلب حزب الله بإجراء انتخابات حسب الطريقة الجديدة تتناسب مع قوته وتمكنه من اختيار الرئيس فقد تنشب حربا أهلية ستقود إلى تقسيم لبنان إلى كانتونات.

عقيد الاحتياط ميكي سيجل ضابط استخبارات سابق وباحث متخصص في الشؤون الإيرانية ادعى أن احتمال سقوط الأسد يثير قلقا لدى سلطات إيران لكن حسب رأيه النهضة الإسلامية في أنحاء الشرق الأوسط تمنح الإيرانيين تعويضا معينا، في منطقة إسلامية يمكن الاعتقاد بأنه سيكون من السهل عليهم بلورة المعسكر بقيادتهم.

وحسب سيجل إيران تستثمر في الوقت الحاضر جهودا كبيرة من أجل نشر المذهب الشيعي في الفناء الخلفي في البحرين وفي المناطق الشيعية من السعودية وعلى الأخص العراق.

ويقول فريق الخبراء أنه تكرس هناك جهود  وإمكانيات مماثلة للتي بذلت في لبنان في ثمانينات القرن الماضي وليس من المستبعد احتمال أن يتحول العراق بعد انسحاب الجيش الأمريكي إلى عضو جديد في المحور الراديكالي الذي تقوده إيران في المنطقة بدلا من سوريا.

انعدام الاستقرار في الجانب السوري يؤثر على إسرائيل في عدة جوانب في المدى القريب، سجلت في شهري مايو ويونيو الماضيين محاولتين عنيفتين من قبل متظاهرين لاجتياز الحدود في هضبة الجولان انتهت بسقوط عشرات القتلى نتيجة لإطلاق النار من قبل جيش الحدود.

ومن المتوقع أن مثل هذه الأحداث ستستمر بشكل أقوى كلما تصاعدت الاضطرابات الداخلية في سوريا وربما تشمل محاولات للهجوم من الحدود كما حدث في سيناء، إسرائيل تتابع بقلق وضع مستودعات السلاح في الجيش السوري سواء الصواريخ والقذائف الصاروخية ومواد الحرب الكيماوية والبيولوجية.

هناك مشكلة أخرى لا تزال تستقطب اهتمام ضئيل فإلى جانب العتاد والصواريخ والقذائف الصاروخية فقد أقدم الأسد في السنوات الأخيرة على خطوة للتسلح بصواريخ مضادة للدروع ومضادة للطائرات متطورة من إنتاج روسي، هذه الصواريخ المضادة للطائرات قد تحد إلى حد ما من حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي في الجبهة الشمالية، التوتر في الجيش السوري إلى جانب تحسين قدرته تزيد من حدة المخاطر لاندلاع حوادث ضد طائرات إسرائيلية في الشمال وخاصة في هذه الفترة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى