ترجمات عبرية

يديعوت: مملكة تحت التهديد

يديعوت 17/4/2024، سمدار بيري: مملكة تحت التهديد

وزير الخارجية الأردني، ايمن الصفدي (62) ابن الطائفة الدرزية، هو حقا ليس كأس الشاي لمحافل عسكرية وسياسية في إسرائيل. فهو يتحدث بصلابة لاذعة تجاه إسرائيل، يقول الأمور الفظة التي لن يقولها الملك عبدالله، ورغم كل كفاءاته واطلاعاته على الاحداث – وتوجد كهذه – لم يعتبر ابدا محبا لإسرائيل ولا حتى في الفترة التي سبقت نتنياهو. 

اعرف ايمن الصفدي منذ الأيام التي كان يعمل فيها كمراسل غير كبير في صحيفة “الحياة” السعودية في الأردن. خرجنا معا للبحث (ووجدنا) المواطن الأردني الذي قرر أن يسمي ابنه البكر (رابين) على اسم رئيس وزراء إسرائيل. 

منذئذ، تسلق الصفدي الى مناصب رفيعة، كمحرر “جوردان تايمز” بالانجليزية، ومستشار الأمير الحسن، بعد ذلك خرج لبضع سنوات لمناصب استشارة في الخليج الفارسي وعاد في 2017 لمنصب وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء. هو الوزير الاقدم في الحكومة الأردنية ويتمتع بثقة الملك عبدالله الكاملة. 

يعمل الصفدي اليوم كـ “لسان” الملك. يوم الاحد دعا على عجل السفير الإيراني في المملكة كي يوضح له بان الأردن، بعد هجوم الصواريخ والمُسيرات في أراضيه لا يعتزم ان يكون جريرا إيرانيا مثل سوريا، لبنان والعراق. من خلف الأمور وقف تعهد امريكي لا لبس فيه لمساعدة الأردن اذا ما هاجمته ايران مرة أخرى. وبالفعل، بعد ساعات قليلة من اللقاء مع السفير الإيراني في عمان، أعلنت الصحيفة المقربة من الحرس الثوري: “الأردن على بؤرة الاستهداف”. 

بينما يتسلى سكان بلدة الرمثا بشظايا المُسيرات والصواريخ التي سقطت في أراضيهم ويعرضون بسخرية “بيعها لكل من يعرض ثمنا” توضح السلطات في الاردن: “اسقطنا اجساما اطلقت الينا من الجو من دولة اجنبية”. دون ذكر التحالف بين السعودية، الامارات، الولايات المتحدة وإسرائيل في صد الهجوم الإيراني المفاجيء. 

الأردن لم يعلق فقط في المواجهة بين ايران وإسرائيل بل وجد نفسه في دوامة تنديدات حادة في الشارع. رأيت المرة تلو الأخرى صورة الملك عبدالله في الشبكات الاجتماعية، يرتدي بزة الجيش الإسرائيلي مع شعار إسرائيل على كتفيه، الى جانب رتبة مقدم في الجيش الإسرائيلي. ردود الأفعال مختلطة وثمة أيضا من يسمونه “البطل”. وفي اطار ذلك، تواصل ايران مهاجمة الأردن وتسميه “معاون الصهاينة”. ولا تتردد وكالة الانباء الإيرانية “فارس” من تحذير الاسرة المالكة في عمان: “انتم في بؤرة الاستهداف اذا ما تدخلتم او تجندتم مرة أخرى”. 

 لا ننسى الحدود الطويلة بين الأردن وإسرائيل وحقيقة أن اكثر من سكان الأردن هم من اصل فلسطيني، وعلى رأسهم الملكة رانيا التي لم توفر انتقادا حادا عن إسرائيل في اثناء الحرب في غزة. والان يخرج المتظاهرون ليس فقط الى نطاق سفارة إسرائيل في عمان بل وأيضا الى سفارة الولايات المتحدة في حي عبدون الفاخر. 

تعرض محافل رسمية في عمان صورة – ليست غير دقيقة على الاطلاق – في أن الخطوات الأردنية استهدفت اهداف الدفاع وحماية سيادة الأردن. نحن لسنا حُماة إسرائيل ولسنا دمى في هذه اللعبة الخطيرة، كما يقولون. لكن في غداة الهجوم، أعلنت الولايات المتحدة عن نيتها رفع المساعدات المالية الى الأردن وإسرائيل ستزيد الضعفين على الأقل لكمية مياه الشرب للمنطقة. الأردن المضغوط، عن حق، يدعو سكانه لان يطلعوا على الانباء فقط من الوسائل التي تسيطر عليها المملكة والتقليل من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي تلك التي ترسم الان، بسخرية لاذعة، علم إسرائيل ضخم يرفرف في سماء عمان. 

ردت الكويت وقطر طلبا أمريكا باستخدام قواعد سلاح الجو الأمريكي في أراضيها لمهاجمة ايران. في الأردن، عصبة كبيرة من المتظاهرين الفلسطينيين نظموا مسيرة وهتفوا نحو الاسرة المالكة: “اين جيش الكرامة”. ووصلت لعبة الكلمات المزدوجة بوضوح الى أروقة المملكة: فهذا ليس “جيش الشرف” الذي ينضم الان الى الحلف ضد ايران بل وأيضا تذكير بمعركة الكرامة التي اجبر فيها الجيش الأردني إسرائيل في 1968 للانسحاب من عملية في أراضيه ضد الفلسطينيين. 

مريم، “بدون اسم العائلة لو سمحتي”، طالبة سنة ثالثة في كلية القانون تصف ليل المسيرات في سماء الأردن فتقول: “انا لست مؤيدة لإيران. وعندي الكثير من الملاحظات على سلوك النظام والحرس الثوري تجاه المواطنين في دولتهم. هذا ما كان سيحصل عندنا، في الأردن. انا لا اعارض النشاط الأردني ضد الإيرانيين. هذا لن يمر بسلاسة، وهم سيهاجموننا وسيثيرون المشاكل من سوريا ومن لبنان، وسنضطر للاعتماد كل الوقت على الأمريكيين، الذين هم جد غير محبوبين عندنا في المملكة”.

محمد شتيلا، هو الاخر طالب قانون اشتكى بشدة من قادة الجيش الأردني الذين سمحوا بالتعاون، في أراضي المملكة ضد ايران. “الإيرانيون يحذرون الان من ان الأردن سيكون المحطة التالية. انا اصدقهم. فبعد كل شيء، الأردن هو مملكة صغيرة مع جيش قوي لكن اذا قرر الإيرانيون الهجوم، كل واحد منا سيدفع ثمنا باهظا”. 

أخيرا، خرجت السعودية الى النمو وتطلق تلميحا واضحا عن دورها ضد ايران. السعودية هي التي أعلنت قبل سنة عن استئناف العلاقات مع ايران، ولم تعلن بعد عن التطبيع مع إسرائيل. كما أن السعودية هي التي علاقاتها مع الأردن باردة حتى جامدة منذ الكشف عن محاولة الانقلاب ضد الملك عبدالله في عمان والجهد السعودي لتمليك الأخ الأمير حمزة عرش المملكة. الان، السعودية مستعدة لان تعترف بمشاركتها السرية في احباط الهجوم، ولعل هذه الخطوة تؤدي الى توثيق العلاقات مع الملك عبدالله وتوفر المساعدة الاقتصادية التي يحتاجها الأردن جدا. 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى