ترجمات عبرية

معاريف: دراما مزدوجة

معاريف 30/4/2024، بن كسبيت: دراما مزدوجة

للمقترح الإسرائيلي بعيد الأثر الذي وضع من خلال مصر بالنسبة لصفقة أخرى لتحرير المخطوفين توجد علاقة بتهديد اصدار أوامر اعتقال دولية من محكمة الجنايا الدولية في لاهاي ضد نتنياهو، غالنت، هليفي ومسؤولين آخرين. هكذا تقدر محافل رفيعة المستوى في إسرائيل. 

“المرونة الإسرائيلية الهامة غير منقطعة عن الرعب الذي وقع على المسؤولين وعلى رأسهم بالطبع نتنياهو، من إمكانية ان يصدر المدعي العام في محكمة الجنايات في لاهاي كريم خان بالفعل، ضدهم أوامر اعتقال دولية، خطوة غير مسبوقة مع معان استراتيجية وشخصية بعيدة الأثر”، قال مسؤول إسرائيلي كبير مطلع على الاتصالات. “حتى لو لم تكن الامر مترابطة مباشرة، لا شك أن أوامر الاعتقال هي محفز شديد القوة، واساسا في كل ما يتعلق ببنيامين نتنياهو، لمرونة إسرائيلية في موضوع المخطوفين وكذا في موضوع الاستعداد الإسرائيلي للبحث في إمكانية وقف القتال لمدى بعيد”، صياغات توافق إسرائيل على البحث فيها الان”. 

دراما مزدوجة: واحدة إسرائيلية، وهي تدور بين كابنت الحرب وبين ذاته، بين كابنت الحرب والكابنت الموسع، وفي المستوى الشخصي، بين نتنياهو وسجانيه، أساسا بتسلئيل سموتريتش (في ضوء تحييد بن غفير في نهاية الأسبوع). الدراما الدولية ترتبط بالمعلومة الحساسة التي وصلت الى إسرائيل في الأيام الأخيرة، وبموجبها ينظر المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي بجدية في أوامر اعتقال ضد رئيس الوزراء، وزير الدفاع، رئيس الأركان وشخصيات أخرى في القيادة الإسرائيلية. 

هذا الحدث هز عالم نتنياهو، الذي يصفه أناس يعملون معه كـ “مفزوع”. الوضعية كلها توصف كـ “فزع مدار”. تراكض دولي بسرعة عالية، يمارس فيها نتنياهو كل ما يمكن ممارسته كي يضغط على كل من يمكن له أن يضغط على المدعي العام كريم خان. الرئيس اسحق هرتسوغ هو الاخر يوجد في سر الأمور ويدير اتصالات من جانبه في محاولة لوقف كرة الثلج قبل ان تبدأ بالتدحرج في المنحدر.

الموضوع طرح أيضا في مكالمة هاتفية بين نتنياهو وبايدن في نهاية الأسبوع. رئيس الوزراء طلب من الرئيس ان يعمل في الموضوع. في اعقاب المكالمة نشر مجلس الامن القومي الأمريكي بيانا بان ليس لمحكمة الجنايات في لاهاي أي صلاحيات للبحث في موضوع غزة. الى جانب ذلك، الامريكيون، مثل إسرائيل أيضا، ليسوا موقعين على ميثاق محكمة الجنايات، بحيث أن نفوذهم على قرارها ليس عاليا. 

في ظل هذه الجلبة وقعت دراما كبرى في اثناء مداولات الكابنت في نهاية الأسبوع: بعد مداولات طويلة وخلافات رأي شديدة في كابنت الحرب، تقرر التقدم بمقترح بعيد الأثر في اطاره يتحرر كل المخطوفين الانسانيين (في إسرائيل يطالبون بـ 33 كهؤلاء) مقابل تحرير سجناء فلسطينيين، فتح محور نتساريم، عودة منضبطة لسكان فلسطينيين الى شمال القطاع وتأجيل العملية في رفح. الاقتراح لا يتضمن وقف الحرب بل هدنة طويلة فقط. 

وجد نتنياهو نفسه منعزلا امام غانتس وآيزنكوت، اللذين دفعا نحو الصفقة بكل القوة، بمساعدة نشطة من وزير الدفاع يوآف غالنت. في داخل الغرفة واضح للجميع، من المستوى السياسي وحتى العسكري بان قصة رفح بعيدة عن أن تكون جوهرية او استراتيجية وقابلة للتأجيل، او للمعالجة بطريقة أخرى ليست باجتياحا شاملا واحتلالا. بعد ضغط شديد، واساسا من جانب غانتس، استجاب نتنياهو ووافق على تبني الاقتراح. كل هذا حصل في يوم الخميس.

غير أن في حينه طرأت انعطافة: وزير المالية سموتريتش سمع بالحدث ودعا نفسه لنتنياهو. سموتريتش وضع امام نتنياهو إنذارا وأوضح له بان هذا الاقتراح سيؤدي الى تفكيك الحكومة. انذار مشابه اطلقه سموتريتش بشكل علني وبصوته في شريط حرره عشية العيد. نتنياهو، مثل نتنياهو، تقلب واعلن بانه يتراجع عن تأييد الصفقة. 

الحدث تصاعد. يوم الجمعة كان دراماتيكيا على نحو خاص، وفقط بعد ضغط شديد، تضمن تهديدات لتفكيك الحكومة، استجاب نتنياهو مرة أخرى. الاقتراح انطلق على الدرب والفريق الإسرائيلي المفاوض تلقى تفويضا بنقله الى القاهرة. بعد أن حصل هذا نشر شريط سموتريتش، وكذا بن غفير، الذي لا يزال ينتعش من حادث الطرق الذي اجتازه، لم يقل بعد كلمة التهديد الأخيرة. مشوق أن نرى كيف سيتجاوز نتنياهو هذا. 

وفي اطار كل هذا يتواصل التراكض المتعب لمحاولة كبح أوامر الاعتقال. فنية لاصدار أوامر كهذه أمسكت بإسرائيل في مفاجأة استراتيجية. المدعي العام في لاهاي كريم خان لا يعتبر معاديا لإسرائيل. ربما العكس. فقد وصل الى البلاد بعد المذبحة بدعوة من لجنة عائلات المخطوفين، تجول في الغلاف المدمر، التقى ناجين ومخطوفين محررين وتأثر عميقا. طواقم من جانبه تستوجب باستطالة كل المخطوفين العائدين من اسر حماس وتجمع الشهادات. غير أن في كل هذا الزمن يعمل في لاهاي أيضا طاقم إضافي، طاقم تفكير منفصل قرر بانه توجد حاجة لتوازن الصورة ومعالجة “الطرف الاخر”، أي طرفنا.

الحجة هي على ما يبدو الموضوع الإنساني، او كما تسميها محافل معينة، نية إسرائيل لتجويع السكان الغزيين، لمعاقبتهم عقابا جماعيا ولانتهاك قواعد الحرب والقانون الدولي. هذه الاستنتاجات جاءت أساسا “بفضل” تصريحات مسؤولين إسرائيليين، واساسا من أناس اليمين المتطرف وكذا بسبب الوضع الذي ساد في غزة الى أن حسم الامر لدى نتيناهو فقرر هجر التصريحات المتبجحة وفتح القطاع لمساعدات إنسانية غير محدودة. 

الان تحاول إسرائيل وقف هذا الانجراف. اذا ما أصدرت أوامر الاعتقال سيلحق الامر بإسرائيل ضررا استراتيجيا غير مسبوق وجسيم على نحو خاص. هذه ستكون خطوة أولى من نوعها يمكنها ان تؤدي الى ردود فعل متسلسلة واثر المنحدر السلس الذي في نهايته ستجد إسرائيل نفسها في مكانة دولة منتهكة للقانون او منبوذة. هذا بالفعل سيكون “انتصارا مطلقا”، لكن ليس لنا، بل لاعدائنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى