ترجمات عبرية

يديعوت: اغتيال مروان عيسى إن تأكد: إنجاز أكثر من تكتيكي، لكنه لا يحطّم التوازن

يديعوت 13-3-2024، بقلم: رونين بيرغمان: اغتيال مروان عيسى إن تأكد: إنجاز أكثر من تكتيكي، لكنه لا يحطّم التوازن

“الروح الشريرة وذات الأرواح السبع لروحي مشتهى تجعلنا نكون متواضعين واقل ثقة بانفسنا قبل أن نرى بعيوننا جثته”، قال مصدر استخباري كبير. “لأن جثة مشتهى كنا كلنا واثقين من أنها للتو ستسحب من تحت الأنقاض، وذلك فقط كي نراه يخرج من هناك جريحا لكنه حي وبسرعة شديدة عاد أيضا ليكون الى جانب السنوار في القيادة مفعماً بنزعة الثأر. ومنذئذ نحذر من اقوال قاطعة طالما تكون المعلومة الاستخبارية دون المستوى المطلوب، ولا سيما اذا كانت تأتي من تحت الأرض. لكن واضح اننا سيسرنا جدا ان نقول أيضا “مبارك”.

في 16 تشرين الثاني كانت إسرائيل واثقة من أنها عثرت واصابت منظومتين تحت أرضيتين لحماس. في احداهما، حسب الاستخبارات كانت قتل قائد اللواء الشمالي للمنظمة احمد غندور، مع مسؤولين آخرين. في المنظومة الثانية اختبأ كبار الذراع السياسي لحماس، بينهم روحي مشتهى، احد الأشخاص الاكثر قربا من السنوار وكان معه سنوات طويلة في السجن.

في نهاية الامر تبين بانه في المنظومة الأولى كان بالفعل غندور وآخرون، لكن كان يحتجز معهم مخطوفون، وهم أيضا، اغلب الظن، قتلوا في الهجوم او في الوضعية التي نشأت في النفق بعده. الهجوم على المنظومة الثانية نجح جزئيا فقط، ومشتهى أصيب لكنه خرج زاحفا من بين الأنقاض بل وعاد الى النشاط.

في الجيش الإسرائيلي، لدى المسؤولين ولدى الناطق، وفي اسرة الاستخبارات أيضا – أمان والشاباك، يقولون انهم تعلموا الدرس مرتين: الا يعلنوا عن موت المسؤول الى أن يؤكد الطرف الاخر، حماس، بنفسه واستباق العملية فحص استخباري متصلب جدا لامكانية أن يكون مخطوفون يتواجدون بجوار الهدف. امس، صحيح حتى نزول هذه السطور الى المطبعة، كان لدى الطاقم المشترك من امان والشاباك الذي عني بالعملية في الأشهر الأخيرة بضع مؤشرات على أن عيسى انهى بشكل تام رحلة القتل التي كرس لها حياته، لكن في ظل عدم وجود بيان من حماس، بقي صامتا. في أمان وفي الشاباك يقدرون باحتمالية عالية بانه لم يكن مخطوفون في المنطقة. في الوضع الحساس، بعد 7 أكتوبر، احد لن يعلن عن ذلك بالتزام كامل.

بضعة صواريخ شديدة الانفجار اصابت أهدافا قريبة لكنها غير متشابهة ومستهدفة بعناية في منطقة حي سكني في مخيم النصيرات للاجئين في وسط القطاع، في النقاط التي قسم منها على الأقل فوق مسار الانفاق في تلك المنطقة. في واحدة منها اجتمعت في تلك اللحظة جماعة من حماس. وشارك في هذا الاجتماع نائب قائد الذراع العسكري، مروان عيسى، واحد من ستة كبار رجالات حماس غزة الأوائل الذين اثنان منهم – غندور ونوفل – قتلا في عمليات اغتيال سابقة قام بها الجيش الإسرائيلي. الى جانب عيسى كان عدد آخر من المسؤولين، المهم بينهم هو غازي ابو طماعة، قائد لواء سابق في حماس ومسؤول اليوم عن اللوجستيات والتسليح في المنظمة.

طواقم انقاذ من حماس حاولت ان تخرج من بين الأنقاض الناجين وواجهت مصاعب في داخل الانفاق التي انهارت وهناك احتمال ان تواصل الانهيار بفعل القصف الشديد. رجال وحدات الإسعاف الاولي لحماس مقتنعون بان احتمال انقاذ احد ما على قيد الحياة من هذا اللظى قليل جدا حتى الصفر.

اذا كان عيسى قد قتل بالفعل فان هذا سيكون الإنجاز التكتيكي “التصفوي” الأهم لإسرائيل منذ بداية الحرب وعمليا منذ ان ضربت إسرائيل قائد قوات حماس في غزة احمد الجعبري في 2012 – الاغتيال الذي في اعقابه عين نائبه، مروان عيسى، خليفة له. النجاح في هذه العملية سيكون نتيجة استغلال جملة المصادر الأفضل لدى أمان، شعبة الاستخبارات العسكرية، بما في ذلك واساسا وحدة 8200 التي تعيش في ازمة منذ هجمة حماس المفاجئة. ان ادراج وحدة الاستخبارات هذه كمحور مركزي في العملية يمكن أن يرفع معنوياتها ويدخل فيها طاقات متجددة. كل هذا الى جانب مصادر الشباك، الذي اغلق دائرة وجلب الى سلاح الجو المعلومة الذهبية التي هاجم بموجبها بالضبط في منتصف الليل بين السبت والأحد.

 

***

بخلاف الكثير من زملائه، فان عيسى، رغم سمو منصبه، نجح في النجاة وهو احد القلائل الذين تبقوا على قيد الحياة من النواة المؤسسة لحماس. عيسى هو رجل متدين جدا لكنه ليس مرجعية دينية. ليس مثل مسؤولين آخرين في حماس كاسماعيل هنية ممن انتقلوا الى الجانب السياسي او ممن ينشغلون في الحزب وفي السياسة وكذا في “الإرهاب” بالتوازي بقي عيسى في الجانب التنفيذي السري، الإرهابي للمنظمة.

هكذا مثلا في اطار توزيع المناصب في الذراع العسكري لحماس، الذي نشرته المنظمة لأول مرة في 2005، انكشف ان عيسى كان مسؤولا عن عمليات “احتلال المستوطنات” في قطاع غزة قبل فك الارتباط. في تصريح علني نادر له قال في حينه “قررنا نقل المعركة الى بيوت المستوطنين” وأشار الى أن منظمته تحاول تنفيذ العمليات بمستوى نجاح عال مقابل ثمن متدن قدر الإمكان بحياة المقاتلين الامر الذي شهد على تغيير ميل عمل المنظمة.

بصفته المساعد القريب لاحمد الجعبري كان لعيسى دور مهم في تخطيط عملية اختطاف جلعاد شاليط وتنسيق الجهود الناجحة جدا من ناحية حماس للتأكد من أن عملية الاستخبارات الإسرائيلية للعثور على جلعاد شاليط ستفشل. السياسة السرية المتشددة التي اتبعها الجعبري وعيسى نجحت. إسرائيل لم تعرف شيئا عن حياة شاليت في السجن على مدى اكثر من خمس سنوات. بعد وقت قصير من اختطاف شاليت في 2006 أصيب عيسى بجراح خطيرة في الورك، في محاولة تصفية من جانب إسرائيل لكنه نجا. في نيسان 2012 اجرت انتخابات داخلية وسرية للمكتب السياسي لحماس، وكان عيسى والجعبري بين 15 شخصا أساسيا آخر في المنظمة انتخبوا للمكتب. “انتخابهم، وحل قيادة الخارج في سورية، يشكلان تعزيزا لقوة الجناح العسكري ورغبته في توسيع تأثيره على القرارات السياسة التي تتخذ في القيادة، كتبنا على هذه الصفحات في 2013.

واضفنا بعد حملة عامود السحاب بان “هذه ساعة حساب للنفس من ناحية حماس. جهد هائل تواصل ست سنوات ضاع هباء. وليس هذا فقط: واضح للمنظمة انه رغم مساعي الاخفاء الهائلة تنجح الاستخبارات الإسرائيلية في اختراقها والوصول الى التفاصيل الأكثر حميمية عن رجالها ونشطائها. مهمة استخلاص الدروس واستئناف تعاظم القوى كانت أساسا على عاتق عيسى”.

وقد نجح في هذا التحدي وفي تحدٍ اكبر – تكيف حماس مع الواقع الذي تغير بشكل متطرف – إقامة الجدار التحت أرضي الذي استبعد انفاق الهجوم، الوسيلة المركزية من ناحية حماس لاعداد اجتياح كبير الى إسرائيل. عيسى، التي تعزو له الاستخبارات الإسرائيلية “اكثر من 50 في المئة” في كتابة خطة “سور اريحا” لاختراق العائق الأرضي وابادة فرقة غزة، نجح في وضع خطة لم يؤمنوا في إسرائيل بان أحدا ما وبالتأكيد ليس حماس، يمكنه أن ينجح فيها. “المشكلة الكبرى مع الانفاق الهجومية هي السرية”، يقول مصدر عسكري قديم في الجبهة، “لكن في اللحظة التي لا تكون فيها انفاق، وكل شيء يكون فوق الأرض، كنا هادئين، أي كان واضحا لنا بانهم اذا ما أرادوا رغم ذلك بغبائهم أن يهاجموا فوق الأرض، فاننا ببساطة سنراهم ونوقفهم. الويل، كم اخطأنا. ولعيسى كان دور مركزي في هذا التضليل”.

لقد سبق لعيسى ان كان في منصب رفيع جدا حين ثار صراع الجبابرة المتعلق بمواصلة طريق الحركة: هل يجب عمل كل شيء للحفاظ على الإنجازات الكبرى التي تحققت في غزة واعتبار هذه الإنجازات تقف في رأس السلم – كما يعتقد هنية. أم ان غزة هي فقط البداية في الطريق الى تحقيق الحلم الحماسي كله: السيطرة على المناطق التي تسيطر فيها السلطة الفلسطينية، تحويل المنظمة الى القوة المركزية في الشعب الفلسطيني، ومواصلة الصراع بلا هوادة ضد العدو الصهيوني كما يعتقد السنوار.

يدور الحديث عن صراع جبابرة. هنية يدعي بانه اذا سقطت غزة، لنفترض باحتلال إسرائيل، فستكون هذه ضربة رهيبة للكفاح الإسلامي كله. اما السنوار ومعه اخوه، وكذا ضيف وعيسى كداع متحمس، فقد قالوا انه يمكن تقديم التنازلات في غزة، وعند الحاجة التضحية بها أيضا.

وهم بالفعل ضحوا بها، دون تردد ونفذوا سور اريحا، ضحوا باليهود وبالعرب على مذبح الحرب المقدسة.

***

إن اغتيال عيسى يتضمن نظرة أخيرة الى الوراء، عنصر ثأر، معناه ذاتي وفقا لكل تقدير بشري. في كل ما يتعلق بالحاضر – يشكل نموذجا لاسرة الاستخبارات مثلما يرغب كل إسرائيلي في أن يراها، ناجعة، متماسكة، وأخيرا فتاكة. بالنسبة للمستقبل هذا ضرر لحماس التي تعرضت منذ الان لاضرار وخسائر كثيرة منذ أكتوبر لكنه ليس محطما للتوازن، ليس شيئا سيتغير بشكل جوهري الوضع العالق للطرفين، في القطاع.

في إسرائيل يفهمون هذا ويبدو ان أحدا في إسرائيل لا يعتقد ان السنوار في الطريق الى الاستسلام لأن واحدا من زملائه القريبين صفي. من جهة أخرى، فان الكثيرين في قيادة جهاز الامن يأملون جدا في أن يكون لهذه العملية ليس فقط وزن تكتيكي بل لعلها تؤدي لأول مرة الى تليين حقيقي للمواقف من جانب السنوار قبيل الصفقة وتثبت للمرة الأولى منذ بداية الحرب بان الضغط العسكري في هذه الحالة عملية تصفية يمكنها أن تري السنوار بأن عليه أن يوقف النار قبل ان يجد مسؤولون آخرون نهايتهم، تؤدي به لأن يبلغ رئيس حكومة قطر بانه يمكنه البدء بالجدال على الأعداد.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى