ترجمات عبرية

يديعوت: إسرائيل تدفع ثمن الاستيطان

يديعوت 2023-08-23، بقلم عوديد شالوم: إسرائيل تدفع ثمن الاستيطان

باتت هذه طقوساً، ورد فعل شرطياً متوقعاً. جبت عملية إطلاق نار أخرى في “المناطق” ثمناً دموياً باهظاً، امرأة ابنة 40 قُتلت أمام ناظرَي ابنتها، ابنة الـ 12 عاماً، بعد يومين فقط من عملية قاسية قتل فيها إسرائيليان في مغسلة للسيارات في حوارة. تراكم الأحداث وتواترها يمس بالإحساس بالأمن لدى المستوطنين. من يسافر في طرق الضفة لا يسافر بارتياح. نظرة فاحصة كل الوقت والتحفز لرد سريع هو على المستوى الأعلى من السلم.

مثلما في حالات سابقة يكون الجيش ووزير الدفاع هما من يتعرضان للانتقاد قبل الآخرين. أصبحت هذه طقوساً كما أسلفنا. وها هو الأمر يبدأ، حين تتهم الوزيرة أوريت ستروك بان طرقات الضفة تشكل مساراً أخضر لـ “العنف”، وتدعو وزير الدفاع لمنع الفلسطينيين من السفر في الطرق التي يسافر فيها المستوطنون. بعدها يصعد الى البث رئيس المجلس الإقليمي جنوب جبل الخليل، الذي في نطاقه وقعت العملية، فيتهم جهاز الأمن بالفشل في منع العملية. وكيف يكون ممكنا بدون الوزير بن غفير، فهو يطالب منذ الآن بانعقاد الكابينت بدعوى أن سياسة وزير الدفاع غالنت “هزيلة للغاية”؟

وهكذا تكون صورة الوضع بعد 56 سنة وشهرين، منذ الانتصار الأكبر في 1967: نجحت إسرائيل في ان تدق أوتاداً عميقة على طول وعرض الضفة الغربية؛ إذ أقامت مئات المستوطنات والبؤر الاستيطانية وأسكنت فيها أكثر من نصف مليون إسرائيلي. تتحكم إسرائيل بالمجال الجوي وبالحدود البرية، وتتحكم بمصادر المياه، وبالمجال الخليوي وبشبكة الكهرباء. شقت منظومة طرق منفصلة لليهود وفي الغالب يتحرك الفلسطينيون بين القرى والبلدات في طرق قديمة بين المدن حيث لا يوجد يهود. لـ “الشاباك” سيطرة استخبارية عميقة في القرى وفي المدن، ويوظف الجيش قسما كبيرا من قواته البرية في الدفاع عن المحاور، المفترقات، والمستوطنات. ومع كل قائمة البقالة المبهرة هذه، لم يتحقق الأمن. كما أنه لن يتحقق لكنه لا يوجد زعيم شجاع يقف ليقول هذا بشجاعة.

وليس المقصود زعيما من اليسار ولا حتى من الوسط السياسي. فكيف حصل انه في اليمين، وفي الأيديولوجي أيضاً، لم يقم زعيم يقول للمستوطنين الحقيقة: سنواصل توسيع المستوطنات وسنستوطن تلة أخرى وبعدها تلة أخرى، لكن حذار أن يخطئ منا احد: جيراننا العرب لن يسلموا بهذا أبداً ولن يهجروا الكفاح أبدا. بالنسبة لنا تعد هذه عودة الى أملاك الآباء والأجداد، لكن بالنسبة لهم هذا سطو وسلب. اذا لم تكن كافية لنا حدود الخط الأخضر، فان هذا هو الثمن الذي علينا ان ندفعه – العيش الى جانب “العنف” في الطرق وضد مستوطناتنا.

وفي هذا “العنف” سيتأذى مواطنون وسيقتل جنود. هذا الثمن سيُجبى من المجتمع الإسرائيلي كله، بما في ذلك أولئك الذين يختلفون معنا قيمياً وأخلاقياً. لا يمكن لأي حاجز إضافي واي إغلاق آخر لهذا الطريق او ذاك في وجه حركة العرب لن يمنعهم من المس بنا. اذا لم يطلقوا النار علينا في الطرق فسيطلقونها من مكان آخر، ولا يمكن لاي عملية ثأر يقوم بها شبان يهود موتورون في قرى عربية أن تردع جيراننا.

العكس هو الصحيح، هذه ستعمق فقط الكراهية، ستوسعها الى دوائر لم تفكر أبداً بمشاركة عنيفة في المقاومة لاستيطاننا هنا. كل هذا سيوقظ فقط مشاعر كراهية ورغبة في الثأر. ومن يحلم بطرد العرب من هنا شرقاً الى خلف النهر بـ “تشجيعهم” على النزوح من هنا من خلال تنغيص حياتهم، من الأفضل له ان يصحو. 56 سنة ونحن ننغص عليهم حياتهم وهم لم يذهبوا الى أي مكان. لا الجيش ولا السياسة “الهزيلة” ليوآف غالنت، وزير الدفاع، مذنبان، هذه هي الحقيقة. حصار آخر وإغلاق آخر وتصفية أخرى من الجو، كل هذه لن تغير شيئاً. فلإصرارنا على الاستيطان في أرض ليست لنا وتوسيع المستوطنات يوجد ثمن.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى