ترجمات أجنبية

وو يى هونغ: مؤتمر ريادة الأعمال الصيني العربي يعكس التطور السريع للتعاون بين الصين والدول العربية

وو يى هونغ 25-6-2023: مؤتمر ريادة الأعمال الصيني العربي يعكس التطور السريع للتعاون بين الصين والدول العربية

احتضنت العاصمة السعودية الرياض المؤتمر العاشر لرجال الأعمال والندوة الاستثمارية الثامنة لمنتدى التعاون الصيني العربي تحت عنوان “التعاون العربي الصيني، نصنع الرخاء معا”.

وحضر المؤتمر الذي امتد على مدار يومين 11 و12 يونيو أكثر من 3000 ممثل من أكثر من 20 دولة، بمشاركة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ووزير الاستثمار السعودي خالد الفالح ونائب رئيس المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني هو تشون هوا.

ويبرهن عقد مؤتمر الصيني العربي لرواد الأعمال على التطور السريع للتعاون العربي الصيني، الذي له منطقه المتأصل وزخمه الذي لا يتأثر بتدخل طرف ثالث.

“طريق الحرير” الجديد

في ديسمبر من العام الماضي، عقدت القمة الصينية العربية الأولى في الرياض، واقترح الرئيس الصيني شي جين بينغ “ثمانية إجراءات رئيسية مشتركة” للتعاون البراجماتي الصيني العربي، تغطي ثمانية مجالات: دعم التنمية، والأمن الغذائي، والصحة، والابتكار الأخضر، وأمن الطاقة، والحوار بين الحضارات، وتنمية الشباب، والأمن والاستقرار.

وفي 29 مايو 2023، انعقد الاجتماع الثامن عشر لكبار المسؤولين لمنتدى التعاون الصيني العربي في مدينة تشنغدو بمقاطعة سيتشوان، وسلط الاجتماع الضوء على التقدم المحرز في مختلف الأعمال منذ القمة العربية الصينية الأولى والاجتماع الوزاري التاسع للمنتدى، وأجرى تبادلات معمقة حول تنفيذ نتائج القمة الصينية العربية، وتعزيز التعاون العملي في مختلف المجالات بين الصين والدول العربية، وتعزيز بناء المنتدى.

وأشاد ممثلو الجانب العربي عاليا بالدور الريادي الهام الذي لعبته القمة العربية الصينية الأولى التي عقدت نهاية العام الماضي في تعزيز تنمية الشراكة الاستراتيجية العربية الصينية، وتطلعوا إلى مزيد من تعميق التعاون في مختلف المجالات بين البلدين.

وفي حفل الافتتاح في نفس اليوم، صرح وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح أن “المملكة العربية السعودية ملتزمة بأن تصبح جسرا يربط بين العالم العربي والصين، والمساهمة في نمو وتطوير علاقتنا”.

وكان أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط في عام 2022 وأيضًا أسرع اقتصاد نموًا في العالم، حيث أعلن عن إطلاق “طريق الحرير” الجديد بين الصين والعرب.

وفي عام 2022، تجاوز حجم التجارة بين الصين والدول العربية 430 مليار دولار أمريكي، استحوذت السعودية منها على حوالي 25٪.

وفي اليوم الأول من هذه الدورة، وقعت الصين والدول العربية 30 اتفاقية استثمار بقيمة إجمالية 37.5 مليار ريال سعودي (أكثر من 10 مليارات دولار أمريكي)، في مجالات التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والزراعة، والعقارات، والمعادن، والخدمات اللوجستية، السياحة والصحة.

المنطق الكامن وراء التطور السريع للتجارة والاستثمار بين الصين والدول العربية هو العلاقات الاقتصادية والتجارية ذات المنفعة المتبادلة والتكافل التي تأسست على أساس تكامل عالٍ ، فضلاً عن الاتجاه المتبادل الذي تقوده مواءمة استراتيجيات التنمية.

ويعزز الالتحام الاستراتيجي تحسين وتطوير التعاون العربي الصيني، حيث أطلقت المملكة العربية السعودية والدول العربية المنتجة للنفط استراتيجيات التنويع الاقتصادي المتمثلة في خطة “رؤية 2030″، بهدف وقف من الاعتماد على صناعة البترول فقط في تنميتها. وتتزامن استراتيجية التحول الاقتصادي التاريخي للدول العربية مع مبادرة “الحزام والطريق”.

وأصبح السعي إلى الوحدة والتنمية والاستقلال الاستراتيجي والأمن الإقليمي خيارات استراتيجية مشتركة لبلدان المنطقة وتولي الصين الأولوية للمصالح الوطنية الإقليمية ورفاهية الشعب، وتتبع مبادئ “تعزيز السلام من خلال التنمية” و “الأمن الإقليمي”، والتي تتماشى إلى حد كبير مع تطلعات الدول العربية في الوحدة والتنمية.

مجالات جديدة للتعاون الصيني العربي

في السنوات الأخيرة، تطور التعاون الصيني العربي بشكل سريع وحقق نتائج ملحوظة، تعكس تحسين التعاون الثنائي والارتقاء به على مستوى إرساء استراتيجية التنمية، على أساس مجالات التعاون التقليدية مثل الطاقة.

وهناك اتجاه واضح هو أن الاستثمار الذي يلبي الاحتياجات الصناعية على أساس التخطيط الاستراتيجي الخاص به أصبح ذا أهمية متزايدة في الشرق الأوسط.

ومنذ عام 2022، توافد ما يقرب من 200 مؤسسة استثمارية في الصين على الشرق الأوسط، حيث تقدر الشركات الصينية آفاق التنمية الضخمة في سوق الشرق الأوسط.

وبلغ إجمالي حجم إدارة الأصول لصناديق الثروة السيادية في الشرق الأوسط 3.64 تريليون دولار في عام 2022، و أظهر تقرير صادر عن وزارة الاستثمار السعودية مؤخرًا أن استراتيجية الاستثمار الوطنية ستوفر فرصًا أكثر وأفضل للمستثمرين السعوديين والدوليين من القطاع الخاص، مما يحقق إجمالي استثمار تراكمي يزيد عن 3.2 تريليون دولار أمريكي من عام 2021 إلى عام 2030.

وبدأت الحكومة السعودية تدريجيًا في إيلاء أهمية لقدرات صناعة العلوم والتكنولوجيا في الصين، ووجهت دعوات للعديد من شركات صناعة العلوم والتكنولوجيا الصينية ومؤسسات الاستثمار، على أمل أن يتمكنوا من المشاركة في تطوير المملكة العربية السعودية، وخاصة في التحول الرقمي، وأصبح قوة جديدة تقود الاقتصاد المتنوع لهذا البلد.

في الفترة من 2022 إلى مايو من هذا العام، استضافت دائرة الاستثمار السعودية والصندوق السيادي السعودي أكثر من 1000 شركة ومؤسسة صينية.

وتتمتع المجالات الجديدة مثل الطاقة الجديدة وتجارة المستهلكين والخدمات اللوجستية والتمويل والرعاية الصحية والتكنولوجيا والتصنيع الراقي والرقمنة بإمكانيات تطوير كبيرة في الشرق الأوسط.

واستحوذ اللاعبون الرئيسيون مثل أرامكو السعودية على 10٪ من أسهم رونغشنغ للبتروكيماويات مقابل 24.6 مليار يوان، و في يناير 2023، سيتعاون صندوق الاستثمار العام السعودي مع منطقة فوتيان بمدينة شنتشن لتأسيس صندوق استثمار الأسهم الخاصة لشركة بلو أوشن تيك كود (شنتشن) المحدودة في الصين، حيث تجاوز حجم الصندوق الأول المليار دولار.

كما يستثمر جهاز أبوظبي للاستثمار بشكل رئيسي في الآلات والمواد الغذائية والإنترنت وغيرها من الصناعات في البر الرئيسي الصيني، كما وتستثمر هيئة الاستثمار الكويتية في الصين في عدة مجالات مثل الأجهزة الإلكترونية، والمنتجات الكهربائية، والمواد الكيميائية، والسلع الاستهلاكية، والأغذية وغيرها من الصناعات.

ويطغى على صناديق الاستثمار العامة في المملكة العربية السعودية التفاؤل النسبي بصناعات مثل (تي ام تي) والتمويل العقاري، في حين تتركز الصناعات التي يستثمرها جهاز قطر للاستثمار في النفط والكهرباء والآلات.

استقلالية العلاقات الصينية العربية

في وقت تتصاعد فيه المنافسة الجيوسياسية بين القوى الكبرى والوضع الأمني الإقليمي المضطرب، أصبحت دول الشرق الأوسط عميقة بشكل متزايد في تفكيرها حول التنمية الإقليمية، وتسعى تلقائيًا إلى الاستقلال الاستراتيجي والتوازن الدبلوماسي الجديد، في محاولة لتشكيل نمط إقليمي جديد، كما أصبح الأمن والتنمية من العوامل الرئيسية التي تثير قلق بلدان المنطقة.

وعشية المؤتمر العاشر لمنتدى التعاون العربي الصيني لرواد الأعمال، وخلال زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين إلى المملكة العربية السعودية، لم يخف وزير الخارجية السعودي بن فرحان أهمية العلاقات مع الصين، وأكد أن علاقات التعاون السعودي مع الصين “يمكن تقويتها”.

وتعتقد صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن إدارة الرئيس جو بايدن كانت تحاول “استعادة” المملكة العربية السعودية، لكن المملكة السعودية أوضحت من خلال الإجراءات أنها لن “تختار جانبًا” في صراع القوى الدولي، لكنها ملتزمة بالحفاظ على علاقات ودية مع دول أخرى.

وقال ستانيسلاف ميتراكوفيتش، كبير خبراء الصندوق القومي لأمن الطاقة الروسي والباحث في الجامعة الروسية للمالية والاقتصاد، “لقد أدركت المملكة العربية السعودية أن لديها الآن قدرة أكبر على العمل بشكل مستقل وعدم الاعتماد على الولايات المتحدة”.

وأضاف أن هذا لا يعني أن السعوديين قطعوا جميع العلاقات مع الأمريكيين، لكن المملكة العربية السعودية تتمتع الآن بحرية حركة أكبر مما كانت عليه في عام 1991 أو 2001 أو 2011.

وتعد الصين الشريك التجاري الأكبر للمملكة العربية السعودية في العالم، حيث بلغ حجم التجارة الثنائية 87.3 مليار دولار أمريكي في عام 2021. وأشار وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح إلى أن المنتجات الصينية أصبحت مساهمة كبيرة للدول العربية، وأن بلاده تتفاوض مع دخول الشركات الصينية الصناعات الأساسية السعودية مثل بطاريات السيارات وأشباه الموصلات.

وراء “رحلة الاتجاهين” بين الصين والشرق الأوسط

تشهد منطقة الشرق الأوسط تغيرات، حيث تراجعت النزاعات في اليمن وسوريا وليبيا ومناطق أخرى، والدول التي كان بينها خصومة تجري الآن محادثات أو مصالحات.

وفي يونيو الجاري، زار رئيس إيران إبراهيم رئيسي أمريكا الجنوبية، بينما كان ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان يزور فرنسا.

و تريد إيران تحدي الولايات المتحدة بشكل أوثق وإثبات قدرتها على تجاوز العقوبات، في حين تأمل المملكة العربية السعودية أن تستهل حقبة جديدة في دبلوماسيتها ونفوذها.

وتسعى فرنسا أيضًا إلى إحراز تقدم جديد في لبنان والدخول في حوار مع طهران وتحسين العلاقات بين السعودية وإيران، كما أعيد انتخاب رجب طيب أردوغان رئيسا لتركيا.

وتشير المعطيات السابقة إلى أن نظام جديد بدأ يتبلور في الشرق الأوسط، والاتجاه الصاعد هو تطوير علاقات أقوى بين البلدان، بدلا من الانقسامات بين البلدان التي حدثت بين عامي 2003 و 2015.

وكما أظهر اجتماع قمة جامعة الدول العربية الذي عقد في المملكة العربية السعودية في مايو من هذا العام، فإن الدول العربية تدخل عصر “التجديد والإصلاح”.

وأكد ولي العهد السعودي، رئيس الوزراء محمد بن سلمان، الذي ترأس القمة: “نتجه نحو السلام والتعاون والتنمية لخدمة مصالح شعبنا وحماية حقوق وطننا، وإنهاء تلك السنوات المؤلمة من الصراع في الماضي، حيث عانت منطقتنا وشعوبنا من هذه الصراعات، وتعطلت رحلة التنمية”. كما تشير عودة سوريا إلى الأسرة العربية إلى استعادة العرب ثقتهم بعد انتكاسات على مدى العقدين الماضيين.

وتعتبر قمة جدة قمة تاريخية لها نقاط تحول مهمة في تاريخ جامعة الدول العربية وعلى وجه الخصوص، فإن إعادة تأكيد القادة العرب على أن فلسطين هي جوهر قضية الشرق الأوسط يمثل توجهًا سياسيًا مهمًا حيث تلعب جامعة الدول العربية وأعضائها دورًا رائدًا في القضية الفلسطينية.

وفي ظل الاتجاه الجديد للشرق الأوسط، تتعمق أيضًا الثقة الاستراتيجية المتبادلة بين الصين ودول الشرق الأوسط باستمرار. والشرق الأوسط منطقة تتركز فيها شراكات الصين بشكل كبير، حيث أقامت الصين شراكات استراتيجية شاملة مع خمس دول في الشرق الأوسط، وتركيا، وإسرائيل، ووقعت وثيقة تعاون “الحزام والطريق” مع 21 دولة عربية، وتركيا، وإيران، وجامعة الدول العربية.

في الآونة الأخيرة، حققت الصين أربعة أحداث رئيسية في الشرق الأوسط، بما في ذلك عقد القمة الأولى للصين والدول العربية نهاية العام الماضي، وتعزيز المصالحة التاريخية بين المملكة العربية السعودية وإيران في مارس من هذا العام، والترويج لعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية في مايو، واستقبال رئيس دولة فلسطين محمود عباس في زيارة للصين في يونيو.

ومع ظهور ميزات ومهام جديدة في حوكمة الشرق الأوسط، طرحت الصين مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية للترويج لـ “الحزام والطريق” واستراتيجيات التنمية طويلة المدى لدول الشرق الأوسط، وتساهم الصين بحكمتها وحلولها لتحقيق السلام والتنمية في منطقة الشرق الأوسط. النهاية

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى