ترجمات عبرية

هآرتس: يحتفل المشروع الاستيطاني بانتصاره المذهل في أيام الثكل والحداد

هآرتس 29-10-2023، بقلم عميرة هاس: يحتفل المشروع الاستيطاني بانتصاره المذهل في أيام الثكل والحداد

في ظل الصدمة والرعب الجماعي من مذبحة نفذتها حماس في 7 تشرين الأول، وفي ظل الثكل والحداد والألم والخوف الكبير على مصير المخطوفين، فإن مليشيات المستوطنين تسرع وتوسع الاعتداءات على تجمعات الرعاة الفلسطينيين في مناطق واسعة من الضفة الغربية، وتطرد المزارعين الفلسطينيين من أراضيهم وحقولهم وكرومهم، أحياناً بدعم الجيش.

هي عملية تدريجية استمرت حوالي ثلاثين سنة، ويتم تقطيرها في هذا الوقت المناسب إلى منطقها المركز: الطرد في وضح النهار قبل “التطهير الكامل” لنحو 60 في المئة من أراضي الضفة من السكان الأصليين.

إلى كل بيت وخيمة وشارع لم تنجح بيروقراطية الإدارة المدنية في هدمها، وكل مكان لم تنجح أوامر الجيش في منع الناس من البقاء في قراهم الموجودة قبل 1948 أو فلاحة أراضيهم، جاء المستوطنون، “الخاصون” كما يبدو، بعنفهم وبنادقهم يحققون الهدف الرسمي، وهو توسيع فضاء العيش لليهود على حساب الفلسطينيين.

في صباح السبت، أطلق مستوطن النار، جندي في عطلة، وقتل بلال صالح (40 سنة) عندما خرج هو وأولاد لقطف الزيتون في أرضهم في قرية الساوية جنوبي نابلس. قبل ساعتين من ذلك، طرد المستوطنون قاطفي الزيتون من حقولهم بين قريتي جالود وقصرة الواقعتين شرقي الساوية، وضربوا وأصابوا أحدهم. عندما بدأت كتابة هذا المقال بعد ظهر السبت، حزم سكان قرية قديمة مهددة بالهدم، زانوتا في جنوب غرب جبل الخليل، أمتعتهم وغادروا المغاور والبيوت التي يعيشون فيها. مضايقة وتهديد ومنع الوصول إلى المراعي وتقليص القطعان ومصدر الرزق بسبب ذلك على يد سكان البؤر الاستيطانية، وصلت إلى الذروة في الأسابيع الأخيرة. التهديدات الآن مباشرة جداً.

السبت الأخير، حصلت على تقارير أخرى: في الصباح اقتحم مستوطنون وقطيع لهم بيتاً في قرية القواويس في الجنوب. هرب النساء والأولاد خائفين. في الظهيرة، اقتحم المستوطنون والجنود قرية جنبة في مسافر يطا، وصعدوا على مئذنة المسجد وحطموا مكبرات الصوت. وهاجم مستوطنون عائلات تعيش في جيب بين حاجز “متسدوت يهودا” والخط الأخضر، وأخذوا هواتفهم وكسروا يد فتاة ابنة 16 سنة. ثلاثة ممن تم الاعتداء عليهم تم اعتقالهم على يد المستوطنين، وفيما بعد على يد الجيش. على يد الجيش؟ حتى الآن هذا غير معروف.

في العاشرة ليلاً، شوهد مستوطنون وهم يقطعون أشجار زيتون في قريتي قبلان وتلفيت جنوبي نابلس. في الوقت نفسه، صادر الجنود والمستوطنون كاميرا مراقبة في حظيرة دواجن في قرية قصرة. غير بعيد من هناك، في قرية جالود، قام عدد من اليهود، بعضهم يحملون السلاح، بالرقص والغناء قرب البيوت. والسبت، 11 ليلاً، اقتحم المستوطنون قرية سوسيا ومنحوا العائلات 24 ساعة لترك بيوتهم. في قرية كفر توبا، اقتحم المستوطنون، بعضهم يحملون السلاح، البيوت وحطموا محتوياتها وأثاثها وسرقوا أغراضاً ومعدات شخصية. في الواحدة بعد منتصف الليل، حمل إسرائيليون يهود في سيارتهم 6 رؤوس من الأغنام لامرأة عجوز في قرية سوسيا، وحملوا مغاسل وأسطوانة غاز وهاتفاً. ليست هذه سوى قائمة جزئية؛ لأنه لا يوجد توثيق دقيق في كل المناطق.

الحديث لا يدور عن “انتقام طبيعي” أو الدفاع من “مشاغبي حماس”، كما يريد محامو المستوطنين أن تصدقوا، بل هي خطة منظمة، محسوبة وممولة بشكل جيد، ولها نموذج يكشف وجودها. الشرطة لم تبحث عن المعتدين أو لم تغلق الملفات أو لم تنه التحقيق. الجيش وقف في المقابل، ثم بدأ الجنود بالمشاركة في هذا الحفل. النيابة العامة لم تتأثر ولم تصمم. وجاء الوزراء لزيارة مبتهجة. هذه نظرة السلطات منذ السبعينيات. لا سبب لتغيير هذا الآن.

آلاف الأشخاص من سكان المنطقة يتعرضون وحدهم لهذا العنف الطارد. أعضاء المليشيات يقطعون الطرق المؤدية إلى التجمعات، ويخربون صهاريج المياه أو يمنعون وصولها إلى السكان والقطعان. وفي هذه الأيام، يقتحمون مستعينين بالتراكتورات الصغيرة والسريعة والسيارات ليلاً، ويهددون الناس في المغاور ويطلبون منهم المغادرة بشكل صريح، ويعتدون على الناس جسديا وعلى سياراتهم، ويحتجزون ويعتقلون الناس بمبادرة منهم، ويحطمون الألواح الشمسية والمنشآت الزراعية مرة تلو الأخرى إذا لم يتم فهم الرسالة الأولى والثانية.

كل ما فعلوه بالتقطير والتدريج، وبعد ذلك بشكل واضح أكثر وبدون أي عائق خلال عقود، أصبح الآن مكشوفاً تماماً. تم إرسال جيشنا للدفاع عن المستوطنين، لذلك فقد أهمل سكان غلاف غزة، وجنوده يرافقون الآن المستوطنين في اعتداءاتهم أو يكملون المهمة. وهم الآن يغلقون الطرق ويدمرون المباني والمحاصيل ويهددون ويطلقون النار ويصيبون ويقتلون. مشروع الاستيطان – الذي قام منذ بدايته على مس المنهجي بحقوق الإنسان والشعب الفلسطيني الذي هو -حسب رأيهم- أدنى مكانة وزائد – يحتفل الآن بالانتصار الباهر والمثير للحماسة بالذات في يوم الثكل والحداد.

هل ستنزلق عملية الاستيطان المتوسعة برعاية اتفاق أوسلو وعملية الطرد من مناطق “ج”، إلى مناطق “أ” و”ب”؟ بل السؤال هو: متى؟ متى ستقتحم مليشيات المستوطنين المسلحين أيضاً القرى والأحياء الحضرية (ليس فقط نابلس أو عورتا أو مدخل البيرة)، وتهدد السكان دون إزعاج؟

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى