ترجمات عبرية

هآرتس: هوية عمال الاغاثة ستصعب على اسرائيل طمس خطورة قتلهم

هآرتس 3/4/2024، بقلم: عميره هاسهوية عمال الاغاثة ستصعب على اسرائيل طمس خطورة قتلهم

احد المستويات في الجيش قرر أن يهاجم بالصواريخ قافلة للمساعدات الدولية، للاشتباه بأنه في مرحلة معينة سافر فيها شخص مسلح، هذا ما نشره المراسل العسكري في “هآرتس” ينيف كوفوفيتش بعد بضع ساعات على معرفة أن صواريخ مسيرة اسرائيلية قتلت سبعة من عاملي منظمة الاغاثة “المطبخ المركزي العالمي”. تصعب المبالغة في خطورة قرار اطلاق النار عليهم وحجم وجع الرأي الذي تسبب فيه مشغلو المسيرة، سواء للجيش الاسرائيلي أو للدعاية الاسرائيلية. وجع الرأس هذا الذي لم يكن ليصيبهم لو أن القتلى السبعة كانوا من الفلسطينيين وليس مواطني دول غربية. اسرائيل ادعت في السابق عدة مرات بأن حماس تختبيء وراء المدنيين، لذلك فان المسؤولية عن قتلهم ملقاة عليها. في مثل هذه الحالة حتى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لم يكن ليسارع عن التعبير عن الاسف والقول بأن قواتنا “قتلت بدون قصد” اشخاص أبرياء.

         الاعلام في اسرائيل لا يمكنه تبرير الهجوم أو طمس خطورته بسبب هوية القتلى، وايضا بسبب اهمية المطبخ المركزي العالمي في عملية تدفع اسرائيل بها قدما منذ بضعة اشهر وهي تقليص نشاطات وكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين “الاونروا” المخضرمة، الى درجة اخفاءها، وذلك بالتحديد عندما ابعاد الجوع وسوء التغذية تفشت في القطاع، لا سيما في الشمال، ووصلت الى ابعاد غير مسبوقة، وفي الوقت الذي فيه محكمة العدل الدولية تتوقع من اسرائيل ضمان وصول المساعدات الانسانية للسكان.

         المطبخ المركزي العالمي هو اللاعب الرئيسي الذي يعمل في المسار البحري لنقل الغذاء الى شمال القطاع. هذا المسار تبنته الولايات المتحدة ودفعته قدما وسوقته بعد أن رفضت اسرائيل طلبات منظمات الاغاثة المخضرمة السماح بالمسار البري القصير، السريع والرخيص، أي ادخال شاحنات الغذاء وتزويد القطاع بشكل مباشر، وهكذا تجنب السفر الخطير في معبر رفح ومعبر كرم أبو سالم.

         الارسالية البحرية الاولى التي نظمها “المطبخ” بتمويل من دولة الامارات وصلت الى القطاع في بداية شهر آذار. الارسالة الثانية بتمويل الامارات ايضا وصلت في يوم الاثنين امام شاطيء مدينة غزة. ولكن من بين الـ 400 طن من المواد الغذائية والمعدات، التي كانت ستكفي لمليون وجبة، أنزل العمال من السفن 100 طن فقط. الآن بسبب الهجوم وقرار المنظمة تجميد نشاطاتها في القطاع فان السفن ستعود مع حمولتها الى قبرص.

         في هذه الاثناء فان حجم المساعدات الانسانية في المعابر الجنوبية يستمر في أن يكون الحد الادنى من المطلوب، الذي يساوي 500 شاحنة في اليوم. المتوسط اليومي في شهر آذار كان 159 شاحنة فقط، حسب ما نشرت الامم المتحدة. العدد الاعلى كان في 28 آذار، 264 شاحنة. الفحوصات الامنية اصبحت طويلة في حين أن الشاحنات تنتظر في الدور لبضعة ايام. فقط جزء صغير من الحمولة يصل الى شمال القطاع بسبب تعقد التنسيق مع الجيش الاسرائيلي والتأخير في الحواجز داخل القطاع واطلاق النار من قبل الجيش والخطر من عصابات منظمة. وطالما أن المسار البحري لـ “المطبخ” كان مسار آمن فقد كان يمكن طمس الصعوبات التي تواجهها منظمات الاغاثة المخضرمة في الوصول الى شمال القطاع. قتل المتطوعين الشجعان في منظمة “المطبخ” يمس لذلك ايضا بجهود اسرائيل في أن تظهر بأنها تلتزم بتعليمات محكمة العدل الدولية.

         حتى قبل التجربة البحرية فان المطبخ المركزي العالمي، الذي لم يكن معروف للفلسطينيين حتى هذه الحرب، بدأت في الظهور في القطاع. منذ تشرين الاول 2023 وفر اكثر من 35 مليون وجبة ساخنة واقام أكثر من 60 مطبخ مجتمعي. الناس لاحظوا أنه يوجد غاز للطهي في مطابخه، الذي لم يكن متوفر لمنظمات اخرى، وأنه يقدم الخضراوات الطازجة في الوقت الذي كانت فيه هذه الخضراوات غير متوفرة في الاسواق أو أن سعرها كان مرتفع جدا. مصدر في جهاز الاغاثة غير الحكومي قال للصحيفة بأنه تقريبا بين عشية وضحاها بدأت هذه المنظمة في تشغيل جهاز يساوي في حجمه حجم الاونروا المخضرمة، سرعة نشاطاته تشير الى خطوات بيروقراطية اسرائيلية سهلت العملية، أي أن من شغلوا المسيرة تسببوا بالضرر لمنظمة كانت نشاطاتها هامة بالنسبة لاسرائيل، ليس فقط لاسباب انسانية بل ايضا من ناحية سياسية، في اطار هدفها محو الاونروا من الخارطة.

         مثل أي منظمة اغاثة اخرى تعمل في القطاع في فترة الحرب فان المطبخ المركزي العالمي قام بتنسيق نشاطاته مسبقا مع الجيش. ومثلما في منظمات اخرى فان موقع أي منشأة له معروف للجيش وسياراته توجد عليها اعلام واشارات والعاملون يرتدون الستر الواقية مع اشارات خاصة، هويتهم معروفة لقوات الجيش التي صادقت على كل واحد منهم. ايضا سفر أي سيارة أو قافلة بحاجة الى مصادقة اسرائيل. باللغة العسكرية وباللغة التنظيمية الانسانية هذا يسمى عملية “منع الاحتكاك”.

         اسرائيل اعلنت في بداية كانون الاول عن اقامة آلية لـ “منع الاحتكاك” تهدف الى حماية عاملي الاغاثة والمدنيين في اعقاب طلب صريح لامريكا طرحه ديفيد ساترفيلد، المبعوث الامريكي الخاص للشؤون الانسانية. ممثلو منظمات الاغاثة يبلغون عن تحركاتهم رجال الاتصال الذين يوجدون في مكتب منسق اعمال الحكومة في المناطق، الذين بدورهم ينسقون مع قوات الجيش الموجودة في المنطقة.

         هذه ليست الحالة الاولى منذ بداية الحرب التي يهاجم فيها الجيش سيارات ومنشآت تعود لمنظمات اغلاثة، محلية ودولية. وحسب تقديرات الامم المتحدة فانه ليس اقل من 196 عامل انساني قتلوا منذ بداية الحرب. ستة من الفلسطينيين المرتبطين بـ “اطباء بلا حدود”، عاملون وابناء عائلاتهم، من بينهم طبيبان وطفلة، قتلوا بنار الجيش الاسرائيلي. ايضا سيارة للمنظمة اصيبت بنار الجيش. وقد اصيب ايضا عدد من الفلسطينيين الذين كانوا في مبنى المنظمة البريطانية “ام.إي.بي” (مساعدة طبية لفلسطين). 15 من العاملين في طواقم الانقاذ للهلال الاحمر قتلوا بالنار الاسرائيلية عندما كانوا في الطريق لانقاذ مصابين. على الاقل 16 مرة اطلق الجيش الاسرائيلي النار على الشاحنات التي نقلت الغذاء والاشخاص الذين تجمعوا حولها، سواء بسبب أن من كانوا يحمون الشاحنات اعتبروا من حماس أو بسبب أن الجنود في الدبابة خافوا على أمنهم. هكذا كان في الحادثة التي اطلق فيها طاقم دبابة النار على تجمع من الاشخاص الذين انقضوا على قافلة غذاء في 29 شباط الماضي، الحادثة التي قتل فيها 100 شخص تقريبا، بعضهم تم الدوس عليهم من قبل الجمهور المذعور. ايضا عندما لا ينتهي اطلاق النار على قافلة غذاء بالموت فانه يردع السائقين عن قيادة الشاحنات، مثلما بعد أن اطلقت سفينة حربية قذيفة في 6 شباط على قافلة اغاثة تابعة للامم المتحدة اثناء سفرها الى شمال القطاع.

         إن قتل عاملي المطبخ المركزي في هجوم لا يعتبر الاول من نوعه يظهر ثلاثة أسس حول طبيعة نشاطات الجيش الاسرائيلي في غزة. الاول، عدم التنسيق بين القوات المختلفة رغم التصريح عكس ذلك. الثاني، المستوى المتدني نسبيا الذي اعطي الصلاحية الفورية للقتل من الجو. الثالث، المرونة الكبيرة في تقدير الضرر الجانبي الذي يسمح الجيش الاسرائيلي لنفسه به، أي العدد المرتفع جدا من غير المقاتلين ومن غير المسلحين، من بينهم اطفال، المسموح قتلهم من اجل المس بـ “هدف شرعي واحد”. في حادثة أمس يتبين أن فقط الاشتباه بـ “شخص مسلح” (حتى الآن لا نعرف هويته) كان يكفي للسماح لمشغل المسيرة العسكرية بأن يقتل سبعة اشخاص غير مشبوهين وغير مسلحين. هذا الاطلاق السهل هو أحد التفسيرات بأن نحو 14 ألف طفل في غزة قتلوا حتى الآن، حسب معطيات اليونسيف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى