ترجمات عبرية

هآرتس: من حرب أهلية باردة إلى حرب طبقية ساخنة

هآرتس 130-4-2023، بقلم داي غوتفاين: من حرب أهلية باردة إلى حرب طبقية ساخنة

انتهاء هدنة الحرب الأهلية الباردة التي تجري في إسرائيل في الأشهر الأخيرة وتحولها إلى حرب طبقية مكشوفة، يلزم حركة الاحتجاج بإعادة تحديد أهدافها السياسية. قد تكون نقطة انطلاق ذلك تفسير عضو الكنيست آريه درعي لسبب موافقة الائتلاف على تعليق الانقلاب. قال درعي “لو وضعنا الإصلاح للتصويت الآن فبالتأكيد وباحتمالية مرتفعة لن يكون لدينا 61 صوتاً. والأكثر من ذلك، ربما قادنا ذلك إلى حل الائتلاف”.

في الائتلاف أربعة أعضاء كنيست على الأقل مترددون حول تأييد الانقلاب. لأن الحريديم والمستوطنين يؤيدونه تغيير طريقة الحكم، من ديمقراطية إلى قطاعية لزيادة حصتهم القطاعية، فإنه يجب الافتراض بأن أعضاء الكنيست المترددين ينتمون لليكود. سيتم حسم محاربة الانقلاب إذاً عن طريق الضغط الذي سيستخدمه بعض مؤيدي الليكود على أعضاء الكنيست في الحزب كي لا يؤيدوا الإصلاح. لذلك، سياسياً، فإن البيبيين وأكثر من أعضاء الليكود والمصوتين لهم، هم أعداء للاحتجاج وهم المستهدفون الحقيقيون له.

لأن المنطق الطبقي للاحتجاج يطمس هدفه السياسي ويعرض تطبيقه للخطر، فقد بدأ كاحتجاج الطبقات الغنية، ومصوتي الوسط – يسار، والأغلبية في العناقيد الاجتماعية – الاقتصادية من 8 إلى 10. في المقابل، يدعم الانقلاب، باستثناء الحريديم، مصوتون لليكود متدينون، والأغلبية في عناقيد 4 إلى 7. لذا، فالصراع بين الانقلاب والاحتجاج يعيد إنتاج المنطق الطبقي الذي يشكل السياسة الإسرائيلية.

“الديمقراطية” التي تطالب بها الطبقات الغنية تسعى للدفاع عن أسلوب حياتهم “التقدمي”، الذي هو نتيجة مزاياهم التعليمية المتفوقة وانعكاس لاحتياجات سوق العمل التي يعملون فيها. فمثلاً، إن طلبهم المساواة بين الجنسين هو تعبير عن انخفاض وزن الوظيفة للفوارق بين الجنسين في اقتصاد التكنولوجيا المتقدمة. وعليه، يبدو أن التأييد المتزايد من قبل ناخبي اليمين للاحتجاج والذي يظهر في الاستطلاعات، ينبع من انضمام مؤيدي الليكود في العناقيد 8 – 10، خُمس المصوتين في هذه العناقيد، لمؤيدي الوسط – يسار من أجل الدفاع عن نمط الحياة المشترك.

إن تكتل الطبقات الغنية من اليسار واليمين لدعم الاحتجاج إنما يشير إلى انتهاء مرحلة الحرب الأهلية ضد الانقلاب. هذا التكتل يزيد قوة طابع الليكود كـ “علامة للسكان الضعفاء”، حسب تفسير البروفيسور مومي دهان، ودخول الصراع بين الانقلاب والاحتجاج إلى مرحلة حرب طبقية. “الإصلاح” الذي تطالب به الطبقات الفقيرة يعكس اعتمادها السياسي على آليات التعويض الاقتصادية التي طورها اليمين كي يستطيع تسريع تفكيك دولة الرفاه. “فقرة الاستقواء” ربما تنقذ آلية التعويض من رقابة المحكمة العليا، وشرعنة إلغاء المساواة المدنية وتمكين الائتلاف من تفضيل مؤيديه والتمييز ضد معارضيه، بدءاً بتجنيد الحريديم حتى المناقصات الحكومية.

الغضب الطبقي الذي يطرحه أعضاء الكنيست من الليكود كسبب لتأييد الإصلاح، بدءاً من سيارات المرسيدس وساعات الرولكس وحتى المواطنين من النوع “ب”، لا يعتبر دعائياً، بل يعكس التمييز الطبقي الذي يعاني منه عدد من مؤيدي الليكود. في الوقت نفسه، الحماسة الطبقية تخفي أن منتدى “كهيلت” يعمل في الائتلاف على تعميق تفكيك دولة الرفاه التي تضر بالطبقات الدنيا. في محاولة للتغلب على التناقض بين الخطاب الطبقي والسياسة الليبرالية الجديدة، تنقل أبواق نتنياهو النقاش إلى الصعيد الطائفي، من “إسرائيل الثانية” وحتى “احتجاج أصحاب المزايا”؛ لطمس عوامل التمييز الكامنة في نظام الخصخصة بهدف إحباط النضال على إلغائها.

تجاهل الاحتجاج التمييز الطبقي حتى الآن، الأمر الذي يعرض إنجازاته وفرصه للخطر. ولأنه يظهر أن الاحتجاج يشعل دعم الطبقات الغنية من اليمين، فإنه ومن أجل القضاء على الانقلاب، يجب عليه التوجه إلى الطبقات الضعيفة في الليكود ويعرض عليها المساواة في التوزيع كبديل للانقلاب النظامي. حرب الطبقات التي أثارها الانقلاب النظامي تكشف أن أساس غضب مؤيديه موجه ضد عدم المساواة الذي يتم نقله وتضخيمه من جيل إلى جيل، ويعطي للأغنياء أفضليات “واضحة” مثل ملكية الشقق والممتلكات والحقوق على الأرض والفجوة بين المركز والضواحي وما شابه. لذلك، على الاحتجاج أن يبدأ الحملة لدولة الرفاه مع تعديل عدم المساواة في هذه البنى التحتية. مثلاً، يجب على الاحتجاج أن يطالب بإتباع ضريبة التركة التي كان إلغاؤها في 1981 إعلان نوايا نيوليبرالياً لليكود إلى جانب اتباع دولة رفاه واسعة للجميع عن طريق تأمين الخدمات الاجتماعية وزيادة المساواة في التوزيع.

هذه الطلبات التي هي شرط لتجنيد الطبقات الضعيفة لمحاربة الانقلاب ربما تثير المعارضة في أوساط الطبقات الغنية التي ستضطر إلى الاختيار بين ديمقراطية تدفع قدماً بالمساواة الاجتماعية، والديكتاتورية التي تدافع عن عدم المساواة الاقتصادية. قد يكون الاختيار بين الأمرين أساس الصراع بين الانقلاب والاحتجاج، وداخل الاحتجاج وتحديد الطبيعة التي سيتم حسمها. يمكن الافتراض بأن تجربة الأشهر الأخيرة ستؤدي بالطبقات الغنية إلى اختيار المساواة في التوزيع من أجل الدفاع عن الديمقراطية. وأما الدفع قدماً بهذا التوجه للاحتجاج فهو دور اليسار.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى