ترجمات عبرية

هآرتس: محو الفلسطينيين في منهاج التاريخ الإسرائيلي

هآرتس 2022-05-28، بقلم: الوف بن

أخطأت عندما فكرت أن فراغ مناهج التاريخ في التعليم الحكومي وغموضها، يتركزان في فحص البجروت وفي الصف الأعلى في المدرسة الثانوية. (“هآرتس” 6/4) الردود تحدتني: لقد أوضحوا لي أن التعليم المكثف يجري في الصفوف من الصف السادس إلى التاسع وليس للبجروت. في المرحلة الإعدادية (المتوسطة) يتحدثون عن المسيحية والإسلام، وعن التنوير والثورة الفرنسية، وليس فقط عن “السياق اليهودي” (جلعاد منيف “هآرتس” 10/5)، ويشجعون نقاشا نقديا حول الروايات المتناقضة في المجتمع الإسرائيلي (سجي كوهن “هآرتس” 17/5).
عندئذ ذهبت لرؤية هل دراسات التاريخ في المرحلة المتوسطة تشجع النقد وتطلع أولاد إسرائيل على التاريخ الغني لبلادنا، أو أنها تركز على عدالة الصهيونية وعلى إخفاء الفلسطينيين، ماضيهم وثقافتهم، مثلما في اختبارات البجروت. لم أفاجأ عندما اكتشفت أن المنهاج التعليمي للصفوف من السادس إلى التاسع تركز على (دعاية) مثلما في الصفوف من العاشر حتى الـ 12. ومن صاغوها لم يكونوا من رجال اليمين بل لجنة عينتها وزير التعليم من اليسار، يولي تمير والتي ترأستها البروفسورة حفيفة حلميش الناشطة السابقة في “السلام الآن”.
المنهاج الدراسي للصفوف من السادس إلى التاسع يتباهى بدمج التاريخ العام واليهودي. وهذه هي النتيجة. العالم الهيليني واليهودي، هيرودوس مع اليهود وضده، المسيحية كطائفة يهودية، الحياة اليهودية في البلدان الإسلامية وأوروبا المسيحية. دور اليهود في عصر التنوير، نابليون واليهود، اليهود بين الاندماج والرفض، اليهود في شمال إفريقيا، عليكم أن تشكلوا موقفا (من وجهة نظر يهودية). في الصف التاسع يركزون على الصهيونية، بناء اليشوف (الاستيطان اليهودي) والنزاع مع العرب في فترة ما قبل قيام الدولة.
وماذا لا يوجد هناك؟ الأجزاء من العالم الذي عاش فيها فقط القليل من اليهود، مثل الصين والهند وإفريقيا يتم ذكرها فقط كأهداف للكولونيالية الأوروبية. يحدثون التلاميذ عن ظاهرة الإسلام والفروق بينه وبين اليهودية والمسيحية اللتين سبقتاه. ولكن ليس عن تطوره، وعن الشرخ ما بين السُنة والشيعة، أو عن الامبراطورية العثمانية وأهميتها التاريخية – وهي قضايا حاسمة لكل من يعيش في الشرق الأوسط ويريد أن يفهم ميزان القوى والنزاعات في المنطقة.
ولكن هذه أصوات خلفية. في قلب المنهاج يقف محو تاريخ البلاد. الفلسطينيون يظهرون فجأة في قصة قبيل النهاية، في فترة الانتداب البريطاني، كعرب عنيفين تمردوا ضد الهجرة اليهودية. لا يعلمون شيئا عن تطور التجمعات الفلسطينية، وعن الـ 1300 عام من الحكم الإسلامي هنا، وعن العلاقة بالبلدان المجاورة وثقافتها، وعن الحياة اليومية في يافا وعكا وفي مئات القرى التي دمرت في النكبة. كل هذه ثقوب سوداء. الفترة الوحيدة المذكورة في تاريخ البلاد ما بين هورودوس وهرتسل – وأيضا هذه فقط في سبع ساعات دراسية – هي الحملات الصليبية وإنشاء “مملكة القدس” المسيحية.
ومن هم الناس الذين عاشوا هنا قبل الصليبيين وبعد هزيمتهم؟ هذا مرفوض على طلاب التعليم الرسمي معرفته. ربما خوفا من أن يثور لديهم أسئلة حول عدالة الطريق الصهيوني، حب الاستطلاع لمعرفة الرواية الفلسطينية. التاريخ يسير مع اليهود من العالم الهيليني وحتى إنشاء دولة إسرائيل وكل ما تبقى هو زائد. لأن جوهر تعلم التاريخ في إسرائيل ليس توسيع معرفة الطلاب أو تطوير تفكير نقدي بل تربية جيل جديد من الاتباع المطيعين الذين سيرددون الرواية الوطنية، لأن تقويض الافتراضات الأساسية التي تربينا عليها من شأنه أن يطمس عوامل الهوية المشتركة لنا ويهدد أسس هويتنا”، كما قال سجي كوهن، كاتب الكتاب التعليمي “من دولة الهيكل إلى شعب الكتاب”. يصعب أن نسوغ ذلك افضل منه.

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث  Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى