ترجمات عبرية

هآرتس: لم يسبق أن كانت إسرائيل مهزوزة أمنياً واقتصادياً كما اليوم !

هآرتس 2023-04-25، بقلم: ران أدليست: لم يسبق أن كانت إسرائيل مهزوزة أمنياً واقتصادياً كما اليوم !

كالمعتاد في مطارحنا، للاستقلال أيضاً قوانين خاصة به. فاليسار يحتفل بالاستقلال بتوق إلى ماضٍ ديمقراطي – علماني – ليبرالي، بينما يحتفل اليمين بالاستقلال بأمل لمستقبل حريدي، مسيحاني – بيبي. في الجانب العملي يخطط الطرفان الحرب على استقلالهما.

الإسرائيليون الواعون ملزمون بأن يتفرغوا لحساب النفس، وأن يضعوا وضع “الاستقلال” لدولة إسرائيل على الطاولة: انهارت كل، نعم كل، السياسة الخارجية، الأمن، والسياسة الداخلية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو واليمين. تدير كل الدول العربية سياسة كيدية تجاه إسرائيل، وثمة احتمال حقيقي في أن تصبح عدوا نشطا يوجب استعداداً مناسباً (تحذير شعبة الاستخبارات “أمان”) .

تقاطع الدول المتنورة في العالم حكومة اليمين، أي دولة إسرائيل، أما أسوأ الدول فلا تكترث بنا.

بلغة الليكوديين – كلهم إيران، وبلغة الصهيونية القومية المسيحانية كلهم أغيار.

في الحساب العام لـ “يوم الاستقلال” لا تنظروا فقط إلى الموازين (هذا أيضاً ليس شيئاً ما) أو الأبراج (المزدهرة) أو حديقتكم الخاصة.

القصة الحقيقية هي مسيرة التفكك. فدولة إسرائيل لم يسبق لها أن كانت مهزوزة أكثر اقتصاديا وأمنيا ولم يسبق أن كان شعب إسرائيل منقسما أكثر. في لغة الليكوديين – الكل هناك في الجانب الديمقراطي – الليبرالي يساريون خونة. في لغة الصهيونية القومية المسيحانية هم أسوأ من الأغيار.

داخل جزر الخرائب تطفو أحيانا شخصية منطفئة، شبح سياسي يتلفظ بعبارات شوهاء. وفي محيطها يحتفل المعجبون فتفر على عجل إلى فقاعتها.

هيرمن تسفي بركوفتش، طبيب نتنياهو، يعرف ماذا يحصل هناك. عيد استقلال سعيد لك أيضا، سيدي رئيس حكومة مقطوعي الأطراف وجامعي الفتات. وبينما “نحتفل” تدور هنا رحى حروب استقلال من الخارج ومن الداخل. من الخارج يقاتلنا، جسديا، الفلسطينيون و”حزب الله”. من الداخل، تدور بالتوازي صراعات استقلال تقف على عتبتنا: استقلال متظاهري الاحتجاج في مواجهة استقلال المستوطنات واستقلال الحريديين و”شاس”. صراع رأس برأس وحتى الآن دون رفع الأيدي.

وباستثناء الهوامش التنظيمية لليمين، الذي بشرنا هذا الأسبوع بمندوبيه، فإن زعيم “لا فاميليا” سيكون موظفاً في مكتب رئيس الوزراء.

فضلاً عن بؤس أداء إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، يشبه صراع المستوطنين في غير قليل من المزايا الشخصية صراع متظاهري الديمقراطية الليبرالية. فالمستوطنون، بمن فيهم القوميون المسيحانيون، مثل العلمانيين الديمقراطيين، ليسوا مصابين بمستويات الفساد التنظيمي والشخصي لقيادات الليكوديين، “شاس”، والحريديين. فاقطع المستوطنين وقيادتهم عن الجنون الحاخامي والسياسي الحزبي تجد هنا فئة سكانية ذات إمكانية إشفاء تتوق لمثلها دولة إسرائيل.

حصلت مسيرة من هذا القبيل، مع الفرق، عندما ساهمت الحركة الكيبوتسية (وإن كانت قطرة في بحر) لمجتمع إسرائيلي آخذ في التعفن من خلال أجيال من الشباب ممن تربوا على قيم الاستقامة الشخصية والتنظيمية.

بالأعداد، بالمناسبة، يدور الحديث اليوم عن الأغلبية المطلقة من الديمقراطيين العلمانيين في مواجهة أقلية بائسة من المستوطنين، وهنا يدخل إلى الصورة الحريديون.

في هذه المرحلة ارتبط الصراع الحريدي بالصراع الاستيطاني. وهذان الطرفان، زعما، يقاتلان في سبيل القيم ذاتها، وهذا خطأ.

سياسيو الحريديين هم الحلقة القوية لمعسكر اليمين، وقد يتحولون بجرة قلم ليصبحوا الحلقة التي تفكك الشراكة.

ظاهراً، ليس لهم ما يدعوهم ليرفضوا الطبق الفضي لنتنياهو. عملياً، يسود هناك قلق حقيقي في ضوء تدفق شبانهم وطلابهم الدينيين إلى المعسكر المسيحاني، وبالتوازي الفهم بأن استمرار تفكك الدولة تحت حكومة اليمين معناه تضخم مالي، وأزمة اقتصادية تمس بهم، وعلاقات عداء في مستوى الاحتقار تجاه العلمانيين.

نوعان من الثكل

إذا كنا في “يوم الاستقلال” محكومين بحساب سياسي واعٍ، فإننا في يوم الذكرى محكومون بحساب نفسي لا يوجد ما هو ممزق أكثر منه، وبخاصة حين يكون السطر الأخير في هذا الحساب يشخص ظلاً ثقيلاً من الخوف فيما إذا كان كل هذا (أيام الذكرى، الثكل، الفقدان) جديراً. الجذر هو الظل المنقسم للثكل الوطني المتفق عليه الذي يثقل على الثقل الشخصي.

المجال العام في تظاهرات الاحتجاج مليء بلافتات مثل “لو كان أحد ما يقول لي قبل بضع سنوات إني سأصرخ بألمي على رؤوس الأشهاد، وإني سأفعل هذا في سياقات سياسية، لما كنت أصدق، أما اليوم فإني ملزمة بأن أفعل هذا. ملزمة بأن أقول، باسم أخي أيضاً إني أخجل من الدولة التي دفاعاً عنها ضحى بحياته”.

طلبت عائلات ثكلى من إيلي بن شم، رئيس منظمة “يد للأبناء” عدم السماح بخطابات السياسيين في احتفالات يوم الذكرى لأجل “منع الاضطراب الذي قد يقع من على قبور الشهداء”.

وروى الرئيس بأنه تلقى 8500 طلب مشابه وأضاف إنه “يوجد أهالي يتصلون بي عدة مرات في اليوم. أحدهم لواء في الاحتياط أعلن أنه لن يسمح للسياسيين بأن يتحدثوا في هذا اليوم، وأنه سيأتي مع مكبر للصوت إلى المقبرة. ومثله يوجد آخرون، وتوجد أماكن مثل بئر السبع حيث سيصل الوزير إيتمار بن غفير، وحيث توجد انتظامات كبيرة ضد هذا”.

من خلف صرخات الاحتجاج هذه تختبئ مأساة الثكل الكبرى لدولة إسرائيل. ويتشارك فيها اليمين واليسار، باستثناء أن ثكل اليمين ليس ثكل اليسار.

تظاهرات الاحتجاج من أجل الديمقراطية هي النص الخفي الذي يقول إننا لم نقاتل فقط ضد الفلسطينيين في غزة، و”حزب الله” في لبنان، وإيران في سورية، بما في ذلك مصر وسورية في “الأيام الستة” وفي “يوم الغفران”. فهذه كانت أيضا حروبا على هوية إسرائيل كدولة ديمقراطية.

الآن، في يومي الاستقلال والذكرى، يتفجر غضب الثكل اليساري على من يذرون الرماد في العيون ممن حولوا هذه الحروب إلى مسار للدكتاتورية. حسنا، في الحفر إلى العمق يكون هذا أكثر تعقيدا. لثكل اليمين توجد جذور إيمانية، غير أنه في واقع اليوم فلا مفر أمام الجمهور الليبرالي الديمقراطي: إما خسارة كل قطرة دم سكبت في الماضي أو الاعتراف بأن حروب إسرائيل هي ليس فقط على الوجود بل على الوجود الديمقراطي وضد الدكتاتورية الإيمانية. وهنا يكون المعنى الخطير هو أنه في جانب الثكل الانتقائي يوجد أيضا تجند انتقائي للجيش الإسرائيلي.

قسم مؤسف على نحو خاص في يوم الذكرى الحالي هو الشكل الذي تدير فيه الحكومة أيديولوجيا عنصرية بالنسبة لاحتفالات الوحدة لعائلات الثكل اليهودية والفلسطينية.

ينبغي للمرء أن يكون ذا قلب من حجر أو مسيحانياً غريب الأطوار بدرجة 10 في سلم سموتريتش كي يمنع لقاء العائلات، أو سياسيا جبانا متعلقا ببن غفير (مثل وزير الدفاع يوآف غالانت) كي يمنع اللقاءات بتبرير أمني. ما يكشف بالمناسبة التهديد الأمني الذي حذر منه غالانت: اجتماع مشترك لعائلات ثكلى، فلسطينية وإسرائيلية، يقوض أساسات عزائنا، وكأنه مساوٍ للعزاء الفلسطيني.

قبل سنتين أيضا رفض جهاز الأمن طلب العائلات، وردت المحكمة العليا الرفض. منظمو الاجتماع، هذه السنة، هم “مقاتلون من أجل السلام” (أولئك الذين خدموا في الجيش، نعم؟ ليس بن غفير وسموتريتش) هم الذين ردوا: “ذُعر غالانت من التهديد بالإقالة ويسير على الخط مع جنون فاشٍ وتكميم أفواه. في محاولة للدوس على قرار العليا باسم التزلف للبيبية، غالانت مستعد لأن ينبطح أمام البيبيين”.

هذا ليس تزلفاً. هذا حساب سياسي بارد أمام جني غانتس لأصوات اليمين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى