ترجمات عبرية

هآرتس: لا، دراكر أنت لا تعقد صفقة مع الفاشية

هآرتس 7-9-2022م، بقلم تسفي برئيل

ليس واضحاً من أين ظهرت مشاعر الندم فجأة لدى رفيف دروكر، إلى درجة أنه قرر بأنه قد حان الوقت للانقلاب وتأييد صفقة مع بنيامين نتنياهو (“هآرتس”، 5/9). دروكر محق في أمر واحد عندما كتب: “صحيح أنه ليس لموقفي (قبل الانقلاب) وزن حقيقي، لكن…”. هو قال الحقيقة. لم يكن من الواجب أن يكون لموقفه وزن، ليس لأنه لم يؤثر أو لأنه تم إبعاده إلى هامش الحوار العام. قضية الصفقة لم تطرح ولا يجب أن تطرح للنقاش العام، ليس لاعتبارات سياسية ولا بسبب تأثيرها على ثقة الجمهور بالجهاز القضائي.

إن أهمية الصفقة لا ترتبط إلا بقوة الأدلة. فحسب اعتقاد النيابة العامة والمستشارة القانونية للحكومة، فإن نتنياهو ارتكب جرائم يمكن إثباتها. الخوف من “حرب أهلية” أو “حرب باردة”، التي تبرر الصفقة، والضرورة الجوفاء لتقديم نتنياهو مثل سور محصن لـ “الدفاع عن الوطن” من الفاشية النقية التي يمثلها ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، لا يبرر تشوهاً، بل يفسد مكانة القانون وإجراءات المحاكمة والغاية منها. هم يتجاهلون حقيقة أن هذا الواقع الذي أوجده نتنياهو ثم طوره وعززه، لا يمكن تقديمه للمحاكمة أو التوقيع معه على صفقة ادعاء. هنا يكمن إنجاز نتنياهو الوحيد.

الحرب الباردة التي لم تعد باردة بدرجة معينة، وجدت عندما قرر نتنياهو تحطيم وتوسيع شرعية كل حركة خارجة عن اليمين المتطرف. بن غفير وسموتريتش ما كانا ليوجدا سياسياً ويندمجا في التيار الرئيسي لليمين لو لم يشق نتنياهو الطريق أمامهما ولم يشكلهما ليشكلا كتلة واحدة وكأنهما كانا مركبين منفصلين من البداية وصبهما في داخل الكتلة التي هي برئاسة الليكود.

لم يكن هذا كافياً لنتنياهو؛ فقد أملى على الوسط ضرورة التقرب من اليمين للبقاء سياسياً. ولكنه أدار رافعة الجرار نصف دورة حتى نجح تقريباً في طمس خط الفصل، الذي كان ضبابياً من قبل، بين بني غانتس ودافيد امسالم وبين جدعون ساعر وميري ريغف. لم يتوقف نجاحه هنا؛ فحزب العمل “اضطر” هو أيضاً إلى التمسك بذيل يئير لبيد وبني غانتس ويلصق بنفسه طابع حزب قومي ووطني، وتعريفه لهذه المفاهيم جلبه من القاموس الذي صاغه نتنياهو، حتى لا تلتصق به، لا سمح الله، تسمية اليسارية.

في عملية صهر الوسط – يسار، نجح نتنياهو في تركيز معضلتهم حول مسألة كاذبة، وهي: هل يجدر الجلوس معه في حكومة لوقف بن غفير وسموتريتش، أم أنه من الأفضل المخاطرة بتشكيل حكومة فاشية برئاسته لا تكون لها كوابح مساعدة؟ بكلمات أخرى، هل يجدر الانضمام إلى عملية من المؤكد أنها ستشوه أسس الديمقراطية وتجعل قوة الجهاز القضائي عقيمة وتمنح المتهم بطاقة خروجه من السجن، وفي الوقت نفسه تواصل تقديس العنصرية والفاشية، أو أن يرفض هذا الاحتمال كلياً ويحصل على نتيجة متساوية بهذا القدر أو ذاك؟

يبدو أن المترددين لا يلاحظون عماهم، بأن هذه المعضلة تجرهم إلى القفص الذي أعده لهم نتنياهو، حيث إن عرضها ومناقشتها يعتبر انضمام الوسط – يسار لنتنياهو خياراً مشروعاً، ولكنه في الحقيقة ليس كذلك. لأن شعار “فقط ليس بيبي” يستند إلى بنية تحتية أيديولوجية قيمية تحب الديمقراطية، وهي على الأقل غير إجرامية. شعار “فقط ليس بن غفير”، ليس الشعار البديل. من يظن وجود فرق بين الاثنين فسيواصل الاقتناع بأن صفقة ادعاء مع نتنياهو هي التي ستجبر الشمس على الشروق.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى