ترجمات عبرية

هآرتس: قــوة متـعـددة الجنسـيـات تتجــاوز السلطـة الفلسطينيـة؟

هآرتس 2023-11-20، بقلم: تسفي برئيل: قــوة متـعـددة الجنسـيـات تتجــاوز السلطـة الفلسطينيـة؟

وزير الخارجية الأردني، ايمن الصفدي، مطّ، أمس، حدود الخطاب السياسي إلى حدود جديدة. في لقاء لمجموعة الحوار الأمني الذي عقد في عاصمة البحرين المنامة، وحتى أنه وصل إلى مواجهة شديدة اللهجة مع ماك غورك، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي في الشرق الأوسط.

“لو أن أي دولة أخرى قامت بتنفيذ، لو جزءا صغيرا، مما فعلته إسرائيل لكانت ستفرض عليها عقوبات من كل دول العالم… حتى الذين يعتبرون أفعال إسرائيل دفاعا عن النفس يطلبون منها العمل في إطار القانون الدولي”، قال الصفدي. “هي لا تقوم بفعل ذلك. إلى أين سنواصل من هنا؟ هل سنواصل القول لها بأن تفعل ذلك؟ هم يواصلون الرفض والناس يستمر قتلهم يوما تلو الآخر”.

الأردن يوجد في ضائقة شديدة منذ اللحظة التي بدأ فيها التحدث عن نقل اللاجئين من قطاع غزة إلى مصر. وهي الفكرة التي وقفت مصر ضدها مثل السد عندما أوضحت بأنها لن تسمح “حتى بمرور لاجئ واحد” باستثناء الحالات الإنسانية. بعد ذلك بدأ طرد السكان من شمال القطاع إلى الجنوب. وفي الأردن بدؤوا يقلقون من أنه في المقابل حكومة بنيامين نتنياهو ستبدأ بتنفيذ خطة “الوطن البديل” التي تقول، إن “فلسطين هي الأردن”، وهي الرؤية التي تهدد مجرد وجود المملكة الهاشمية.

“نحن سنفعل كل ما في استطاعتنا لوقف تهجير سكان قطاع غزة، لأنه في نهاية المطاف هذه جريمة حرب وتهديد لأمننا الوطني”، أوضح الصفدي. وقد دعا “حماس” إلى إطلاق سراح المخطوفين، ولكنه في نفس الوقت كان حازما عندما توجه إلى ماك غورك وقال له، إن الهدن في القتال يجب ألا تكون مرتبطة بإطلاق سراح المخطوفين. وحول إرسال قوات عربية إلى غزة، الصفدي لم يقدر أن يكون واضحا اكثر من ذلك عندما قال، “لن يتم وضع أي قوة عربية في غزة”. بالتالي، بخصوص إرسال قوات عربية إلى القطاع بعد الحرب هناك إجماع عربي كامل يرفض الفكرة، وإمكانية أن السلطة الفلسطينية “ستدير” القطاع مرفوضة كليا من قبل نتنياهو. أمام هذه الأفكار يحلق في الجو اقتراح تشكيل قوة دولية أخرى سيتم تخويلها بإدارة القطاع.

قناة “كان” نشرت للمرة الأولى في يوم الخميس، إنه في اللقاءات التي أجراها ماك غورك، يوم الأربعاء، في إسرائيل حصل على “موافقة مبدئية” لوضع قوة متعددة الجنسيات في القطاع بعد الحرب. هذه ليست فكرة جديدة. ففي تشرين الأول، قبل بداية العملية البرية في القطاع، اقترحت ألمانيا أن تتحمل الأمم المتحدة المسؤولية عن إدارة القطاع. بعد ذلك، تمت مناقشة الاقتراح كسيناريو محتمل للسيطرة على غزة. والآن في ظل عدم وجود خيار واقعي آخر ربما سيكون لهذا الاقتراح احتمالية لمناقشة جدية اكثر.

لكن هذا الاقتراح، حتى لو تمت الموافقة عليه، لا يقدم أي رد على الفترة الوسيطة بين العمليات العسكرية التي تجري الآن في غزة وبين إنهاء الحرب. كيف وعلى يد من ستتم معالجة مئات آلاف المهجرين الذين هربوا من شمال القطاع إلى جنوبه؟ من الذي سيقدم الخدمات الصحية التي أصبحت حادة في جنوب القطاع؟ كيف سيتم تنفيذ توزيع المساعدات التي ستصل إلى القطاع؟ وماذا بشأن السكان عندما ستبدأ العمليات في جنوب القطاع بشكل كثيف والتي يمكن أن تمس بهم؟.

سراب

سؤال حاسم آخر يتعلق بتعريف “نهاية الحرب”. لا يوجد لإسرائيل حتى الآن أي إجابة حول ما سيعتبر إنجاز الهدف والانتصار. تدمير البنى التحتية الإدارية والعسكرية لـ”حماس” في شمال القطاع يتوقع أن يطور مواجهة واحتكاكات يومية يمكن أن تستمر لأشهر كثيرة. السلاح يواصل كونه موجودا في القطاع، والدافعية لاستخدامه لن تختفي.

“اليوم التالي”، اصبح مفهوما نظريا، الذي موعده الملموس يرتبط اكثر بالضغط الدولي والقرار السياسي في إسرائيل متى سيتم الإعلان عن “إنهاء العمليات العسكرية”، كما فعل الرئيس جورج بوش الابن في نهاية المرحلة الأولى من الحرب في العراق، فقط من اجل أن يدرك بسرعة بأن العمليات العسكرية ستستمر لسنوات كثيرة. ولكن مقابل العراق الذي فيه تم تشكيل حكومة محلية، في البداية بتعيين من قبل الإدارة الأميركية وبعد ذلك بواسطة الانتخابات، في القطاع الوضع مختلف كليا. الانتخابات في القطاع، بشكل منفصل عن الضفة هي أمر غير وارد. وإقامة إدارة فلسطينية مستقلة في غزة هي في هذه الأثناء سراب. ولكن لو تم الافتراض بأن تشكيل قوة متعددة الجنسيات، غير عربية، سيجتاز الاختبار النظري ويتحول إلى موضوع للنقاش الفعلي، إلا أنه يطرح عدة أسئلة صعبة. من الذي سيكون مصدر الصلاحيات لهذه القوة، وماذا ستكون صلاحياتها وماذا سيسمح لإسرائيل بفعله في غزة عند وضع مثل هذه القوة.

من اجل تشكيل قوة برعاية الأمم المتحدة يجب على مجلس الأمن ليس فقط المصادقة عليها، بل أيضا منحها الصلاحيات حسب المادة 7 في ميثاق الأمم المتحدة. حسب هذه المادة فإنه في كل حالة يوجد فيها تهديد أو اعتداء ضد السلام فإن مجلس الأمن مخول باتخاذ كل الوسائل، السياسية والعسكرية والاقتصادية، من اجل إزالة هذا التهديد وإعادة “السلام”. هذا الفصل لا يفسر ما الذي يعتبر مسا أو تهديدا للسلام. وأي عملية عسكرية ستقوم بها الأمم المتحدة ستحتاج إلى تنسيق ومصادقة من قبل لجنة عسكرية يتم تشكيلها لهذا الغرض ويشارك فيها رؤساء أركان الدول دائمة العضوية في المجلس.

المثال الأكثر قربا لإسرائيل بخصوص الصلاحيات العسكرية التي أعطيت لقوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة يوجد في القرار 1701 الذي أنهى حرب لبنان الثانية. هذا القرار لا يستند إلى المادة 7 بشكل صريح، لكنه قريب جدا من صياغتها. حسب هذا القرار، تمت زيادة قوة “اليونفيل” بشكل كبير، من 7 آلاف جندي إلى 15 ألف جندي، تم إعطاؤهم صلاحية العمل أيضا بوسائل عسكرية من اجل تطبيق بنود القرار التي شملت، ضمن أمور أخرى، نشر قوات الجيش اللبناني على طول الحدود وانسحاب قوات “حزب الله” إلى شمال نهر الليطاني ونزع سلاح “حزب الله” ونقله للجيش اللبناني.

عمليا، أي بند من هذه البنود لم يتم تطبيقه. الجيش اللبناني لا ينتشر على طول الحدود، قوات “حزب الله” توجد على الجدار، نزع سلاح “حزب الله” يعتبر أمرا خياليا، وقوة “اليونفيل” نفسها غير قادرة على الوصول إلى كل مكان على الحدود لتطبيق القرار لأن “حزب الله” لا يسمح بذلك. ورغم صلاحيات هذه القوة إلا أن مراقبي “اليونفيل” بقوا في وظيفة المسجلين ومقدمي التقارير عن الخروقات بدون أي قدرة حقيقية على العمل.

وضع قوة للأمم المتحدة في غزة، حتى لو تم تزويدها بالصلاحيات ذات الصلة، يمكن أن ينتهي بمهزلة مشابهة، تلزم إسرائيل بمواصلة تدخلها في القطاع. احتمال آخر هو تشكيل قوة إدارية دولية تكون مسؤولة على الأقل لفترة متفق عليها من اجل إعادة الإعمار وتشغيل البنى التحتية في القطاع، في حين تواصل إسرائيل كونها المسؤولة عن الأمن في القطاع. ولكن فصل الصلاحيات هذا هو تقريبا أمر مستحيل.

في مثل هذا الوضع يصعب التوقع بأن إسرائيل ستتنازل عن صلاحياتها في السيطرة على كل البضائع التي ستدخل إلى أو تخرج من القطاع أو فحص جميع الداخلين والخارجين أو تحرير القطاع من الحصار الاقتصادي المفروض عليه منذ 17 سنة. من هنا حتى لو وافقت إسرائيل مبدئيا على وضع قوة متعددة الجنسيات في القطاع فإن هذا حتى ليس فيه بداية لاتفاق على اليوم التالي، وهذا ليس اكثر من تلويح لا جدوى له بالضغط الدولي، والشطب الكامل من جدول الأعمال لإمكانية سيطرة السلطة الفلسطينية على القطاع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى