ترجمات عبرية

هآرتس: في هذه الظروف يكون الطيارون هم الورقة الأخيرة للاحتجاج على الانقلاب

هآرتس 20-7-2023، بقلم عاموس هرئيل: في هذه الظروف يكون الطيارون هم الورقة الأخيرة للاحتجاج على الانقلاب

الجهود المبذولة لوقف تشريع الانقلاب النظامي تجري الآن بحركة الكماشة قبل خطة الائتلاف لإجازة قانون إلغاء ذريعة المعقولية بالقراءتين الثانية والثالثة في الأسبوع القادم. في الساحة الداخلية تحافظ نشاطات الاحتجاج اليومية على التوتر وتمهد الأرض للورقة الأساسية التي بقيت في يد المعسكر الديمقراطي الليبرالي، التي تكمن في الخطوات التي ينوي اتخاذها رجال الاحتياط في الجيش الإسرائيلي. وفي الساحة الخارجية، تستخدم الإدارة الأمريكية ضغطاً متزايداً على رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، من أجل التراجع عن مواصلة سن تشريعات الانقلاب النظامي.

خلافاً لادعاءات تآمرية لليمين، فإن الخطوتين غير منسقتين معاً. مع ذلك، من الواضح أن الإدارة الأمريكية تتابع بانفعال حجم نشاطات الاحتجاج في إسرائيل. يواصل نتنياهو إرسال رسائل متناقضة لا تسمح بالوقوف بشكل دقيق على نواياه. التفاؤل الذي بثه الارتفاع في بورصة تل أبيب وانخفاض سعر الدولار تدل على أن القطاع التجاري يتطلع إلى تسوية ويقدر بأنها موجودة في الأوراق هذه المرة.

لكن رئيس الحكومة مقيد من الجناح الراديكالي في حكومته، ويحاول التوصل ولو إلى إنجاز واحد، وهو إلغاء ذريعة المعقولية قبل انتهاء الدورة الحالية. من غير الواضح الآن ما إذا الاتصالات غير المباشرة حول تخفيف القانون ستؤتي أكلها، ومن الصعب التصديق بأنه سيمكن تمرير صيغة مخففة كهذه حتى انتهاء الدورة الصيفية للكنيست في نهاية الشهر الحالي.

       بركان

يقف الجيش الإسرائيلي على فوهة بركان، حول احتجاج رجال الاحتياط ضد الانقلاب. المبادرات التي نشرت في وسائل الإعلام حتى الآن ومنها رسائل نحو 160 شخصاً من رجال القيادة العملياتية في سلاح الجو، التي تم إرسالها أمس، ليست سوى جزء صغير من القصة. في الأيام القريبة القادمة سينضم إليهم أيضاً مئات الطيارين في الاحتياط والخدمة النظامية. الاحتجاج، إلى درجة الاستقالة من الخدمة، يتسرب بالتدريج حتى إلى أجزاء أخرى في الجيش.

تأثير الاحتجاج لا ينعكس على الجيش البري بشكل كامل، لأن القادة توصلوا إلى تسويات “رمادية” مع رجال الاحتياط في جزء من وحداته، فبدلا من الاستقالة يحصلون الآن على نوع من الإعفاء المؤقت من الخدمة إلى حين مرور الغضب (على أمل أن يمر). يتم الشعور أيضاً بتسرب ما لتأثير الأزمة إلى داخل جيش الخدمة الدائمة، بالأساس في المراتب الوسطى في شعبة الاستخبارات. ربما يكون هناك دور في التأثير على المناخ في وحدات مشابهة في “الشاباك” والموساد لما يحدث في الاستخبارات العسكرية. القيادة العليا في الجيش الإسرائيلي تحاول وبحق عدم التسبب بالذعر للجمهور، لكن الصورة أخطر مما تظهر الآن.

وثمة تأثير بدأ يظهر بشكل سيئ على الدافعية للخدمة وعلى الوظائف القيادية. فخلال سنين، سلمت عائلات من المعسكر الليبرالي بخدمة الآباء والأبناء في الوحدات القتالية في “المناطق” [الضفة الغربية]، حتى لو اعترضت على أهمية هذه المهمات. وقد كان هذا جزءاً من عقد غير مكتوب بين الجمهور الإسرائيلي والجيش تحت الوهم المتفق عليه، وهو أن وجهة إسرائيل المستقبلية مبدئياً هي تسوية النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين بطرق سلمية.

لكن الحكومة الجديدة والعاصفة التي ثارت حول التشريع أخرجت الشياطين القديمة من تحت الأرض. إنه وفي ظل حكومة تشرعن عدم تجنيد الحريديين، إلى جانب ضخ مبالغ ضخمة لصالح الأحزاب الحريدية والمستوطنين، لم يعد للتطوع للخدمة القتالية قيمة تحصل على تأييد العائلات للجندي أو المجندة كموضوع مفهوم ضمناً. المذابح التي ينفذها المستوطنون المتطرفون في القرى الفلسطينية رداً على عمليات إطلاق النار الدموية تزيد التشكك بالسياسة في “المناطق”.

يتركز القلق الملح والأخطر الآن في سلاح الجو. قادة كبار سابقون في السلاح، الذين يؤيد بعضهم الاحتجاج، قالوا لـ “هآرتس” إنه حتى الكوابيس الأسوأ لهم لم يفكروا بأنهم سيجرون محادثات يحاولون فيها تقدير عدد الطيارين في الاحتياط الذين سيمتثلون للخدمة في الجهاز في مهماته من بداية الأسبوع القادم. خلال بضعة أيام –يتعلق الأمر على أفضل تقدير نهاية السبت أو يوم الأحد – من شأن المئات منهم الإعلان عن وقف تطوعهم للخدمة. هذا سيشكل إضراراً كبيراً لكفاءة سلاح الجو، والأرقام التي يدور الحديث عنها تقترب من الخط الأحمر الذي حدده رئيس الأركان هرتسي هليفي، وقائد سلاح الجو الجنرال تومر بار، للكابنت.

خطوات الاحتجاج لسلاح الجو كان يمكن أن تكون منسقة أكثر. فبعد اندلاع الاحتجاج حول قرار نتنياهو إقالة وزير الدفاع يوآف غالانت من منصبه في آذار الماضي، استخلص طيارو الاحتياط الدروس. كانت النية هذه المرة هي الحفاظ على حوار متواصل مع قادة الأسراب والقواعد، وفي الوقت نفسه الحرص على الصمت الإعلامي حتى لحظة العملية، بتوقيت ستكون له فعالية قصوى.

 لكن مبادرة أعضاء القيادة التنفيذية غابت قليلاً عن الطيارين، وتم عرضها أيضاً بشكل مغلوط، وكأن الأمر يتعلق بطيارين نشطاء (بالفعل، معظم الموقعين هم من رجال الطاقم الجوي المتقاعد، الذين بسبب جيلهم انتقلوا إلى مناصب قيادية حيوية لا ترتبط باستخدام الطائرات). في غضون ذلك، فإنه في نهاية المطاف سيضطر طيارو الاحتياط إلى اتخاذ قرار.

 يستخدم عليهم ضغط شديد للعمل في هذه الأثناء، مع المعرفة بأنهم الذخر الأساسي الذي بقي للاحتجاج. حدث هذا بعد أن أوضح غالنت بأنه لن يتطوع لتوريط نفسه في أزمة في هذه المرة؛ وأن ليفي وقف ضد ما وصفه بـ “تشجيع عدم التطوع”؛ وأن الرئيس إسحق هرتسوغ وصل إلى البيت الأبيض كمحام لنتنياهو؛ وأن رئيس الهستدروت أرنون بار قرر مواصلة السبات الشتوي الطويل. يبدو أن الطيارين هم الورقة الأخيرة.

       سبب سياسي داخلي

رافعة الضغط الثانية يملكها الرئيس الأمريكي بايدن. مساء الإثنين، قبل خمس دقائق على بداية النشرات الإخبارية في التلفاز، نشر مكتب نتنياهو بأن بايدن دعاه لزيارة الولايات المتحدة عبر مكالمة هاتفية. بشكل ما، تم تنسيق البيان عشية يوم التشويش القطري الذي أعلنت عنه حركة الاحتجاج. في الساعات التالية، تبين أن الانفعال الأمريكي من اللقاء أقل من الانفعال الإسرائيلي. وحتى بعد مرور يومين ونصف، بات من غير الواضح أن الدعوة ستكون إلى البيت الأبيض أم أن الحديث يدور بالإجمال عن خطة للقاء الرئيس مع زعماء دول أقل قرباً من قلبه، على هامش اجتماع الجمعية العمومية في نهاية أيلول القادم.

 الإدارة الأمريكية معنية بإزالة عائق عدم الدعوة، الذي يلقي بظلاله على ولاية نتنياهو الحالية منذ تشكيل حكومته في نهاية كانون الأول الماضي. السبب هو سياسي – داخلي بالأساس. فالديمقراطيون لا يريدون أن يتهمهم خصومهم الجمهوريون بإهانة رئيس حكومة إسرائيل. ولكن وفي الوقت نفسه يرسل الرئيس الأمريكي رسائل صعبة وقاسية لإسرائيل.

عندما تولد انطباع لدى رجاله بأنه لم يتم تمرير الرسائل من المكالمة الهاتفية مع نتنياهو ومن اللقاء المباشر مع هرتسوغ وجهاً لوجه كما هو مطلوب للجمهور في البلاد، فقد تم استدعاء محرر “نيويورك تايمز” توماس فريدمان للرئيس مرة أخرى. مقال فريدمان الأخير الذي نشر فجر أمس، كان حتى أكثر حدة وتفصيلاً من المقال السابق. حسب هذا المحلل، فإن الرئيس طلب من رئيس الحكومة إيقاف التشريع الآن، وقال بأنه فيما بعد لن يكون بالإمكان إصلاح الضرر الذي حدث. سارع مكتب نتنياهو إلى إصدار بيان نفى فيه ما نشره فريدمان. حتى إن مستشار الأمن القومي تساحي هنغبي قال إن “الكنيست ستستكمل التشريع الحالي في الأسبوع القادم”.

كان نتنياهو دائماً وطنياً إسرائيلياً. وعلى خلفية الأحداث الأخيرة والضرر الكبير الذي لحق بالمجتمع والاقتصاد والجيش الإسرائيلي، فإنه لا يمكن التفكير بأمرين: الأول، ما الذي يفكر به حين يكتب عنه التاريخ بعد ثلاثين سنة. الثاني، من وبحق يحب إسرائيل في هذه الأثناء أكثر ويريد الخير لها، نتنياهو أم بايدن؟

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى