ترجمات عبرية

هآرتس: فكرة الانفصال المدني عن غزة بعدما تم قتل حلّ الدولتين

هآرتس 2023-11-17، بقلم: تشاك فرايلخفكرة الانفصال المدني عن غزة بعدما تم قتل حلّ الدولتين

منذ المذبحة في 7 تشرين الاول قام الرئيس الاميركي بدمج الدعم المؤثر لاسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها مع الدعوة الى العودة الى حل الدولتين بعد انتهاء القتال. بعض الادارات الاميركية دعمت هذا الحل في السابق، وحتى أنها اقترحت سلاما دراماتيكيا بهذه الروحية. حسب هذه الاقتراحات كان الفلسطينيون سيحصلون على دولة مستقلة في معظم اراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، وعودة غير محدودة للاجئين الى هذه الدولة وتقسيم القدس وعاصمة في شرق المدينة. السلطة الفلسطينية أيدت كما يبدو حل الدولتين، لكنها رفضت هذه الاقتراحات ولم تطرح حتى الآن أي اقتراح سلام خاص بها. حماس ترفض أي اتفاق وهي تسعى الى حل له طبيعة اكثر نهائية.

حل الدولتين كان على شفا الموت حتى قبل الحرب الحالية. سياسة الاستيطان اوجدت بشكل متعمد وضعا فيه لا يكون بالامكان تطبيقه، وبذلك قوضت ثقة الفلسطينيين بصحة نية اسرائيل في التوصل الى سلام. رفض الاقتراحات من قبل الفلسطينيين وسفك الدماء في الانتفاضة الثانية تسبب بالضرر الكبير لمعسكر السلام في اسرائيل الذي لم يتعاف حتى الآن، وأدت الى صعود اليمين.

مع مرور السنين اصبح حل الدولتين نوعا من الكذب الدولي الدبلوماسي المتفق عليه. زعماء في الغرب، بالاساس الأميركيين، كان الحل بالنسبة لهم هو غطاء للاستمرار في دعم اسرائيل رغم سياسة الاستيطان، ورغم أن قلائل آمنوا بوجود احتمالية لتطبيقه. بالنسبة للدول العربية اصبح حل الدولتين طريقة مريحة لتوسيع علاقاتها مع اسرائيل في ظل عدم التقدم في القضية الفلسطينية.

الحرب الحالية يمكن أن تكون المسمار الاخير في تابوت حل الدولتين. وعلى اعتبار أنه الحل الوحيد الذي يوجد فيه ما يمكن أن يؤدي الى تطبيق معظم الطموحات القومية للطرفين فسيكون لموته تأثيرات مصيرية. مع ذلك، الازمات يمكن أن تشكل ايضا الاساس لانعطافة استراتيجية. على الورق من السهل رسم خطة سياسية لتحويل الاحداث الاخيرة الى اساس لاحياء حل الدولتين وانقاذ التطبيع مع السعودية. الواقع معقد اكثر، على فرض أن اسرائيل ستنجح في تدمير حماس من ناحية عسكرية وككيان حكومي في غزة؛ هناك عامل آخر سيكون مطلوبا من اجل تولي الحكم هناك. المرشح الطبيعي هو السلطة الفلسطينية رغم أنها لم تحكم بشكل ناجع حتى في الضفة الغربية، وقدرتها على تولي هذه المهمة الصعبة مشكوك فيها.

اضافة الى ذلك السلطة اعلنت في السابق بأنها ستتولى السيطرة على قطاع غزة فقط اذا كانت هذه الخطوة جزءا من حل الدولتين. هكذا تكون قد وضعت شرطا لا يمكن لحكومة اسرائيل الحالية الموافقة عليه. للاسف، ستكون هناك حاجة الى انتظار حكومة مسؤولة ومعتدلة اكثر.

عمليا، المشكلة اعمق من ذلك بكثير. على فرض أن السلطة الفلسطينية أو أي جهة اخرى ستنجح في تولي الحكم في غزة، عندها ستكون حاجة الى قوة دولية لضمان بقائها امام جهود حماس وتنظيمات اخرى لتقويضها. مثل هذه القوة سيتم تشكيلها بالتأكيد من دول عربية توجد لها علاقات سلام مع اسرائيل ودول غربية ودول اخرى تكون مقبولة على اسرائيل والفلسطينيين.

هذه المهمة لا تناسب قوة دولية اخرى ليس لها اسنان – هذه القوة بحاجة الى أن تكون لها قدرة واستعداد حقيقي للقتال من اجل الدفاع عن نفسها، لضمان بقاء السلطة الجديدة في غزة ومن اجل منع الارهاب ضد اسرائيل. الحديث يدور عن قوة مهمة ومسلحة بشكل جيد. نحن نحتاج الى التفاؤل الكبير من اجل التصديق بأن دولا كثيرة، اذا وجدت اصلا، ستتطوع لارسال جنودها للمشاركة في مهمة خطيرة جدا وصعبة.

في اعقاب الحرب سيكون على اليمين واليسار في اسرائيل التفكير بمسار جديد. ولكن في موضوع واحد على الاقل الذي من المرجح أن يتوصلوا فيه الى استنتاج مشترك وهو طلب اسرائيل بالحد الادنى في كل اتفاق – ضمانات امنية مشددة – وهو الطلب غير القابل للتحقق.

في هذه الظروف فان البديل الفعلي الوحيد للتقدم السياسي في المستقبل القريب هو كما يبدو فكرة الانفصال المدني. أي وقف الاستيطان في أجزاء من الضفة الغربية، التي الا ترغب حكومة وسط في السيطرة عليها بعد اتفاق السلام – كما يبدو اكثر من 90 في المئة من الاراضي – من خلال عودة تدريجية للمستوطنين الى اسرائيل السيادية. في الوقت نفسه، الاستمرار في نشر الجيش الاسرائيلي في ارجاء الضفة لاغراض امنية دون جدول زمني. هكذا سيتم ضمان طابع اسرائيل اليهودي والديمقراطي وايضا ضمان أمنها. هذه المقاربة تحافظ ايضا على احتمالية الحل المستقبلي للدولتين عندما تنضج الظروف لذلك.

الفلسطينيون والمجتمع الدولي سيكون عليهم الادراك بأن الفلسطينيين لن يحصلوا على الاستقلال الكامل، على الاقل لسنوات كثيرة، والحد الاقصى العملي هو حكم ذاتي موسع. يوجد ثمن للمئة سنة من رفض أي حل وسط والارهاب اللانهائي. عمليا، حماس قتلت الكثير من الاسرائيليين، وقتلت ايضا حلم الفلسطينيين بدولة مستقلة.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى