ترجمات عبرية

هآرتس: طريقة فاغنر: النفوذ الروسي في الشرق الأوسط

هآرتس 26-6-2023، بقلم تسفي برئيل: طريقة فاغنر: النفوذ الروسي في الشرق الأوسط

في شباط 2018 حدث في سوريا إحدى المعارك القاسية والغريبة؛ مقاتلو المارينز ولابسو القبعات الخضر الأمريكيون، الذين عملوا مع القوات الكردية شمالي سوريا، كانوا في مهمة دفاعية عن آبار النفط التابعة للشركة الأمريكية “كونوكو” قرب دير الزور. وصلت معلومات استخبارية إلى هذه القوات حذرت من نية القوات السورية مهاجمة المنشأة والسيطرة عليها. وخلال فترة قصيرة، تم تشخيص نحو 27 سيارة “تندر” وشاحنة تقل مئات المسلحين، مسرعة نحو المنشأة. قوة أمريكية جوية شملت طائرات مروحية وحوامات وطائرات اف22، وقوات أرضية مدربة، صدت الهجوم الذي انتهى خلال أربع ساعات. وكان عدد القتلى فيه 200 – 300 شخص، معظمهم من مقاتلي فاغنر التي تعمل في سوريا منذ العام 2015.

مر وقت إلى أن نشرت روسيا واعترفت بأن القتلى من المواطنين الروس. بعد ذلك، تبين أنها استخدمت الضغط على عائلات القتلى كي لا يتحدثوا عن الحادثة وعن موت أقاربهم في الحرب في سوريا. نفت روسيا لفترة طويلة أنها تستخدم وحدات قوة فاغنر في سوريا أو أن مثل هذه القوة موجودة أصلاً. ووفقاً لروايتها، كانت المواجهة بين قوات سورية وقوات أمريكية بدون تنسيق مع الكرملين.

كانت المرة الأولى التي تواجه فيها قوات روسية قوات أمريكية منذ بداية الحرب الباردة بين الاتحاد السوفييتي سابقاً والولايات المتحدة، لكنها ليست الأولى التي فشلت فيها القوات الروسية في سوريا. وقد قامت الشركة الأم لمجموعة فاغنر، “القوات السلوفية”، التي كانت مسجلة في هونغ كونغ في 2013، بتجنيد نحو 270 متطوعاً لمهمات أمنية في آبار النفط قرب مدينة تدمر. في المواجهة بينهم وبين قوات داعش التي سيطرت على المدينة، هزمت قوات الحماية التي كان يرأسها ديمتري أوتكين، الجنرال المتقاعد الحاصل على الأوسمة والذي له تجربة قتالية غنية، والذي انضم للشركة براتب كبير.

اوتكين ذو اللقب العسكري “فاغنر”، عاد إلى موسكو بعد الهزيمة في تدمر وبدأ في تأسيس مجموعة فاغنر بتمويل يفغيني بريغوجين. بعد سنتين وبعد نجاحه في تجنيد بضعة آلاف من الجنود، عاد إلى سوريا في 2015، وفي آذار من السنة نفسها كان على الجبهة في تدمر مرة أخرى على رأس قوة تضم مئات الجنود، إضافة إلى جنود النظام السوري. تم تحرير تدمر من سيطرة “داعش”، لكن قوة فاغنر تكبدت في المعارك التي استمرت شهراً تقريباً خسائر بمئات الجنود.

بدأت تتطور خلافات بين أوتكين ومجموعة فاغنر، والمؤسسة العسكرية الروسية في الجبهة السورية. قبل بضعة أسابيع من هجوم فاشل في دير الزور، تم التوقيع على اتفاق تشغيل مع مجموعة افروبوليس، المتفرعة عن مجموعة فاغنر، وهذه يمتلكها بريغوجين أيضاً، الذي بحسبه ستحصل المجموعة على 25 في المئة من مدخولات النفط والغاز اللذين سيتم إنتاجهما من الحقول التي ستحتلها وتنقلها إلى سيطرة النظام. في القيادة العسكرية الروسية التي اعتبرت المجموعة الخاصة منافسة، وحتى خصماً، رغم مشاركتها في احتلال شبه جزيرة القرم في 2014، تطور خلاف حول تشغيل مجموعة فاغنر في سوريا.

في مقابلات أجراها مورات غفيدولن، قائد في قوة فاغنر والذي قرر الاستقالة، وأيضاً في الكتاب الذي ألفه، وصف خيبة الأمل والإحباط لدى مقاتلي القوة من جودة المساعدة التي حصلوا عليها من جيش روسيا. حسب قوله، تم وعدهم بدبابات ووسائل قتالية، لكن ما وصل كان بمستوى متدن، وبعد خلافات مع قادة الجيش. ووصف غفيدولن الفساد الذي تفشى في صفوف الجنود: “لم يكن هناك أي أمر أيديولوجي في الحرب في سوريا… كل شيء كان على الأموال… وضع القادة الأموال التي وصلت من أجل الجنود في جيوبهم، وانقض الجنود وسرقوا وحتى سلبوا آثاراً”، قال.

حسب المقابلات التي أجراها غفيدولن، فإن “مقاتلين هو مفهوم مبالغ فيه لوصف الذين تم تجنيدهم من السجون ومروا بتدريبات سريعة لمدة أسبوع في جنوب روسيا، وبعد ذلك أُرسلوا إلى ساحة الحرب. ووُعد هؤلاء الجنود براتب 4 آلاف دولار في الشهر وبخدمة سهلة دون التورط في معارك خطيرة. أثناء ذلك، عمل جنود أوتكين على تصفية فارين من الجيش السوري، بما في ذلك قطع رؤوسهم كما نرى في الأفلام التي نشرتها الشبكات الاجتماعية.

في المرحلة القادمة، تم إرسال متطوعين من سوريا إلى الجبهة الليبية، وعملوا تحت تدريب وإشراف مجموعة فاغنر. وهنا وعدوا براتب جيد وحياة سهلة حتى تبين أن كثيرين منهم عادوا إلى بيوتهم في التوابيت، ثم تقلص تيار التجنيد. في ذلك الوقت، أرسلت مجموعات قتال أيضاً إلى السودان، وهناك تعاونوا مع محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي يدير الآن حرباً ضد قائد الجيش وحاكم الدولة عبد الفتاح برهان. حسب تقارير في السودان، كانت مجموعة فاغنر وفرت لحميدتي صواريخ أرض – جو ومساعدات عسكرية أخرى مقابل إدارة مناجم الذهب التي يسيطر عليها حميدتي.

في هذه الجبهات كلها، قدمت عمليات مجموعة فاغنر غطاء مناسباً للكرملين الذي كان يمكنه القول بأن روسيا غير مشاركة في القتال في الشرق الأوسط. وهكذا نشأت سلسلة غذائية بهذه السياسة، بدأت بالكرملين وانتقلت عبر مجموعة فاغنر ومنها إلى مليشيات محلية لتأسيس قوات عسكرية بديلة، غير رسمية، وخلقت الاعتماد بينها وبين النظام المحلي ووفرت لروسيا رافعة تأثير مهمة على سياستها.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى