ترجمات عبرية

هآرتس: شعبة المخابرات الإسرائيلية: خطر الحرب يتزايد في السنة المقبلة

هآرتس 11-4-2023م، بقلم عاموس هرئيل: شعبة المخابرات الإسرائيلية: خطر الحرب يتزايد في السنة المقبلة

احتمالية أن تجد إسرائيل نفسها في السنة القريبة القادمة في حرب حقيقية، ازدادت بدرجة كبيرة في الأشهر الأخيرة. هذا هو استنتاج شعبة الاستخبارات في هيئة الأركان العامة. وهو استنتاج معروف لكبار ضباط الجيش ولمتخذي القرارات في المستوى السياسي. لا تتحدث الاستخبارات العسكرية عن احتمالية عالية لحدوث حرب، وحتى الآن تعتقد أن إيران و”حزب الله” وحماس غير معنيين بالضرورة بمواجهة مباشرة وشاملة. ولكن يبدو من الواضح أنهم مستعدون للمخاطرة والمقامرة بنشاطات عدائية أكثر جرأة، لأنهم يعتقدون أن إسرائيل ضعفت في أعقاب الأزمة الداخلية الشديدة، التي أقلقت مجال مناورتها الاستراتيجية.

على هذه الخلفية، تقدر الاستخبارات العسكرية بتعزيز احتمالية اشتعال سلسلة مواجهات في ساحات مختلفة وبدون نية مسبقة، وتصل إلى حرب واسعة متعددة الجبهات. هذه هي نفس “العاصفة الكاملة” التي يتحدث عنها رجال الاستخبارات منذ بضعة أشهر. هي تتفق مع تداعيات الاختلاف حول محاولة حكومة نتنياهو إخراج الانقلاب النظامي إلى حيز التنفيذ.

في الخلفية يتحقق جزء كبير من التقديرات بخصوص شهر رمضان الذي سينتهي بعد عشرة أيام. خلال هذا الشهر كان هناك صدامان عنيفان بين الشرطة والمصلين المسلمين في المسجد الأقصى (الصاعق الرئيسي الذي أشعل النار)، عمليات حدث فيها قتل في غور الأردن وتل أبيب وإطلاق الصواريخ من لبنان وسوريا وقطاع غزة.

سيواصل الحرم وقوفه في مركز الاهتمام أيضاً قبل انتهاء شهر رمضان، على خلفية تقاطع أعياد الديانات الثلاث: عيد الفصح لليهود، عيد الفصح للمسيحيين، [وعيد الفطر عند المسلمين]. اندمج التصعيد في شهر رمضان مع ثلاث عمليات رئيسية أدت إلى تغيير المحيط الاستراتيجي لإسرائيل: تقليص الاهتمام الأمريكي بما يحدث في الشرق الأوسط، وازدياد الثقة الذاتية الإيرانية التي تتمثل أيضاً بمحاولات تحدي إسرائيل بصورة مباشرة وانعدام استقرار متزايد في الساحة الفلسطينية.

التغيير في مقاربة الولايات المتحدة يظهر على مدى السنوات الأخيرة، وانتقل اهتمام واشنطن من الاهتمام بما يحدث هنا لصالح ساحات أكثر أهمية، أولاها المنافسة على النفوذ مع الصين والرغبة في وقف مغامرة روسيا العسكرية إزاء الحرب في أوكرانيا. أفكار حصلت على الصدى في فترة ولاية باراك أوباما في بداية العقد السابق، تحولت الآن إلى أمور أكثر فعلية. دلائل ذلك كثيرة: عدم المبالاة الأمريكية الواضحة إزاء الهجمات الجوية التي قامت بها إيران قبل سنة ضد السعودية والإمارات، ونقل طائرات قتالية متطورة من الشرق الأوسط إلى ساحة المحيط الهادئ، والحذر الذي ترد فيه الولايات المتحدة على هجمات المليشيات الشيعية بتوجيه إيران ضد قواتها في سوريا.

يكثر الجيش الإسرائيلي من التفاخر بتعزيز العلاقات الواضح مع قيادة المنطقة الوسطى للجيش الأمريكي في السنتين الأخيرتين. ولكن تولد انطباع هنا وهناك بأن الأمريكيين متحمسون أقل من التشارك في المعلومات الاستخبارية والخطط العملياتية مع إسرائيل. أما الزيارات الكثيرة لشخصيات رفيعة في إدارة بايدن وضباط في القيادة الوسطى في البلاد فيمكن رؤيتها بشكل مختلف. في جزء منها، هذه ليست تصريحات صداقة ومحبة فقط، بل تعبير عن رغبة براغماتية لاستيضاح أن إسرائيل لا تقوم بأمور تافهة ولن تشعل الشرق الأوسط أمام الأمريكيين.

من الأفضل عدم طمس ذلك:

هناك برود معين في النظرة إلى إسرائيل، حتى في المستويات المهنية في واشنطن. فقد عبر الرئيس الأمريكي جو بايدن في الشهر الماضي بشدة عن قلقه على الديمقراطية الإسرائيلية، بعد يومين على قرار رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إقالة وزير الدفاع يوآف غالنت، وهو القرار الذي تم تجميده في الوقت الحالي. ولكن الأمريكيين قلقون أيضاً من احتمالية أن تتصرف إسرائيل بعدم مسؤولية في “المناطق” [الضفة الغربية]، أو أن تجرهم إلى تبادل اللكمات مع إيران. كشف الخطط الإيرانية للمس بشخصيات في المؤسسة الأمنية الأمريكية أثار قلق واشنطن.

تغيير المقاربة الأمريكية في المنطقة يسرع خطوات المصالحة بين إيران والدول العربية السنية. يكمن المثال الأكثر وضوحاً على ذلك في اتفاق المصالحة بين إيران والسعودية، ولكن المنطقة تملكتها مؤخراً حمى زيارات متبادلة، تبددت في إطارها أيضاً المقاطعة السنية الطويلة لسوريا إزاء الأعمال الفظيعة التي قام بها النظام هناك أثناء الحرب الأهلية في سوريا.

في الوقت نفسه، يلاحظ جهاز الأمن تغييراً تدريجياً في مقاربة طهران تجاه إسرائيل. انتقلت إيران إلى وضع عداء استراتيجي تجاه إسرائيل. والرغبة في المس بها تحتل اليوم مكاناً أهم بكثير في سلم الأولويات الاستراتيجية. الفرضية في جهاز الأمن هي أن الزعيم الروحي علي خامنئي أعطى قبل بضع سنوات توجيهاً مباشراً لزيادة الجهود للمس بأهداف إسرائيل داخل حدود الخط الأخضر وفي “المناطق”، وتعزيز الدعم للتنظيمات الإرهابية الفلسطينية التي تنشغل بذلك.

“فيلق القدس” التابع لحرس الثورة الإيراني، والأجهزة الاستخبارية في إيران و”حزب الله”، جميعهم سرعوا الجهود للمس بإسرائيل طبقاً لتوجيهات الزعيم. تضع إيران سياسة عامة وتحول الأموال، لكنها على الأغلب لا تنزل إلى التفاصيل التكتيكية للهجمات نفسها. تغيير موقف إيران هو رد مباشر على توجهات بعيدة المدى يعزوها النظام لإسرائيل: ازدياد الهجمات على الأراضي الإيرانية نفسها (نشاطات تخريبية في منشآت نووية واغتيال علماء ذرة وضباط في حرس الثورة)، وهجمات جوية ضد قوافل السلاح وقواعد لإيران موجودة في سوريا.

لإيران أسباب أخرى لتكون راضية مؤخراً إضافة إلى التراجع الأمريكي والمشكلات الداخلية التي تغرق فيها إسرائيل؛ فبعد أشهر كثيرة، يظهر هناك تباطؤ في احتجاج الحجاب وتحقيق سيطرة أكبر في الجبهة الداخلية بفضل استخدامها لوسائل قمع عنيفة. التحالف مع روسيا يقوي إيران، وتأمل بالحصول على منظومات دفاع جوية متقدمة وطائرات حربية مقابل المسيرات الهجومية التي قدمتها لروسيا لصالح الحرب في أوكرانيا.

في الخلفية، إيران تترسخ كدولة عتبة على بعد مسافة من اتخاذ قرار التقدم في إنتاج القنبلة: تحتاج 12 يوماً فقط حسب تقدير الإدارة الأمريكية، حتى تحصل على اليورانيوم المخصب بمستوى 90 في المئة وبكمية تكفي لإنتاج قنبلة نووية واحدة، وبحاجة إلى سنتين أو أقل إلى أن يتم إنتاج سلاح نووي (إسرائيل لم تقم بتبني التقدير الأمريكي الذي يقول بأن إيران ستفحص تقصير هذه الفترة عن طريق إنتاج سلاح نووي بمستوى مهني أقل).

التغيير الإيراني يتلاقى مع ساحة فلسطينية تغلي. حماس ما زالت تتجنب مواجهة عسكرية في غزة، لكنها طموحة أكثر بكثير في مناطق أخرى. القدس والضفة الغربية في البؤرة من خلال تشجيع حثيث لحماس للقيام بعمليات. في الخلفية، السلطة الفلسطينية ضعيفة وفاسدة وتتجنب القضاء على الإرهاب، وهي غارقة في صراع وراثة متزايد تقوم جهات خارجية، من بينها الأمريكيون، بتأجيجه. إحباط الجيل الشاب الفلسطيني في الضفة الغربية اندلع قبل سنة مع زيادة قوة العمليات. والآن، فإن وفرة السلاح إلى جانب الاستعداد للقتال تحوّل كل عملية اعتقال للجيش الإسرائيلي في مدن شمال الضفة إلى اقتحام عنيف لمنطقة مأهولة ومكتظة، وتزيد عدد المصابين. ورغم أن معظم القتلى الفلسطينيين متورطون في محاولات تنفيذ عمليات أو استخدام السلاح الناري، فإن عددهم المتزايد يشعل النار الدائمة للمواجهة.

إصبع في العين

إذا كان العنف الزائد في الضفة أصبح عادة، فإن التطورات الاستثنائية في الفترة الأخيرة جاءت من لبنان: إطلاق الصواريخ في 7 نيسان، وقبل ذلك عملية مجدو في 13 آذار. المخرب الذي اجتاز الحدود من لبنان ووضع عبوة ناسفة قرب مفترق مجدو، تقريباً 70 كم جنوب الجدار، وصل من هناك كمبعوث من “حزب الله”. إطلاق الصواريخ قصة مختلفة. رغم تقدير معظم الخبراء، على الفور بعد الإطلاق من جنوب لبنان، بأن عملية كهذه لا يمكن أن تحدث بدون موافقة “حزب الله”، تصمم الاستخبارات على أن الأمور ليست هكذا.

قيل لوزراء الكابنيت بأن الأمر يتعلق بمبادرة لحماس. يبدو أن كبار شخصيات التنظيم في الخارج، على رأسهم صالح العاروري وخالد مشعل، صادقوا على هذه العملية. يبدو أن رئيس “حزب الله”، حسن نصر الله، لم يكن في الصورة مسبقاً. مشكوك فيه أيضاً إذا كانت القيادة في غزة وعلى رأسها يحيى السنوار ومحمد ضيف، تعرف عن الخطة.

التقى نصر الله في هذا الأسبوع في بيروت إسماعيل هنية، أحد رؤساء حماس، استمراراً للقاءات أجراها مع شخصيات إيرانية رفيعة وقادة تنظيمات إرهابية فلسطينية. ربما أراد أن يرسخ تفاهمات مفصلة أكثر حول إدارة المواجهة مع إسرائيل. ولكن من غير المستبعد أن نصر الله استمتع أيضاً بغرس إصبع في عين إسرائيل، بالذات بعد تصعيد الهجمات.

على أي حال، القاسم المشترك بين الأحداث الأخيرة من لبنان هو الاستعداد للانحراف عن معادلات الرد السابقة والاستعداد للمخاطرة بخطوات جدية أكثر، رغم أن احتمالية ذلك ستؤدي إلى رد شديد من قبل إسرائيل. عملياً، كانت ردود إسرائيل محدودة. بعد مجدو، نشرت وسائل الإعلام العربية ازدياداً للهجمات الجوية الإسرائيلية في سوريا والتي قتل فيها اثنان من ضباط حرس الثورة. عقب إطلاق الصواريخ تم عقد الكابنيت للمرة الأولى بعد شهرين، وصودق بتوصية من الجيش على رد محدود ومس مقلص بأهداف حماس في لبنان وهجوم أوسع قليلاً على أهداف لحماس في القطاع.

وافق نتنياهو على موقف الجيش الذي صيغ بصورة ملونة: من يعاني من النوبة القلبية لا يشارك في سباق الماراثون. أي أنه بالنظر إلى الوضع العام في المنطقة وخطورة الأزمة الداخلية، من الأفضل عدم البدء على الفور في مواجهة مع “حزب الله”. وأكثر من ذلك، هو أن الاستخبارات تؤكد أن هذا التنظيم الشيعي لم يكن متورطاً في إطلاق النار. وبصورة مهمة، صوت وزيرا اليمين المتطرف في الكابنيت، إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش، مع الخط المنضبط نسبياً الذي قاده نتنياهو. وهم مثل بعض وزراء الليكود الجدد، بدأوا يعترفون بحدود القوة. ليس كل ما تحب عمله للعدو ممكناً، خاصة عندما تجلس في غرفة تتخذ فيها القرارات.

حتى لو كانت البيانات الدراماتيكية لاستطلاع المقاعد في الكنيست الذي نشرته القناة 13، هي بيانات غير متفق عليها، فإنه يصعب تجاهل التوجه الواضح والمتواصل لانخفاض ثقة الجمهور بالحكومة إزاء أدائها المخيف. خيبة أمل أعضاء الائتلاف خرجت بطرق أخرى، أساسها اتهام اليسار ووسائل الإعلام ورؤساء أجهزة الأمن بالمسؤولية عن الوضع.

أحد الوزراء المجهولين في قائمة بن غفير، ذهب بعيداً عندما قال هذا الأسبوع بأن كبار أذرع الأمن يقودون عصياناً ضد الحكومة. وقال أعضاء كنيست في الائتلاف إن رئيس الأركان، هرتسي هليفي، “موظف يمكن استبداله عند الحاجة”، أو أوضحوا بأن قصف سلاح الجو في غزة وسوريا ولبنان ثبت بأنه “يمكن بدون الطيارين الرافضين”. عملياً، استجاب رجال الاحتياط للدعوة وشاركوا كالعادة في جميع الهجمات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى