ترجمات عبرية

هآرتس: سياسة إسرائيل تجاه الضفة الغربية: فصول من التضليل

هآرتس 2023-07-29، بقلم: شاؤول أريئيلي: سياسة إسرائيل تجاه الضفة الغربية: فصول من التضليل

تستكمل حكومة اليمين الخالص، برئاسة بنيامين نتنياهو، في هذه الأثناء عملية كشف سياسة إسرائيل بالنسبة للضفة الغربية، مثلما تم التعبير عنها في مشروع الاستيطان. لقد أحسن وصف ذلك توماس فريدمان في المقال الذي نشره في “نيويورك تايمز” في 11/7، والذي جاء فيه أن الحكومة الحالية لا تسمح باستمرار وهم الدولتين، ولم يعد بالإمكان نفي السياسة التي تدفع بها إسرائيل قدما: دولة واحدة غير ديمقراطية. بدأت هذه السياسة في تضليل المجتمع الدولي والمجتمع الإسرائيلي، وهي ستنتهي – بوساطة الانقلاب النظامي – بخلق دولة إثنية رسمية خالصة.

لم يبدأ اليمين العملية. في العام 1967 كانت إسرائيل تدرك بأن بناء مستوطنات يهودية في “المناطق” المحتلة أمر غير قانوني حسب ميثاق جنيف. في آذار 1968 أرسلت وزارة الخارجية برقية مصنفة بأنها “سرية جدا” إلى السفير الإسرائيلي في الولايات المتحدة في حينه، اسحق رابين، ضمت التوجيهات التالية: “خطنا الثابت كان وما زال التهرب من مناقشة الوضع في المناطق التي تم وضع اليد عليها على أساس ميثاق جنيف… سيبرز الاعتراف الصريح من قبلنا بسريان الميثاق مشكلات صعبة من ناحية الميثاق بخصوص تفجير البيوت وعمليات الطرد والاستيطان وغيرها”.

هكذا، على الفور بعد حرب “الأيام الستة” بدأت إسرائيل في بناء المستوطنات في “المناطق”، من خلال استخدامها كثيراً من التضليلات. في 27 أيلول 1967 كتب رئيس لجنة التنسيق السياسي – الأمني في “المناطق”، شلومو غازيت، لمكتب رئيس الأركان بخصوص استمرار التمسك بـ”غوش عتصيون”، لأنه كـ”غطاء” لاحتياجات المنظومة السياسية، “ستظهر البؤرة الاستيطانية للشبيبة الدينية في (غوش عتصيون) بؤرة عسكرية للناحل. وستعطى توجيهات حول ذلك للمستوطنين في المكان”.

في عيد الفصح في 1968 رفض المستوطنون، برئاسة موشيه ليفنغر، الخروج من فندق “بارك” في الخليل بعد أن تقمصوا صورة السياح، كما وعدوا الجيش الإسرائيلي. أثمرت التسوية معهم بضغط من يغئال الون عن إقامة “كريات اربع”. في نيسان 1975 سمح وزير الدفاع، شمعون بيريس، لـ”فصيل العمل” في نواة “شيلو” بالنوم في موقع عسكري اردني مهجور بعد أن وعدوا بأن الأمر لا يتعلق بمحاولة استيطان. “فصيل العمل” كان ربما أراد بناء قاعدة سلاح الجو في باعل حتسور، ما منحه الاسم المغسول “ناحل راداري”. عمليا، لم يعمل هذا الفصيل بهذا مطلقاً، وبقي في المكان الذي تحول فيما بعد إلى مستوطنة “عوفرة” على أراضي قرية عين يبرود وسلواد.

في كانون الثاني 1978 استوطنت على تلة شيلو مجموعة من المستوطنين، هذه المرة تحت غطاء معسكر حفريات أثرية بتشجيع من وزير الزراعة في حينه، ارئيل شارون. اتخذت إسرائيل مع هذا عدداً من الخطوات الحذرة، كما أوضحت بليئا البيك من وزارة العدل: “هناك عنصر المؤقتية في المستوطنات؛ لأن الحكم العسكري يمكن أن يمنح المستوطنين حقوق استئجار للأرض. إذا حدث تغيير في الترتيبات السياسية والعسكرية فإن الحكم العسكري سيتوقف وسينتهي الاستئجار” (“هآرتس”، 5/4/2004).

إسرائيل، التي طبقت على “المناطق” المحتلة “قوانين الاحتلال الحربية”، وصلت إلى ذروة السخافة في الوقت الذي أرادت بوساطتها تبرير وضع اليد على أراضي بملكية فلسطينية خاصة لصالح إقامة المستوطنات بذريعة الاحتياجات الأمنية. وزير الدفاع في حينه، موشيه ديان، قال في 1970 في نقاش في الحكومة حول إقامة “كريات اربع”، “أقترح… في المرحلة الأولى أن نعمل وكأننا نفعل شيئا ما لغايات الأمن، بالأساس إذا كان هذا الأمر مرتبطاً بمصادرة أراض وبناء وشق طرق”.

أيدت المحكمة العليا هذا التبرير. في قضية “بيت إيل” المقدمة للمحكمة العليا في العام 1978 قال القاضي الفيرد فيتكون، إن “لا حاجة لأن تكون خبيرا في شؤون الجيش والأمن كي تفهم أن عناصر تخريبية تعمل بشكل أسهل في منطقة مأهولة فقط بسكان لامبالين أو متعاطفين مع العدو، من العمل في منطقة يوجد فيها أيضا أناس من شأنهم أن يتابعوهم ويلاحقوهم ويخبروا السلطات عن أي حركة مشبوهة”.

وقالت القاضية مريام بن بورات، “من المعقول أنه في هذا الوضع الخاص فإنه من الحيوي استخدام حلول استثنائية أيضا. احد هذه الحلول هو خلق تواجد يهودي مدني في نقاط حساسة بشكل خاص”.

في قضية “الون موريه” المقدمة للمحكمة العليا في 1979 غيرت المحكمة سياستها، وأمرت بإخلاء المستوطنة وإعادة الأراضي إلى أصحابها، كل ذلك لأن المستوطنين، خلافا لرئيس الأركان في حينه، رفائيل ايتان، فضلوا تجنب ادعاء الهدف العسكري والانتقال إلى ادعاء الحق الإلهي. هذا الحكم، على خلفية وقف عملية تسجيل الأراضي في الضفة الغربية من قبل إسرائيل، نتجت عنه مبادرة جديدة مضللة. وتحت قيادة ارئيل شارون ولدت فكرة تسوية الأراضي على أساس قانون عثماني قديم، بوساطته أعلنت إسرائيل 1.6 مليون دونم من أراضي الضفة الغربية أراضي دولة. من بينها خصصت الحكومة أراضي لإقامة مستوطنات في إطار “خطة شارون” التي تمت المصادقة عليها في الحكومة في تشرين الأول 1977 وأدت إلى إقامة 88 مستوطنة خلال ثماني سنوات.

بعد مرور 14 سنة على ذلك بدأت تترسخ، لفترة قصيرة، سياسة جديدة. ففي تشرين الثاني 1992 قررت حكومة رابين الثانية وقف إقامة مستوطنات جديدة (القرار 360). وبعد سنة تم التوقيع على اتفاق أوسلو وتم البدء في نقل الصلاحيات على جزء من “المناطق” إلى السلطة الفلسطينية. في أعقاب ذلك، في آب 1996، قررت حكومة نتنياهو أن أي مستوطنة جديدة يجب إقامتها بموافقة كل الحكومة (القرار 150).

قاد الوضع الجديد الحكومة إلى إيجاد طرق التفافية، وهكذا ولدت ظاهرة البؤر الاستيطانية غير القانونية. في تشرين الأول 1998، قبل التوقيع على اتفاق “واي”، دعا شارون، الذي كان في حينه يشغل منصب وزير الخارجية في حكومة نتنياهو، المستوطنين إلى احتلال كل تلة فارغة لأن “ما ستحتلونه سيكون ملكاً لنا. وما لا تحتلونه لن يكون لنا”، (“هآرتس”، 17/11/1998). وقال مدير عام مجلس “يشع” السابق، عيدي مينتس، إنه خلال السنين اعتقد المستوى السياسي بأنه من المناسب وأنه يمكن خلق تواصل استيطاني. وحسب قوله فإن البؤر الاستيطانية ليست مبادرة لمجموعة من الأشخاص الهامشيين التي تسمى “شبيبة التلال”، بل نتاج لتخطيط دقيق لاحتلال أماكن استراتيجية، تم تنسيقه مع المستوى السياسي، (“هآرتس”، 6/9/2004). دليل آخر على ذلك هو خطة “المنظومات العليا”، التي اطلقها لواء الاستيطان في الهستدروت الصهيونية في 1997 والتي على أساسها أقيمت البؤر الاستيطانية.

استمرت ألاعيب التضليل أيضا في أوقات التصعيد الأمني. ففي 2001 قررت إسرائيل إقامة جدار الفصل الأمني بسبب الانتفاضة الثانية. أراد رؤساء مجلس “يشع” (الضفة الغربية وغزة) استغلال الوضع وتسوية مكانة معظم المستوطنات عن طريق الضم الفعلي بوساطة الجدار. وأوضح عضو الكنيست نيسان سولومنسكي (المفدال) في اللجنة المالية في حزيران 2003 بأنه هو وأصدقاؤه سيكونون مستعدين للمصادقة على ميزانية إضافية لإقامة الجدار شريطة أن لا يتم تغيير المسار، وأن يتضمن أيضا (ارئيل وكدوميم وعمانوئيل وكرنيه شومرون).

في هذا الوضع، بقيت المحكمة العليا هي آخر من أوقف استبداد النظام والطموحات الجغرافية للمستوطنين وممثليهم في الحكومة. في العام 2004 قال رئيس المحكمة العليا في حينه اهارون براك، “لا يمكن أن يكون جدار الأمن بسبب ضم أراض من المناطق لدولة إسرائيل. هدف جدار الفصل لا يمكن أن يكون ترسيم حدود سياسية”. وفي العام 2006 وبخت رئيسة المحكمة العليا، دوريت بينش، الجيش على تضليله للمحكمة (ملف تسوفيم): “يشير الالتماس الذي أمامنا إلى حدث يجب عدم التسليم به، بحسبه المعلومات التي قدمت للمحكمة لا تعكس كل الاعتبارات التي كانت محط اعتبار متخذي القرارات”. وفي 2009 (في ملف بلعين – موديعين عيليت) تبين نظام الأولويات للحكومة والمستوطنين. وهذا ما كتب في قرار المحكمة العليا: “يبدو أنه إزاء الرغبة في ضمان إقامة الحي الشرقي مستقبلا (موديعين عيليت) تم تحديد مسار الجدار في المكان الذي لا توجد فيه أفضلية أمنية… هو يعرض للخطر القوات التي تتجول على طول المسار”.

ازدادت البؤر الاستيطانية وازدهرت. وفي 2005 وصل عددها إلى 105، وكان يعيش فيها حوالي 4 آلاف شخص. ورغم عدم قانونيتها (حتى حسب القانون الإسرائيلي) إلا أنها حصلت على حماية كاملة من الجيش، بتوجيهات من المستشار القانوني للحكومة. وقد دفع ضغط أميركي لإدارة جورج بوش حول هذا الأمر شارون إلى تعيين المحامية تاليا ساسون من اجل التحقيق والتوصية باستمرار السياسة في موضوع البؤر الاستيطانية.

أشارت ساسون إلى إخفاقات شديدة في مجال إنفاذ القانون، حتى أنها أشارت إلى أن لواء الاستيطان تجاوز صلاحياته، وهو المسؤول عن إقامة بؤر استيطانية كثيرة. وأكدت ساسون على أن وزارة الإسكان دفعت مقابل تطوير البؤر الاستيطانية 72 مليون شيكل في الأعوام 2000 – 2004. ولخصت أقوالها كما يأتي: “بكلمات أخرى، أصبح خرق القانون أمراً ممأسساً ومؤسسياً. ليست لنا أي مصلحة مع مخالف للقانون أو مجموعة مخالفين يعملون ضد القانون.

الصورة التي تظهر لعين الفاحص هي خرق واضح للقانون من قبل وزارات الحكومة والسلطات العامة والمجالس الإقليمية في الضفة الغربية والمستوطنين، كل ذلك مع إظهار صورة شكلية وكأنه توجد هنا منظومة ممأسسة تعمل بشكل قانوني”.

واصلت ساسون وأكدت: “أود أن أعرض عليك موقف الأغلبية الساحقة في أوساط ضباط الجيش والشرطة، الذين أوضحوا… أن الصعوبة الأساسية في كل ما يتعلق بتطبيق القانون في المناطق بخصوص البؤر الاستيطانية غير القانونية هي الرسالة المزدوجة التي تمر طوال السنين من حكومات إسرائيل إلى كل المستويات التنفيذية، الأمنية والمدنية”.

تمت مناقشة التقرير وتبنته الحكومة، وتم اتخاذ قرارات لتطبيق استنتاجاته، لكن هذه القرارات لم يتم تطبيقها في أي يوم، ولم تتغير سياسة التضليل في “المناطق”.

نتنياهو، بعد عودته إلى منصب رئيس الحكومة في 2009، بدأ في عملية “التبييض” للبؤر الاستيطانية غير القانونية.

في البداية حاول تجنيد القاضي إدموند ليفي من أجل خلق قاعدة قانونية، لكن إدموند نشر في 2012 تقريراً وجه فيه انتقاداً شديداً للانحراف عن حدود القانون. “لقد ظهرت أمامنا ظاهرة في موضوع الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية، لا تناسب دولة تؤيد سلطة القانون.

من الآن فصاعداً يجب أن يكون من الواضح لمؤيدي الاستيطان والمستوى السياسي أنهم مجبرون على العمل في إطار القانون فقط، وأنه على مؤسسات الدولة يجب العمل في المستقبل بحزم لإنفاذ القانون”. هذا التقرير تم حفظه ولم يتم طرحه للنقاش في الحكومة.

منذ ذلك الحين وحتى الآن فإنه في كل حكومات إسرائيل، بما في ذلك حكومة نفتالي بينيت – يائير لابيد، تم تبييض 44 بؤرة استيطانية.

كيف يقومون بشرعنة بؤر استيطانية غير قانونية؟. وبالتالي فإن برنامج التضليل يتضمن أدوات مؤسسية. الأداة الأكثر شيوعاً هي تحويل البؤر الاستيطانية إلى أحياء في مستوطنات قائمة (حتى لو كان الأمر يتعلق بحي بعيد جداً).

أداة أخرى هي تحويلها إلى مستوطنات مستقلة، وعندما لا يتم التمكن من فعل ذلك فإنه يمكن شرعنتها من خلال تحويلها إلى مؤسسات تعليم أو مزارع للرعاة.

بصورة استكمالية فإن حكومة نتنياهو، بضغط من “البيت اليهودي” برئاسة بينيت، تجنبت تقريبا أي عملية إخلاء للبؤر الاستيطانية، بما في ذلك التي لم يكن أي شك في عدم قانونيتها، لأنها سيطرت على أراضٍ فلسطينية خاصة، مثلما اعترفت الدولة نفسها بذلك في المحكمة العليا.

على سبيل المثال، حصل سكان البؤرة الاستيطانية ميغرون على بناء مستوطنة جديدة في أرض تابعة لأراضي الدولة، قرب البؤرة الاستيطانية. أيضاً سكان البؤرة الاستيطانية عمونة قرب عوفرا حصلوا على مقابل سخي جداً.

كلف الإخلاء المتفق عليه الجمهور إقامة مستوطنة عميحاي في 2016، الأولى والوحيدة منذ 1992، بتكلفة كبيرة، جزء منها غير حيوي مثل توزيع 40 مليون شيكل على العائلات من أجل تحسين ظروف حياتها، أو 5.5 مليون شيكل لإقامة غرف استضافة لعائلات إلى حين استكمال إقامة المستوطنة. بالإجمال، كانت تكلفة ذلك 137.5 مليون شيكل. كان بينيت السنونو الأول في تمزيق قناع السذاجة وغض نظر الحكومة.

في أيلول 2016 أعلن أنه “في موضوع أرض إسرائيل يجب الانتقال من الكبح إلى الحسم. يجب علينا أن نحدد الحلم، والحلم هو أن الضفة الغربية ستكون جزءا من أرض إسرائيل السيادية”.

في الوقت الحالي توجد 121 بؤرة استيطانية غير قانونية في أرجاء الضفة الغربية، يشير مكانها إلى كونها جزءا من خطة منظمة، استهدفت تحقيق هدفين. الأول، تكثيف “الكتل” الكبيرة والصغيرة. الثاني، زيادة سيطرة إسرائيل على طول محور 60 – المحور الرئيس في الضفة الغربية، الذي يحافظ على التواصل وعلى نسيج حياة الفلسطينيين.

في حين أن 77 في المئة من المستوطنين يعيشون على بعد 10 كم عن الخط الأخضر فإن ثلثي البؤر الاستيطانية يوجد على بعد 10 – 25 كم عن الخط الأخضر. هدفها هو ملء المناطق شبه الخالية من اليهود، وعلى رأسها جنوب جبل الخليل وشرق شمال الضفة الغربية.

توجد جميع البؤر الاستيطانية قرب مستوطنات قائمة من أجل التمكين من ربطها غير القانوني بشبكة المياه والكهرباء وشق شارع للوصول إليها. كيف يتم تمويلها؟ قالت وزيرة الداخلية السابقة، اييلت شكيد، إن سكان البؤر الاستيطانية يعتبرون سكان “المستوطنات الأم” لغرض احتساب منح التوازن للمجالس المحلية (على حساب المجالس التي توجد داخل حدود الخط الأخضر).

جميع المستوطنات الأم للبؤر الاستيطانية تنتمي للتيار القومي المتطرف – المسيحاني برئاسة بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير وشركائهم. كلما كان المستوطنون متطرفين أكثر سنجد المزيد من البؤر الاستيطانية قربها. على سبيل المثال، مستوطنات إيتمار وبراخا وألون موريه ويتسهار في منطقة نابلس أقامت 18 بؤرة استيطانية غير قانونية. الرقم القياسي يوجد لمستوطنة كوخاف هشاحر، 8 بؤر استيطانية غير قانونية.

الدرس الذي يحسبه سحق القانون برعاية المؤسسة هو أمر مفيد، تم استيعابه. وقرب مستوطنة عميحاي (الذين تم إخلاؤهم من بؤرة عمونة) توجد الآن بؤرتان.

يجب الإشارة إلى أن المستوطنات الرائدة في عدد متزايد من أحداث العنف ضد الفلسطينيين في محيطها، لا سيما أحداث إطلاق النار والاعتداء، هي يتسهار وبراخا وعيلي وشيلو، الاستيطان اليهودي في الخليل، معون، وسوسيا.

أكدت الاتفاقات الائتلافية على سيطرة سموتريتش على الإدارة المدنية، وشجعت خطط لشرعنة معظم البؤر الاستيطانية التي أقيمت على أراضي الدولة.

البؤر الاستيطانية التي أقيمت على أراضٍ فلسطينية خاصة تستبعد المحكمة العليا أي إمكانية لشرعنتها وتلزم بإخلائها. ومثلما كتبت ساسون فإن “إقامة بؤرة على أراضٍ خاصة فلسطينية لا يمكن شرعنتها حتى ولا بأثر رجعي. حكم هذه البؤر الاستيطانية هو الأخلاء. وكلما كان ذلك أسرع كان أفضل”.

رداً على هذا الدفاع الذي وضعته المحكمة العليا ولدت فكرة “قانون التسوية” الذي تمت المصادقة عليه في الكنيست في شباط 2017 والذي هدف إلى مصادرة حقوق استخدام الأراضي من قبل أصحابها الفلسطينيين، التي توجد عليها الآن آلاف الوحدات السكنية للمستوطنين في حوالى 30 مستوطنة و29 بؤرة استيطانية.

القانون تمت المصادقة عليه رغم حقيقة أنه أثناء مناقشته قال المستشار القانوني للحكومة، آفي مندلبليت، إنه يجب عدم الموافقة على مشاريع قوانين غير مشمولة في القانون الدولي وهي تضر بمكانة المحكمة العليا. وحتى أنه أعلن أنه لن يدافع عن القانون إذا تمت المصادقة عليه في الكنيست لأنه غير دستوري وهو يمكن أن يؤدي إلى تقديم دعوى ضد إسرائيل في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي.

هنا أيضاً كانت المحكمة العليا هي حارس العتبة الأخير الذي أوقف استبداد النظام عبر إلغاء القانون. وهذا ما أدى بدوره إلى مشروع قانون فقرة الاستقواء، إضافة إلى الخطوات الشخصية بتعيين قضاة في المحكمة العليا والمزيد من مشاريع القوانين. إذا تم سنها فسيصبح سموتريتش “ملك” الضفة الغربية في نظام استبدادي على شكل “الأبرتهايد”.

استمرت عملية السيطرة والاستيطان سنوات كثيرة في الضفة الغربية قبل واقع الدولة الواحدة، حيث تمر من تحت رادار المجتمع الإسرائيلي وفي تناقض كامل مع مواقف معظم الجمهور.

الاستطلاعات التي أجريت في نيسان 2022 وأيار 2023 أظهرت أنه فقط 21 في المئة من الجمهور اليهودي واعون لواقع الدولة الواحدة الآخذة في التشكل على تلال شمال الضفة الغربية، رغم أن معظمهم لا يؤيدون إمكانية قيام دولة واحدة، سواء كانت دولة ديمقراطية (12 في المئة يؤيدون) أو غير ديمقراطية (30 في المئة لا يؤيدون).

مثلما أن الجمهور الليبرالي في إسرائيل استيقظ على واقع الانقلاب النظامي بغطاء الإصلاح القضائي، فإنه من المحظور أن يبقى المجتمع في إسرائيل لامبالياً إزاء هذا التطور من الخداع والكذب والتضليل وتحطيم سلطة القانون في “المناطق” المحتلة.

الوحيدون الذين عملوا خلال السنين هي منظمات المجتمع المدني مثل “السلام الآن” و”يوجد حكم” و”بتسيلم” و”مجلس السلام والأمن” وغيرها، بالأساس برعاية من المحكمة العليا. نشاطاتها في إطار القانون أعاقت بل منعت أحيانا العملية الاستبدادية وكشفت للجمهور المهتم مظالم الاحتلال الإسرائيلي.

أيضا الآن عندما بقي الفيل في كابلان، أي النزاع مع الفلسطينيين، خارج الخطاب والحلم، فإن هذه المنظمات وغيرها تناضل يومياً ضد الظواهر الإجرامية للحكومة والمستوطنين في المنطقة نفسها.

من المهم ذاك اليوم الذي سيقف فيه 1000 شخص من بين الـ 150 ألفاً المحتجين في كابلان أمام كل بؤرة غير قانونية إلى أن يتم إخلاؤها.

عندها سنعرف أن حلمنا يشمل سيادة القانون وحقوقاً عالمية من المساواة والحرية لكل الذين يعيشون بين البحر والنهر.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى