ترجمات عبرية

هآرتس: «حزب الله» أمام اختبار صعب، ووقائع غزة الميدانية لا تنبئ بإمكانية الحسم

هآرتس 2024-01-04، بقلم: عاموس هرئيل«حزب الله» أمام اختبار صعب، ووقائع غزة الميدانية لا تنبئ بإمكانية الحسم

اغتيال صالح العاروري في بيروت، وهو من كبار قادة “حماس”، هو المرة الأولى في الحرب التي فيها تم النشر أن إسرائيل، التي لم تعلن رسمياً عن مسؤوليتها عن الاغتيال، نجحت كما يبدو في المس بعضو مهم جداً في قيادة المنظمة. رغم الجهود الكبيرة التي تمارس في هذا الشأن في قطاع غزة، إلا أن رؤساء “حماس” هناك نزلوا إلى الأنفاق في اللحظة التي بدأت فيها محاولات الاغتيال. من المرجح أن الاغتيال سيؤدي إلى رد شديد من “حماس”، لكن هذا يُتوقع أن يأتي من لبنان.

السؤال الرئيس هو كيف سيرد “حزب الله” الذي حدث الاغتيال في ساحته الخلفية. قيادة “حماس” الخارج موزعة بين قطر وتركيا ولبنان. وعلى الرغم من أن إسرائيل أعلنت أنها تنوي تصفية جميع قادة “حماس”، فإنه يبدو أنهم يفترضون أن تواجدهم في قطر يوفر لهم كما يبدو بوليصة تأمين، هذا إزاء مشاركة الدوحة في الجهود من أجل التوصل إلى صفقة جديدة لتبادل الأسرى. أيضاً في تركيا من غير المؤكد أن إسرائيل معنية بأن تصعد الآن العلاقات مع الرئيس أردوغان. لبنان كان ساحة الاغتيال المأمولة، لكن هذا يرتبط كما قلنا بخطر آخر للتصعيد مع “حزب الله”.

في الصيف الماضي هدد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بشكل صريح جداً بقتل العاروري. رئيس “حزب الله”، حسن نصر الله، رد في حينه بأنه لا يهم الحزب إذا تم المس بشخص لبناني أو إيراني أو فلسطيني في عملية لإسرائيل، وفي اللحظة التي سيحدث فيها مثل هذا الشيء على الأراضي اللبنانية فسيكون هناك رد شديد من قبل الحزب. لكن الأمور تظهر الآن مختلفة قليلاً على خلفية الحرب في غزة.

منذ بداية الحرب على القطاع، فإن “حزب الله” يدفع ضريبة للفلسطينيين بوساطة الهجمات اليومية ضد إسرائيل، لكنه يحرص على اقتصارها على القطاع القريب من الحدود، من خلال نية البقاء تحت سقف الحرب. وحتى لو كانت مقاربة حسن نصر الله وسياسة سيده الإيراني لن تتغير الآن، فإن رفع مستوى الرد من لبنان سيقلص هامش مناورته، وسيزيد احتمالات الخطأ في الحساب لدى الطرفين.

بعد المذبحة في غلاف غزة تبين أن رئيس “حماس” في غزة، يحيى السنوار، لم يقم بإبلاغ قادة “حماس” الخارج أو إيران أو “حزب الله” بموعد العملية المخطط لها وطبيعتها. هذا كما يبدو السبب الرئيس في أنه نجح في الحفاظ على سرية الهجوم عن الاستخبارات الإسرائيلية. مع ذلك، إسرائيل الآن لا تميز بين “حماس” الداخل و”حماس” الخارج، أو بين الذراع العسكرية لـ”حماس” والذراع السياسية ظاهرياً. بعد المذبحة سمعت عدة تصريحات واضحة بحسبها هناك نية لمحاسبة الجميع.

حقيقة أن العاروري وإسماعيل هنية وغيرهما قاموا بصلاة شكر لنجاح الهجوم الإرهابي في اليوم نفسه في قطر، يبدو أنها عززت قرار المس بهم. هناك درجة من الرمزية التاريخية بأن العاروري، وهو أول شخص تمت تصفيته في هذه الزمرة، قتل في اليوم الذي توفي فيه تسفي زمير، وهو رئيس “الموساد” الذي قاد المطاردة بعد المذبحة ضد الرياضيين الإسرائيليين في ميونيخ في 1992.

لقد بقيت لـ”حماس” قدرة على إطلاق صواريخ معينة لكنها محدودة في ما يتعلق بمركز البلاد. هناك خطر من نوع آخر يوجد فيه أيضاً تجديد وتأثير محتمل يكمن في نشاطات “حماس” من لبنان. خلايا “حماس” أطلقت في السابق الصواريخ من جنوب لبنان بالتنسيق مع “حزب الله”. ونصر الله سيضطر إلى اتخاذ قرار إذا كان سيطلق لها العنان ويُمكنها من إطلاق النار على جنوب عكا – صفد.

العاروري كان رجل الاتصال الرئيس في “حماس” مع حرس الثورة الإيراني، وقد التقى أحياناً مع حسن نصر الله أيضاً. وقد بقي للمحور الشيعي حساب مفتوح مع إسرائيل على اغتيال الجنرال الإيراني رضي موسوي في دمشق في الأسبوع الماضي، الذي كان مقرباً من حسن نصر الله، وقد رافقه منذ تعيين الأخير في منصب الأمين العام لـ”حزب الله” في بداية التسعينيات. حسن نصر الله كان من المفروض أن يلقي خطاباً في بيروت اليوم (أمس). وهناك أمور متناقضة حول ما إذا كان سينشر هذا الخطاب كما هو مخطط له. وإذا اختار التحدث فإنه سيكون بالإمكان الفهم بشكل أفضل حول توجهه. إضافة إلى رمزية عملية الثأر وحاجة إسرائيل إلى عرض إنجاز يتمثل في المس بقيادة “حماس”، فإن تصفية العاروري لها أهمية عملية. هو غادر الضفة في 2010 وفقاً لاتفاق مع “الشاباك” بعد مكوثه في السجن الإداري فترةً طويلة. بعد ذلك قاد نشاطات “حماس” في الضفة الغربية، وكان أيضاً وراء محاولة تقويض حكم السلطة الفلسطينية هناك. رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، غضب منه بعد أن كشف “الشاباك” في 2014 شبكة كبيرة قام العاروري بتشغيلها في الضفة، التي خططت لتنفيذ عمليات ضد السلطة وضد الإسرائيليين. السنوار أيضاً يبدو أنه لن يذرف الدموع على العاروري. فقد تنافسا في السنوات الأخيرة على مواقع النفوذ في المنظمة، وكانا في بؤرة المنافسة الداخلية بين القطاع وقيادة “حماس” الخارج.

سيطرة من تحت الأرض

إن خفوت الحرب في شمال القطاع، بعد المس بكتائب “حماس” هناك، يمكن الفلسطينيين الذين بقوا في المنطقة من الحركة بحرية أكبر حتى في الأحياء التي دمرت. في الوقت نفسه هناك تيار ثابت من التقارير من جنوب القطاع، رغم أن المراسلين الأجانب تقريباً لا يصلون إليه ومعظم التقارير تعتمد على المراسلين الفلسطينيين والمصادر الفلسطينية.

نشرت صحيفتان أميركيتان، هما “نيويورك تايمز” و”وول ستريت جورنال”، مؤخراً عن ظروف حياة قاسية جداً في القطاع. حسب المنشورات، فإن حوالى نصف الـ 2.2 مليون من سكان القطاع معرضون لخطر الجوع، و90 في المئة من السكان يقولون إنهم بشكل روتيني لا يحصلون على الغذاء ليوم كامل. وإن 20 في المئة من السكان تقريباً يعانون من النقص الشديد في الغذاء. في المناطق التي يوجد فيها الغذاء الأسعار ارتفعت إلى عنان السماء. كيس الطحين سعره عشرة أضعاف من السعر قبل الحرب، نحو 70 في المئة من البيوت، ونحو 50 في المئة من المباني في القطاع، تم تدميرها أو تضررت بشكل كبير بسبب الهجمات الإسرائيلية من الجو.

القدرة العسكرية لـ”حماس” تضررت بشكل كبير جداً، لكن ليس بشكل كامل، في أرجاء شمال القطاع. الألوية القطرية هناك مع الـ 12 كتيبة التابعة لها، لا تعمل الآن كألوية. “حماس” تحاول إعادة تنظيم قوات صغيرة في مدينة غزة ومحيطها، ويبدو أن عدداً من”المخربين” يعودون إلى المنطقة بالتدريج عبر الأنفاق. السلطة المدنية لـ”حماس” في الشمال تم تدميرها بالكامل، في الجنوب بقيت لها قدرات لإدارة المنطقة ومعالجة الشؤون المدنية. لكن أداء الحكومة بقي ضعيفاً جداً وهو يعتمد على المساعدات التي تقدمها المؤسسات الدولية. هناك شك إذا كانت قيادة “حماس” تكرس الوقت أو الجهود الكبيرة لمعالجة احتياجات السكان الذين وجدوا أنفسهم في هذه الضائقة الفظيعة في أعقاب الهجوم الإرهابي لـ”حماس” في غلاف غزة في 7 أكتوبر.

معظم الجهود العسكرية الإسرائيلية تتركز في منطقة خان يونس في جنوب القطاع. هناك تعمل الفرقة 98 التي تشمل 7 ألوية حربية. وهناك جهود أقل حول مخيمات اللاجئين في وسط القطاع، حيث الفرقة 36 وبحجم قوة مقلصة تهاجم من الجنوب، في حين أن الفرقة 99 تنفذ اقتحامات من الجهة الشمالية. إسرائيل لم تعد تخفي أن الجهود في خان يونس تتركز على قادة “حماس”، الذين حسب التقديرات يختبئون في شبكة أنفاق عميقة تحت الأرض، وهناك احتمالية كبيرة بأنهم قد أحاطوا أنفسهم بالمخطوفين الإسرائيليين كدروع بشرية.

تشمل النشاطات في خان يونس عملية واسعة من أجل العثور على كبار قادة “حماس” والمخطوفين. إضافة إلى ذلك القوات الكبيرة التي تحاصر المدينة وتوجد على مداخلها تقوم بالتمشيط بشكل منهجي للعثور على أنفاق و”مخربين” وسلاح. الافتراض أن قادة كبار وعلى رأسهم يحيى السنوار ما زالوا يوجدون تحت الأرض، يعتمد على الإدراك بأنهم تجمعوا مسبقاً هناك، وحتى أنه يدار الآن هناك جزء كبير من شبكة القيادة والسيطرة في “حماس”، التي تواصل الأداء رغم ظروف القتال الشديدة والدمار الكبير.

قائد اللواء 404 في سلاح المدرعات العقيد بني أهارون قام، أول من أمس، بجولة مع المراسلين العسكريين في مدينة غزة. وقد تحدث أهارون عن شبكة متشعبة جداً من الأنفاق المحصنة التي استخدمتها قيادة “حماس” العسكرية في المدينة وتم اكتشافها في وسط غزة وفي الأحياء الشرقية. هذا يشير إلى حجم الاستعداد المسبق لـ”حماس” من أجل القتال خلال السنين، مع استعداد كبير لاحتمالية غزو إسرائيل في عمق المنطقة. في المقابل، أهارون يتحدث عن سيطرة قوية على الأرض وعن الصبر، الذي يؤدي إلى التفكيك المنهجي لقدرات “حماس” العسكرية دون أن تنجح الأخيرة في وقف العمليات العسكرية.

مع ذلك، بخصوص خان يونس يطرح سؤال لماذا سيختار السنوار البقاء هناك طوال الوقت قريباً من قوات الجيش الإسرائيلي ولم يعد لنفسه مسبقاً مسار هرب عبر الأنفاق إلى منطقة أخرى؟

هناك صعوبة أخرى تتعلق بمنطقة رفح. فمعظم المواد الخام لإنتاج السلاح، إضافة إلى الوسائل القتالية الكثيرة المستوردة، تم تهريبها في العشرين سنة الأخيرة إلى القطاع عبر الحدود المصرية، مع صرف النظر المتعمد، وعلى الأغلب من خلال اقتطاع مقابل من قبل الجيش المصري. من الواضح أنه لن يكون بالإمكان إغلاق القناة الرئيسة لتعزيز قوة “حماس” دون عملية عسكرية في المنطقة ودون تطبيق ترتيبات رقابة جديدة على الحدود. لكن إسرائيل تمتنع عن ذلك حتى الآن، سواء كان ذلك خشية من المواجهة مع مصر أو لأنه تقريباً مليون مدني فلسطيني، معظمهم من اللاجئين، تجمعوا في رفح وفي محيطها بسبب هجمات إسرائيل في أرجاء القطاع الأخرى.

إذا انتقل الجيش الإسرائيلي وبحق إلى المرحلة الثالثة من الحرب في هذا الشهر، فإن الحديث يدور عن اقتحامات لوائية ضد معاقل “حماس” التي بقيت في القطاع. لكن عملية في رفح تحتاج إلى قوات أكبر ووقت أكثر. في هذه الأثناء هذه العملية لا تظهر كجزء من الخطط الفورية، لذلك تثور التساؤلات حول إلى أي مستوى إسرائيل تستطيع التوصل إلى نتيجة حاسمة في هذه الحرب. يبدو أيضاً أن الجيش الإسرائيلي والمستوى السياسي قد انتقلا إلى التركيز على المس بكبار “حماس” كـ”صورة نصر” محتملة في الحرب. السنوار بشكل خاص والقيادة العسكرية المصغرة كان لهما هناك حقاً تأثير استثنائي على تشكيل إستراتيجية “حماس” في السنوات الأخيرة وعلى قرار تنفيذ المذبحة في الغلاف. لكن ليس هناك يقين بأن روح القتال لـ”حماس” ستنكسر بالكامل إذا تمت تصفيتهم. ويبدو أيضاً أن لا توجد أي ثقة بأن الجيش الإسرائيلي و”الشاباك” سينجحان في العثور على قادة “حماس” في الوقت القريب.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى