ترجمات عبرية

هآرتس – جاكي خوري – ثلث الجمهور العربي لم يتطعم من الكورونا

بقلم: جاكي خوري – هآرتس 10/8/2021 

في لجنة مكافحة الفيروس في المجتمع العربي يدعون الى استخدام سيارات متنقلة للتطعيم في الاحياء والوصول بشكل شخصي الى من يرفضون تلقي التطعيم من اجل تغيير المنحى.

          الدعوة المحددة لرئيس الحكومة، نفتالي بينيت، للجمهور العربي بالخروج لتلقي التطعيم ضد الكورونا، اعادت الى جدول الاعمال مسألة سبق بحثها في بداية عملية التطعيم في نهاية السنة الماضية. ومثلما كانت الحال في حينه فان الجمهور العربي الآن ايضا لا يسارع الى أخذ التطعيم، ونسبة المطعمين في اوساطهم منخفضة مقارنة بعدد السكان. من جهة، اطباء خبراء في صحة الجمهور في المجتمع العربي انتقدوا سلوك الحكومة ووزارة الصحة بذريعة أنهم لا يفعلون بما فيه الكفاية لتغيير هذا التوجه. في المقابل، كثيرون في الوسط العربي يصممون على رفض أخذ التطعيم بسبب عدم الثقة بالنظام.

          حسب معطيات المكتب العربي في البرنامج الوطني “درع اسرائيل” لمكافحة الكورونا فان عدد ابناء 12 سنة فما فوق في المجتمع العربي الذين لم يتطعموا هو 400 ألف شخص، 36 في المئة من بين الـ 1.1 مليون مواطن اسرائيلي الذين هم جاهزون لتلقي التطعيم ولكنهم لم يفعلوا ذلك. الحديث يدور عن عدد اعلى بكثير من نسبة العرب داخل السكان، التي تبلغ 21 في المئة. بالاجمال، يوجد في المجتمع العربي 1.4 مليون شخص جاهزون لتلقي التطعيم، والـ 400 ألف شخص غير المطعمين هم 29 في المئة منهم.

          ايمن سيف، الذي عاد مؤخرا الى ادارة المكتب العربي في “درع اسرائيل”، لا يتجاهل التحدي الذي يواجه الجهاز. “يجب علينا زيادة نسبة المطعمين”، قال واضاف “هذا يشمل ايضا وجبة التطعيم الثالثة لكبار السن. رغم أننا في هذا الامر نشاهد تحسن مؤخرا حيث الاستجابة في اوساط كبار السن تزداد باستمرار. مع ذلك، المشكلة في الاساس هي في اوساط الشباب. ويجب علينا أن نزيد بشكل كبير عدد المطعمين في هذه المجموعة قبل بداية السنة الدراسية”.

          ولكن في الوقت الذي فيه في قيادة المجتمع العربي، المحلية والروحية، يدعون للتطعيم، ففي الشبكات الاجتماعية المواقف حول فعالية التطعيم ما زالت منقسمة. ويوجد للنقاش تأثير كبير على الرأي العام العربي. “أنا اشعر أن كل شيء غير واضح. وكأننا فئران تجارب”، قالت مواطنة من شفا عمرو، التي توفيت والدتها بسبب اصابتها بالفيروس رغم أنها تلقت التطعيم. “صحيح أنني فقدت والدتي، لكني أخاف من أخذ التطعيم. وحقيقة أن والدتي توفيت بسبب الكورونا رغم تلقي التطعيم، تزيد فقط الخوف”.

          ممثل السينما والمسرح اشرف برهوم، الذي يعارض التطعيم،  يعتقد أن عدم الثقة بالتطعيم في اوساط الجمهور العربي ينبع من مقاربة الحكومة، التي حسب قوله تتبع وسائل التخويف. “منذ بداية الازمة وحتى الآن اتبعت الحكومة ووزارة الصحة ووسائل الاعلام مقاربة التخويف والتهديد”، قال. “هذا أدى بالحكومة واجهزة الدولة الى السيطرة على حياة المواطنين بشكل عدائي وديكتاتوري، مع فرض رأي واحد ومصدر واحد للمعلومات. هذا اوجد عدم ثقة واجواء مضعضعة. ولو أن الحكومة ووزارة الصحة اتبعت مقاربة عقلانية تحترم المنطق وترتكز على الوقائع والبيانات الحقيقية، لكان الجمهور بمعظمه عندها سيستجيب. حتى من تلقوا التطعيم بدافع الخوف وبسبب الضغط والتهديد، كانوا سيفعلون ذلك ولكن من خلال رغبة حقيقية”.

          ايضا الممثلة والمدونة سنا لاهف يوجد لها موقف مشابه. فقد قررت عدم أخذ التطعيم وهي ايضا تهتم بأن لا يأخذ اولادها التطعيم. “من يتابع مسرحية التطعيم يرى أنه لا يوجد أي شيء واضح”، قالت لاهف. “في بداية الوباء قالوا إن التطعيم سيكون فقط بعد سنة ونصف أو سنتين. ولكن فجأة اصبح يوجد تطعيم خلال تسعة اشهر. قالوا إنه ستكون وجبة واحدة، لكن بعد ذلك كانت وجبة ثانية وبعدها وجبة ثالثة. والآن اصبح من المثبت أنه حتى من تلقى التطعيم اصيب بالمرض. كل هذا السلوك مشكوك فيه ويطرح علامات سؤال كبيرة. لا توجد معلومات مكشوفة وموثوقة حول مركبات التطعيم وتأثيراتها الجانبية التي يمكن أن تحدث. أنا وأولادي لا نريد أن نكون فئران تجارب لأي أحد”.

          رغم اقوال برهوم ولاهف، إلا أن تطعيمات الكورونا ثبت أنها ناجعة في منع الاصابة الشديدة بالمرض، وهي ناجعة ايضا على الاقل بردجة معينة في منع الاصابة. مع ذلك، هذه المواقف تجد عدد غير قليل من الآذان المصغية في الوسط العربي. “للاسف الشديد، يوجد عدد كبير من الاشخاص الذين يتأثرون بالانباء المزورة أو التحليلات التي لا ترتكز على معلومات علمية”، قال الدكتور رياض مجادلة، مدير غرفة الطواريء في مستشفى هشارون والعضو في الطاقم الاستشاري في وزارة الصحة. “صحيح أن كل شخص يمكنه التعبير عن موقفه، لكن التوصل الى استنتاج أن التطعيم خطير وغير حيوي، يشكل كارثة. نحن لم نقل في أي وقت بأن التطعيم يمنع الاصابة، لكن لا شك أنه يمنع تطور المرض والوصول الى وضع صعب”.

          مجادلة يعمل ايضا مستشار في مجلس الفتوى الذي يشارك في عضويته رجال دين مسلمون، وهذا المجلس يشجع العرب على تلقي التطعيم. وحسب قوله، دور الاشخاص ذوي المكانة والتأثير في المجتمع هو دور حيوي جدا في اقناع العرب بأخذ التطعيم. “هناك حاجة ملحة لأن يزيد رؤساء السلطات المحلية والشيوخ ورجال الدين دعواتهم لتلقي التطعيم”، قال. “اذا كان هناك أحد يعتقد بأن الكورونا هي أمر مبالغ فيه، فأنا أقدم رقم واحد. في باقة الغربية توفي على الاقل 30 شخص بالكورونا. اذا يجب أن لا يتحدث أي شخص عن أن المرض غير خطير ولا يسبب الموت”.

          في لجنة الطواريء في المجتمع العربي لمكافحة الكورونا والتي يشارك في عضويتها ممثلون عن جمعيات وخبراء في صحة الجمهور، قالوا إن سلوك الحكومة على تشجيع التطعيم في الوسط العربي غير ناجع بما فيه الكفاية، ويطلبون منها تبني مقاربة مختلفة. وحسب اقوال عضو اللجنة احمد الشيخ فانه الى جانب الرسائل التي تصدر عن وزارة الصحة، هناك حاجة ايضا الى عملية ناجعة. هو يقترح مثلا، أن يتم في القرى العربية وضع سيارات متنقلة للتطعيم في الاحياء في محاولة للوصول “بشكل شخصي لكل شخص غير مطعم”. حسب اقوال الشيخ، ايضا هناك حاجة الى اشراك رؤساء السلطات المحلية بصورة اكبر وتزويدهم بالأدوات لاقناع الجمهور. السلطة المحلية هي أداة ناجعة جدا اذا استخدمناها بصورة سليمة”، قال. “المشكلة هي أنهم لا يوفرون لرؤساء السلطات المحلية الموارد الصحيحة. فهم بحاجة الى الميزانيات من اجل الاعلان وتشغيل باحثين في الاوبئة أو الدفع قدما باقامة نقاط تطعيم في القرى العربية. اضافة الى ذلك، تشغيل سيارات متنقلة للتطعيم سيساعد بشكل كبير في الوصول الى التطعيمات. لا توجد في كل قرية محطة تطعيم، وكبار السن الذين يحتاجون الى التطعيم يضطرون الى السفر في المواصلات العامة أو الحصول على مرافق الى العيادة في القرية المجاورة، وهو أمر اشكالي. أنا اعتقد أنهم اذا وصلوا الى الاحياء والى نوادي الكبار أو المراكز الثقافية مع اعلام مكثف ومركز فان الوضع يمكن أن يتغير”.

          سيف يوافق على أنه توجد مشكلة في ايصال التطعيمات. “نحن نعرف هذه المشكلة. لذلك، تم بذل جهود لمعالجة هذا الامر بشكل محدد. اذا تم تشغيل سيارات متنقلة للتطعيم فان هذا يمكن أن يزيد الاستجابة في اوساط كبار السن والشباب”، قال.

          الدكتور رياض الحاج يحيى، الخبير في طب الاطفال ومدير فرع صندوق المرضى الموحد في الطيبة، يوافق على أنه توجد حاجة الى نشاطات فعالة اكثر في القرى العربية. “في الموجة الاولى توجهنا بشكل خاص الى الناس وطلبنا منهم أخذ التطعيم. هذا كان مجد، حتى لو كان بشكل بطيء”، قال. “أنا اعتقد أنه محظور الاعتماد فقط على الادوات التي استخدمت حتى الآن والتي تضمنت بالاساس التوجه العام للجمهور. هناك حاجة الى نشاطات كثيفة في القرى العربية في محاولة للوصول تقريبا جسديا الى الاشخاص. وأنا اعتقد أنه في اوساط كبار السن سنحصل على نتائج جيدة، لكن ما زالت هناك مشكلة في اوساط الشباب. صحيح أنهم لا يشخصون هناك منحى بالاصابة ولا توجد اجواء وباء، لكن من المحظور انتظار الوصول الى وضع اصابة خطيرة. لذلك، يجب الخروج بتوعية مركزة لزيادة الوعي، وإلا فان الوضع سيزداد خطورة من يوم الى آخر”.

مركز الناطور للدراسات والابحاث         Facebook 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى