ترجمات عبرية

هآرتس – بقلم تسفي برئيل – امام وعد ايران بالانتقام وتهديدات ترامب، العالم بحاجة الى وسيط لوقف التدهور

هآرتس – بقلم  تسفي برئيل  – 7/1/2020

” ايران تستمر في اختبار قدرة تحمل الولايات المتحدة والدول الاوروبية التي تقلص المجال المتاح لردودها. وبدون قناة مفاوضات سريعة فان الخيار العسكري يمكن أن يفرض نفسه “.

المواطنون الامريكيون الموجودون في العراق أمروا بتحصين سكنهم والتواجد في مكان قريب من الملاجيء. الجنود الامريكيون الذين يوجدون في المعسكرات العراقية، حيث يقومون بتدريب جنود الجيش العراقي، يعززون الحراسة ويضيفون أكياس الرمل حول مواقعهم. ثلاث دول من دول التحالف الغربي التي تحارب تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) اعلنت عن تجميد نشاطاتها من اجل زيادة حماية حياة جنودها.

بعد أن فتحت القيادة الايرانية وزعيم حزب الله حسن نصر الله حقل الصيد لاهداف امريكية وفي اعقاب اطلاق القذائف والصواريخ على القواعد الامريكية في العراق بعد تصفية قاسم سليماني، فان الدفاع التكتيكي تحول الى استراتيجية فورية ضد التهديدات.

واذا قررت ايران ضرب اهداف امريكية واهداف مؤيدة لامريكا، فهي ليست بحاجة الى الذهاب بعيدا. ففي افغانستان والعراق هناك ما يكفي من الاهداف الامريكية في متناول اليد، ومثلها يوجد في شمال سوريا ايضا.

ولكن ايران ما تزال مقيدة بنفس المعضلة التي رافقتها منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وفرضت عليها وجبة مؤلمة من العقوبات: ما هي حدود الرد الفعال الذي يمكنه احداث انعطافة في السياسة الامريكية وفي نفس الوقت لا يحول ايران الى هدف قتالي شرعي. هذه المعضلة اضاف لها اغتيال سليماني اعتبارا خاصا وهو الانتقام للمس بمكانتها.

في كل سلسلة الهجمات على الاهداف في الخليج، على منشآت النفط السعودية وعلى القواعد العسكرية التي يوجد فيها جنود امريكيون في العراق، ارادت ايران اظهار القدرة على تشويش حركة الملاحة في الخليج والتسبب بذعر دولي يحدث ضغط سيؤدي الى تغيير سياسة العقوبات. وتفسير ايران لسياسة عدم رد دونالد ترامب هو أن المس بأهداف منعزلة لن يؤدي الى هجوم شامل ضدها، لكنه يمكن أن يجند الى جانبها دعم عدد من الدول الاوروبية وصناعة النفط، وحتى دول الخليج. واحدى المكافآت التي حققتها ايران من هذه السياسة المصممة هي انسحاب قوات دولة الامارات من اليمن  وعقد اتفاق تعاون عسكري بينها وبين ايران، وهي الخطوة التي أدت الى انهاء هجمات الحوثيين على أهداف لدولة الامارات.

مهاجمة منشآت النفط السعودية في منتصف شهر ايلول كان اختبار مهم للاستراتيجية الحازمة والمركزة، حيث أن حجم الاضرار التي تسببت بها وضع امام الاختبار الاول استعداد الولايات المتحدة للتجند بنفسها ومهاجمة ايران بسبب المس بحليفتها. ايران اجتازت هذا الاختبار بنجاح، وترامب سارع في حينه الى التوضيح بأن السعودية هي التي يجب عليها أن تقرر هل سترد وكيف، وأن الولايات المتحدة ستقف في خدمتها مقابل الدفع كما هو مفهوم. والسعودية اعلنت عن معارضتها لشن حرب على ايران، وبذلك رسمت حدود الشراكة للتحالف المناهض لايران. ولكن مكاسب ايران لم تحررها من المشكلة الرئيسية. فكل الهجمات لم تنجح في تغيير السياسة الامريكية تجاهها.

ايضا سياسة “تقليص الالتزام بالاتفاق النووي” التي تعني خروقات محسوبة ومخطط لها للاتفاق النووي بهدف تسريع الحوار الدولي لرفع العقوبات، لم تثمر النتيجة المطلوبة بالنسبة لايران. ودول الاتحاد الاوروبي لم تنجح في تطبيق نظام تجاوز العقوبات الذي عمل عليه بشكل جدي الرئيس الفرنسي عمانوئيل مكرون، وتبين أن روسيا والصين هما حليفتان صامتتان يمكنهما منع فرض عقوبات في منتدى دولي مثل مجلس الامن، لكن لا يمكنهما رفع عقوبات قائمة.

في هذا الاسبوع وصلت ايران الى نهاية مسار خرق الاتفاق النووي عندما اعلنت أنها ترى نفسها متحررة من كل قيد فرضه عليها الاتفاق، سواء بالنسبة لكمية تخصيب اليورانيوم أو نوعيته، وأنه منذ الآن ستخصب اليورانيوم حسب “احتياجاتها التقنية”. ومن الجدير التذكير بأنه حتى هنا ايران ما زالت حذرة كي لا توفر ذريعة لاندلاع الحرب. وهي لا تشير الى احتياجاتها التقنية، هل هي انتاج الكهرباء أو انتاج الذرة لاغراض البحث أو السلاح النووي. وهي لا تحدد مستوى التخصيب وتتمسك بالسياسة التي بحسبها توافق على العودة الى الاتفاق النووي اذا رفعت امريكا العقوبات، وأنها ستستمر في التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة النووية.

مرة اخرى ايران تختبر سياسة ضبط نفس الولايات المتحدة والدول الاوروبية. وهي تعرف جيدا حدود “ما يمكن تحمله” والاخطار التي تكتف خرق الاتفاق. ولكن الحديث لا يدور عن “اختبار التحمل” الذي تجريه على الدول الغربية واسرائيل. فهي تعتبر هذه الدول دول لا توجد لها استراتيجية فاعلة يمكنها اعادة الاتفاق النووي الى ما كان عليه، أو بدلا من ذلك معاقبة ايران عسكريا. وبعد استنفاد الولايات المتحدة لذخيرة العقوبات ورغم الضربات الاقتصادية، هي لم تنجح في تحطيم اقتصاد ايران، ولا يوجد أي تأكيد على أن الخيار العسكري سيصل الى مستوى التطبيق ازاء سياسة ترامب وهي عدم الغوص عميقا في صحراء الشرق الاوسط.

ربما تكون ايران قد دفعت الى الحائط الاقتصادي، لكن الغرب يوجد في قفص سياسي فيه مجال ردوده آخذة في التقلص اذا لم يتم العثور على قناة مفاوضات معقولة مع ايران. الرئيس ترامب غرد أمس بحروف كبيرة بأنه لن يكون لايران في أي يوم سلاح نووي. هذا اقتباس دقيق من تعهد الرئيس اوباما. ولكن كيف سيتعامل ترامب مع مراحل خرق الاتفاق الذي انسحب منه هو نفسه؟ هل تخصيب اليورانيوم الى مستوى 20 في المئة سيعتبر تجاوز للحدود في طريق انتاج السلاح النووي؟ وهل سيضطر مثل الرئيس اوباما الى المساومة مع بنيامين نتنياهو؟ ومتى ستكون ايران قادرة على انتاج القنبلة؟ ترامب لا يسقط في هذا الشرك، ومن الاسهل التهديد بقصف مواقع ثقافية ايرانية ردا على المس بالجنود والمواطنين الامريكيين مثلما فعل أمس، من رسم خارطة طريق جاهزة تنقذ المنطقة والعالم من التهديد الذي تسبب به عند انسحابه من الاتفاق النووي.

والى حين يحتاج الى هذه المسألة، تلقى ترامب صفعة اخرى عند مصادقة البرلمان العراقي على اقتراح مشروع قانون يطلب ابعاد جميع القوات الاجنبية من العراق. والقانون الذي اجيز باغلبية كبيرة ولكن بدون اصوات ممثلي السنة والاكراد الذين غابوا عن الجلسة، ما زال بحاجة الى مصادقة الحكومة، لكن ترامب سارع الى التهديد بأنه سيقوم بفرض عقوبات شديدة على العراق، حيث تكون العقوبات التي فرضها على ايران ضئيلة مقارنة معها.

مواطنون عراقيون ونشطاء في الشبكات الاجتماعية في العراق سارعوا الى التعبير عن معارضة هذا القانون، وحتى أنهم تظاهروا امام البرلمان وطلبوا حله. والسؤال هو هل حركة الاحتجاج الكبيرة التي هدأت مؤخرا ستتجدد وتهدد النظام في العراق؟ وعلى فرض أن القانون ستتم اجازته في الحكومة والعقوبات ستفرض على العراق فما الذي ستحققه الولايات المتحدة؟ في الوضع الذي فيه معاقلها في الشرق الاوسط آخذة في التلاشي فان القطيعة مع العراق الذي سيتحول الى محمية ايرانية، ستشكل تهديدا على حليفات الولايات المتحدة، ومنها اسرائيل.

ازاء التصعيد اللفظي غير المسبوق والتهديدات الاستراتيجية التي يشعلها فان الخوف من انتقام ايران على تصفية سليماني سيصبح أمرا ثانويا. والآن مطلوب وساطة سريعة وحكيمة وتصميم دولي توقف التدهور وتحبس المارد في القمقم. ومشكوك فيه اذا كان في هذه الاثناء أي شخص يمكنه ومستعد لأخذ هذه المهمة على مسؤوليته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى