ترجمات عبرية

هآرتس: الهدف من الانقلاب ضم ونكبة ثانية

هآرتس 19-8-2023، بقلم اريه ارنون: الهدف من الانقلاب ضم ونكبة ثانية

أعلنت حكومة نتنياهو في كانون الثاني 2023 عن خطة لإقامة نظام داخلي جديد في إسرائيل. “إصلاح لتعديل باراك”، هكذا سمى العملية من يؤيدونها. في الأشهر التي سبقت، يبدو أن قناع “التعديل” قد تمزق. هدف ياريف لفين وبتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير وسمحا روتمان وشركائهم ليس تعديل جهاز القضاء، بل خطوة من أجل تأسيس نظام ديكتاتوري في إسرائيل. والواضح أقل للجمهور هو الهدف السياسي من محاولة تحقيق سيطرة كاملة على قوة الدولة في إسرائيل: ما هي الاستراتيجية التي تقف من وراء عملية إبعاد التوازنات والكوابح في نظام الحكم هنا؟ يبدو أن القصد هو مراكمة قوة من أجل القوة، لكنني سأحاول في هذا المقال التوضيح بأن هناك تفكيراً وخطة بعيدة المدى من وراء محاولة الانقلاب النظامي. يقوم المبادرون إليها بعمل محسوب لخلق واقع سياسي يستطيعون فيه استخدام قوة الدولة، بدون أي قيود، وتطبيق أفكارهم وسياستهم في أرض إسرائيل كلها، من البحر إلى النهر. هم يريدون إقصاء المحكمة العليا من الطريق لتحقيق حلمهم: أرض إسرائيل الكاملة التي ستكون السيادة فيها لليهود فقط.

معظمهم لا يخفون أن هذا “حلمهم” الذي يناقش القانون الدولي والأخلاق الإنسانية. أرض إسرائيل عندهم هي وطن الشعب اليهودي وله الحق في السيادة عليه، حسب رأيهم. ليس للآخرين حقوق، خصوصاً جماعية. إذا كانوا يقولون عكس ذلك، يجب محاربتهم، وإذا عارضوا يجب إبعادهم من البلاد. هذه هي رؤية مئير كهانا، ثم تبنى الكهانيون داخل الحكومة نظرية الترحيل التي كان يحملها. ولكنها نظرية التيار الصهيوني الديني الذي يترأسه سموتريتش. ونوصي الإسرائيليين بالتعرف إلى مقاله المنشور بعنوان “خطة الحسم”. جمهور واسع من المستوطنين، الذين تماهوا قبل خمسين سنة تقريباً مع “غوش ايمونيم”، اقترب من رؤية سموتريتش.

لا يمكن تحقق حلم الكهانيين في فترة قصيرة، هم يعرفون ذلك أيضاً. لذلك، يريدون ضمان حكم اليمين لسنوات كثيرة. وحتى لو كانت خطتهم في هذا المجال غير بارزة الآن، فهناك ما يكفي من الدلائل على أنها تستند إلى تقييد تمثيل الفلسطينيين من مواطني إسرائيل في الكنيست. ما الأسلوب القانوني لفعل ذلك؟ غير معروف حتى الآن. ولكن من الواضح أن محكمة عليا مستقلة ستكون عائقاً حقيقياً أمام تطبيق هذه الخطة.

ما الذي يفكر فيه الشركاء الآخرون في حكومة نتنياهو حول تطبيق حلم أرض إسرائيل الكاملة. نسي الحريديم منذ زمن أفكار ورؤى رؤساء المعسكر الحريدي السابقين. الحاخام اليعيزر شاخ والحاخام عوفاديا يوسيف لم يؤيدا طلبات المستوطنين بسيادة يهودية كاملة على ارض إسرائيل كلها. الحذر وجه رؤساء الحريديم في حينه بأن لا يتحدوا العالم غير اليهودي، والاعتراف بعلاقات القوة وربما حتى بحقوق الآخرين في البلاد. ولكن الكثير من الحريديم ومن أحزابهم تنازلوا مع مرور الوقت عن المقاربة المعتدلة هذه، واقتربوا من وجهة نظر الكهانية ومن جمهور المستوطنين.

والمطلوب تحليل منفصل لفهم سياسة الليكود الذي يترأسه رئيس الحكومة. الحزب الذي فاز في انتخابات 2022 لا يتصرف مثل حزب عادي. ظل نتنياهو، المتهم بمخالفات جنائية، يحلق فوقه، وباتت سيطرته عليه حتى الآن على الأقل مطلقة. اعتباراته شخصية جداً، ونظرته موجهة بالأساس إلى المحكمة التي تناقش قضيته منذ ثلاث سنوات. تجنب نتنياهو حتى نهاية 2022 اعتبار نفسه (والليكود) مع الكهانيين (هل تذكرون؟ “لن التقط أي صورة مع بن غفير”). لقد حاول إدخال ممثلين عن أحزاب الوسط إلى حكومته، ولكن سياسته تغيرت منذ تشرين الثاني 2022. فقد رفع كل تحفظ عن الشراكة مع الكهانيين ومع الذين يدفعون إلى تطبيق سياسة إسرائيل من البحر وحتى النهر.

نتنياهو والجناح المتطرف في حكومته يعرفون جيداً أن نحو 50 في المئة من اليهود يعيشون في البلاد كلها، و50 في المئة من العرب الفلسطينيين. ويعيش في المنطقة المحيطة بإسرائيل مئات ملايين العرب، من بينهم ملايين اللاجئين الفلسطينيين. ولتطبيق سيادة إسرائيل على المناطق ثمة حاجة لاستخدام وسائل وقوة وحشية، ولفعل ذلك يجب على الحكومة إزالة كل القيود التي قد تضعها المحكمة العليا، وكذلك كل انتقاد داخلي.

أي أن نتنياهو وشركاءه يمهدون الطريق منذ كانون الثاني لنظام ديكتاتوري، بل لحرب ونكبة ثانية في الوقت نفسه. هم يتحدثون عن ذلك بالقطارة، لكن على المعسكر الديمقراطي أن يفهم بأن هذه هي خطتهم. جزء لا بأس به من اليمين المؤيد لحكومة نتنياهو على ثقة بأن هذه هي طريق الخلاص. لذلك، هذه خطة مهمة لهم، وتبرر في نظرهم المواجهة الداخلية الخطيرة في إسرائيل. انضم إليهم نتنياهو بأفعاله منذ الانتخابات. أقترح على الجمهور الديمقراطي أن يعرف بأن أعمال الحكومة تعكس أساس رؤية اليمين المتطرف حول النزاع.

لم يعد باستطاعة الأغلبية الديمقراطية في إسرائيل تجاهل النزاع كما فعلت منذ فشل المفاوضات في 2002. إن وقف المفاوضات من أجل اتفاق مع الجيران تحت ظل الادعاء بأنه “لا يوجد شريك” هو عامل مهم في الوقود الذي يغذي اليمين المتطرف هنا. ولوقف مؤامراته، في إسرائيل والضفة الغربية، سنضطر للعودة والبحث عن اتفاق بيننا وبين الفلسطينيين، اتفاق يعترف بحقوق الفلسطينيين في تقرير المصير وحق الأقلية العربية في إسرائيل في المساواة الكاملة مع الأغلبية اليهودية.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى