ترجمات عبرية

هآرتس: الانعطافة الخطرة في خطاب بايدن

هآرتس 11-3-2024، عاموس هرئيل: الانعطافة الخطرة في خطاب بايدن

أعلنت الولايات المتحدة في نهاية الأسبوع رسميا عن خطة لإقامة ميناء على شاطئ غزة من اجل ضمان نقل منظم للمساعدات الإنسانية. في “البنتاغون” يقدرون أن خطة إقامة الميناء ستستغرق بضعة أسابيع. الإعلان الأميركي والمقابلة شديدة اللهجة للرئيس الأميركي، مساء اليوم (الأحد)، يمكن أن تعكس انعطافة في موقف الإدارة الأميركية بخصوص الحرب. فمنذ الحادثة التي قتل فيها 100 فلسطيني تقريبا في أعمال الفوضى حول قافلة مساعدات في مدينة غزة في نهاية الشهر الماضي، فإن واشنطن غيرت اللهجة تجاه إسرائيل. فهي توجه لها الانتقادات العلنية وتطلب منها العمل على تحسين عملية نقل المساعدات الإنسانية، ويمكن أيضا أن تضع عقبات اكبر أمام توسيع النشاطات الهجومية للجيش الإسرائيلي في القطاع.

يوم الخميس الماضي، نشر المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي تفاصيل من تحقيق عملياتي أجراه الجيش، جاء فيه أن معظم من قتلوا في حادثة القافلة تم سحقهم من قبل الجمهور والشاحنات، في حين إن إطلاق النار من قبل الجنود في المكان كان محدودا نسبيا. مشكوك فيه أن يشتري المجتمع الدولي هذه التفسيرات. منذ الكارثة يستخدم ضغط متزايد من قبل أميركا وأوروبا من اجل زيادة إدخال المساعدات والعثور على طرق أخرى لإدخالها إلى القطاع. نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، التي يبدو أنها تولت إظهار خط من “التعاطف القاسي” مع إسرائيل، قالت، أمس، إن أميركا يجب عليها التمييز بين موقفها من المواطنين الاسرائيليين وموقفها من الحكومة. في حين أن الوزير بني غانتس سمع أثناء زيارته في واشنطن في الأسبوع الماضي انتقادات وتساؤلات حول سياسة إسرائيل في القطاع.

ليس فقط معان رمزية يمكن أن تنبع من إقامة الميناء، بل أيضا تواجد موظفين أميركيين وربما قوات حماية عسكرية قرب القطاع، ستقتضي الحذر المتزايد من قبل إسرائيل في استخدام القوة العسكرية هناك. عندما يتم ضم اقتراب شهر رمضان إلى الصورة فإنه يبدو أنه سيتم تقييد قدرة العمل الهجومية للجيش الإسرائيلي في هذه الفترة. يثور الشك في أنه في ظل غياب صفقة مخطوفين، فإنه في هذه الأثناء الولايات المتحدة تقوم بخطوات التفافية لتقليص القتال في القطاع. هذه نتيجة مريحة لـ”حماس” لأنها تخدم مصالح حاسمة لها، المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها سكان القطاع بشكل كبير ستزداد وإطلاق النار سيتقلص، دون إلزام “حماس” بتقديم تنازلات مثل إطلاق سراح المخطوفين.

إسرائيل تعاملت فترة طويلة مع الوضع الإنساني الخطير في القطاع كوسيلة ضغط، الذي في موازاة العملية العسكرية يمكن أن يساعد في إخضاع “حماس” وإجبارها على التوقيع على اتفاق بشروط أصعب من ناحيتها، لكن عمليا الأزمة تجعل الموقف الأميركي يميل إلى جانب “حماس”. إن التأخير في إدخال المساعدات والعجز الواضح للشرطة والحكومة في معالجة تظاهرات اليمين التي شوشت على جزء من المساعدات أغضبت الإدارة الأميركية. إضافة إلى ذلك ربما الآن سيتقلص دافع “حماس” للتوقيع على اتفاق. بايدن اعترف، أمس، أنه من المرجح أنه لن يوقع على صفقة قبل بداية شهر رمضان، الذي يتوقع أن يبدأ هذا المساء، خلافا لأمل أميركا. مع ذلك هو لم يتنازل عن التطلع إلى توقيع اتفاق خلال هذا الشهر.

إن وعد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بتحقيق “النصر المطلق” على “حماس” يظهر الآن بدون أي غطاء. الجيش الإسرائيلي يستخدم عددا اقل من القوات في القطاع، 5 – 6 طواقم لوائية في منطقتين: الممر الذي يقع في جنوب مدينة غزة ومنطقة خان يونس. هذه ليست قوات تحقق النصر، ومشكوك فيه أنه يمكن أن تبدأ وحدها بفتح عملية هجومية لاحتلال رفح، التي يكرر نتنياهو التهديد بها. من اجل احتلال المدينة على الحدود مع مصر ستكون حاجة إلى تجميع المزيد من القوات العسكرية، بما في ذلك تجنيد الاحتياط بشكل كبير، وأن يتم إخراج إلى حيز التنفيذ خطة معقدة لإخلاء السكان من المنطقة، التي يمكن تستغرق أسابيع.

خلافا للانطباع الذي يحاولون خلقه علنا فإن الجيش الإسرائيلي لا يضرب بالأرجل كي يسمحوا له بالدخول الآن إلى رفح، أيضا الحكومة غير مستعجلة لفعل ذلك. في هذه الأثناء الجيش يفضل فترة راحة وإعادة تنظيم لسيناريوهات تصعيد في لبنان وفي جنوب القطاع. أيضا في الحكومة يدركون الصعوبات والقيود. في الخلفية، مع بداية شهر رمضان، يتوقع حدوث زيادة في التوتر في الحرم وفي شرقي القدس وفي الضفة الغربية. كلما طالت الحرب التي دخلت قبل بضعة أيام إلى الشهر السادس تظهر صعوبة التقليل من أهمية الجدول الزمني. إسرائيل تدير ضد “حماس” حربا بدون ساعة؛ الجدول الزمني لاستكمال السيطرة الفعلية على مناطق مختلفة – لا نريد التحدث عن الهدف الأوسع وهو الاحتلال الذي لم يتم إنجازه في أي وقت – بقي مرنا ويتم تأجيله في كل مرة. في غضون ذلك وبشكل غير متوقع تحدث تعقيدات أخرى – تفاقم الأزمة الإنسانية وازدياد الخطر على حياة المخطوفين.

الجيش الإسرائيلي اعلن حتى الآن رسميا عن موت 33 من بين الـ 134 مخطوفا الذين ما زالوا محتجزين لدى “حماس”، التي بين حين وآخر تعلن عن موت مخطوفين آخرين، وتحاول شد أعصاب عائلاتهم والجمهور الإسرائيلي كجزء من الحرب النفسية. في نهاية الأسبوع الماضي، تم عقد لقاء آخر إسرائيلي – أميركي على أمل الدفع قدما بالمفاوضات. حتى الآن لا توجد أي تقارير عن انعطافة. وفي الوقت نفسه، يزداد الإحباط في أوساط المفاوضين من الطرف الإسرائيلي الذين كانوا يفضلون أن يعطيهم نتنياهو تفويضا أوسع أثناء المحادثات لاستغلال حرية المناورة للدفع قدما بالمحادثات.

استمرت “حماس” في الأسبوع الماضي في طرح مواقف متشددة في المفاوضات، استنادا إلى الإدراك بأن نتنياهو غير متحمس للتقدم وأن الأميركيين سيعطون الفلسطينيين جزءا من طلباتهم (مساعدات إنسانية وتقليص القتال) حتى بدون تقديم أي تنازلات مهمة. في مجلس الحرب، توجد كما يبدو أغلبية في أوساط الوزراء تؤيد الصفقة. ولكن في هذه الأثناء لم يتم وضع أي اقتراح ملموس أمام مجلس الحرب، وهكذا فإن التصويت النهائي حول هذا الشأن يجب أن يكون في هيئة أوسع، “الكابنيت” السياسي – الأمني. ربما أن قرارا استراتيجيا إسرائيليا لصالح الصفقة، حتى بثمن أعلى، كان سيدفع قدما الآن بالاتفاق. في هذه الأثناء ما زال يصعب رؤية ذلك يحدث، لأن هذا الأمر يمكن أن يعتبر اعترافا من قبل نتنياهو بالهزيمة في الحرب.

في ظل غياب إنجازات أخرى في إطلاق سراح المخطوفين فإنه بدون عملية فورية لاحتلال رفح وبدون وضع قوات كبيرة في القطاع فإن الجيش الإسرائيلي يستثمر معظم طاقته في ملاحقة أشباح. المحاولة المستمرة لاعتقال رئيس “حماس” في القطاع، يحيى السنوار، في مناطق اختباء محتملة في خان يونس، لم تحقق حتى الآن أي نتائج. وإذا حدثت مع ذلك اختراقة فهذا يمكن أن يكون الشماعة التي سيعلق عليها نتنياهو ادعاء تحقيق النصر المطلق، حتى لو استمرت “حماس” في القتال.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى