ترجمات عبرية

هآرتس: إذا كانت الديمقراطية عزيزة عليك ، فلماذا لم تستمر في القدس الشرقية؟

هآرتس 16-2-2023، بقلم حنين مجادلة: إذا كانت الديمقراطية عزيزة عليك ، فلماذا لم تستمر في القدس الشرقية؟

حسب التقديرات، فإن نحو 100 ألف مواطن إسرائيلي تدفقوا أول أمس إلى مقر كنيست اليهود للاحتجاج، وليطلقوا صوتاً ضد الانقلاب على النظام.

منذ ستة أسابيع ونحن في ما يسمى على لسان أولئك المواطنين “الدرس الأكبر في التربية الوطنية الذي تشهده الدولة”. آلاف الرجال والنساء وكذا الأطفال في باصات وقطارات وقوافل سيارات، يهتفون بشعارات جميلة عن مقاومة الديكتاتورية بنية استخدام أجسادهم درعاً أخيراً لحماية الديمقراطية في هذه البلاد.

الأجواء احتفالية، مليئة بالأعلام الزرقاء البيضاء، الكبار يعلمون الشبان والصغار ما هي الديمقراطية، ما هو الوطن، كيف يشعر المرء عندما توشك الدولة التي تعود لك ووجدت لأجلك، على أن تفلت لك من بين الأصابع وكيف القتال في سبيلها. باختصار، أجواء بأسلوب أناشيد السمكة الأفعى. هذا ما يحصل في شطر واحد من المدينة.

في الشطر الآخر من المدينة، في باب العامود وشوارع شرقي القدس، على مسافة ربع ساعة من الاحتجاج أمام الكنيست، بتوقيت لحظي، نفذت اعتقالات لفلسطينيين، وألقيت قنابل صوت، روش غاز مسيل للدموع. كله وفقاً للنظام. وهي ليست لحظات شاذة، بل واقع يومي لسكان شرقي القدس الفلسطينيين، المحرومين من المواطنة والحقوق. هذا هو المكان الذي يمكن لرجل حرس الحدود فيه أن يعتقل كل فلسطيني، دون قاض ودون جهاز قضاء، أو في واقع الحال بتسويغ من جهاز القضاء.

في اللحظة التي تظاهر فيها أولئك ورفعوا الأعلام وهتفوا الشعارات عن العدالة والديمقراطية وجهاز قضاء قوي، كان هناك في الشطر الآخر فتيان أبناء 13 و14 اقتيدوا في الطريق إلى المعتقل، دون دفاع ودون حقوق. هكذا هو الحال عندما يكون القاضي والجلاد واحداً.

إن هؤلاء المتظاهرين على وعي على أي حال بالاحتلال ومظالمه، وبالوضع الذي لا يطاق الذي يعيشه الفلسطينيون سكان شرقي القدس تحت السيطرة العسكرية اليهودية.

وهم بالتأكيد يعرفون أيضاً بأن هناك ارتباطاً وثيقاً بين الديكتاتورية المتشكلة والانقلاب على النظام، وبين الاحتلال والسيطرة العسكرية على الفلسطينيين. ألم يكن من المنطقي أن يواصلوا المظاهرة التي بدأت قرب الكنيست ويسيروا بها إلى باب العامود، وإن كان لأجل مشاهدة روائع “الديمقراطية” التي يقاتلون في سبيلها؟

إنهم يعرفون جيداً بأنهم لا يقاتلون في سبيل الديمقراطية، بل في سبيل امتيازاتهم كيهود، وفي سبيل مجالهم المدني، وفي سبيل الصورة التجميلية. فالتغيير الحقيقي يجبي ثمناً باهظاً، وليس مريحاً لأي يهودي أن يدفع ثمناً كهذا من أجل عربي.

في المرة التالية التي يجرؤ فيها اليهود على أن يسألوا العرب: لماذا لا ينضمون إلى المظاهرات، فعلى العرب أن يعيدوا لهم بالعملة ذاتها: لماذا لا تتظاهرون في الأماكن التي يتوجب عليكم أن تتظاهروا فيها؟ لماذا لا تظهرون بأنكم شركاؤنا الحقيقيون؟ فلا يكفي أن تقولوا للفلسطينيين إن “وضعكم تحت جهاز القضاء الحالي وإن كان سيئاً، لكن مع الإصلاح القضائي المتشكل، سيكون أكثر سوءاً وتطرفاً بكثير”.

لسنا من نحتاج درساً في الديمقراطية، بل أنتم. الإثنين، كانت أمامكم فرصة لتلقين درس مهم في الديمقراطية. فشلتم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى