ترجمات عبرية

هآرتس: أنكر أولاً ثم تحقق: الجيش يخسر معركة الحقيقة

هآرتس 12/9/2022، بقلم: ينيف كوفوفيتش

الأسبوع الماضي، تم استدعاء المراسلين الأجانب في إسرائيل إلى حدث غريب بدرجة معينة من قبلهم: محادثة “زوم” بالعبرية مع قائد المنطقة الوسطى الجنرال يهودا فوكس. في الحقيقة، كان هناك مترجم للإنجليزية نقل لهم الرسالة باللغة التي يتحدثونها، لكن الوضع أدى إلى الاستغراب. مضمون الأقوال التي قيلت أثقل الأمر أكثر. فعلياً، كان سبب اللقاء الافتراضي هو الإعداد للتغطية الدولية لنتائج التحقيق العسكري حول ظروف موت الصحافية شيرين أبو عاقلة. بعد أن اعترف “فوكس” بأن هناك احتمالية كبيرة بأن تكون الصحافية قد قتلت بنار جندي إسرائيلي شخصها بالخطأ كمسلح فلسطيني، هو أيضاً عدد أسباباً مختلفة، مثل إطلاق النار الكثيف الذي كان في المنطقة. مراسل الـ “بي.بي.سي” كان هذا بالنسبة له كافياً للانفجار والقول بأن هذا غير صحيح. وحسب قوله، لم يكن هناك أي إطلاق نار كثيف.

هذه ليست المرة الأولى التي لم تصدق فيها وسائل الإعلام الأجنبية رسائل الجيش الإسرائيلي. فعملياً، هذه ظاهرة شائعة جداً (لا يقتصر الأمر على قضية إطلاق النار على الصحافية الفلسطينية). ولكن الحديث لا يدور فقط عن المراسلين الأجانب. فحسب استطلاع نشره المعهد الإسرائيلي للديمقراطية في بداية السنة، فإن ثقة الجمهور بالجيش تدهورت إلى أدنى مستوى بلغته منذ أكثر من عقد، حيث بلغ 78 في المئة في أوساط الجمهور الإسرائيلي. ربما ساهم في ذلك عمليات النفي التي تحولت إلى اعترافات في وقت متأخر، وتغيير في الروايات ونشاطات لإخفاء المعلومات. عادت “هآرتس” إلى عدة حالات بارزة في السنوات الأخيرة، التي ربما تثبت أكثر من أي شيء آخر عدداً من المشكلات التي يعاني منها الجيش على مختلف وحداته. عندما يتم نقل معلومات جزئية، ليست موثوقة دائماً من الضباط في الميدان، ولا يتم فحصها بشكل عميق قبل نشرها، فسيكون لهذا تداعيات على المديين القصير والبعيد.

المثال الأوضح هو إطلاق النار على أبو عاقلة، صحافية قناة “الجزيرة” التي قتلت في 11 أيار الماضي أثناء عملية قام بها الجيش لاعتقال مطلوبين في مخيم جنين للاجئين. في البداية، حتى قبل أي تحقيق، سارع المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي إلى تقدير أنها ربما أصيبت بنار مسلحين فلسطينيين. بعد بضع ساعات من ذلك، تم تغيير هذه الرواية بأنه لا يمكن تحديد النار التي أصابتها. ولكن في اليوم نفسه، أجريت مقابلة مع المتحدث بلسان الجيش، العميد ران كوخاف، في برنامج “كلمان ليفسكيند وروعي شارون” في “كان ب”. “لقد عرضنا على الفلسطينيين إجراء تحقيق مشترك وسريع، وإذا كنا قد قتلناها فعندها نتحمل المسؤولية”، قال. لكن الفلسطينيين، قال كوخاف في تلك المناسبة، رفضوا العرض. “هناك سبب جيد لديهم يجعلهم يخفون بعض الأمور”، أضاف.

لكن هذا العرض فاجأ كثيرين في المستوى السياسي والأمني، الذين لم يكونوا يعرفون عنه. في نهاية فحص قصير، تبين أن مثل هذا العرض لم يحدث، لم يكن هناك عرض رسمي تم نقله للفلسطينيين. بعد ذلك بيومين، أي 13 أيار، كشفت نتائج التحقيق العسكري الأولية، حسب المتحدث بلسان الجيش، بأن الصحافية قد تكون أصيبت بنار الجيش. ولكنهم تحفظوا وأضافوا بأنه “لا يمكن البت في مصدر النار التي قتلتها”. ضباط كبار في الاحتياط، الذين تم إعطاؤهم إحاطات من قبل الجيش وظهروا في الاستوديوهات، طلبوا القول بأنه من غير المستبعد أن تكون هذه نار فلسطينية.

عندها جاء ما نشرته “سي.ان.ان”. حدث هذا في 24 أيار، ونشرت شبكة الأخبار الأمريكية تقريراً شاملاً حدد بأن الصحافية قتلت بنار متعمدة للجيش الإسرائيلي. وأدى الصدى الإعلامي لهذا التقرير إلى عدد كبير من ردود الفعل الشديدة في العالم.

كان هناك صدى أيضاً داخل الجيش. بمشاركة ضباط كبار من بينهم رئيس الأركان كوخافي، قال المتحدثون بلسان الجيش إن مراسلي “سي.ان.ان” قد استبعدوهم ولم يعطوهم فرصة للتطرق إلى الادعاءات بشكل جوهري ومهني. ولكن بعد إجراء فحص داخلي تبين أن محرري التقرير توجهوا إلى جهاز الإعلام الأجنبي في قسم المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي. وتبين هناك أنهم قرروا إجراء محادثة مع مصدر عسكري رفيع لم تكن له أي علاقة مباشرة بالحادث، ونقلوا إلى رجال “سي.ان.ان” نتائج التقرير الأولي للتحقيق العسكري ومضمون أقوال المدعية العسكرية الرئيسية في اجتماع مكتب المحامين، الذي لم تتطرق فيه إلى الادعاءات المطروحة. أما الأمر الذي لم يتم في قسم وسائل الإعلام الأجنبية فهو رفع العلم الأحمر أمام كبار أعضاء الجهاز.

بعد أن تبين حجم الفشل الداخلي، في الوقت الذي ازداد فيه الانتقاد الدولي، بدأت شخصيات رفيعة في إسرائيل وجيشها في إرسال رسائل متناقضة من خلال وسائل إعلام محلية بأن التقرير لا أساس له، وأن منظمات إرهابية تشارك فيه، وأن أبو عاقلة نفسها هي المتهمة بموتها. و لم يتم تحمل المسؤولية في كل الحالات.

الآن وبعد نشر نتائج التحقيق العسكري الكاملة، التي تشير لاحتمالية عالية بأن الصحافية أصيبت بالخطأ بنار الجيش الإسرائيلي، لم يتم تحمل المسؤولية. ذكر التقرير أن النار أطلقت عليها أثناء معركة واجه خلالها جنود الجيش الإسرائيلي ناراً كثيفة أطلقت نحوهم، وعرضت حياتهم للخطر، وهذا ادعاء طرحت بخصوص صحته تحفظات كما قلنا.

في الصباح الباكر من 12 كانون الثاني الماضي، كان الطقس بارداً جداً في منطقة رام الله، تم احتجاز عمر عبد المجيد أسعد، فلسطيني ابن 80 سنة، في هذا الوقت على حاجز طيار فرضه جنود كتيبة “نيتسح يهودا” التابعة للواء “كفير” على مدخل قرية جلجليا شمالي رام الله. بعد فترة قصيرة، أصيب بنوبة قلبية وتوفي. “تبين من الفحص الأولي أن الفلسطيني اعتقل أثناء نشاط لقوات الجيش بعد أن رفض الفحص الأمني”، كان هذا الرد الأولي للمتحدث بلسان الجيش. “تم إطلاق سراح المعتقل في تلك الليلة”.

الآن إلى الوقائع: قام الجنود بتكبيل يديه وعصبوا عينيه وأغلقوا فمه بقطعة قماش وتركوه مكبلاً لأكثر من ساعة. عندما أطلقوا سراحه لم يفحصوا وضعه. تم الحصول على هذه النتائج بعد أن اضطر الجيش إلى التحقيق في الحادثة. حدث هذا بسبب وجود شهود على الحدث أبلغوا ما شاهدوه (بعض الشهادات نشرت في “هآرتس”) وبسبب أنه كان مواطناً أمريكياً وطلبت الولايات المتحدة توضيحاً من إسرائيل. في موازاة تحقيقات الشرطة العسكرية، تم إجراء تحقيق عسكري تبينت النتائج في نهايته، واعترف رئيس الأركان كوخافي بأن “الأمر يتعلق بحدث قيمي خطير جداً”. وأضاف: “ترك القوات للساحة وترك أسعد في المكان بدون التأكد من وضعه يشير إلى عدم المشاعر، الأمر الذي يعارض قيم الجيش الإسرائيلي”.

في اليوم الأخير لعملية “الحزام الأسود” في غزة، 14 تشرين الثاني 2019، هاجم سلاح الجو هدفاً في دير البلح، اعتبره “منشأة تدريب” للجهاد الإسلامي. في هذا الهجوم، سارع المتحدث بلسان الجيش إلى القول باللغة العربية: “لقد قتل رسمي أبو ملحوس، قائد وحدة الصواريخ في لواء وسط غزة التابع للجهاد الإسلامي، هو وخمسة من أبناء عائلته”. ولكن سرعان ما تبين أن المبنى الذي قصف كان كوخاً مصنوعاً من الصفيح، الذي عاشت فيه عائلة السواركة، التي قتل ثمانية من أبنائها من بينهم خمسة أطفال. وماذا عن أبو ملحوس؟ في أعقاب توجه قدمته “هآرتس”، قال مصدر عسكري رفيع في اليوم نفسه في قيادة المنطقة الجنوبية بأنه لا يعرف هذا الاسم المذكور آنفاً، وهو بالتأكيد ليس شخصاً رفيعاً مثل رئيس منظومة الصواريخ التابعة للجهاد، وهو أيضاً لا يعرف بأن هذا الشخص قد مات.

هنا بدأت روايات الجيش تتغير. فجأة، تم طرح ادعاء بأن المبنى كان فارغاً، وفي النهاية اعترف المتحدث بلسان الجيش في حينه، العميد تيدي زلبرمان (بعد ذلك تمت ترقيته إلى رتبة جنرال وإلى وظيفة ملحق عسكري في واشنطن)، رداً على توجه للصحيفة، بأن النشر الأول كان خاطئاً وأنه جرى “بحسن نية”.

خلال ذلك، نشرت “هآرتس” تقارير كشفت فيها عن فشل ذريع في سلوك الجيش. فقد تبين أنه في الوقت الحقيقي لم يتم فحص عدد من الأهداف التي تم قصفها في العملية، واحتمالية وجود مدنيين فيها. وبيت عائلة السواركة الذي كان جزءاً غير محدث من بنك الأهداف. “تجريم الهدف والتخطيط للهجوم كان حسب التعليمات الملزمة في الجيش”، قال المتحدث بلسان الجيش في حينه رداً على ذلك. وحول اكتشاف آخر في التحقيقات بطلب لزيادة بنك الأهداف، الذي يقاس بحجمه وليس بجودته بالضرورة، أشار إلى أن “هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة”.

بعد نشر التقارير في “هآرتس”، قرر الجيش إجراء فحص لاستخدام بنك الأهداف وفحص ما الذي أدى إلى قتل أبناء العائلة. بعد بضعة أشهر، قيل إن المنشأة التي هوجمت كان يجب اعتبارها منشأة مدنية لها نشاطات عسكرية، وليس منشأة عسكرية. بالإجمال، حدد التحقيق العسكري بأنه لو كان المبنى معرفاً بشكل صحيح لما هوجم. في النهاية، أمر رئيس الأركان بإعطاء تعليمات جديدة حول تعريف الأهداف والمصادقة عليها.

في بداية كانون الثاني 2020 نشرت في الشبكات الاجتماعية صوراً لطائرات “اف 16” لسلاح الجو، التي غرقت في بركة في قاعدة “حتسور”. ولكن من ناحية المتحدث بلسان الجيش، تم الحفاظ على الصمت الكامل، وكأن هذا لم يحدث، وكأن الشبكات الاجتماعية غير قائمة. إضافة إلى ذلك، عمل الجيش على فرض رقابة على الحدث (بعد المنشورات في الشبكات الاجتماعية) خوفاً من المس بأمن الدولة بسبب وقف السرب بشكل مؤقت. كما أنه لم يتم نشر حاجة ملحة لأعضاء الطاقم التقني للإنقاذ، وهم الذين كانوا في المباني التي تم تخزين الطائرات فيها. بعد ثلاثة أيام، عقب ضغط شخصيات رفيعة في الرقابة العسكرية، قرر المتحدث بلسان الجيش التطرق للحدث وأعطى معلومات جزئية، لكن غير دقيقة. لقد قيل إن الأمر يتعلق بضرر صغير بصورة نسبية (فعلياً، عشرات ملايين الشواقل)، وأن الطائرات ستعود إلى العمل بسرعة (هذا حدث بعد فترة طويلة). وبعد ذلك، عقب تحقيق لسلاح الجو في الأمر، اعترف الجيش في إحاطة للمراسلين بأن القاعدة لم تكن جاهزة للفيضان، وأن الجنود احتاجوا إلى الإنقاذ، وأن استخدام الرقابة العسكرية كان خطأ.

في كانون الأول 2018 توجهت وسائل إعلام إسرائيلية إلى المتحدث بلسان الجيش للحصول على موقفه حول الادعاء بأن هناك جنوداً ألقوا قنابل الغاز وقنابل الصوت في مدرسة أساسية في الخليل. سارع الجيش إلى نفي هذا الأمر، وقيل إن هذا الحدث تم فحصه من قبل القادة في المكان. وحسب رأيهم، يبدو أن “الرياح هي التي أدت إلى وصول دخان القنابل إلى المدرسة”. هذا لأن الجيش الإسرائيلي بالتعريف لا ينفذ إطلاق قنابل الغاز وقنابل الصوت في ساحات المدارس في الضفة.

ولكن بعد أسبوع، وصل إلى منظمة “نحطم الصمت” فيلم فيديو تم فيه توثيق جندي إسرائيلي وهو يطلق قنبلة غاز في ساحة المدرسة مدار الحديث، في الوقت الذي كان يجري فيها تعليم، كما يبدو، رداً على رشق حجارة في المنطقة. كدليل على أقوالها، عرضت المدرسة صندوقاً فيه عشرات من قنابل الغاز الفارغة، التي حسب قولهم أطلقت في تلك الفترة داخل حدود المدرسة. عقب توجه قدمته “هآرتس” حول الأمر، تضمن عرض الفيلم، وغير الجيش الرواية، وقيل إن هذه حادثة استثنائية “سيتم التحقيق فيها”، وأنه سيتم صقل الإجراءات في هذا الأمر.

وثمة مسألة مهمة في الجيش الإسرائيلي جرت في السنوات الأخيرة، وهي تجنيد النساء والخدمة إلى جانب الرجال. في حزيران 2018 حدث شيء ما. العميد احتياط غاي حسون، الذي كان في حينه ضابط مدرعات، بشر بشكل احتفالي تجربة دمج النساء في السلاح الذي هو تحت إمرته، كمقاتلات، بالضبط مثلما أراد رئيس الأركان في حينه غادي آيزنكوت. ولكن هذا القرار أدى إلى عدة احتجاجات في أوساط الحاخامات. لم يتنازل آيزنكوت خلال وجوده في منصبه.

لكن بعد دخول كوخافي إلى مكتب رئيس الأركان في كانون الثاني 2019، وعند اشتداد احتجاج الحاخامات الذي تضمن التهديد بعدم إرسال أبناء المدارس الدينية إلى المدرعات، حدث تغيير في السياسة. “لقد تم العثور على ثغرات أثناء تعبئة القذائف، وأيضاً في عدد من التدريبات الأخرى”، قال المتحدث بلسان الجيش. “في عدد منها، كان زمن التنفيذ أكبر بضعفين وربما أكثر”. ولكن قادة مدرعات شاركوا في التجربة قالوا بأن الجيش قام بتزييف البيانات لإفشال المشروع. “لقد شاهدت النساء بأم عيني وهن يتدربن”، قال في مقابلة مع “صوت الجيش” الملازم احتياط افيك شيمع، وهو الضابط الذي قاد التجربة. “هذه ليست الأزمان التي عرضناها على الجيش”. رد المتحدث بلسان الجيش نفى هذه الادعاءات، ربما أيضاً أضاف ضرر لموثوقية الجيش الإسرائيلي نفسه.

في ليلة 14 أيار 2021، بعد فترة قصيرة من منتصف الليل وعند دخول عملية “حارس الأسوار” إلى اليوم الخامس، بدأ الجيش الإسرائيلي بتحريك قوات مدرعة ومدافع وجنود مشاة نحو الجدار في قطاع غزة. في موازاة ذلك، أرسل المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي بياناً باللغة الإنجليزية للمراسلين الأجانب فقط، جاء فيه أن الجيش بدأ بعملية برية في قطاع غزة. خلال ساعة، أعطيت للمراسلين الأجانب إحاطات بهذا الشأن، لكن لم يقل أي شيء للمراسلين الإسرائيليين. عندما واجه هؤلاء الجيش بالإعلان الذي أعطي لوسائل الإعلام الأجنبية، حصلوا على جواب قاطع من المتحدث بلسان الجيش: لا يوجد أي دخول بري ولن يكون. فهم المراسلون الأجانب بسرعة أن المتحدث بلسان الجيش قد ضللهم وحاول استخدامهم لغاياته وتسبب بأزمة ثقة شديدة بينهم وبين الجيش. الهدف من عملية التضليل المتعمدة التي صادقت عليها المستويات العليا في الجيش، هو جعل الذراع العسكرية لحماس تنزل إلى الأنفاق بسرعة (بسبب الدخول البري)، وفي الوقت نفسه، يقوم سلاح الجو بقصفهم من أعلى.

لقد مرت بضع ساعات إلى أن نشر زلبرمان بياناً توضيحياً لوسائل الإعلام الأجنبية قال فيه: “لا توجد قوات برية للجيش الإسرائيلي داخل القطاع. قوات الجيش تهاجم أهدافاً داخل القطاع”. وقال أيضاً بأنه “ربما حدث خطأ في الإحاطات التي نشرت باللغة الإنجليزية”. في اليوم التالي، أجرى المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي مع وسائل الإعلام الأجنبية، المقدم يونتان كونريكوس، محادثة مع المراسلين الأجانب اعتذر فيها عن الرسائل التي وجد أنها غير صحيحة، وقال إن الأمر يتعلق بخطأ بشري هو يتحمل مسؤوليته بشكل كامل. ولكن المراسلين عبروا عن غضبهم من الحرج الذي وقع لوسائل الإعلام التي نشرت عناوين رئيسية عن عملية برية، استناداً للإحاطات الخاطئة التي حصلوا عليها. حتى إن بعض المراسلين عبروا عن التشكك في التفسير الذي أعطي لهم.

ليست الثقة أمام المراسلين الأجانب هي تضررت فقط عقب تلك الحادثة، بل إن زلبرمان كان قد عرض في اليوم التالي أمام وسائل الإعلام الإسرائيلية إنجازات العملية التي ارتكزت على التضليل. عشرات من المخربين علقوا في الأنفاق وقتلوا، وآخرون كثيرون ما زالوا عالقين، ولا نعرف عن مصيرهم شيئاً، قيل للمراسلين في إحاطات مغلقة. ولكن تبين بعد ذلك أن خمسة نشطاء عاديين من حماس قتلوا في هذا القصف الكثيف (80 طناً من المواد المتفجرة ألقيت من 160 طائرة خلال 35 دقيقة). إضافة إلى ذلك، حسب منشورات في “معاريف” و”عوفدا” فإنه حتى قبل أن ينطلق سلاح الجو للقصف، عرف الجيش أن حماس لم تبتلع طعم الجيش، وأن أعضاءها قد خرجوا من الأنفاق.

خلال سنتين تقريباً، شغل الجيش الإسرائيلي شخصاً اسمه جلعاد كوهين بالأجر، ونشاط هذا الشخص معروف أكثر من اسمه؛ فهو يشغل قناة إخبارية باسم “أبو علي اكسبرس” عبر التلغرام، وتحول إلى أحد المؤثرين في الشبكات الاجتماعية في الشؤون العربية والأمنية. من بادر إلى تشغيله بالجيش هو الجنرال هرتسي هليفي (في حينه كان قائد المنطقة الجنوبية، وهو الآن نائب رئيس الأركان، وقد يرث كوخافي)، بهدف تقديم الاستشارة له في موضوع الحرب النفسية حول ما يحدث في غزة مستعيناً بالشبكات الاجتماعية. وفي موازاة هذه الاستشارة، اعتاد كوهين على “إغلاق حسابات” في قناة التلغرام له مع مراسلين لم يتفقوا معه ومع مواقف الجيش بشكل عام وقيادة المنطقة الجنوبية بشكل خاص. مثلاً “الموغ بوكر” اعتبره “محبوباً جداً في الجانب الغزي”. ورداً على تقرير نشرته الصحيفة بهذا الشأن، رد المتحدث بلسان الجيش بنفي معظم الادعاءات. “الجيش الإسرائيلي لم يستخدم الحسابات الخاصة للمذكور أعلاه في الشبكات الاجتماعية”، قيل على سبيل المثال. “أيضاً صفحة التلغرام مدار الحديث، لم تحصل على معلومات من الجيش الإسرائيلي من أجل نشرها أو عدم نشرها”.

توجهت “هآرتس” للمتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي وطلبت منه التطرق إلى جميع الأحداث التي وردت في هذا المقال. وقد كان رده: “المتحدث بلسان الجيش هو الجهة الأمينة على أقوال الجيش وضباطه وجنوده ووحداته. المتحدث بلسان الجيش يعمل بشكل أمين ورسمي وعلى أساس روح الجيش إلى جانب نقل المعلومات للجمهور في الوقت الحقيقي وحسب الاحتياجات العملية. قبل نقل المعلومات للجمهور ووسائل الإعلام، يتم فحصها والتأكد منها مع القادة، وفي ضمن ذلك المعلومات والوسائل التي بحوزتنا. ثقة الجمهور بالجيش ومصداقية المتحدث بلسان الجيش يتم فحصها عن طريق الاستطلاعات والتحقيقات التي تجريها معاهد أبحاث محايدة، تشير إلى مستوى الثقة المرتفع جداً من بين الهيئات والمؤسسات العامة الموازية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى