أقلام وأراء

نواف الزرو: الاهمية الاستراتيجية لحسابات الوقت في الصراع مع المشروع الصهيوني:

الصهيونية كلها بُنيت على الفترات التي تركها او اهدرها العرب لهم...!

نواف الزرو 5-08-2023: الاهمية الاستراتيجية لحسابات الوقت في الصراع مع المشروع الصهيوني: 

مرة أخرى نعود اليوم ونحن ما زلنا في فضاءات الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة واستعمار فلسطين للدق على جدران الخزان فيما يتعلق بالاهمية الاستراتيجية لحسابات الوقت – الزمن في الصراع مع الاحتلال الصهيوني، فمما لا شك ان عامل الوقت-الزمن يعتبر من اهم عوامل الاستراتيجية الصهيونية المعتمدة منذ اكثر من خمسة وسبعين عاما، بل لعل هذه المناسبة تقتضي من الفلسطينيين اولا ثم من العرب العروبيين ثانيا وقفة مراجعة حقيقية امام عامل الزمن واهميته في الصراع مع المشروع الصهيوني، فمرة ثانية وثالثة نعود لمناقشة مسألة ولعبة الزمن -الوقت ما بيننا وبين العدو، فنحن نلاحظ في االسنوات الاخيرة ان “اسرائيل” تسابق الزمن وتستثمر الظروف والاحوال العربية وتستغل الانهيار العربي باتجاه التطبيع الى اقصى درجات الاستثمار والاستغلال، وهم يجمعون على ان هذه الفرصة السانحة لهم اليوم فرصة تاريخية قد لا تتكرر…وبالتالي يحرصون على استثمار الوقت الى ابعد الحدود، ما يقودنا الى مناقشة وتقييم اهمية الوقت -الزمن في صراعنا مع ذلك المشروع الصهيوني.

فقد ثبت عبر اكثر من خمسة وسبعين عاما مضت، ان “اسرائيل” تحتاج الى الوقت-الزمن والمزيد من الوقت دائما..

والمؤسسة الصهيونية تراهن على الوقت دائما..

والوقت مسألة حاسمة في الوجود الصهيوني…

والاستراتيجية الصهيونية تقوم منذ بدايات تلك الدولة، على كسب الوقت، وبناء وتكريس حقائق الامر الواقع الاستعماري التهويدي، واحكام القبضة الامنية العسكرية استراتيجيا على فلسطين والمنطقة.

المؤسسة الصهيونية في سباق مرعب مع الوقت، وهي تحرص على عدم اضاعة دقيقة واحدة من الوقت بلا عمل صهيوني، إن على صعيد الارض العربية المحتلة، او على صعيد البناء العسكري الامني، او على صعيد البناء العلمي والثقافي، او على المستوى الاقتصادي، او على مستوى بناء العلاقات والتحالفات في كافة القارات…

فهم يعتبرون انفسهم في صراع وجودي مع الفلسطينيين والعرب(العروبيين)، وهم لا ينامون…

فهل هناك من لا يتابع او يرى الذي يجري في كل دقيقة على ارض القدس والضفة الغربية مثلا…؟!

او في الجليل والمثلث والنقب…؟!

حيث يواصل البلدوزر الصهيوني اعمال الهدم والتجريف والتخريب بهدف تهديم المشهد العربي في فلسطين بكافة مضامينه التاريخية والحضارية والتراثية والدينية وبناء مشهد صهيوني تهويدي على انقاضه…؟!

او على مستوى الاستعدادات العسكرية على كل الجبهات العربية…

يوظفون كل طاقاتهم وعلاقاتهم ولوبياتهم وتأثيراتهم على المستوى العربي والامريكي والدولي لغاية مد”اسرائيل” بالمزيد من الوقت.

وما الذي تابعناه على مستوى عملية السلام والمفاوضات المزعومة على مدى نحو سبعة وعشرين عاما الا تكريسا للاستراتيجية الصهيونية في هدر الوقت العربي، لصالح بناء حقائق الامر الواقع الاستيطاني التهويدي.

وقد سعت تلك الاستراتيجية تفاوضيا، منذ بدايات عملية المفاوضات الى”خفض سقف الطموحات الفلسطينية”، ورفض “الجداول الزمنية والمواعيد المقدسة-اي الملزمة- في المفاوضات، وهناك اجماع سياسي اسرائيلي بين كافة الاحزاب المؤتلفة في الحكومة وخارجها على رفض الجداول والمواعيد، بينما تصر السياسة الصهيونية دائما على مواصلة المفاوضات…هكذا من اجل المفاوضات..

بل يمكن القول “ان الصهيونية كلها بُنيت على الفترات التي تركها او اهدرها العرب لهم”، وفي هذا السياق والمضمون كتب المحلل الاسرائيلي المعروف ايتان هابر في يديعوت احرونوت- 01 /7/2012 يقول:”ان شيئا واحدا فقط موجود بكثرة للعرب جميعا مهما كانوا، وهو غير موجود على الاطلاق للاسرائيليين وهو الزمن، فمفهوم الزمن عند العرب يختلف تمام الاختلاف عنه عندنا، فللعرب زمن دائما، فهم لا يُسرعون أبدا الى أي مكان، أما نحن الاسرائيليون في المقابل فليس عندنا زمن، بل يجب ان يكون كل شيء سريعا وفي أسرع وقت ممكن، ولا يوجد تأخيرات، ويبدو ان الحركة الصهيونية كلها بُنيت على الفترات التي تركها العرب لنا، وقد تعلمنا كيف نستغل أحسن استغلال هذه الفترات لبناء دولة وانشاء استيطان زاهر والاتيان بملايين المهاجرين وانشاء وطن للشعب اليهودي، ونحن بيننا نضحك دائما على العرب الذين يسألون بجدية: “كم من الوقت حكم الصليبيون هنا؟، مئتا سنة فقط؟ سننتظر فعندنا زمن”.

وفي عملية المفاوضات ايضا، التي اصبح واضحا تماما انها كانت على مدار سنواتها هدرا عبثيا للزمن الفلسطيني العربي، بينما استثمرتها دولة الاحتلال افضل استثمار، فالحكومة الاسرائيلية تستحضر في هذا السياق مقولة لوزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كسينجر نظر فيها قائلا: “أوهم الآخرين بأنك تتحرك في حين تكون ثابتا”، وهذه المقولة كما يبدو غدت اساس التحركات الامريكية –الاسرائيلية المشتركة في محور المفاوضات والتسوية، ما يفيد عمليا ان كل عملية المفاوضات والتحركات السياسية الاعلامية ما هي سوى اكذوبة ونصب واحتيال على الفلسطينيين والعرب.

الامر الذي كان رئيس وزرائهم الاسبق اسحق شامير قد اكده منذ مؤتمر مدريد حينما اعلن: سوف اجعل المفاوضات تستمر عشر او عشرين عاما دون ان نقدم شيئا للعرب”، ولذلك عندما يؤكد وزير الخارجية الإسرائيلي-الاسبق-، أفيغدور ليبرمان” أن المواقف الإسرائيلية والفلسطينية غير قابلة للجسر”، ويتوقع بأن “لا يتم تحقيق أي اختراق بعد 16 سنة”. موضحا:” إن اتفاقات أوسلو حددت سقفا زمنيا للتوصل إلى اتفاق، ومنذ ذلك الوقت مر 16 عاما، ولن يكون هناك اتفاق بعد 16 عاما آخر. مؤكدا:” لا يوجد أي احتمال لجسر الهوة بين المواقف الإسرائيلية والفلسطينية في المستقبل المنظور”، مضيفا:”إنه لا يؤمن بإمكانية التوصل إلى تسوية دائمة مع الفلسطينيين في السنوات القريبة”، فانه بذلك يفصح جهارا عما في فكرهم ونواياهم.

وعندما يعلن نتنياهوبدوره: ”إنه يصعب عليه أن يصدق وجود إمكانية للتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين”، فان الصورة تغدو واضحة ناصعة لا ينقصها سوى ان يعتبر الفلسطينيون والعرب المعنيون في عدم هدر المزيد من الوقت لصالح البناء الصهيوني على الارض…؟!

فمن شأن هدر الزمن-الوقت ان يحسم كل الامور على الارض بلا رجعة إذا لم نستدرك هذا العامل الاستراتيجي في صراعنا الوجودي مع المشروع الصهيوني…؟!

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى