ترجمات أجنبية

ناشيونال انترست: على الولايات المتحدة ألا تؤجج الصراعات في آسيا الوسطى

ناشيونال انترست 21-9-2023، بقلم اليكس ليتل: على الولايات المتحدة ألا تؤجج الصراعات في آسيا الوسطى

وبينما كانت الولايات المتحدة متورطة عسكرياً في آسيا الوسطى، فقد حان الوقت الآن لإعادة توصيف مشاركتها في المنطقة من خلال النأي بنفسها عن هذا الماضي العسكري.

أصبح احتمال حدوث اشتباك حدودي آخر بين قيرغيزستان وطاجيكستان أكثر ترجيحاً مع انخراط البلدين في سباق تسلح. وكانت النزاعات على الأراضي والموارد المائية هي التي ميزت الاشتباكات الحدودية السابقة في عامي 2021 و2022. وسيكون تجدد الصراع الحدودي بين قيرغيزستان وطاجيكستان خطيرا، حيث تجد تركيا والولايات المتحدة، حليفتا حلف شمال الأطلسي (الناتو)، نفسيهما تدعمان دولًا على طرفي نقيض.

بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، أصبح نهج واشنطن فيما يتعلق بالأمن في آسيا الوسطى أكثر تواضعا مع إغلاق القواعد العسكرية الأمريكية المؤقتة في أوزبكستان وقيرغيزستان. ومع ذلك، لا تزال الولايات المتحدة منخرطة في الشؤون الأمنية في آسيا الوسطى، حيث قدمت واشنطن، منذ استقلال طاجيكستان، لطاجيكستان مبلغ 330 مليون دولار كمساعدة للقطاع الأمني. ويشمل هذا المبلغ الكبير مئات المركبات، ومركز تدريب شامل، ودعم إدارة الحدود والرقابة الجمركية. ونتيجة لذلك، أصبحت الولايات المتحدة واحدة من أكبر الجهات المانحة الأمنية لطاجيكستان على الرغم من أن روسيا هي الشريك الأمني ​​والتجاري الأكثر أهمية لطاجيكستان.

وفي الوقت نفسه، دفع التضامن التركي أنقرة إلى دعم قيرغيزستان في صراعها مع طاجيكستان من خلال تزويدها بطائرات بدون طيار من طراز بايراكتار تي بي 2، وأكسونجور، وأنكا. كانت تركيا أول دولة تعترف باستقلال بيشكيك، ومنذ ذلك الحين أولت أهمية للحفاظ على الاستقرار والتنمية في قيرغيزستان. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لتركيا توسيع نفوذها بين الدول ذات الأصول التركية في آسيا الوسطى بينما تشارك روسيا في حربها في أوكرانيا.

ومع دعم حلفاء الناتو لطرفين متعارضين في الصراع، ستتصاعد التوترات بين واشنطن وأنقرة بلا داع. منذ أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تدهورت العلاقات بين البلدين، بسبب الخلافات حول الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003. والتنافس غير المباشر مع تركيا من خلال تقديم الدعم العسكري لطاجيكستان سوف يعرض العلاقة الدبلوماسية المضطربة ولكن المهمة للولايات المتحدة للخطر.

ولا تتأثر الولايات المتحدة بشكل مباشر بالشؤون الأمنية في آسيا الوسطى، خاصة بعد سحب قواتها من أفغانستان. وعلى الرغم من الانسحاب، كانت الولايات المتحدة في مهمة للحفاظ على سيادة دول آسيا الوسطى من خلال العمل على القضايا المتعلقة بالتعاون الأمني ​​عبر منظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE)، وبرنامج الشراكة من أجل السلام التابع لحلف شمال الأطلسي، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا. الأمم المتحدة. وبدلاً من ذلك، فإن الأمور الأمنية في آسيا الوسطى يجب أن يتم التعامل معها من قبل الدول الأكثر تأثراً بشكل مباشر بالاضطرابات في المنطقة.

فمصالح الصين وروسيا في آسيا الوسطى كبيرة للغاية، حيث تعتبر موسكو  أبرز مصدر للمساعدات الأمنية والعسكرية في حين أن بكين مستثمر مهم  في المنطقة. وتستهدف روسيا بشكل أساسي منع انتشار خطر “الإسلام الأصولي” والذي ترى أن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان أدى إلى تفاقمه في آسيا الوسطى. كما تضم قائمة الهواجس الأمنية الكبيرة لروسيا في آسيا الوسطى تهريب المخدرات وتهريب البشر والهجرة غير الشرعية والإرهاب. كما أن الوجود الأمني الروسي في المنطقة يخدم الصين لأنه يحمي مصالحها الاقتصادية المتنامية في قطاعات النقل والطاقة بآسيا الوسطى.

 ومع تراجع الحضور الأمني لروسيا في آسيا الوسطى نتيجة تركيزها على حربها ضد أوكرانيا، أصبحت الصين القوة الأمنية الأنسب للعمل في المنطقة. وتتجاوب طاجيكستان وقيرغيزستان مع الحضور الصيني في المنطقة والذي يشمل التدريبات العسكرية، ونقل المعدات العسكرية، وإقامة البنية التحتية الأمنية، ونشر شركات الأمن الخاصة. لذلك فأي محاولة أمريكية لدعم طاجيكستان عسكريا ستزيد التوترات مع الصين دون داع.

كما أن الولايات المتحدة لا تسيطر بالقدر الكافي على طريقة استخدام المعدات العسكرية والأسلحة بمجرد تسليمها لحكومة أجنبية. وفي حين لا تعتزم الولايات المتحدة دعم طاجيكستان في صراعها ضد قيرغيزستان فإن أغلب المعدات العسكرية لتي تقدمها لها مثل أجهزة الرؤية الليلية تستخدم في المنطقة الحدودية الملتهبة بين البلدين. وبدلا من المساهمة غير المطلوبة في تأجيج التوترات بآسيا الوسطى، على الولايات المتحدة التعاون مع تركيا من أجل تشجيع المحادثات الدبلوماسية بين دوشانبي وبشكيك. وكعضوين في حلف الناتو، أمام واشنطن وأنقرة فرصة لتجنب أي تدهور جديد في العلاقات من خلال وضع حد لصراع بسيط لا يمثل أهمية استراتيجية لواشنطن.

على الولايات المتحدة العمل على تقليص ثم وقف برامج إرسال المعدات العسكرية لدول آسيا الوسطى ومنها طاجيكستان. فمع  الوجود العسكري الروسي والصيني والقدرات العسكرية في طاجيكستان يمكن القول إنها تستطيع الدفاع عن نفسها.  في المقابل لا يوجد أي سبب مقبول لكي تقوم الولايات المتحدة بدور روسيا والصين من خلال دعم القدرات الدفاعية لطاجيكستان. وقد حان الوقت لكي تنخرط واشنطن في المنطقة بطرق مختلفة تنأى بها عن ماضيها العسكري فيها.

*أليكس ليتل ماجستير من جامعة جورجيا للتكنولوجيا ومتخصص في شؤون روسيا وآسيا الوسطى.

NationalInterest: The United States Must Not Enflame Central Asian Conflicts

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى