ترجمات عبرية

معاريف: اليمين يسعى إلى احتكاك عسكري عنيف يعزّز الاستيطان

معاريف 2023-07-15، بقلم: ران أدليست: اليمين يسعى إلى احتكاك عسكري عنيف يعزّز الاستيطان

بدأ الاحتجاج، أخيراً، بالتعطيلات كجزء من صراع كبير لا يتعلق فقط بالقيم، الهوية، والسياسة، بل أيضاً بالاقتصاد والأمن. في شبكة “بيغ” أعلنوا عن يوم إضراب وألغوه، فقد رد ايتمار بن غفير وشركاؤه بـ “سنقاطع” بيغ، وصرحت بعض شركات التكنولوجيا العليا بأنها ستنقل الى بيغ ميزانيات مشترياتها. فقاطرة التكنولوجيا العليا سحبت حتى الآن مقطورات الاقتصاد الإسرائيلي، وهي الآن تسحب أيضا وراءها مقطورات الاحتجاج.

كما هو متوقع، ثار ضد كفاح التكنولوجيا العليا رد مضاد يتصدره الطفل المدلل لليمين، رامي ليفي. في حينه قاد الكفاح ضد غلاء البسطات وواصل كشركة سوبرماركتات. وبالفعل، فان الصراع الاقتصادي سيكون قاسياً، وهو جزء لا يتجزأ من الفصل الفئوي الذي يتحقق بين الجناح الليبرالي – الديمقراطي والجناح الديني القومجي؛ بوابة الدكتاتورية.

الهستدروت في هذه المرحلة ساكتة أو مشلولة، لأن رئيس المنظمة، بار دافيد، يعرف بان الحسم الى هنا او هناك سيقسمها، وخير أن هكذا. فلتنقسم. لكن هذا ليس الاقتصاد فقط يا غبي، بل أيضا الأمن والفصل الأمني، حين تكون الجبهة العسكرية هي الإشكالية، الخطيرة والفورية، من كل الجبهات.

في اعقاب حملة جنين، دار في وسائل الاعلام نوع من الحملة في صالح استمرار القتال، وكان هذا هو الخيار الوحيد. الهدف الاسمى لتطبيق سياسة الأمن لدى اليمين هو احتكاك عسكري عنيف في الميدان، يخدم تعزيز الاستيطان في الضفة برعاية “حملات” على نمط جنين وربما حرب متعددة الجبهات.

من ناحية اليمين العنيف والمتطرف، الاغراء كبير جدا: الجيش الإسرائيلي أقوى بكثير في أي اشتعال في ساحة واحدة، أو، اثنتين او كلها. في مجهر اليمين المجنون هذا تجسيد لحلم في مستوى “حرب الاستقلال” وولادة الدولة. هذه المرة هم على الجواد.

مزيد فمزيد من النساء والرجال ممن يخرجون للاحتجاج في سبيل صورة الدولة، بما في ذلك اناس الاحتياط، يفهمون اكثر فأكثر ما هي الأهداف الحقيقية لمتطرفي الحكومة. فالدرس المقلق للغاية في أعقاب جنين هو حملة غسل دماغ ينقط “فهما” باننا ملزمون بمواصلة حملات من هذا القبيل، توسيعها، بل الشروع فيها منذ الغد. في الحد الأقصى بعد غد.

دعكم من تسفيكا يحزقيلي، الذي لن يرضى الا اذا احتللنا الجلعاد (وعد الهي في مستوى الطابو)، لكن ما الذي يفعله هناك تامير هايمن، رئيس شعبة الاستخبارات “امان” الأسبق، ويوسي يهوشع، مراسل ومحلل عسكري في “يديعوت احرونوت”، فالرجلان أجريت معهما مقابلتان صحافيتان في القناة 12 ونثرا مدائح على أداء الحملة في جنين تكاد تكون بتعابير المبالغة، مما يهين الجيش اكثر فأكثر… وكأن مانشستر ستي ينتصر على هبوعيل بئير طوفيا وانتم تنفعلون من ماذا بالضبط؟

يهوشع، في أعقاب جنين، أيد حربا مبادراً اليها ضد “حزب الله”. والآن، وصف هايمن الحملة في جنين بأنها ناجحة، وأضاف بأننا “ملزمون بقدم سياسية”. كمدير معهد بحوث الأمن القومي نسي أن يشرح بان القدم الوحيدة لحكومة بنيامين نتنياهو هي تلك التي تركل كل ما ينز رائحة “تسوية سياسية”. المشكلة: بيبي وشركاؤه يعتقدون بان الخط البياني المنخفض الذي توقف في الاستطلاعات هو نتيجة الحملة في جنين والسعي الى اصلاح كامل، ما من شأنه أن يؤدي الى مواصلة تشريع تعسفي وترويج حملات وقائية من نوع “بيت وحديقة”.

على السطح الإعلامي والسياسي فان الحملة في جنين هي سوبر نجاح، وكأنه ليس واضحا بان الحديث يدور عن ضجيج ورنين. الحقيقة هي ان الحديث يدور عن اضطرار حقيقي، لانه في جنين نشأت جزيرة مسلحة هددت بالتسلل الى الخارج، وقد نشأت مباشرة بسبب سياسة الحكومة، ولم يكن للجيش تقريبا أي خيار إلا أن تلتقط له الصور على خلفية عواميد الدخان وإرسال الآليات الثقيلة التي دمرت البنى التحتية لأغراض العقاب الجماعي. اما القتال نفسه فكان مناورة بالنار الحية مع هوامش امن قصوى اطلق فيها ألف جندي نارا لظى في كل الاتجاهات، وماذا تقول عن التبذير، يا رافول؟

دروس الحملة اليوم هي كالتالي؟ كل قتيل فلسطيني سيطل مكانه اثنان أو خمسة، وبدل كل عبوة بدائية ستنتج خمسة أو خمسون. قتل جندي منا؟ سنذهب للقوة ونخرج اقوى. روتين. الواضح للجميع ان انه ستكون حملة أخرى او اثنتان او عشر.

يتبين أيضا أن المنتصر الأكبر هو “حماس”، التي تعظم تموضعها في الضفة كلها. كيف أعرف؟ بدأ نتنياهو يلوح بالحاجة لسلطة فلسطينية قوية بعد أن فعل كل شيء في السنوات العشر الأخيرة كي يفككها. الأميركيون وجو بايدن شخصيا شجبوا الحملة وسلوك الحكومة استغلال الفوضى لأجل تسريب بناء واستيطان جديدين. افترض ان من خلف الشجب يوجد تهديد بالعقوبات، ما حرك نتنياهو ليعقد الكابينت وان يعد الولايات المتحدة وجهاز الأمن في إسرائيل بالتخفيف عن السلطة الفلسطينية.

الكابينت، بالمناسبة، يحبط كل عمل حقيقي (باستثناء التصريحات عن التسهيلات في السلطة) عقب اعتراض بن غفير وسموتريتش. منذ سنين يطالب الحريديون القوميون ويفعلون كل شيء كي يفككوا السلطة مع علمهم بان “حماس” سترثها. كعدو مطلق “حماس” مناسبة لهم مثلما هو الغطاء للوعاء الذي يطبخ فيه استمرار السلطة في “المناطق”. أما إمكانية انتشار القتال الى ساحات أخرى فلا يردعهم بل العكس. هذا سيوحد الشعب أمام الأعداء، واذا ما وصل هرتسي هليفي وامثاله الى لاهاي، فهذا ليس شأنهم.

أهدافهم ينفذونها بضغط دائم على نتنياهو (تفكيك الحكومة والخسارة في محاكمته) بوساطة الفوضى الحكومية واساسا لأن الجوقة الائتلافية من “الليكود”، “شاس”، والحريديين تغرق في بصاق ذاتها فيما تلتقط بثبات كل فتات.

يتسبب هذا الوضع بكثير من النزوات في وسائل الاعلام لوقف كل محاكم التملص باسلوب “هؤلاء واولئك محقون او مخطئون، وأساساً هؤلاء وأولئك مذنبون”. عظيم. اختبار كل الزاحفين عائدين الى مطارح سواء العقل هو هل سيتغلبون على الإغراء للقفز يمينا مرة أخرى اذا ما وعندما- لا سمح الله – ينفذ اليمين تراجعا تكتيكيا ما ولا يعلن على الملأ عن تغيير عام في سياسته.

شيء ما بنمط مناحيم بيغن، الذي اعاد بضربة واحدة كل سيناء، ما منحه الحظوة التي أخذت منه عندما سار باتجاه حرب لبنان. لا أصدق لنصف ثانية بان بيغن لم يفهم ما يدور الحيث حوله. ما أن فهم، بتأخير مئات الضحايا، فقد صوابه وتبدد في تاريخ يعيد اليمين كتابته.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى