أقلام وأراء

حسن عصفور: مسيرات غزة المال قبل القضية الوطنية هدية سياسية مضافة للعدو

حسن عصفور 17-9-2023: مسيرات غزة المال قبل القضية الوطنية هدية سياسية مضافة للعدو

سارعت وسائل إعلام متعددة المسميات واللغات، بنشر ما وصفته رسالة حمساوية خاصة، مسببة دوافعها للزج مجددا ببعض أبناء قطاع غزة، الذهاب الى السياج الفاصل والتظاهر، التي تمركزت حول بند واحد لا أكثر.

المنشور الحمساوي متعدد اللغات، لم يكن جديدا من حيث المضمون، ولا مفاجئا من حيث السلوك العام، وأن غالبية النشاطات التي تنفذها الحكومة الإخوانجية منطلقة من جوهر “التفاهم الرئيسي” بينها وحكومة دولة الاحتلال “الأمن – التهدئة مقابل المال والامتيازات الخاصة”، ما بعد انقلابها الانفصالي عن الكيانية الوطنية، لتأسيس موطئ قدم متأسلم، بعدما غابت شمس الجماعة العام مع سقوط مشروع أوباما لتمكينها، أداة خاصة.

وبعد فترة طويلة من الهدوء السياجي، عادت حليمة الحمساوية الى عادتها الابتزازية فيما تقوم به، دون أدنى تفكير بمخاطر جوهر معادلتها راهنا، وأيضا بما هي نتائج أفعالها، التي باتت مكشوفة جدا غاية وأهدافا، وسلوكا

خطوة التحديث الحمساوي لمطالبها ضمن “مذكرة التفاهم” بينها وحكومة الكيان، باعتبار المسألة المالية هي المسألة المركزية وليس المسألة الوطنية، رسالة تقزيم كامل للحركة الشعبية، وخدمة مباشرة لحكومة التحالف الفاشي بقيادة نتنياهو، عندما يتم تكسير عامود الهوية مقابل المال، في ظل تنامي مشروع الضم الاستيطاني الأوسع الذي أعلنه وزير المال في دولة العدو، ووزير جيش الاحتلال المناوب الإرهابي سموتريتش، بل واعتباره 60% من أرض الضفة خارج البحث، وهي جزء من مشروع التهويد.

مضمون التهديد الحمساوي الأخير، بعدما خفضت قيمة “العطية الحكومية” المقررة من قبل “الثلاثي المخابراتي” الأمريكي الإسرائيلي القطري لصالح تعزيز الحكومة الانفصالية في قطاع غزة منذ يونيو 2007، وحتى تاريخه، يمكنه أن يقدم هدية سياسية كبرى لصالح دولة العدو الاحلالي، ولذا لم يتأخر الإعلام العبري بإعادة صياغتها وتعميمها لتصبح موضوعا بارزا وسط أخطر أزمة تهدد الكيان منذ العالم 1948.

كان مفترضا، وسريعا، أن تبادر حركة حماس، التي لا يصمت الناطقين باسمها عن الكلام أبدا، الرد على ما تم الحديث عنه، بأنها تستهدف بمسيراتها عملية ابتزاز وجلب اهتمام حول مصالحها وامتيازاتها التي تناقصت، رغم أن خدماتها لدولة الاحتلال ارتفع منسوبها أضعافا عما كانت قبل عقد “صفقة التفاهم الأمن مقابل المال”، وأثبتت ذلك في كل معارك حدثت مع الجهاد وخاصة 2022 – 2023، وكذلك في الضفة الغربية، رغم كل “الضجيج الكلامي” فهي موضوعيا ليست جزء من حركة “المقاومة الشعبية” المتنامية، وما نسب لها من عمليات عسكرية محدودة تماما ولغايات لم تعد مجهولة النسب والهدف.

يبدو أن قيادة حماس لم تدرك بعد، السبب الحقيقي لدافع عدم الالتزام الإسرائيلي القطري بالجانب الامتيازي لها، في الصفقة الكبرى التي حدثت بينها وحكومة الفاشيين في تل أبيب، بعدما أثبتت كامل الولاء الأمني – السياسي، خاصة وأنها اعتقدت بزيادة متسارعة لامتيازات مركبة، بعدما فتحت خطا مباشرا سريعا لشركات العمل بالتنسيق المباشر بينها وبين الأمن الإسرائيلي.

موضوعيا، نعم تستحق حكومة حماس مكافأة مضاعفة من حكومة نتنياهو سموتريتش وبن غفير، ولكن ما حدث ليس عقابا بالمعنى السياسي المباشر، كما تعتقد قيادة الحركة الإخوانجية، بل هو جزء من ترتيبات بدأت نحو ما سيكون لاحقا، في الضفة والقدس، مرتبطا بأداء ودور عليها القيام به، خاصة وأن أطراف ترتيب المشهد العام تسارع خطاها كي لا تسمح بمفاجآت مربكة لها.

ابتزاز حماس حكومة وقيادة في قطاع غزة، هو جزء من المشروع القادم، وليس على “سوء سلوك سياسي” لها، وتلك المسألة الجوهرية التي تبحث عنها دولة الاحتلال، خاصة وأنها أرسلت رسالة عسكرية فورية على محاولة صبيانية حدثت على السياج، لردع أي تفكير بالخروج عن النص المراد البقاء داخله، فالسياج المقام ليس للخرق والعبث.

بالتأكيد، تعميم مطالب حماس التهديدية، “المال وليس المسألة الوطنية” هي العامل المركزي الذي يحركها في قطاع غزة…هدية سياسية فريدة لصالح دولة الكيان، تضاف لخدمات قدمتها في رصيد الخدمة الأكبر عبر سنوات الانقلاب!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى