أقلام وأراء

حسن عصفور: تصريحات باردو التاريخية وغرق البعض بحملة عن خطاب الرئيس عباس

حسن عصفور 9-9-2023: تصريحات باردو التاريخية وغرق البعض بحملة عن خطاب الرئيس عباس

بشكل تناسقي مع تصريحات غالبية قادة المؤسسة الأمنية السابقين، الذين يدركون، ربما قبل غيرهم، ما ينتظر دولة الكيان مستقبلا أسودا، مع تحالف فاشي لا يقيم وزنا لأي قانون سوى مصلحته المباشرة، خرج أحد قادة الجهاز الأمني الأخطر “الموساد”، في مقابلة مع وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية، تحدث بوضوح مطلق، عن كيف أن حكومات إسرائيل المتعاقبة أسست نظام فصل عنصري” – أبرتهايد، داخل أرض دولة فلسطين المحتلة منذ عام 1967 )وبالطبع تمارس العنصرية بأشكال مختلفة على فلسطيني الداخل 48 والذين يمثلون 22% من سكان دولة الكيان”.

تصريحات تامير باردو، تمثل تطورا نوعيا في التفكير اليهودي وخاصة الإسرائيلي، بل وفي الفكر الصهيوني بذاته، الذي بنى كيانه ثم احتلاله على قواعد العنصرية وجرائم الحرب ضد الشعب الفلسطيني، تصريحات ربما أصابت أنصار دولة الكيان، وخاصة في دول الغرب الاستعماري، وتحديدا الأوروبية منها، بصدمة كبرى، بعدما حاولت بكل سبلها حماية ذلك النظام، واعتباره نموذج “الديمقراطية” في المنطقة، وما قالته رئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أبريل 2023، بأن دولة الكيان “جعلت الصحراء العربية تزدهر”.

كان يجب على الرسمية الفلسطينية، أن تعيد تصريحات باردو وترجمتها باللغات الحية كافة، ويتم نشرها بأوسع نطاق، وترسل نسخ منها الى مقرات الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي الأكثر عنصرية دفاعا عن عنصرية الكيان، كون تلك التصريحات تكتسب قيمتها من النص والشكل الذي حدث، عبر أحد أهم وكالات إعلام أمريكية، بحيث لا يمكن التشكيك بها، أو القول عن التباسية حدثت بصياغتها.

بالتأكيد، تطورات الوضع الداخلي في إسرائيل، وتعزز مكانة قوى” الفاشية اليهودية”، بما بات يمثل خطرا كبيرا على دولة الكيان بذاته، وليس فقط على غير اليهود كما حاولوا طوال 74 عاما التعمية على قواعد العنصرية الفكرية في الثقافة الصهيونية، خطرها تعمق بنمو الفرق الاستيطانية في ارض فلسطين المحتلة، بحيث باتت هي المتحكمة في رسم المشهد الإسرائيلي.

تصريحات باردو وكشفه حقائق التكوين الثقافي للفكر الصهيوني والممارسات التي بدأت منذ عام 1967 داخل الأرض المحتلة، هي العنصر الرئيسي الذي يستحق الاهتمام المركزي الفلسطيني، بكل مكوناته، كونها وثيقة لا يمكن دحضها، من شخصية قادت أحد أهم أجهزة الأمن في دولة الكيان، وتمثل قوة دفع كبيرة لموقف فلسطين أمام محكمة العدل الدولية، التي تنظر في “ماهية الاحتلال”، وكذا “الجنائية الدولية”، بحيث تصبح تصريحاته وثيقة إثبات، ويمكن طلبه شخصيا للشهادة وغيره، أمام المحكمة حول لك.

واستباقا لتفاعل تلك التصريحات الكاشفة لعنصرية دولة الكيان، فتحت وسائل إعلام يهودية النار على خطاب للرئيس محمود عباس داخل المجلس الثوري لحركة فتح، أشار فيه الى “حقائق تاريخية” حول اليهود الغربيين، ودورهم وما حدث خلال الحكم النازي، تطرق استعراضي، ربما لم يكن هو الوقت المناسب لها، لكنها بالكامل هي حقيقة تاريخية، ليست من اختراعه، بل موثقة في عشرات الدراسات والكتب، من يهود عرب وغربيين، ومؤرخين بكل الجنسيات، بل أن البعض منهم أشار الى أن قيادات من الحركة الصهيونية تواطأت مع تلك المجازر كي تستغلها في مشروعها الاغتصابي لفلسطين، وتهجير اليهود الذين رفضوا في البدايات “المشروع الهرتزلي”.

وفجأة بشكل غبي وسريع، واستكمالا لعنصرية فون دير لاين، أصدر الاتحاد الأوروبي بيانا يدين ما نسب الى الرئيس عباس، وتتالت حملة منسقة، حاولت كسر الانتشار السريع لأثر تصريحات باردو حول عنصرية دولة الكيان، تأكيد لدورهم في حماية جرائم حربها وفاشيتها وفرق الإرهاب الاستيطانية فيها.

ويبدو أن ارتعاش البعض داخل المؤسسة الرسمية، ساعد تلك الجهات بحملتها للتغطية على الحقيقة السياسية، بدلا من رد “الصاع السياسي بصاعين سياسيين” ذهبوا للتوضيح والتبرير والشرح، تلك خطيئة سياسية لا يجب أن تستمر أبدا.

ما يجب ردا على عنصرية الدول الاستعمارية صفع كل من يحاول حرف القضية المركزية من مواجهة نظام الفصل العنصري الى حملة على خطاب لا يوجد بها ما يخالف النص التاريخي، هو أن تقف الرسمية بقوة وصلابة وتردع كل من يتطاول ويعمل للهروب من ضرورة اتخاذ موقف صريح من فاشية دولة الكيان وعنصريته.

كي لا يستمر مسلسل الانزلاق الغبي لتبرير وتوضيح، لتذهب الرسمية الفلسطينية لتعميم تصريحات رئيس جهاز الموساد ردا مباشرا، وليس غيرها، دون ذلك تساهمون في نصرة الباطل السياسي أي كانت نواياكم ويبدو أن بعضها “غير حسن”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى