أقلام وأراء

حسن عصفور: السلام التركي في سوريا والسلام الإسرائيلي في فلسطين ثقافة المستعمر

حسن عصفور 16-8-2023: السلام التركي في سوريا والسلام الإسرائيلي في فلسطين ثقافة المستعمر

في مقابلة مع قناة “سي أن أن الأمريكية شهر مايو 2023، أعلن الرئيس التركي رجب أدوغان، “إنه لا يفكر في سحب الجنود الأتراك من سوريا لأن التهديد الإرهابي لبلاده لا يزال ماثلا، وأضاف أن “السبب الوحيد لوجودنا العسكري في سوريا هو محاربة الإرهاب”.

وفي شهر أغسطس 2023، قال وزير الدفاع التركي يشار غولر، إن صياغة دستور جديد لسوريا واعتماده، يعد أهم مرحلة لإحلال السلام هناك، مؤكدا أن الجيش التركي لن يغادر سوريا دون ضمان أمن حدوده وشعبه، وأضاف غولر في مقابلة تلفزيونية، أن “تركيا تريد السلام بصدق، لكن لدينا ما نعتبره نقاطا حساسة، فلا يمكن تصور أن نغادر سوريا دون ضمان أمن حدودنا وشعبنا، وأعتقد أن الرئيس السوري (بشار الأسد) سيتصرف بعقلانية أكثر في هذا الموضوع”.

وكان الرئيس بشار الأسد أعلن بشكل قاطع، ان لا لقاء مع أردوغان قبل الانسحاب التركي من أرض سورية المحتلة.

كان يعتقد بعد أن دخلت تركيا، أعمق أزمة اقتصادية في تاريخها، وما أصاب عملتها انهيارا قياسيا، واكتشاف أن أمريكا التي قادتها للمشاركة في التدخل ضد العراق لإسقاط نظام صدام حسين، ولاحقا في سوريا واحتلال جزء من أراضيها، ونشر “الإرهاب” عبر أدواته المختلفة، خاصة داعش، ان يعود الرئيس التركي أردوغان الى عملية تقييم شاملة، حول تلك الأحداث، ليبدأ في مسار سياسي جديد بعيدا عن “الثقافة الاحتلالية” و”الاستخدامية” التي مر بها.

ولكن ورغم قيام دول عربية، وخاصة الإمارات والسعودية بالمساهمة في انقاذ حكمه، بل وانقاذه من السقوط في الانتخابات الأخيرة، بضخ كمية من عشرات المليارات في الاقتصاد التركي، ومع الموقف الروسي المميز لدعمه، يصر أن يكشف الوجه العدواني في العلاقة مع سوريا، مواصلا دور المحتل بكل ابعاده، سلوكا وممارسة ورؤية.

المفارقة الكبرى، التي استخدمها الرئيس التركي ووزير دفاعه لتبرير الاحتلال وعملية “التتريك” الحديثة في مناطق سورية خاصة “عفرين”، هي ذات قواعد الادعاء التي تستخدمها دولة الإرهاب اليهودي، وحكوماتها المتتالية، وترفض الانصياع لكل قرارات الشرعية الدولية، بل للاتفاق الوحيد الذي تم توقيعه بين منظمة التحرير ودولة الكيان ما يعرف باتفاق أوسلو 1993، وتستخدم ذات اللغة والمصطلح، لتواصل احتلال أرض فلسطين.

ثقافة الاستعمار التركية، التي يسردها أردوغان وأركان حكمه، لتبرير الاحتلال والتتريك في سورية، يجب أن تكون جزء من حملة كشف المستور، وألا تبقى مختبئة تحت مكذبة “مقاومة الإرهاب”، فمن صنعه عمليا هو أردوغان خدمة للمشروع الأمريكي الذي بدأ في عهد بوش الابن عام 2003 من العراق، وحاول أوباما توسيعه عام 2011، ولم تكن سورية في حينه تمثل “تهديدا” لتركيا.

ما قبل 2011، لم يكن هناك ما يمكن اعتباره خطرا على تركيا وأمنها، ولكن ما تلاها وبعد المؤامرة الأمريكية التركية بدأ نشر الإرهاب ضد سورية، وليس العكس، ولذا محاولة أردوغان وأركان نظامه “تبرير” استمرار الاحتلال للأرض السورية، ادعاء لا أكثر، يتماثل بالشكل والمضمون مع ذات الادعاء اليهودي لاحتلال أرض فلسطين.

مواجهة الثقافة الاستعمارية والاحتلال للأرض العربية، في سورية وفلسطين، ضرورة كي لا يبقى المستعمرين محتلين بلا تدفيع ثمن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى