ترجمات عبرية

جلال البنا – المحظور الفلسطيني والسجناء الامنيون

اسرائيل اليوم – بقلم  جلال البنا – 15/12/2021

” سيستغرق  وقت طويل آخر الى أن تكون جرأة لطرح مسألة مثل ولادة أطفال لسجناء امنيين من خلال تهريب نطفة من السجون الاسرائيلية “.

أعلن الاردن هذا الاسبوع رسميا، وبشكل غريب، لسحب ترشيح فيلم “أميرة” من جائزة الاوسكار، الفيلم الذي انتج وصور باسمه وعلى أرضه لكبرى شركات الانتاج الامريكي “نتفكس” بسبب  انشغاله بالمسألة الاكثر تفجرا وحساسية في العالم العربي ولا سيما في اوساط الجمهور الفلسطيني – السجناء الفلسطينيين، الذين يعرفهم الكثيرون في العالم بانهم “مقاتلو حرية”. 

“أميرة”- انتاج مشترك اردني، مصري وفلسطيني – يروي عن فتاة فلسطينية تدعى أميرة، اعتقل ابوها وهو سجين أمني قبل أن تولد وحكم لعشرات السنين في السجن الاسرائيلي. بعد أن كبرت أميرة واصبحت فتاة واعية، بدأت تطرح الاسئلة القاسية – ولا سيما كيف ولدت لاب يوجد في السجن يحل عليه حظر اتصال جسدي من اي نوع كان. وبعد ضغوط شديدة وافق الاب على اجراء فحص انسجة ولمفاجأتها – وهنا الازمة الكبرى والنقد الحاد على الفيلم – يكتشف انها ليست ابنته البيولوجية رغم أنه هرب نطفته بل لسجان اسرائيلي درج على اللقاء بأمها.

يبدو أن الفيلم وضع على الطاولة موضوعا حساسا جدا، بقرة مقدسة، يفضل الكثيرون عدم الحديث فيه او طرحه على جدول الاعمال بل قبوله كما هو. وبخاصة عندما تتحدث المعطيات الحقيقية الرسمية عن 96 طفلا وطفلة ولدوا لسجناء امنيين فلسطينيين، نجحوا حسب الرواية الرسمية، في تهريب نطفهم الى خارج اسوار السجون في اسرائيل، وهكذا نجحوا في انجاب اطفال. 

العاصفة في الاردن حول الفيلم لم تهدأ بعد وجرت حتى الان نشر اعتذار رسمي من بعض الممثلين في وسائل الاعلام وفي الشبكات الاجتماعية، واساسا تجاه السكان الامنيين وابناء عائلاتهم. واساس الاعتذار كان الاعراب عن الاسف الشديد على التعاون مع الانتاج. 

الفيلم، كما اسلفنا، نجح في أن يرفع الى السطح اسئلة معقدة هي مثابة المحظور الذي لا يتجرأ احد على طرحها علنا، وبالتأكيد ان يطلب اجوبة عليها، ولا سيما تلك المتعلقة بالمسألة الصحية وبمصداقية تهريب النطفة من السجن.

مسألة السجناء في المجتمع الفلسطيني هي احدى المسائل الحساسة، الهامة والمقدسة لكل الجمهور. لا توجد عائلة واحدة ليس لها في الماضي او الحاضر علاقة بسجين امني، والجمهور الفلسطيني موحد في رأيه في الحاجة لدعم السجناء ومساعدتهم هم وابناء عائلاتهم. يمكن القول ان هذه هي المسألة الاولى في اهميتها بعد المسجد الاقصى وبالتأكيد اهم من مسألة اللاجئين.

من هنا، في اساس كل مفاوضات كانت حتى الان بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية كانت مسألة السجناء احدى صخور الخلاف الاشد. في اسرائيل يرون فيهم كمن ارتكبوا جرائم، وفي اوساط الجمهور الفلسطيني يرون فيهم مقاتلو حرية ضحوا بحريتهم من أجل الوطن.

وفي هذه الاثناء منع الفيلم عن البث ويبدو أنه سيستغرق وقت طويل آخر الى أن تكون جرأة لطرح مسألة مثل ولادة أطفال لسجناء امنيين من خلال تهريب نطفة من السجون الاسرائيلية. كل حديث من هذا النوع، يمكنه أن يطرح تقديرات وتخمينات بحق السجناء، كفيل بان يجر نقدا لاذعا ومقاطعة لمن يتجرأ على طرح اسئلة قاسية على جدول الاعمال العام. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى