منوعات

بكر أبو بكر: التفاحة الفاسدة والاستدراج

بكر أبو بكر 2022-11-19 : التفاحة الفاسدة والاستدراج

هناك الكثير من الشخصيات المتنوعة التي تحيط بنا، ولنا في اختبارات الشخصية الكثير من الأدوات القادرة على سبر أغوار النفس، ووضعنا على بداية طريق الفهم والتفاهم.

الافتراض أن الكل يبتغي تحقيق الهدف العام داخل العمل في المؤسسة هو افتراض ضروري مادام الشخص يتحلى:

بالمقدرة والكفاءة العلمية

ويتحلى بالفهم وبالقدرة العقلية

ويكرس وقته في العمل

بعيدًا عن المنغصات أو التوترات الخارجية، أو تلك في بيئة العمل

أو الأخطر تلك النابعة من ذات الشخص، في نفسه وطبائعه.

وفي النقطة الأخيرة حيث تشكلت الشخصية الانسانية يقع القلق من المدير، أو القائد الإيجابي والمنجز حيث أنه حين يتعامل مع الأشخاص يفترض أنه يلقى القبول والتفهم والالتزام منهم مقابل العائد الذي يصل الى الكادر أوالعامل (عائد مالي، أو معنوي أو تحقيق الاهداف العامة…). ويبقى السلوك المنحرف أوسلوك الشغب أوالتوتير المقصود من السلوكيات الملفوظة، وقليلة التوقع في بيئة العمل (أوبيئة المنظمة او المؤسسة) الصحية.

لذلك فإن المدير الفاعل والقائد المحفّز بطبعه، أي ذاك الذي يسعى لأقصى قدر من الانتاجية من كل الأشخاص تحت قيادته وكل حسب قدرته أو تخصصه يسعى (يجب) لتوفير البيئة المناسبة، والمناخ النفسي، لتحقيق أقصى قدر من التفاعل والاستجابات المحققة للانجاز.

ومع كل ذلك فإذا حيّدنا (هنا لغرض البحث) شخصية المدير أو القائد وبيئة العمل والمناخ النفسي، فإن الطرف الثالث ألا وهو الشخص الكادر أو العامل تحت قيادته يصبح تحت الأنظاروالبحث، ما يعني ضرورة التعامل معه بكل الطرق اللازمة لتمكينه من عمله.

في حالات معينة قد يجد القائد شخصًا واحدًا أو أكثر من مثيري الشغب أو مثيري الفتن والمؤامرات والمشاكل.

المشاغبون مثيرو الفتن والدسائس عن قصد (على قلتهم) هم بمثابة التفاحة الفاسدة رغم أنها واحدة ولكن استمرارها وعدم إزالتها أو التصدي لها أو المناعة ضدها قد يطيح بالجميع. لذا وجب تحديد التفاحة الفاسدة فرائحتها تشي بها، ثم عزلها وتحييدها والتعامل معها.

وما النفس الانسانية بهذه السهولة، وما التعامل معها معادلة رياضية أبدًا، فالاجوبة كثيرة وقد تختلف من شخصية الى أخرى، لذا وجب التعامل معها بتؤدة ورفقة وأحيانًا بشدة وبقسوة القانون.

وفيما يلي إضاءة حول المشاغبين أو مثيري المشاكل والفتن داخل المؤسسة ومنها في التنظيم السياسي ما يمكن النظر لها بتفهم للإجراءات، وتقدير المناسب منها حسب الهدف العام المرجو.

غالبًا ما يلعب المشاغبون أكثر مما يعملون رغم أن معظم الأشخاص يتصرفون بطريقة احترافية أو موضوعية ملتزمة، لكن يبدو أن البعض يستمتعون بكونهم مثيري الشغب أو دساسون في أي فرصة يحصلون عليها، ما يتسبب في الخلافات والمشاجرات، وبالتالي تضليل القائد او صاحب القرار.

قد يقضي مثير الفتن أوالمشاغب الدائم الكثير من الوقت في التسبب في مشاكل وحزازيات لدرجة أن مهمات العمل تتعطل أو لا تنجز. إنه ينشر حالة التراخي ويقوم بتسميم فريقك بأكمله بأفعاله، مما يكلف مؤسستك/تنظيمك/إطارك الوقت والمال والسمعة. وترى الباحثة “مليسا كينغ” أنه يمكن القيام بعدد من الخطوات للتعامل مع الدساسين ومثيري الفتن أو المشاغبين،مع بعض الإضافات والتنقيحات اللازمة من قبلنا، كالتالي:

الخطوة 1 حدّد المشاغب في عملك .

يظهر المشاغب أو مثير المشاكل والفتن (إنه التفاحة الفاسدة في الصندوق) من خلال نشره الإشاعات، ومسح الجوخ (التسحيج/المداهنة) للمسؤول، أومن خلال الظهور بحالة من الترفع على الآخرين أو بادعائه أنه يعرف كل شيء، أو غير ذلك من أساليب ملتوية او مخربة.

الخطوة 2 ارفض التماشي مع المشاغب (لا للمجاراة).

ارفض التماشي مع المشاغب إذا طلبت منك أن تفعل شيئًا خاطئًا أو سيئًا للمؤسسة. ولا تمنحه الشعور بالرضا عن جعلك كبش فداء.

الخطوه 3 ابتعد عن نميمته

ابتعد عندما يحاول المشاغب الثرثرة/النميمة/الإفساد، أو إخبارك بإشاعة سيئة، وأنصح زملاءك الآخرين في العمل أن يفعلوا الشيء نفسه. إذا لم يكن لديه جمهورراغب بالاستماع، فلن يكون لدى المشاغب سبب كافٍ للنميمة. أي أنه سيرعوي بنبذه وتجفيف بيئة الاستماع حوله.

الخطوة 4 تجنب الرد عندما يُدلي المشاغب بتعليق فظ (لاتدعه يستدرجك)

لأنه إذا رددت عليه، فسوف ينتعش شعورًا بالاهتمام. وبدلًا من الرد اللفظي، امنحه (نظرة حادة) وإذا كان منتبها على الإطلاق، فسوف يدرك أنك لن تتسامح مع سلوكه.

الخطوة 5 حمل زميلك/زميلتك في العمل المسؤولية عن تصرفاته

الخطوة 6 تحدث إلى المشاغب/ة على انفراد

تحدث إلى المشاغب، المفسد على انفراد. تأكد من فهمه لكيفية تأثير سلوكه على الآخرين. تحدث عن نفسك، واشرح كيف يشعر زملائه في العمل/المؤسسة/التنظيم حيال ما يفعله. علّم المشاغب أن أفعاله تخرب زملاءه أو تؤذيهم. (إنه حسب النظام الداخلي للتنظيم السياسي بمثابة تنبيه اولوم شفوي، قد يلحقه حين التكرار عقوبات أشد حسب النظام/القانون الداخلي)

الخطوة 7 كافئ الشخص الإيجابي في العمل

كافئ زميلتك/زميلك في العمل عندما تمتنع عن التسبب في المتاعب. امدحها واثنِ على سلوكها. قد تقول “أعلم أن فكرة عبدالله كانت سخيفة ، لكنك لم تصرخي في وجهه أو توبخيه ، نحن جميعًا نقدر ذلك. شكرًا لك على كونك مهذبًة.”

الخطوة 8 تحدث إلى قائدك/مديرك في العمل عن المشاغب/المشاغبة

تحدث إلى رئيسك/قائدك في العمل/التنظيم السياسي عن المشاغب. واشرح بالتفصيل كيف يؤثر المشاغب على العمل والزملاء. فقد يغير مثيرو الشغب طرقهم بعد أن يتحدث معهم المدير أوالقائد. (أو طالب حين تكرار أفعاله بمحاسبته وفق التسلسل النظامي).

دعني أضيف لما سبق من تجربتي أنني أذكر أن أحد من عاشرتهم في إطار العمل من زمن قديم كان من هذه الفئة المشاغبة أو المثيرة للفتن (التفاحة الفاسدة)، حتى أن المجموعة من زملاء العمل قد أسماه فلان اللئيم (رحمه الله).

هو رغم انكشاف أمرفِتَنِه واستدراج الآخرين لمربعه، استمر ينقل السيء أو المثير أو المقلق أوغير الصحيح من القول ولكن ضمن مقاربة (لادخان بلا نار) متعمدًا، او مستمرئًا، ما يثير المشاكل والخلافات والكراهية والأحقاد، وينقل ذلك بخفة وابتسامة عجيبة!

وكأن لا علاقة له بالأمر، فيثير الحفيظة والتوجس ويحقق التباعد لدى الأطراف! ما كان له الأثر(الإيجابي!؟) لدى القائد في العمل بأن استخدمه بدلًا من أن يواجهه!؟ استخدمه في تعميق المناخ السلبي والمتأزم (فرق تسد) الذي ارتآه قابلًا عبره بالحفاظ على سلطانه واستبداده ودوام احتفاظه بالكرسي الزائل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى