شؤون اقليمية

مجموعة الأزمات – روسيا هي الجهة الوحيدة القادرة على التوسط لمنع التصعيد بين إيران وإسرائيل

موقع مجموعة الأزمات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا – بقلم جوست هيلترمان – 13/2/2018
كتب مدير برنامج الأزمات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، جوست هيلترمان، أن هناك مرحلة جديدة في الحرب السورية تُؤذن بالتصعيد مع إسرائيل. إذ بينما يبسط نظام الأسد اليد سيطرته على كثير من المناطق، يقوم حزب الله بالانبثاث في الجنوب الغربي وتسعى إيران إلى تعزيز قدرات شركائها العسكرية، إلا أن إسرائيل تخشى أن تصبح سوريا قاعدة إيرانية.
ولكن لماذا يبدو هذا مهما؟ يرى تقرير المجموعة أن “قواعد اللعبة” التي تضمنت اشتباكات بين حزب الله وإسرائيل منذ أكثر من عقد، قد تآكلت. ويمكن وضع قواعد جديدة في سوريا بالاتفاق المتبادل أو عن طريق دورة قاتلة من الهجمات والردَ، والجميع سيخسر. ويمكن أن تكون الحرب الأوسع نطاقا خطأ في الحساب والتقدير.
فما الذي يجب عمله؟ يجب على روسيا أن تتوصل إلى التفاهمات التي تعزز اتفاق منع التصعيد الذي يبعد القوات المدعومة من إيران من خط الهدنة السوري مع إسرائيل ويوقف بناء إيران لمرافق الصواريخ الدقيقة وبنيتها التحتية العسكرية في سوريا، ويقنع إسرائيل بالقبول بالقوات الأجنبية الإيرانية في بقية سوريا ريثما يتم التوصل إلى اتفاق بشأن مستقبل البلاد.
دخلت الحرب السورية مرحلة جديدة مع توسع سيطرة نظام بشار الأسد. وما عادت إسرائيل قادرة على أن تبقى متفرجة مع تحسن موقف دمشق، وهي الآن تعمل على قلب الوضع لمصلحتها. وفي هذا التحرك، تواجه عقبات هائلة: فنظام الأسد أكثر اعتمادا من أي وقت مضى على إيران، التي تعتبرها إسرائيل الخصم الأكثر الإلحاحا، وحزب الله والمليشيات الشيعية المدعومة من إيران ما زالوا متمركزين في سوريا ببركة روسيا، والولايات المتحدة، رغم تهديد ووعيد إدارة ترامب، لم تفعل شيئا يذكر لعكس مكاسب إيران.
بيد أن يد إسرائيل ليست ضعيفة جدا. وقد أعطتها روسيا مجالا للعمل ضد المصالح العسكرية المرتبطة بإيران، ويبدو أنها أكثر اهتماما بموازنة التحالفات المتحاربة المتنافسة من إعادة كل قطعة أرض إلى سيطرة نظام الأسد. ولكن إذا كانت روسيا ترغب في سحب قواتها في نهاية المطاف، فإنها سوف تحتاج إلى التفاوض على قواعد اللعبة. ولم تُبد روسيا اهتماما كبيرا بذلك، ولكن إذا لم يحدث هذا، فإن الأعمال العدائية بين إسرائيل وإيران قد تهدد إنجازاتها، ولا سيَما استقرار النظام.
وكان قلق إسرائيل الأول هو جنوب غرب سوريا، إذ عزمت على منع حزب الله أو الميليشيات الشيعية من الاقتراب من خط الهدنة لعام 1974 وإنشاء بنية تحتية هجومية في المناطق المجاورة لها. إن قيامهم بذلك، كما ترى إسرائيل، يمكن أن يعني جبهة جديدة ضدها، ويضع حزب الله في وضع يسمح له بشن هجمات من منطقة لن تكون فيها دوائره المدنية اللبنانية تعاني من هجمات إسرائيلية مضادة. ويخشى المخططون الإسرائيليون أن يتحمل الجيش الإسرائيلي أعباء محددة مع احتمال اشتعال حرب إقليمية.
هناك استراتيجية أميركية – سعودية تتشكل، بمساعدة إسرائيل، من أجل الضغط على إيران عسكريا واقتصاديا ودبلوماسيا. وفي الوقت الراهن، فإن “منطقة خفض التصعيد” التي ترعاها الأردن وروسيا والولايات المتحدة تُبقي حزب الله والمليشيات الأخرى على مسافة بعيدة عن خط الهدنة. ولكن هناك دلائل على أن هذا الاتفاق لم يُلتزم به.
وتريد إسرائيل، وعلى نطاق أوسع، منع خصومها من ترسيخ الوجود العسكري الدائم في أي مكان في سوريا، وهو ما يُخشى أن يعزز يدهم في الحروب المستقبلية وكذلك تأثيرها اليوم في لبنان والأردن والساحة الفلسطينية. وتثير إيران قلقا خاصا: تسعى الخطوط الحمراء الإسرائيلية إلى منعها من إنشاء مطار أو ميناء بحري أو قاعدة عسكرية أو وجود دائم للميليشيات أو مواقع لإنتاج أسلحة دقيقة لحزب الله. وقد أظهرت إسرائيل بالفعل عزمها على تعطيل بناء هذا النوع من الهياكل الأساسية العسكرية الرئيسة. ويبدو أن روسيا، إجمالا، مرتاحة للسماح بهذا التصميم، ولا يمكن لإيران ولا سوريا وقفه.
كما يشعر المسؤولون الإسرائيليون بالقلق إزاء احتمال وجود ممر إقليمي تسيطر عليه القوات المرتبطة بإيران، ويمتد عبر العراق إلى سوريا ولبنان، ويمكن أن تسهل حركة المقاتلين والعتاد.
وليس إلا موسكو في وضع يمكنها من التوسط لتعزيز اتفاق تخفيض التصعيد. وما لم تفعل ذلك، فمن المرجح أن قواعد اللعبة السورية ستخضع لثنائية الهجوم والرد مع خطر التصعيد.
وقد تؤدي التغييرات الإقليمية إلى زيادة احتمال التصعيد هذا. هناك إستراتيجية أميركية – سعودية تتشكل، بمساعدة إسرائيل، من أجل الضغط على إيران عسكريا واقتصاديا ودبلوماسيا. وإن لحزب الله وإيران سبلا للرد. فلا حزب الله ولا إسرائيل رهن حلفائهما وكل منهما له أسبابه، ولا سيما التهديد الذي يتعرض له السكان المدنيون، لتجنب تصعيد كبير. ولكن من غير المحتمل أن تظل الأعمال العدائية محلية.
في جنوب غرب سوريا، يبدو أن روسيا هي الجهة الوحيدة القادرة على التوسط في التفاهم لمنع التصعيد بين إيران وإسرائيل في جميع أنحاء البلاد. ستكون أفضل النتائج المتوقعة حاليا صفقة تتخلى بمقتضاها إيران وشركاؤها عن بناء البنية التحتية العسكرية الرئيسة، وفي سائر مناطق التمركز، ولكن تحتفظ بنفوذ كبير في البلاد بوسائل أخرى. من الصعب تصور العودة إلى الوضع قبل عام 2011، عندما كانت الدولة السورية، بتحالفها مع إيران، ليست ساحة للوجود الإيراني المفتوح والعمليات العسكرية. في المستقبل المنظور، ستظل إيران دعامة أمن نظام الأسد، ولكنها قد تقوض استثمارها إذا ما تضخم.
ستبقى الخريطة التي يسيطر عليها النظام تحت تأثير إيران وحلفائها. وسيظل النظام يعتمد على إيران من أجل الأمن وفرض السيطرة على أراضيه. وقد غرست طهران جذورها في الاقتصاد السوري، مع حصص في قطاعات النفط والغاز والتعدين والزراعة والطاقة والاتصالات وغيرها. والوجود البري الإيراني والاعتقاد بأن الحفاظ على سوريا الصديقة هو مصدر قلق وجودي، يعني أنه من غير الممكن تصور أن الجيش الإيراني يمكن أن ينسحب البلاد ضمن التسوية النهائية للحرب السورية، كما تطالب إسرائيل.
وقد سهَل قتال حزب الله في سوريا من أجل إنقاذ النظام وصول الأسلحة إليه، ومنها صواريخ من مجموعة كبيرة من الصواريخ الدقيقة. ونتيجة لذلك، فقد حسنت ترسانتها. كما تخلت إسرائيل إلى حد كبير عن اعتراض الصواريخ البعيدة المدى، التي يملك حزب الله الكثير منها الآن، وتحولت إلى منع حصول الجماعة على أسلحة دقيقة تمكنها من استهداف أكثر المواقع حساسية في إسرائيل، مثل وسط مدينة تل أبيب ومطار بن غوريون ومواقع استخراج الغاز وإنتاجه. والمسؤولون الإسرائيليون مقتنعون بأن الحرب المقبلة مع حزب الله ستؤدي إلى خسائر فادحة على الجبهة الداخلية، لهذا دافعت إسرائيل عن خطها الأحمر الجديد بقوة.
خدمة العصر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى