أوراق إستراتيجية: ما هي أخطر التساؤلات لعام 2012؟
مركز الناطور للدراسات والابحاث
الأزمات، والصراعات، والتعاون في العام 2012
روبرت لامب (زميل كبير ومدير برنامج الأزمات، الصراعات، والتعاون، CSIS)
يواجه المجتمع الدولي عدداً من الأزمات والنزاعات المستمرة، إضافة إلى أوضاع ما بعد الأزمات: ليبيا، مصر، السودانان، أفغانستان، العراق، والمكسيك. وهذا غيض من فيض. ينبغي أن نكون قلقين لأن المانحين الأجانب والجيوش الأجنبية – بمن فيهم الولايات المتحدة- لم يضعوا الوسائل لإدارة هذه الأوضاع بفعالية حيث يجب حتى الآن. فلطالما تصرف المجتمع الدولي على قاعدة الاعتقاد بأن بالإمكان ” بناء” البلدان المتأثرة بالصراعات والمتعافية من الأزمات لتصبح دولاً تؤدي عملها ووظيفتها بمساعدة دول خارجية. إنه اعتقاد مفهوم، وقد قام المجتمع الدولي، بالواقع، بقدر كبير من أعمال الخير في عدد كبير من الأماكن: بناء مؤسسات وبنى تحتية، تدريب موظفين مدنيين وقوى أمنية، وتحقيق تحسينات في نوعية حياة ملايين الناس. إلا أن فكرة بناء الدولة بدعم خارجي غالباً جداً ما كانت تتقوض بفعل أوهامه الخاطئة نفسها. فقد كان الوهم الأساسي هو أن البناء السريع لمؤسسات تعتبر اعتيادية في دول فاعلة سوف يقود، بدوره، إلى نوع من السلوك السياسي يجعل تلك الدول مستقرة. نقول، المرة تلو الأخرى، لقد تحطم هذا الوهم على صخرة الواقع على الأرض. على سبيل المثال، وعند كتابة هذه السطور، تهدد أزمة سياسية مذهبية وحدة العراق واستقراره مع بدء رحيل القوات الأميركية مباشرة. أما التحدي الأكبر والمباشر لليبيا فلا يتعلق بعدم أداء مؤسسات الدولة لوظائفها بفعالية حتى الآن: التحدي الأكبر هو أن آلاف الرجال المسلحين، في عشرات الميليشيات، يطالبون بحصة من السلطة الآن. هذا النوع من المشاكل بحاجة للمعالجة قبل الانتخابات، قبل الإصلاحات القانونية، وقبل إمكانية التخطيط لإنهاء بناء القدرات. يواجه جنوب السودان كذلك الأمر مخاطر بحيث إن عمل بناء الدولة المعتاد غير مناسب الآن. باختصار، إذا لم يقم المجتمع الدولي بعمل أفضل بفهم المشهد السياسي والاقتصادي وحتى الأخلاقي للأماكن الواقعة تحت أخطر الظروف والعمل ضمنها، فإن وعودنا ستتخطى إنجازاتنا مجدداً، وستكون جهودنا في بعض الحالات غير فعالة في أفضل الأحوال، وغير مثمرة في أسوإها.
الخبر الجيد هنا هو أن النظرة التقليدية لبناء الدولة واستقرارها كانت موضع تساؤل من قبل عدد كاف من الناس بحيث إن من المرجح أن يشهد عام 2012 بدايات تغيير حقيقي في النموذج. لقد قادت الأزمة الاقتصادية العالمية الشعوب والمشرعين في عدد من الدول المانحة إلى التساؤل عن مدى فعالية استثمارات بلدانهم في الأمن، الاستقرار، التعافي، والتنمية قياساً إلى كلفتها. فأولئك الذين عملوا في أفغانستان وهايتي ( هذا فقط لنسمِّ حالتين من أكثر الحالات تطرفاً) شهدوا، مباشرة، التأثيرات المباشرة لعدد المانحين الكبير جداً وللموارد الكثيرة جداً المتدفقة لتصب في مكان سيئ التجهيز لاستيعاب كل ذلك، والنتائج الضارة للجهود المبذولة ( والبعض يقول المفروضة) لتنمية مؤسسات دولة وجعلها حديثة وعصرية بسرعة في أماكن ليست ( حتى الآن؟) ملائمة ومتناسبة طبيعياً مع العمليات المحلية. وقد أدرك كثيرون أن “المخربين” ليسوا فقط مقاتلين سابقين وفاعلين غير حكوميين، وإنما غالباً مسؤولي الحكومة المستفيدين الرئيسين من مساعداتنا: بالواقع، لقد كان واضحاً أن المخرب الأساسي ليس أية مجموعة محددة من الفاعلين، وإنما الحياة السياسية نفسها. لقد بدأت تصبح المعرفة بالاستقرار، تشكيل الدولة، التنمية والتطوير المؤسساتي، والتسويات السياسية متجمعة ومترجمة لمتابعي السياسة بطريقة أكثر وضوحاً ومنهجية بكثير عما كان يحصل في الماضي ( تقرير التنمية العالمي للعام 2011 لعب دوراً تحفيزياً بهذا الخصوص). كما أن المانحين مهتمون، بشكل متزايد وحقيقي، بالحلول البراغماتية، بدلاً من الرؤى الكبرى. لذا فإن الفرص موجودة الآن، وأكثر من أي وقت مضى في العقد الفائت، لبلورة هذه الرؤى والأفكار في أطر عمل للعمل في بيئات معقدة، ومناطق يسيطر عليها فاعلون غير حكوميين، وأنظمة سياسية هجينة.
الأمن الإلكتروني في العام 2012
جايمس أ. لويس ( زميل كبير ومدير برنامج التكنولوجيا والسياسة العامة، CSIS)
يبدو أن هناك أطفالاً مزعجين يدخلون، في كل أسبوع، إلى بعض المواقع الإلكترونية ويقومون بقرصنتها طلباً للانتقام، مثيرين الذعر في الصحافة. مع ذلك هذا ليس شيئاً. فكل شهر، يخترق أشخاص أكثر ذكاء وبراعة من هؤلاء الأطفال بكثير قواعد البيانات لشركات وحكومات. فكم ستدفع حكومة لـ IMF المعرفية المتطورة أو لخطط G-20 المالية بحسب ما صممت إستراتيجيات استثماراتها ومفاوضاتها الخاصة؟ كم تساوي خطط الطائرات الخفية أو الأسلحة النووية الأصغر حجماً، أو المعرفة أن بإمكانك تعطيل منظومات القيادة العسكرية للعدو عندما تشاء؟ لقد شهد عام 2011 قراصنة يسرحون ويمرحون من دون أي عائق عبر شبكات أشخاص آخرين، كما فعلوا لعقود.
يوما ما سنصلح هذه المشكلة، لكن ليس قريباً. فالإنترنت لم يصمم كي يكون آمناً؛ بل إنه يسير كمجلس لكلية جامعية، والبرنامج الإلكتروني الذي تستخدمه أنت بدائي وغير آمن. لكن هناك أمور يمكن القيام بها في العام المقبل للتقليل من المخاطر. إن قانوناً تشريعياً يحدث معايير إلزامية للأمن الإلكتروني سيجعل من الولايات المتحدة هدفاً أصعب. كما أن إجراءات مبدئية لبناء الثقة بين الدول حول كيفية استخدامها الهجمات الإلكترونية ( وهم سيستخدمونها) يمكن أن يقلل فرص السقوط في صراع عسكري. هذه أهداف يمكن تحقيقها. هناك أيضاً خطوات أخرى ضرورية، في مجال سيادة القانون، الحكم، التكنولوجيا، وبما يتصل بالتأثير السياسي للإنترنت، إلا أن التوصل إلى اتفاق حول هذه الأمور سيأخذ سنوات. ضعوا نظام قانون البنية التحتية الحساسة ومعايير بناء الثقة في العام 2012 حيث ينبغي، وسيكون ذلك أكثر أماناً.
الدفاع والأمن القومي في العام 2012
كلارك موردوك ( مستشار رفيع ومدير مشروع القضايا النووية، CSIS)
تواجه وزارة الدفاع الأميركية، على الأرجح، تتالي المبالغ المسحوبة منها، إذ تهبط موازنة الدفاع بعدما بلغت ذروتها بعد هجمات 11/9 ( حوالي 35 بالمئة أكثر عما كانت عليه قبل الهجمات). إن وزارة الدفاع تطبق بالفعل الآن أولى التخفيضات في موازنتها ( مبلغ الـ 450 مليار دولار على امتداد 10 سنوات بتفويض من قانون التحكم بالموازنة الصادر عام 2011) وتخطط لنشر إستراتيجيتها وجعل شريحة الاقتطاعات هذه سارية في أوائل كانون الثاني 2012. في كل الأحوال، تواجه وزارة الدفاع أيضاً تخفيضاً آخر بقيمة 600 مليار دولار على امتداد الفترة نفسها نتيجة لآلية التضييق وحجز المال التي تسبب بها فشل ” اللجنة العليا” بالتوصل إلى اتفاق حول حزمة تخفيض الدين 1.2 تريليون دولار على الأقل والتي ليس لديها، ربما، استراتيجية لتحديد ما هي أولوياتها الأساسية إذا ما تخطت تخفيضات موازنة الدفاع، كما هو مرجح، التخفيض المبدئي المقدر بـ 450 مليار دولار. بالواقع، يبدو أن القيادة العليا لوزارة الدفاع تركز على مقاومة ما وصفه وزير الدفاع ليون بانيتا بأنه عواقب ” مدمرة” و” كارثية” تفرضها الاقتطاعات وحجز الأموال – التي حتى عندما تضاف إلى الاقتطاع المبدئي البالغ 450 مليار دولار، فإنها تخفض موازنة الدفاع بنسبة 14 بالمئة المتواضعة نسبياً– بدلاً من الاستعداد لاحتمال أن تكون المبالغ المسحوبة من الدفاع أكبر بكثير كجزء من ” مساومة كبرى” حول تخفيضات الإنفاق الفدرالي والزيادات الضريبية وبعد تطوير إستراتيجية للانكباب على التحدي القائم المتعلق بـ ” القيام بما هو أقل بموارد أقل”، فإن من المرجح أن ينتهي الأمر بوزارة الدفاع باقتطاعها الكثير جداً من ” الأشياء الصحيحة” والاحتفاظ بالكثير جداً من ” الأشياء الخاطئة” بما يتعلق بتحديات القرن الواحد والعشرين.
توصلت واشنطن، في العام 2010، إلى إجماع “داخل Biltway” حول مستقبل القوة النووية الأميركية عندما أصدرت إدارة أوباما ” مراجعتها الخاصة للوضع النووي” ( NPR) في أيار وصادق مجلس الشيوخ على اتفاقية ” START الجديدة” في كانون الأول. وقالت الإدارة الأميركية في تقرير NPR إنها ستحافظ على وجود قوة نووية ” آمنة، مضمونة، وفاعلة” طالما أن الأسلحة النووية موجودة ومستمرة، برغم أن ذلك سيكون بمستويات أدنى، إضافة إلى ثالوث الحرب الباردة من الغواصات النووية، الصواريخ العابرة للقارات، وقاذفات القنابل. ومقابل دعم الجمهوريين الحاسم لمعاهدة ” START الجديدة”، دعمت الإدارة الأميركية التزاماتها في NPR بواسطة الموافقة على إنفاق 88 مليار دولار ( على مدى 10 سنوات) لتحديث المجموعة النووية وعلى إنفاق 125 مليار دولار أخرى للحفاظ على منظومات القذف وتحديثها. وفي حين غطى هذا الاتفاق المؤيد من الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، التفاصيل البرامجية للحفاظ على ما كان، أساساً، هيكيلية وبنية تحتية لقوة نووية أصغر حجماً في حرب باردة، فإنه لم ينكب، ولم يبن إلا إجماعاً أقل بكثير، على معالجة القضية الأساسية لدور الأسلحة النووية في الاستراتيجية الأميركية في القرن الواحد والعشرين وتحديد ماهية القدرات النووية الضرورية ما بعد العام 2020، إذا كان هناك من ضرورة لها. لقد كان الاتفاق الحزبي الثنائي عام 2010 حول برمجيات التحديث النووي كارثة مبكرة في تطبيق الحكومة لقانون التحكم بالموازنة لعام 2011 الممرر في آب 2011. وفي رسالته في 14 تشرين الثاني 2011 إلى السيناتور جون ماكين والسيناتور ليندساي غراهام، حدد وزير الدفاع بانيتا التأثير ” المدمر” لآلية حجز الأموال على هيكلية قوات وزارة الدفاع وبرامجها. وقد تضمنت هذه الاقتطاعات تأجيل إنشاء الغواصة البالستية من الجيل الثاني ( واقتطاعاً في سلاح الغواصات من12 إلى 10)، وإنهاء برنامج جديد للقاذفات، والتخلص من صواريخ عابرة للقارات. ويعلم كثيرون في واشنطن بأن صفقة 2010 لا يمكن تحملها لكن بما أن ليس هناك من اتفاق حول دور الأسلحة النووية ما بعد الحرب الباردة في الاستراتيجية الأميركية، فليس لدى هؤلاء أساس يبنون عليه ليقرروا نوعية القدرات النووية التي تحتاجها الولايات المتحدة حقاً وكميتها.
خلال سنة انتخابات رئاسية، تطغى على الحكومة الأميركية عادة الحياة السياسية والحزبية وتكون غير قادرة على إطلاق مبادرات سياسية جديدة جريئة أو تحويل العمليات السياسية لديها. هذا يمنح محللي السياسة وجماعات المناصرة والتأييد الفرصة لتطوير توصيات واقتراحات لما ينبغي للإدارة القيام به، غالباً ما يكون ذلك في غضون 100 يوم من استلام الإدارة الحكم. بالنسبة للإستراتيجيين الأمنيين، يعتبر العام 2012 وقتاً مناسباً للإنكباب على معالجة الاستراتيجية الأميركية الكبرى في القرن الواحد والعشرين بما أن الحرب في العراق قد انتهت، والحرب في أفغانستان قد بدأت تضع أوزارها، والحرب ضد القاعدة ، مع مقتل بن لادن، قد أصبحت في نهايتها. وعلى خلاف لحظة الانتصار الوجيزة الأحادية القطب التي أعقبت نهاية الحرب الباردة، كان ثمن الحروب الحالية بالنسبة للأمة بالمعنى الإنساني، والمادي، والنفسي كبيراً جداً بحيث إن سياق الاستراتيجية الأميركية الكبرى مقيد ومحدود. إذ ستحتم الاستراتيجية الأميركية الكبرى في حقبة التقشف اتخاذ قرارات قاسية حول ماهية المصالح والقيم الأميركية التي تعتبر أساسية وجوهرية. كما ستتطلب أيضاً إتخاذ قرارات صعبة حول الكيفية التي ينبغي بها للولايات المتحدة مواصلة هذه الأهداف وماهية الوسائل (العسكرية، والاقتصادية والديبلوماسية) التي ستكون ضرورية للانتقال من هنا إلى هناك. وخلال الزمن المحدود، ينبغي للاستراتيجية الأميركية الكبرى أن ترسم خريطة مسار مستدامة ومعقولة وميسورة، تحديداً عندما يتعلق الأمر باتخاذ قرار حول ” المقدار الكافي” للدفاع وبظل أية ظروف ينبغي للولايات المتحدة استخدام القوة العسكرية. أن تسعى أيضاً إلى الإجابة عن بعض التساؤلات الأساسية والجوهرية حول الغاية من الأسلحة النووية ومستقبلها في الأمن الأميركي. وخلال القسم الأكبر من العام 2012، سيكون النقاش الوطني حول الحياة السياسية ومن سيحكم؛ حان الوقت الذي ينبغي فيه لإستراتيجيي الأمن القومي والمحللين الدفاعيين التفكير بالكيفية التي ينبغي بها للإدارة الأميركية أن تحكم.
أوروبا الشرقية في العام 2012
جانوس بوغاجسكي ( زميل كبير في Euro Program، ومدير “مشروع الديمقراطيات الأوروبية الجديدة“، CSIS)
هناك منطقتان رئيستان تحملان هواجس في طياتهما في الجزء الشرقي من أوروبا ونحن على أبواب عام 2012. أولاً، لا تزال عدة بلدان في غرب البلقان تواجه كفاحاً عسيراً وشاقاً في تدعيم دولها، وضمان سلامة أراضيها، وتوطيد دعائم ديمقراطياتها، وتطوير اقتصادات مثمرة ومنتجة. ويمكن للأزمة المالية في الاتحاد الأوروبي وانحدار التجارة والاستثمار في المنطقة، إضافة إلى الدور الأميركي الأقل بروزاً، أن تساهم كلها في تجدد الصراعات في العام المقبل. ثانياً، إن دول أوروبا الشرقية والوسطى الواقعة على حدود روسيا تراقب عن كثب النتيجة التي لا يمكن التكهن بها للتظاهرات ضد النظام السياسي في المدن. إن عودة فلاديمير بوتين إلى الكرملين قد تنذر أيضاً بحصول صراعات جديدة مع الدول المجاورة لروسيا إذا ما سعى إلى تحريك المشاعر القومية والإمبريالية لتقويض الاحتجاجات الشعبية وتبرير أساليبه الاستبدادية. ففي منطقة البلقان، هناك حاجة لخلق فرصة لحل التساؤلات القديمة حول سلامة أراضي البوسنة، والعضوية الدولية لكوسوفو، واستقرار مقدونيا. لكن هذا أمر لا يمكن إنجازه إلا إذا تصرفت واشنطن وبروكسل ترادفياً كقادة في عملية ضم كل دولة من دول البلقان الغربية إلى الإتحاد الأوروبي والناتو. ينبغي لواشنطن أن تبقى ثابتة وحازمة، في أوروبا الوسطى والشرقية، في مواصلتها العمل على برنامج الدرع الصاروخي وعلى إنشاء روابط عسكرية أوثق مع كل عضو من أعضاء الناتو، بصرف النظر عن تهديدات موسكو. ينبغي للبيت الأبيض أيضاً عدم تجاهل الفرصة بتطوير علاقات أوثق مع جورجيا، وأذربيجان، وأرمينيا لتعزيز استقلال بيلاروسيا وأوكرانيا ولتكون مستعدة بشكل أفضل لاضطرابات سياسية في كل من هذين البلدين.
الطاقة والأمن القومي في العام 2012
فرانك فيراسترو ( نائب رئيس ومدير برنامج الطاقة والأمن القومي، CSIS)
لم تكن الطاقة ولا مسألة التكهن الجيوسياسي مجالاً لا للجبناء ولا للمتكبرين أبداً. فأحداث العامين الماضيين ( على سبيل المثال، انتشار بقعة الزيت في الخليج، الكارثة النووية في فوكوشيما، النهضة العربية، أزمة اليورو، الخ.)- المقترنة مع الاضطرابات الجارية في إيران، العراق، روسيا، كوريا الشمالية، سوريا، اليمن، ونيجيريا – كلها تشير إلى مشهد طاقة وجيوسياسي متطور حرج وحساس على صعيد شبكة إمدادات عالمية واقعة تحت ضغط.
حتى كتابة هذه السطور، سيكون الخيار الأكثر وضوحاً بما يتعلق بـ” كارثة” تلوح في الأفق هو عواقب انقطاع هائل بإمدادات الطاقة من الخليج الفارسي سببها النشاط الإيراني هناك. ورغم وجود ما لا يعد ولا يحصى من الأسباب الاقتصادية، والسياسية، والاستراتيجية، يبدو هذا حدثاً ذا تأثير عال محتمل وإنما منخفض الإمكانية. صحيح أن الأسعار المرتفعة سوف تضر بالاقتصادات العالمية بشدة، لكن بالتوازن مع ذلك سيكون تأثير إغلاق مضيق هرمز على إيران كارثياً حقاً، مما يترك المرء متسائلاً عن احتمال حصول عمل كهذا.
ربما يكون الأمر الأكثر ضغطاً وإلحاحاً، رغم أنه أقل إثارة، هو الخوف من أن يكون المستوى الحالي من الخلل السياسي ( المحلي والدولي) مانعاً، في العام المقبل، من القيام بنشاط ما أو اتخاذ قرارات حول قضايا سياسية بحاجة للمعالجة في مناطق تطور أمننا في مجال الطاقة وازدهارنا الاقتصادي، ورفاهيتنا البيئية في آن معاً. إن إمدادات الطاقة أكثر ضماناً عندما تنخرط الحكومات، والصناعة والمجتمع، عموماً، وبشكل استباقي، في رسم خارطة طريق لمستقبل طاقة متوازنة، ومستقرة، ومستدامة.
إذا كان هناك من بقعة ” ضوء” تستحق الذكر في مشهد الطاقة فسيكون الإعتراف المتنامي بالمصادر غير التقليدية والهائلة في كل من الولايات المتحدة وأماكن أخرى من العالم. إن نجاح تطوير غاز الطفل الصفحي ( shale gas) في الولايات المتحدة جعلنا البلد رقم واحد في إنتاج هذا الغاز، ما ينفي الحاجة إلى واردات الغاز الطبيعي المسيل ( LNG)، ولدى هذا الغاز الإمكانية، إذا ما تكرر تصنيعه عالمياً، أن يؤدي إلى فك الارتباط ما بين أسعار النفط والغاز في أوروبا وأماكن أخرى، في الوقت الذي يحسن فيه البيئة والأمن الإقليميين. وفي غياب التوسع النووي، بإمكان التوافق ما بين الغاز والمصادر المتجددة للطاقة تعزيز قضية تخفيض انبعاثات الكاربون المحلية الملوثة ( رغم أن البيئيين لا يزالون قلقين من أن يقوض الغاز المتدني السعر الجهود المبذولة لنشر بدائل طاقة متجددة ليظل يمثل خطراً بيئياً، من دون وجود حماية صحيحة ومناسبة). إن تطوير موارد النفط الضيقة باستخدام الحفر الأفقي والتكسير الهيدروليكي يحمل في طياته، وبشكل مشابه، إمكانية زيادة الإنتاج النفطي الأميركي بشكل مثير، ويوفر مكاسب اقتصادية، عندما يقترن مع تحسين الفعالية (معايير CAFE مثلاً) ومع تخفيض الاعتماد على الواردات ومدفوعات التوازن التجاري. بالطبع، لا يمكن التحقق من هذه الإمكانية إلا من خلال التكيف والتعاون ما بين المطورين في مجال الطاقة والمنظمين للقوانين والمجتمعات المتأثرة – وهذا أمر ينبغي أن يكون تركيز جهود الحكومة والصناعة منصباً عليه في السنوات المقبلة.
أوروبا في العام 2012
هيثر أ. كونلي ( زميلة كبيرة ومديرة البرنامج الأوروبي، CSIS)
يتسم العام 2012 بالذكرى السنوية العشرين لنهاية الإتحاد السوفياتي، توقيع معاهدة ماستريخت، التي أدت إلى إنشاء إتحاد النقد الأوروبي ( EMU)، كما يتسم بعقدين ضائعين من التطوير الداخلي والخارجي لأوروبا وأوراسيا .
سيكون عام 2012 كذلك عاماً آخر من التراجع الاقتصادي المؤلم، الاضطرابات الاجتماعية، والهواجس السياسية، لكنه سيكون نقطة انعطاف أيضاً. فبالنسبة للعقدين الماضيين، حاولت روسيا أن تستقر وتعيد توحدها داخلياً بناء على فكرة الاتحاد السوفياتي، مع استخدام وسائل الإكراه والتجارة والتعاون العسكري. ورغم أن إتحاد الجمارك الأوراسية الذي أنشأه رئيس الوزراء فلاديمير بوتين هو التتويج لهذا المجهود، فإن روسيا تصبح أقل وحدة وأقل نفوذاً مع كل سنة تمر.
حاولت أوروبا أيضاً أن تتوحد وتستقر للتكيف مع إعادة توحد ألمانيا بناء على فكرة توازن القوى السياسي العائدة للقرن التاسع عشر. ورغم أن أوروبا تبنت عملة مشتركة ودفاعاً وأمناً مشتركيْن، فإن هذه الجهود، كجهود روسيا، باءت بالفشل. وبالنظر إلى الماضي بغرض الإرشاد الاستراتيجي، تبدو أوروبا وأوراسيا سيئتيْ الاستعداد للمستقبل. فاليوم، تعمقت أزمة الدين السيادي الأوروبي وأزمة منطقة اليورو وتوسعتا إلى حد أن هناك خطراً متزايداً بحصول انقسام وتشظٍّ اقتصادي وسياسي لم يشهد العالم مثله منذ الحرب العالمية الثانية. فأزمة الديون الأوروبية لا تتعلق، وببساطة، بالكلفة اليومية للاقتراض السيادي أو سوء حال رصيد البنوك الأوروبية. هناك أمر أكبر من ذلك بكثير يجري: لم يعد الأوروبيون العاديون يقبلون النزول من القمة إلى الأسفل، قرارات نخبوية وأساليب لمحاولة دامت 60 عاماً لبناء هيكلية تضم أكثر من أمة واحدة مصممة لمنع حصول حرب. إن معنى الوحدة والمصير الأوروبييْن قد تبدد مع تزايد الشعور بحال الإحباط لدى الأوروبيين بسبب الافتقار إلى رؤية استراتيجية وإلى رواية مستقبلية. ويسعى البعض في أوروبا إلى روايات بديلة تتعلق بالقومية والشعوبية لملأ هذا الفراغ. وفي الوقت الذي تضعف فيه أوروبا اقتصادياً وتفقد فيه المصداقية، تستمر السلطة، وستبقى، بالانتقال من المؤسسات الأوروبية لتعود إلى الدول وإلى، وهو الأهم، شركات عالمية ومتعددة الجنسيات مركزها أوروبا توفر النمو الاقتصادي. وقد بدأت ألمانيا بالانسحاب بعيداً عن عناصر الثبات والأمان القارية الخاصة بها وهي تستفيد بالكامل من موقعها الاقتصادي العالمي في القرن الواحد والعشرين. وستجد ألمانيا، في المستقبل، أن أوروبا ليس لديها الكثير لتقدمه عدا صنع تعديلات تاريخية، لكن الأجيال الألمانية لن تتطلب هذه التعديلات.
إن الجهة المقلوبة لأية أزمة هي الفرصة، وسنجدها إصلاح عيوب المشروع الأوروبي، تحديداً إتحاده النقدي، وموضعته كلاعب اقتصادي إقليمي وعالمي قوي. إلا أن الإتحاد الجديد سيبدو مختلفاً جداً عما هو عليه اليوم: من المرجح أنه سيجمع تلك البلدان ( أبرزها في شمال أوروبا) المتقاربة اقتصادياً وسياسياً معاً، مخلفاً وراءه الدول الباقية. وعلى مستوى البلد، يأمل المرء بأن تخرج اليونان وإيطاليا الجديدتان من هذه الأزمة بصورة أفضل على مستوى الأداء وفعالتين على المستوى الإداري وأكثر تنافسية في التحرك قدماً، لكن الفرصة تستلزم جيلاً كي تتحقق. ويُؤمل بألا يكون الانقلاب الاجتماعي والاقتصادي كبيراً للغاية خلال هذه الفترة بحيث يمنع احتضان وتبني هذه الفرصة. في كل الأحوال، إن الخطر في نقطة الانعطاف هذه، هو أن الوضع يمكن أن يخرج عن السيطرة بسرعة. فالولايات المتحدة، وهي قوة حاسمة لأوروبا، ملهية على نحو متزايد بتحدياتها المحلية الخاصة وتركيزها الآن هو على صعود الصين. وإذا ما تخلت الولايات المتحدة عن دورها كقوة أوروبية ولم تعد تأكيد قيادتها، فسنشهد مجموعة من الأزمات المنتشرة ونشوء علاقات جديدة عبر أوروبا وأوراسيا لن تكون الولايات المتحدة قادرة على التأثير عليها.
تفجر أسعار الغذاء في العام 2012
جوهانا نيسيث توتل ( نائبة رئيس التخطيط الاستراتيجي ومديرة مشروع الأمن الغذائي العالمي، CSIS. )
ويليام غارفلينك ( مستشار كبير، مشروع حول القيادة الأميركية في مجال التنمية، CSIS)
ستتعامل بلدان عديدة مع مسألة صدمات أسعار الغذاء والجوع. فما هي البلدان التي تواجه أكبر التحديات في العام 2012؟
في كوريا الشمالية، كان موت ” كيم جونغ ايل” في كانون أول، بمثابة موت جولة من المحادثات أيضاً بالنسبة للولايات المتحدة لتقديم مساعدات غذائية لشعب فقير وجائع للغاية. لقد اختبرت الكوريتان طوفاناً مدمراً في العام 2011 أهلك المحاصيل الزراعية. ويقدر البعض المحصول بـ 10 بالمئة فقط من المحاصيل العادية. ويطرح تغيير النظام في كوريا الشمالية سؤالاً خطيراً حول قدرته على تدبر الوضع الغذائي. إن مستقبل الشعب واستقرار كوريا الشمالية غامضان جداً؛ إذ من الممكن أن يطلق وباء الجوع المتزايد الشرارة لحالة كبرى من عدم الاستقرار في العام 2012. ومن المرجح أن توفر الصين دعماً ثابتاً، بما في ذلك إمدادات الغذاء، للحفاظ على البلد مستقراً: لكن الصين وحدها لن تكون قادرة على دعم حاجات البلد الغذائية.
أما في إيران، حيث تضغط قيمة العملة المتدهورة على الناس والحكومة، فقد ارتفعت أسعار الغذاء الرئيسة بنسبة 40 بالمئة وقد تستمر بالارتفاع. ونظراً للتوترات الموجودة في إيران، والاضطرابات الهائلة في أوضاع الحكومات والمجتمعات في المنطقة، ستكون إيران بحاجة إلى مواكبة أسعار الغذاء لتعزيز الاستقرار. إن الحفاظ على تلك الأسعار سيتطلب مقادير متزايدة من الموازنة في وقت يدفع فيه الغرب باتجاه عقوبات أكبر.
أما ولاية” كاشين” في شمال بورما، فستواجه نقصاً غذائياً في العام 2012 على الأرجح. فبعد هدنة دامت 17 عاماً، اندلع القتال بين الحكومة وجيش الاستقلال الكاشيني في العام 2011. ولم يكن في مناطق النزاع، إلا مساحات محدودة لزراعة الأرز، وقد أدى عدم الاستقرار لاحقاً إلى توقف حصاد الأرز. إن الزراعة هي الدعامة الأساسية لسكان كاشين، والأرز هو المحصول الرئيس فيها. وستكون المساعدات الخارجية مطلوبة هذا العام.
في الصومال، يسيطر الجفاف والمجاعة وقد فاقم النزاع المتزايد بين حركة الشباب الصومالي و AMISON وبين القوات الأثيوبية والكينية من هذه الظروف. ولا يزال تهجير السكان مستمراً، وتواجه المساعدات تعطيلاً في عملياتها. ويتعقد هذا الوضع مع قرار المصارف الأميركية بعدم السماح بنقل المبالغ المحولة من الصوماليين في الولايات المتحدة إلى الصومال بعد الآن، الأمر الذي يعتبر بمثابة شريان حياة لكثيرين لا يملكون وسائل دعم أخرى. ستكون المساعدات الطارئة مطلوبة في معظم العام 2012.
تواجه معظم البلدان السواحلية نقصاً في الغذاء بسبب تدني نسبة الأمطار المتساقطة، وقلة المحاصيل الزراعية، وانتشار الأوبئة. وتستمر أسعار المواد الغذائية الأساسية في المناطق السواحلية بالإرتفاع. إن نقص الغذاء مشكلة ثابتة ودائمة في هذه المنطقة من أفريقيا، لكن الظروف تدهورت أكثر ونسب سوء التغذية عند الأطفال ترتفع. وفي حين لا يعتبر الوضع حاداً كما هو الحال في الصومال، إلا أنه يتطلب مراقبة حذرة من قبل المجتمع الدولي، وستكون المساعدات الغذائية مطلوبة في العام 2012.
الأمن الداخلي ومكافحة الإرهاب في العام 2012
ريك ” أوزي” نيلسون ( زميل كبير ومدير برنامج الأمن الوطني ومكافحة الإرهاب، CSIS)
إن نمو الإرهاب المتطرف في الداخل المرتبط، أو الموحى به، من قبل القاعدة أو المنتمين إليها سيكون سبباً للهواجس في العام المقبل ( 2012). فقد تزايد عدد المؤامرات الإرهابية التي أطلقها مواطنون أميركيون أو مقيمون شرعيون ضد الولايات المتحدة على مدى الأعوام العديدة الماضية، ما يحطم الاعتقاد بأن المواطنين الأميركيين محصنون ضد هكذا تطرف. ورغم أن هذه المؤامرات تعتبر باهتة مقارنة بهجمات 9 / 11، فإن لديها الإمكانية للتسبب بأذى لا بأس به، خاصة بالمعنى الاقتصادي. علاوة على ذلك، ونظراً لأنها تشن من قبل أفراد على معرفة بالولايات المتحدة ولا يتطلب الأمر منهم سوى القليل من الحنكة نسبياً، فقد يكون من الصعب، على نحو متزايد، تقصي هذه الهجمات وتعطيلها. إن واقع وجوب قيام المسؤولين عن فرض القانون بتعيين دقيق لتحركات فردية متطرفة، من مستوى الكلام إلى مستوى العنف – المهمة المستحيلة تقريباً- يعقد جهود التقصي أكثر فأكثر. ففي الوقت الذي نجح فيه هؤلاء المسؤولون في وقف بعض المؤامرات وإحباطها، كتلك التي لنجيب الله زازي، الذي حاول تفجير مترو الأنفاق في مدينة نيويورك، ومؤامرة محمد عثمان، الذي حاول، بحسب ما يُزعم، تفجير سيارة مفخخة في وسط المدينة في بورتلاند، انزلق آخرون من بينهم. فقد قتل نضال حسن، الذي يعمل وحده، بحسب ما قيل، والمسلح بمسدس فقط، 13 شخصاً في هجوم على ” فورت هود”، في تكساس. إن التوجهات الأخيرة قد تنذر بزيادة في هجمات من هذا النوع. وفي ضوء الصعوبة التي كانت لديها لشن هجوم آخر على نسق هجمات 11/9 ضد الولايات المتحدة وفي ضوء الحالة الهشة المتزايدة لبنيتها التنظيمية، تتحرك القاعدة باتجاه تبني الإرهاب الداخلي وتشجيعه كطريقة بديلة لتنفيذ حربها ضد الغرب. فالقاعدة والمنتسبون لها يستخدمون، وبشكل متزايد، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بما في ذلك شبكة التواصل الاجتماعي، لنشر روايتهم المتطرفة عن الحرب بين الغرب والإسلام للجمهور الغربي، وهم يستخدمون ناطقين باللغة الإنكليزية مثل آدم جادان، عمر حماني، والراحل أنور العولقي لإقناع مروحة صغيرة من الأفراد، إنما مقلقة، ليس فقط لتبني خطاب العنف، وإنما للشروع بأنفسهم بنشاط عنفي ما. ونظراً للدعم المتنامي للقاعدة بالنسبة لهذه الرسالة بالنشاط الفردي والتقدم المستمر في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، من المرجح أن يشكل الإرهاب الداخلي تهديداً مستمراً للولايات المتحدة في العام المقبل.
لدى الولايات المتحدة، في العام 2012، فرصة إحداث ثورة بالأسلوب الذي توفر فيه الأمن الداخلي عن طريق تبني نموذج جديد مبني على المخاطرة.
لقد عملنا جاهدين منذ هجمات 11/9 على توفير الأمن، في محاولة لحماية كل الناس والمناطق والأشياء بطريقة متساوية نسبياً. لقد غذت هذه المقاربة، أحياناً، السياسة والممارسة السيئة، وتطلبت نفقات لا تصدق. وفي ضوء التهديد المتطور، والانكماش الاقتصادي، والموازنات الفدرالية المخفضة، لن يكون نموذج كهذا نموذجاً مستداماً. في كل الأحوال، إن الانتقال إلى نموذج مبني على المخاطرة يعطي الفرصة بزيادة كفاءة وفعالية جهود أمننا الوطنى الداخلي. فهكذا نموذج سوف يستخدم المعلومات الاستخبارية لاستهداف موارد محددة وتطبيقها حيث الخطر يكون أكبر – التهديد والتعرض للاستهداف.
وكما أشار جون بيستول، مدير إدارة أمن المواصلات ( TSA)، مؤخراً، يرجح أن تشكل طائرة مليئة بقدامى المحاربين من الحرب العالمية الثانية نفس مستوى خطر طائرة مليئة بمسافرين غير معلوم من هم، ولذا يتطلب الأمر موارد أمنية أقل. مع ذلك، وبظل النظام الحالي، تعامل الطائرتان بشكل متساو لناحية كونهما تشكلان خطراً. في كل الأحوال، وفي حين أن هذا النموذج غير المستهدف لا يزال مكانه، فإن إدارة الأمن الوطني الداخلي قد بدأت بالفعل باختبار أنظمة مختلفة على أساس الخطر، بما فيها البرنامج الذي يسبق الفحص والتدقيق ورسوم الجمارك التابع لإدارة أمن المواصلات ( TSA) وبرنامج Protection’s Trusted Traveler. كلا النظامين يعملان لتعجيل الكشف في مرافق مختلفة بما يتعلق بمسافرين قدموا معلومات بيوغرافية معينة، ما يسمح بتخصيص الموارد في أماكن أخرى. بالإمكان تطبيق مقاربات مبنية على أساس الخطر، وينبغي ذلك، ليس فقط بالفحص والكشف، وإنما عبر مشروع الأمن الداخلي الوطني. لدينا في العام المقبل من خلال الانتقال إلى نظام مبني على أساس الخطر فرصة ليس فقط لتخفيض الكلفة، وإنما لزيادة أمن وطننا أيضاً.
التجارة الدولية في العام 2012
ميريديث برودبنت ( مستشارة كبيرة ، Scholl Chair in International Business، CSIS)
إن تأثيرات أزمة الديون السيادية الأوروبية على توسع فرص العمل في مجال التجارة العالمية والأداء الهادئ لنظام التجارة مصدر قلق جدي ونحن على أبواب عام 2012. هناك خطر استمرار هبوط الطلب على الواردات في أوروبا، مع التأثيرات المحبطة اقتصادياً على الشركاء التجاريين الذين يعتمدون هم أنفسهم على الطلب العالمي الكبير، كالولايات المتحدة والصين. في كل الأحوال، إن البنية القانونية للعلاقة التجارية الثنائية بين الولايات المتحدة وأوروبا، كما هو متوقع، لن تتعطل وتتوقف بسبب تعديلات محتملة على النظام الاقتصادي الأوروبي. وحتى لو تركت بعض البلدان منطقة اليورو، فإن البعثة الأوروبية ستظل تتدبر مسألة العلاقات التجارية لأوروبا من بروكسل. إلا أن الهبوط الملحوظ في نسب النمو الاقتصادي الأوروبي والاستهلاك المحلي يمكن أن يتسبب بمعاناة في عدد من المجالات الاقتصادية العالمية. وقد يصبح واضحاً، وبحدة أكبر، أن العلاقات التجارية الجديدة المعقدة التي تحددها سلاسل الامداد العالمية قد زادت الروابط الاقتصادية في جميع أنحاء العالم.
إن أكبر فرصة بالنسبة للولايات المتحدة ونظام التجارة الدولي، من دون شك، هي إمكانية التقدم في مفاوضات الشراكة عبر الباسيفيك TTP ( Trans-Pacific Partnership). وحتى وقت قريب، كانت أجندة التجارة الأميركية متخلفة. فقد تم وضع المفاوضات التعددية في منظمة التجارة العالمية ( WTO) في جولة الدوحة جانباً لبعض الوقت. إلا أن إدارة الرئيس أوباما تبنت ما يسمى بمفاوضات القرن الواحد والعشرين التجارية مع ثمانية بلدان أخرى في الـ TTP. فقد انضمت الولايات المتحدة إلى المحادثات في أواخر العام 2010. أما الدول المشاركة الأخرى فتشمل أستراليا، التشيلي، ماليزيا، نيوزيلندا، البيرو، سنغافورة، بروني، وفييتنام. ويؤمل في النهاية أن يتوسع الاتفاق ليصبح ” منطقة التجارة الحرة لباسيفيك آسيا”. وقد اتفق المشاركون التسعة، في اجتماعات جانبية خلال قمة APEC في هاواي في تشرين الثاني على محاولة إكمال المفاوضات خلال العام 2012.
رغم أن عدداً من البلدان كانت مشككة في البداية بشأن عمق الالتزام الأميركي بالمبادرة، فقد تغير أمران، ما جعل استشراف النجاح أكثر إيجابية: (1) مصادقة مجلس الشيوخ الأخيرة على اتفاقيات تجارية معلقة منذ زمن طويل ( FTAs) مع كوريا، كولومبيا، وباناما؛ و (2) تعليق رسمي أكبر للمفاوضات في منظمة التجارة العالمية ( WTO)، الذي أعلن في الاجتماع الوزاري في كانون أول. وفي حين تمارس الولايات المتحدة دوراً قيادياً أكثر مصداقية، وبينما تبدو خيارات تحقيق اللبرلة التجارية في منظمة التجارة العالمية أقل قابلية للتطبيق أكثر فأكثر، يتكثف الاهتمام في شراكة الـ TTP. بالواقع، وفي إجتماع قمة APEC، أصبحت TPP ” المجموعة ” الحاكمة” التي يرى عدد من البلدان وجوب الانضمام اليها، بما في ذلك اليايان، المكسيك، وكندا التي عبَّرت رسمياً عن ذلك وطلبت أخذ عضويتها بعين الاعتبار في المحادثات. وكانت كل العيون منصبة على الولايات المتحدة لدعم هذه المفاوضات والسير بها قدماً في العام 2012. إذ يتوقع من الولايات المتحدة وشركائها المتفاوضين إرساء الأسس لاتفاقية توسع التجارة، التي تخلق فرص عمل، وتنكب على إيجاد ضوابط تجارية جديدة في مجالات حيوية للقدرة التنافسية المستقبلية للولايات المتحدة.
إيران بصفتها ” التهديد الجديد” في العام 2012
أنطوني أ. كوردسمان (Burke Chair in Strategy، CSIS)
إن تقدم إيران الثابت في دعم التهديد اللامتماثل في الخليج، وقوتها الصاروخية الطويلة المدى، وقدرتها على إنتاج أسلحة نووية يجعل من هذا البلد ” التهديد” الجديد بالنسبة لبعض صناع السياسة والمحللين – بأهمية الإرهاب والصين على الأقل. في كل الأحوال، لم تحدد الولايات المتحدة سياسات واضحة للتعامل مع أية قضية أساسية تشمل إيران: أولوية إيران نسبة إلى تهديدات أخرى في الاستراتيجية الأميركية وخطط القوة؛ ما إذا كان بإمكان الولايات المتحدة قبول احتواء وردع إيران نووية؛ مستوى فعالية العقوبات؛ ما هو الوضع الضروري للتعامل مع الحشد اللا متماثل لإيران في الخليج والمحيط الهندي؛ وكيفية التشجيع على تغيير النظام وما إذا كان ينبغي ذلك. وتظل إسرائيل الورقة القيمة في العملية، كما هو حال غموض دور إيران المستقبلي في العراق، سوريا، ولبنان. وبالكاد تكون سنة انتخابات رئاسية الوقت الأفضل لمحاولة حل هذه القضايا، لكن تقدم إيران النووي يفرض ضغطاً أكبر ومطرد على الولايات المتحدة لاتخاذ خيارات صعبة.
إيران في العام 2012
آمود دو بوركغرايف ( مستشار كبير، ومدير مشروع التهديدات العابرة للحدود، CSIS)
القلق الأكبر؟
إيران والأصوات القوية التي تعتقد بأن هناك حلاً عسكرياً استباقياً، كقصف مواقع نووية منتشرة بشكل واسع والذي سيؤدي، بحسب رأي شخص ذي خبرة 50 عاماً في المنطقة، إلى ارتفاع في أسعار النفط العالمية ما بين 300 إلى 500 دولار للبرميل الواحد. هذا الأمر، بدوره، سيضاعف الهجمات الإرهابية العابرة للحدود على امتداد الشرق الأوسط وما ورائه. وقد حذر ثلاث قادة سابقين للـ CENTCOM وثلاثة رؤساء سابقين للاستخبارات الإسرائيلية تقاعدوا في العام 2011 ( الموساد، الشين بيت، واستخبارات قوات الدفاع) من أي شكل من العمل الاستباقي العسكري ضد إيران.
الفرصة الأكبر؟
بالنسبة للرئيس أوباما مقاومة الضغوط لجبهة حرب جديدة بعد الانسحاب من العراق والبحث عن مخرج مشرِّف من أفغانستان.
الشرق الأوسط في العام 2012
جون آلترمان ( زميل كبير ومدير برنامج الشرق الأوسط، CSIS)
إن القلق الرئيس في الشرق الأوسط هذا العام هو الانحراف الخطير لأحد التحولات التي بدأت في العام 2011 . فأكبر خطر موجود في مصر، التي من المرجح أن تواجه ” عاصفة مطلقة” من التحديات الاقتصادية والسياسية في الربيع. فإذا ما استمرت التوجهات الحالية، سيبدأ الاحتياطي من العملات الأجنبية بالتدني في شهر آذار، وقد يكون هناك إعادة تقييم كبير للعملة. في نفس الوقت، سيسعى البرلمان المنتخب حديثاً إلى تأكيد حضوره، ستكون عملية كتابة الدستور حاضرة، وسيركز كل الأفرقاء على الانتخابات الرئاسية المقررة في حزيران.
مصر بلد هام لأنها حتى الآن أكبر بلد في المنطقة، فهي استراتيجية الموقع، ولطالما ألقت ظلاً إيديولوجياً وثقافياً على المنطقة. أما الأماكن الأخرى ذات السياسات الصعبة المتوقعة، بما فيها سوريا، فيمكن لموجة عدم الاستقرار المستمرة أن تمتد عبر المنطقة، أما العراق، فيميل للعودة إلى التوترات الطائفية والمذهبية مع رحيل القوات الأميركية عنه.
هناك صعوبات سياسية غير متوقعة يمكن أن تبرز في الجزائر والأردن، اللذين كانا هادءيْن نسبياً حتى الآن. إن عدم الاستقرار في الجزائر يمكن أن يؤثر على أسواق الطاقة، وعدم الاستقرار في الأردن يمكن أن يقلب الحسابات الأمنية لكامل المنطقة. أما في إيران، فإن تبني السلوك الخطر، مع إمكانية الحسابات الخاطئة، يخلق فرصة أخرى لإعادة صياغة المنطقة في العام 2012.
إن الفرصة الأكبر هي انخراط حكومات وشعوب المنطقة في دائرة من الإبداع الحميد والتكيف بحيث تراقب الدول المجاورة ذلك وتحاكيهم. إن خصوصيات كل بلد مختلفة بشكل لافت، مع ذلك فإن الحل يؤسس لحكومات أكثر تجاوباً وقدرة كما يؤسس لحياة سياسية أكثر طواعية وشمولاً، ولاقتصادات مطورة تحتمل أوجه تشابه أكثر فيما بينها. إن النجاح في هذه الجوانب – سواء أتى ذلك من تونس أم المغرب، مصر أم البحرين – يمكن أن يشير إلى الطريق باتجاه النجاح في بلدان أخرى، خاصة في إثبات الطرق التي يمكن فيها للإصلاح أن يتكيف مع مروحة واسعة من المصالح الاقتصادية والسياسية.
الأمن النووي وعدم الانتشار في العام 2012
شارون سكواسوني ( زميلة كبيرة ومديرة برنامج منع الانتشار النووي، CSIS)
إيران هي المتسابق الأمامي الواضح بما يتعلق بهواجس خبراء الانتشار النووي، لكن كوريا الشمالية تقترب من المقدمة مع موت ” كيم جونغ-إيل” في كانون أول. وقد أعلنت إيران مؤخراً أن بإمكانها صنع قضبان الوقود لمفاعل الأبحاث النووية في طهران، ما يخفض أية حوافز قد تكون لديها لتبادل اليورانيوم المخصب – المزود الأساسي للقنابل- مقابل وقود مصنع في الخارج. إن العقوبات الجديدة والحديث الأكثر عدائية الصادر عن قادة عسكريين إيرانيين قد يقلل من صبر الجانبين لجهة التوصل إلى حل يتم التفاوض عليه.
إن انتقال النظام في كوريا الشمالية لا يقدم احتمالات كثيرة جيدة بالنسبة لعدم الانتشار النووي. فـ”كيم جون-يان”، حتى لو كان مهتماً بالتنازلات، سيعمل على تمتين سلطته السياسية قبل التفاوض مع الغرب. من جهة أخرى، إن انهياراً للنظام سيكون بمثابة تحد ضخم للأمن النووي.
وسط الأزمة التي تلوح في الأفق، فإن فرص إثبات التضامن الدولي حول تخفيض التهديدات النووية مسألة هامة، وستكون قمة الأمن النووي المعقودة في سيول في شهر آذار قمة حاسمة في هذا الصدد.
روسيا وأوراسيا في العام 2012
آندرو س. كوشينز ( زميل كبير، ومدير برنامج روسيا وأوراسيا، CSIS)
إن أكبر فرصة في روسيا في العام 2012 هي أيضاً أكبر هاجس، ما يعني عودة بروز سياسات مفاجئة وغير متوقعة واحتمال حدوث تغيير سياسي صادر عن رد المجتمع الروسي إزاء التزوير والغش في الانتخابات البرلمانية في 4 كانون أول 2011، التي جعلت عشرات آلاف المواطنين ينزلون إلى شوارع موسكو مرتين في الأسابيع القليلة الماضية عندها. إن نظرتي تفاؤلية تماماً، حيث إن الروس المزدهرين نسبياً، المتعلمين جداً، والمعولمين قد استيقظوا أخيراً من خمولهم السياسي وهم يطالبون بديمقراطية حقيقية وبحكم أفضل كان يفترض بثورة 1991 وانهيار الاتحاد السوفياتي أن يكونا قد بدآ بهما. قد يكون فلاديمير بوتين الرئيس المنتخب فعلاً في آذار، إلا أن النظام السلطوي، الفاسد، المركزي بشدة الذي كان قد أنشأه سابقاً قد بدأ يتآكل. فـ “البوتينية” ، كما نعرفها، لا يمكنها أن تصمد. وسواء كان بوتين مستعداً وقادراً على الإدارة الحاذقة المطلوبة لعملية الانتقال إلى نظام سياسي حديث وأكثر فاعلية أم لا، فإنها مسألة رهن المستقبل.
أما أكبر هاجس لدى روسيا فهو الذي حذر منه أنصار بوتين لسنوات، ما يعني أن البديل الأكثر ترجيحاً لبراغماتية السياسة الخارجية لبوتين سيكون نظاماً فاشستياً معادياً للغرب وأكثر قومية بكثير في موسكو. هذا الأمر ممكن بالتأكيد، وبإمكان بوتين نفسه أن يدير الدفة بهذا الاتجاه إذا ما شعر بأن نظامه واقع في مشكلة ميؤوس منها. هذا النوع من السيناريو يمكن أن يبدأ مع اجراءات صارمة وحشية ضد تظاهرات قد تصبغ شوارع موسكو ومدن كبيرة أخرى بالدماء. إن المشكلة في هذا السيناريو ـ وأراها من نوع المشاكل الجيدة جداً – هو أن لا قدرة لمعدة القوى الأمنية الروسية على هضم عمليات ضرب وقتل مواطنين أمثالهم. وهذا الأمر يصح اليوم ربما في مواجهة نظام فاسد ومرتش أكثر مما كان يصح قبل 20 عاماً عندما اختفت الامبراطورية السوفياتية مع أول شكوى. مع ذلك، لا يمكن إهمال سيناريو قاتم كهذا، والأمر الأكيد الوحيد حول مستقبل روسيا السياسي في العام المقبل هو الغموض.
تركيا في العام 2012
بولند علي رضا ( مساعد كبير ومدير مشروع تركيا، CSIS)
إذا ما نجا نظام بشار الأسد، فإن ذلك سيقود إلى توترات أكثر خطورة حتى مع سوريا، وإيران، وأيضاً العراق بشكل أقل الى حد ما. فدمشق وطهران تقدمان الدعم لحزب العمال الكردستاني في الوقت الذي يصعد فيه حملته الانفصالية الإرهابية ضد تركيا. هذا يحفز أنقرة على التشديد أكثر على السعي لحل عسكري لمشكلتها الكردية في الوقت الذي تفرض فيه ضغطاً أكبر على الأكراد العراقيين للتصرف بشكل حاسم ضد معسكرات حزب العمال الكردستاني في شمال العراق. إن التردد المستمر بالقيام بتحرك كهذا يقوض علاقتهم الوثيقة مع تركيا في الوقت الذي يقلل فيه من فرص الحفاظ على استقرار ما بعد الانسحاب الذي تسعى إليه الولايات المتحدة وتركيا في العراق. وبرغم معارضة الرئيس أوباما، يتم تبني قرار الإبادة الأرمنية من قبل الكونغرس، بمساعدة أصدقاء إسرائيل غير المسرورين من سياسة تركيا تجاه إسرائيل، ما يقوض بشكل أكبر شعبية الولايات المتحدة في تركيا ويجعل من الصعب أكثر على أوباما ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الاستمرار بعلاقتهما الوثيقة، الواضحة في الشرق الأوسط من خلال ثورات الربيع العربي المنتشرة. فعلاقة أوباما- أردوغان، المبنية على أمل تركيا بلعب دور أساس بين الغرب والعالم الإسلامي، متوترة أيضاً بسبب هجوم إسرائيلي أو أميركي ( متوقع) على مواقع نووية إيرانية برغم المعارضة التركية القوية. وتتحرك تركيا، أكثر فأكثر، باتجاه تمزيق علاقتها المتدهورة مع الاتحاد الأوروبي حيث تسوء العلاقات أكثر مع فرنسا وألمانيا ومع تولي القبارصة اليونان دورة رئاسة الاتحاد الأوروبي. ويبدأ الأداء الاقتصادي التركي المؤثر الذي كان في معظم العقد الماضي موازياً لعملية الدخول إلى الإتحاد الأوروبي بالترنح مع سقوط الاقتصاد ضحية عدوى الأزمة المالية الأوروبية، مما سيؤدي إلى استياء وسخط عارمين وإلى حصول اضطرابات متفرقة.
إذا ما تهاوى نظام الأسد في سوريا بسبب الضغط الأميركي – التركي، إلى حد كبير، فإن هذا الأمر سيعزز جاذبية أردوغان على امتداد الشرق الأوسط، إضافة إلى تعزيز ” النموذج التركي” في الوقت الذي يستمر فيه إسلاميون خرجوا سابقاً من النظام السياسي في عدد من البلدان العربية بتولي السلطة عبر صندوق الاقتراع. وفي حين يتعهد القادة العرب الجدد بالتعاون ليس فقط مع تركيا وإنما مع الولايات المتحدة أيضاً، فإن رؤية أوباما لنموذج شراكة ما بين أنقرة وواشنطن تساعد في تحسين العلاقة المضطربة بين الولايات المتحدة والعالم الإسلامي تتأكد أكثر فأكثر. وما سهل الحفاظ على التنسيق ما بين أوباما وأردوغان أكثر هو ذوبان الجليد ما بين تركيا وإسرائيل. فأنقرة تتعاون مع الحكومة الجديدة في دمشق، إضافة إلى القيادة الكردية العراقية في كبح هجمات حزب العمال الكردستاني، ما يساعد على تعزيز الاستقرار في العراق إضافة إلى تعزيزه في تركيا نفسها. هناك ثغرة سياسية متجددة من قبل الحكومة تجاه الأكراد الأتراك في الوقت الذي يتحرك فيه البلد نحو تبني أول دستور مدني له من خلال الإجماع العام. إن عملية دخول تركيا إلى الإتحاد الأوروبي مستمرة، وبتشجيع من قبل بروكسل، تولي الحكومة اهتماماً أدق لحقوق الإنسان وحرية الإعلام. ويثبت الاقتصاد التركي نوعاً من المرونة إزاء التأثيرات السلبية للأزمة المالية الأوروبية ويحافظ على نموه.
المساعدات الخارجية الأميركية في العام 2012
دانييل روندي ( Schreyer Chair in Global Analysis و مدير مشروع الإزدهار والتنمية، CSIS)
هناك 9 من أصل 10 وظائف في العالم النامي تأتي من القطاع الخاص. إن مساعداتنا الخارجية والطريقة التي نفكر بها حول التنمية الدولية تعكس تلك الحقيقة أكثر فأكثر. في كل الأحوال، إن وسائل الحكومة وتخطيطها وأولويات موازنتها تخفق في الانسجام مع ذلك الواقع. ولدى إدارة أوباما فرصة فريدة لتحسين الأدوات التي تملكها الولايات المتحدة للمشاركة في المخاطر، بشكل رئيس من خلال الشركة الإستثمارية الخاصة عبر البحار” و” الوكالة الأميركية للتنمية الدولية” (وربما شركة التحدي الألفية، وكالة التجارة والتنمية، ووزارة الخارجية). وربط هذه الموارد بشكل أوثق بالمساعدات التقنية.
أما التهديد الأكبر فهو استمرارنا بطريق تخصيص موارد المساعدات الخارجية الممتدة منذ عقود بناء على مجموعة مهتمة لها سياساتها وأفضلياتها، والتي غالباً ما تقود إلى نتائج تنموية أقل مثالية. ومع الضغط المتزايد على موازنة المساعدات الخارجية، نحن بحاجة لاتخاذ عدد من الخيارات الصعبة – ونحن بحاجة إلى تخصيص الأموال بناء على نتائج الازدهار المشتركة وعلى المصالح الوطنية الواسعة كالأمن القومي.
النصف الغربي من الكرة الأرضية في العام 2012
(*) ستيفن جونسون ( زميل كبير ومدير برنامج الأميركيتين، CSIS)
رغم الاعتراف بأن اقتصادات أميركا اللاتينية والكاريبية مستمرة بالنمو، بالمعدل الوسطي، في الوقت الذي بردت فيه التجارة في أماكن أخرى، فإن هناك غيوماً تلوح بالأفق. إذ يمكن للانتخابات الرئاسية المكسيكية أن تبدأ بإدارة جديدة أقل التزاماً بكبح قوة كارتلات المخدرات ومكافحة الفساد المستشري في البلد. وهذا سيعني مشكلة أكبر على الحدود الجنوبية الغربية وفي المدن الأميركية. إن قوة المنظمات الإجرامية تتنامى في أميركا الوسطى، خاصة في المثلث الشمالي لغواتيمالا، السلفادور، وهندوراس – وذلك للإشارة إلى أن الاستقرار قد يكون بخطر. إن موت أي من الأخوين كاسترو في كوبا يمكن أن يؤدي إلى بدء عراك حول الخلافة ما قد يثير رحيلاً جماعياً آخر عن البلاد. في كل الأحوال، قد تكون أصعب أزمة هي موت أو عجز الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز. فبفضله، تفكك القطاع الانتاجي جزئياً، كما أن مالية البلد مرتبطة بشبكة حسابات غامضة وغير شفافة ، وتوصلت البلدان في “البديل البوليفي لتحالف الأميركتين ” إلى الاعتماد على النفط، والقروض، والأموال النقدية الذي تمكن من قنصها من PDVSA، شركة النفط الفينزويلية التي تحتاج إلى إعادة استثمار، للأسف. أضف إلى ذلك أن فنزويللا هي الآن مركز نشاط شحن المخدرات الرئيس العابر للحدود وأن نسبة جرائم القتل فيها هي من بين أعلى النسب في العالم، ولديك وضع يمكن أن يخرج عن السيطرة. أما الورقتان القويتان فهما: كيفية تفاعل مئات مستشاري الاستخبارت الكوبية داخل القصر الرئاسي إزاء الوضع، و كيف يمكن لاقتصاد متلاشٍ أن يؤثر على دول مجاورة وعلى شركاء تجاريين كالبرازيل وكولومبيا. في الوقت الحاضر، يعتبر تشافيز الغراء الذي يجمع فنزويللا معاً. لكنه يكافح ضد مرض السرطان وليس لديه استراتيجية خلافة واضحة للعيان.
برغم هذه الغيوم الملبدة، هناك فرص. فبما يتعلق بكوارث فرض القانون في المكسيك وأميركا الوسطى، ينبغي للولايات المتحدة أن تصبح الشريك في خيار مساعدة الدول المجاورة لبناء أنظمة قضائية فعالة. وكوننا لم نفعل ذلك هو لأن المساعدات من هذا النوع كانت عبارة عن حلقة في مسلسل المساعدات ويسيرها خطر اللحظة – التخريب، المخدرات، الإرهاب، سمِّ ما تشاء. وكانت تنتهي بالعادة بفرض الكونغرس قيوداً على هذه المساعدات. حان الوقت لوضع تصور ما حول كيفية توفير الدعم لمهنية أوسع من دون ربطها بالأذواق. الخيار الآخر هو السبات. حان الوقت الآن لتعزيز علاقتنا مع البرازيل. ستكون طريقة جيدة لإعادة بدء المحادثات حول اتفاقية التجارة الحرة بهدوء.
Center for Strategic and international Studies
مجموعة الخدمات البحثية & 3/3/2012