أمريكا والصين والحرب المحتملة
استراتجيك كالتشر – ترجمات – 27/3/2017
شرح الكاتب كريستوفر كوكر في كتابه “الحرب غير المحتملة” والذي صدر في 2014، أهمية مناقشة احتمالية وجود صراع بين أمريكا والصين، وذلك لتوافر أسباب هامة لبدء هذا الصراع. وقال كوكر إنّه إذا استمرت الدولتان في عدم أخذ الوضع بجدية واستمرا في اعتبار أن الحرب بينهما أمر غير محتمل، فسيدفع العالم كله ثمن ذلك.
وتحدث قبله المفكر الاستراتيجي جرهام أليسون، والذي يُعد أحد علماء السياسة البارزين ومدير مركز بيلفر بجامعة هارفرد عن هذه الحرب المتوقعة، ففي مقالٍ له بصحيفة “أتلانتك” عام 2015، قال إنه بوجود قوى عظمى مثلما تحدت أثينا، سبارتا في اليونان القديمة، أو مثلما تصارعا كل من ألمانيا وبريطانيا منذ قرن، فإن النتيجة ستكون اشتعال الحرب، موضحًا أنه شهد ذلك في 12 حالة على مدار التاريخ.
الصين وأمريكا: العلاقة الخطرة
“هل لا يمكن وقف الحرب بين أمريكا والصين؟”.. لإجابة على هذا السؤال، يجب أن نفهم تعقد العلاقات الصينية الأمريكية، ويجب كذلك تحليل شكل العلاقات بينهما من الناحية الاقتصادية والاستراتيجية.
أولًا العلاقات الاقتصادية: قبل انتخاب ترامب اعتبر باحثون من الجانبين أن كلتا الدولتين ازدهرتا بسبب الروابط الاقتصادية بينهما، حيث ارتفعت التجارة الثنائية بين الصين وأمريكا في السلع والخدمات منذ أن فتحت الدولتان أبوابهما لبعضهما البعض
في عام 1971 وتصل الآن حجم التجارة بينهما إلى أكثر من 600 مليار دولار أمريكي سنويًا، وساهمت العلاقات التجارية بينهما في زيادة فرص العمل في الصين وأمريكا.
ثانيًا العلاقات الاستراتيجية: زادت التوترات بينهما منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، والذي كان يمثل التهديد الحقيقي الذي كان سببًا في قرب العلاقات بين الصين وأمريكا، حيث إنّ عدم وجود عدو مشترك تسبب في زيادة التوترات، وتتواجه الدولتان الآن في أجزاء من المحيط الهاديبدون أي إشارة للتوقف.
وخلال الأوقات العصيبة بين الدولتين في العقود الماضية مثلما حدث في أزمة تايوان 1995- 1996، وتفجير السفارة الصينية في 1999 كان هناك تهديد بقطع العلاقات الاقتصادية. والآن مع وجود ترامب ومستشاره التجاري بيتر نافارو – والذي ألف كتاب “الموت من الصين” – ودعوته للتشكيك في فوائد العلاقات التجارية مع بكين، يبدو أن الحل في أي مشكلة بين الدولتين هو إنهاء العلاقات.
لما يجب قراءة كتاب “مقدرين للحرب: أمريكا والصين وفخ ثوسيديدس”؟
هناك العديد من المقالات والكتب والتي تحدثت عن خطورة حدوث صراع عسكري بين أمريكا والصين وكيف يمكن تجنبه، ويعتبر أبرزهم هو كتاب “مقدرين للحرب: أمريكا والصين وفخ ثوسيديدس” للكاتب جراهام أليسون؛ حيث جاء سردها جيدًا، واستطاع أليسون أن يأخذ القراء في رحلة من خلال حالات شبيهة في الماضي، حيث حدثت صراعات بين الأمم الصاعدة والقوى الموجودة، وتحدث في كتابه عن تفاصيل الفشل وفي بعض الحالات كيف تمكنت هذه القوى من تجنب الحروب.
وكان أسلوب أليسون سهلًا وبعيدًا عن المصطلحات المعقدة والرسوم البيانية، حيث إن أفكاره تصل للقارئ بسهولة بغض النظر عن الأفكار المرعبة التى يتحدث عنها.
ولكن واجه البعض أزمات في تقبل بعض ما قاله أليسون، فعلى سبيل المثال لم يتقبل العديد المقارنة بين الرئيس الصيني شي جين بينج والرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ حيث اعتبروا أنهما متشابهان في نفس الهدف وهو جعل أمتهما عظيمة.
وكذلك تشبيهه لسعي الصين أن تكون دولة آسيا الأولى بما فعلته أمريكا عندما أصبحت دولة عظمى منذ قرن مضى، وفي الوقت الذي أوضح أن الصين لم تتصرف بنفس عدوانية أمريكا إلا أنه ألمح إلى ما يمكن أن يحدث إذا اتخذت الصين طريق الحرب.
وعرض أليسون 4 طرق لتجنب الصراع المحتمل، (أولهم هو توضيح المصالح الحيوية؛ حيث يجب أن توضح أمريكا مصالحها في منطقة آسيا والمحيط الهادي، وثانيًا ما الذي يستحق النزاع من أجله؟، وثالثًا ما الذي يستحق القتل من أجله؟، رابعًا ما الذي لا يستحق في القتال من أجله؟).
هناك العديد من الأسباب التي تجعل الجميع يثني على هذا الكتاب؛ حيث إنّه يعد السبب في أخذ الأمور بجدية وبداية الحديث عن الحرب المحتملة قبل طرح الكتاب في مايو 2017، حديث الرأي العام عن احتمال نشوب حرب بين أمريكا والصين هو ما يعتبر الإنجاز الحقيقي لهذا الكتاب .
التقرير