ترجمات عبرية

اسرائيل اليوم – الرئيس الحاضر الغائب مصداقية جو بايدن تتفكك

اسرائيل اليوم– بقلم  أبراهام بن تسفي – 5/11/2021

” إدارة بايدن تبدي ضعفا على الصعيد الداخلي والخارجي يعكس الضعف الجسدي والنفسي لرئيسها”.

في أواخر فترة ولاية الرئيس الامريكي فرانكلين دلانو روزفلت الثالثة، تدهورت حالته الصحية بشكل سحيق.

من أحدث ثورة اجتماعية واقتصادية خارقة للطريق في ظل الدرك الاسفل الاكبر، ولاحقا قاد الامة الامريكية الى مواجهة بلا هوادة مع “محور الشر” رغم المعارضة الانعزالية من الداخل، اصبح في المراحل الاخيرة من الحرب العالمية ظل نفسه. وذلك عندما مست أمراضه الجسدية بأداء مهامه وبوعيه، بالذات في اللحظات التأسيسية لبلورة النظام العالمي الجديد. 

رغم الفوارق في السياق التاريخي وفي الجوهر، لا ينبغي ان نتجاهل اوجه الشبه التي تربط بين روزفلت والرئيس الحالي بايدن. هذان هما شخصان، في ذروة سنواتهما ابديا فهما عميقا سواء في غياهب السياسة الداخلية أم في الصلة في المجال الدولي. 

مثل روزفلت، السناتور بايدن هو الاخر أبدى خبرة مبهرة في كل ما يتعلق باقامة تحالفات حزبية داخلية وحزبية ثنائية في تلة الكابيتول وجسد بسلوكه فكرة البراغماتية والواقعية السياسية. ولكن مثلما لم يتمكن الرئيس روزفلت رغم امراضه وانهاكه – من الانسحاب بعد ثلاث فترات ولاية مليئة بالانجازات والنجاحات، بل اصر على التنافس للمرة الرابعة على المنصب الرفيع، هكذا ايضا بايدن قرر التنافس على الرئاسة في 2020 رغم عمره المتقدم وتعبه البارز.

وهكذا بعد سنة من انتخابات 3 تشرين الثاني وقبل سنة من الانتخابات الوسطى للكونغرس، يوجد الرئيس في ذروة هبوط حر من ناحية مكانته في الرأي العام. وذلك على خلفية اسلوب عمل ضعيف، متردد وبردود افعال، يحاول المرة تلو الاخرى تقليص الاضرار دون اخذ مخاطر وتتخذ صورة من يحاصره اكثر فأكثر الجناح الليبرالي العميق في حزبه. 

تعبير راهن عن احساس خيبة الامل والاحباط السائدة هذه، حتى في اوساط جماهير ديمقراطية يمكن أن نرى في نتائج الانتخابات لمنصب حاكم ولاية فيرجينيا، التي اصبحت منذ وقت غير بعيد معقلا ديمقراطيا واضحا والتي منحت في 2020 اصواتها الانتخابية لبايدن بفارق 10 في المئة على خصمه ترامب. 

امامنا “علامة دالة” عديدة الاهمية على مكانة الرئيس الداخلية المتدهورة إذ ان حملة الانتخابات في فيرجينيا اصبحت استفتاء شعبيا عمليا على اداء بايدن، والتي انتهت بحجب ثقة واضحة مع انتصار الجمهوري غالن ينجكين. وبالفعل، امامنا اشارة تحذير واضحة تلقي بظلالها على الحزب الديمقراطي وتضع علامة استفهام كبرى على قدرته للحفاظ على مكانته ككتلة الاغلبية في المجلسين في اعقاب الانتخابات الوسطى بعد سنة. 

ان مظاهر الضعف الرئاسي هذا كثيرة، ابرزها كان الانسحاب البائس والمفزوع من افغانستان، والذي أثبت بان دروس الخروج من جنوب فيتنام لم تستوعب بعد في العاصمة الامريكية. اضافة الى ذلك، ما بدأ بصخب شديد كحرب غير مشروطة ضد فيروس الكورونا من خلال حملة التطعيمات الشاملة – انطفأ بالتدريج.

في ضوء حجم الوباء وعدد ضحاياه كان يمكن ان نتوقع من القائد نفسه ان يقود حملة نشطة لتجنيد التأييد الجماهيري لخطواته، وان يجبر “ولايات مارقة” على السير في التلم. عمليا  كانت لحظات ظهور بايدن العلنية قليلة، شاحبة ومتلعثمة. 

بخلاف روزفلت في عهود عظمته فشل بايدن تماما في محاولاته الترويج لمبادراته من خلال التوجه المباشر للشعب الامريكي. وتنطبق هذه الامور ايضا على برامجه الطموحة في جملة كاملة من المسائل الاجتماعية والاقتصادية التي استمدها ظاهرا من غياهب النسيان لمبادرات روزفلت في عهد “الصفقة الجديدة”، ولكنها سرعان ما تجمدت جراء انعدام قدرة البيت الابيض على فرض إمرته على أجنحة حزبه. 

في المجال العالمي، فان الاقوال الممجوجة عن تطلع البيت الابيض لترميم الجهاز الصحي التقليدي في الولايات المتحدة – بقيت اليوم فارغة من المضمون. 

صفقة الغواصات التي وقعتها الولايات المتحدة مؤخرا مع استراليا من خلف ظهر الشريك الفرنسي تشكل دليلا قاطعا على ذلك. في مجمل الامر، فان الساحة الاسرائيلية العربية ايضا تشهد على الضعف العام للادارة. فبدلا من تثبيت منظومة العلاقات الاستراتيجية لواشنطن مع حلفائها في الخليج المهددين من ايران – أبدى بايدن في بداية طريقه موقفا باردا على نحو خاص تجاه السعودية واتحاد الامارات. وقد اشار بذلك، كما ينبغي الاعتراف بانه غير ملزم بالمخطط الذي  اطلقه سلفه. 

على هذه الخلفية لا يتبقى غير السخرية من تصريحات الرئيس ومساعديه عن جدوى الخيار العسكري تجاه نظام آيات الله في ايران. ذلك لان مصداقيتهم في الادارة الامريكية الحالة لا يجب ان يبنوها، ومن الافضل ساعة مبكرة اكثر، وليس فقط على مستوى الشرق اوسطي بل وايضا تجاه التحديات التي مصدرها بيجين، موسكو وبالطبع واشنطن ايضا. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى