ترجمات عبرية

هآرتس: نتنياهو فقد الكوابح لكن احتلال غزة بعيد

هآرتس – عاموس هرئيل – 10/8/2025 نتنياهو فقد الكوابح لكن احتلال غزة بعيد

توجد فجوة كبيرة بين الطريقة التي يعرض فيها قرار الكابنت الصادر في صباح يوم الجمعة الماضي بشان توسيع الحرب في قطاع غزة وبين ما يظهر كتداعيات عملية له. رسميا، الكابنت صادق على موقف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وعلى احتلال مدينة غزة، في الطريق الى الاحتلال الكامل للقطاع. عمليا، صياغات واشتراطات القرار يمكن ان تؤجل تطبيقه لشهرين، هذا اذا تم تطبيقه. 

تحفظات رئيس الاركان ايال زمير من هذه العملية واضحة اصلا، لكن خلافا للانطباع الذي حاول محيط نتنياهو خلقه فان زمير لم يهزم في الجلسة. ربما العكس هو الصحيح. فعقبات كثيرة تقف الان في الطريق الى درجة انه في هذه الاثناء يصعب رؤية كيف يفرض نتنياهو بسرعة ارادته. اضافة الى انه في حالته لا يمكن الثقة بانه لا يوجد هنا تلاعب على كل الاطراف – الجيش، وزراء اليمين المتطرف، حماس، والجمهور الاسرائيلي بشكل خاص.

اذا كان نتنياهو وبحق يريد احتلال غزة فسيكون عليه مواجهة صعوبات اساسية في محاولة تحقيق هذا الهدف. الصعوبة الاولى هي ان الولايات المتحدة تطلب منه القيام بخطوات انسانية منها اغراق المنطقة بالمساعدات، اقامة مراكز توزيع كثيرة واخلاء حذر وبالتدريج للسكان الفلسطينيين من مدينة غزة ومحيطها، تقريبا مليون شخص. هذه خطوات تامينها سيحتاح الى وقت طويل، وجزء من تطبيقها يرتبط بمنظمات اجنبية لا تخضع لاجندة اسرائيل. من البداية حدد الكابنت ما وصف بموعد هدف رسمي، استكمال الاخلاء حتى 7 اكتوبر. اذا كانت هزيمة حماس حاسمة وملحة جدا بهدف منع مذبحة اخرى، كما تدعي الحكومة، فمن غير الواضح لماذا يتم الحاق اعتبارات رمزية بالقرار، خاصة عندما يكون الحديث يدور عن انتظار لشهرين. يصعب التحرر من التفكير بان التاجيل الطويل يخدم نتنياهو، الذي لا يشعر باي الحاحية لانقاذ المخطوفين أو حسم المعركة. التوقيت سيكون جيد لنتنياهو حتى من الناحية السياسية. ففي تشرين الاول ستعود الكنيست من العطلة الصيفية، والقتال المتزايد في القتال سيكون ذريعة جيدة ضد محاولة حلها.

الصعوبة الثانية تتعلق بتجنيد الاحتياط. لقد تم اقتباس تقديرات مختلفة من الجيش الاسرائيلي حول حجم التجنيد المطلوب للعملية، 120 – 250 الف رجل احتياط. يبدو ان التقدير الادنى هو الاقرب الى الواقع، لكن هذه هي نفس هيئة الاركان التي حاولت تثبيت في هذه السنة منحنى الرسم البياني للنشاطات العملياتية، ووعدت رجال الاحتياط بانها تنوي خفض متوسط الخدمة للجنود في 2025 الى 74 يوم. الآن نسبة الامتثال في وحدات الاحتياط توجد في حالة هبوط حر، والقادة يغطون على ذلك بتجنيد محموم لرجال الاحتياط الذين لا توجد لهم وحدات، والذين عند الحاجة يحولون الخدمة الى مصدر للرزق ويتنقلون بين القيادات والكتائب. ما الذي ستفكر فيه عائلات رجال الاحتياط حول تجنيد جماعي آخر، بين نهاية العطلة الكبيرة والاعياد؟ كم عدد الذين سينجحون في الحفاظ على اماكن عملهم؟  نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس لا ينشغلان بهذه الامور التافهة. عمليا، ربما هذه وصفة لتاجيل بداية العملية لشهرين على الاقل.

صيغة البيان مقابل التوقعات التي نثرها نتنياهو ومؤيدوه محدودة جدا. لم يتم ذكر فيها كل الطموحات المكشوفة التي يكثر الحديث عنها وزراء اليمين المسيحاني، “ليس احتلال، بل سيطرة”، “ليس تشجيع على الهجرة الطوعية”، و”ليس فظائع المدينة الانسانية”. من غير الواضح اذا كان هذا حذر أو املاء امريكي. الكابنت ايضا لا يعلن اذا كان توجهه هو نحو صفقة تبادل جزئية أو صفقة شاملة. حتى قبل اسبوع قال نتنياهو بان الهدف هو صفقة جزئية، بعد ذلك قام فجأة بتغيير موقفه وطالب بصفقة شاملة، بدون ان يشرح مصدر هذا التغيير. الآن الوزراء ينثرون شعارات فارغة حول عملية ستؤدي الى تحرير جميع المخطوفين. هم يتجاهلون انه مرت سنة تقريبا منذ المرة الاخيرة التي نجح فيها الجيش بانقاذ مخطوف على قيد الحياة. 

حتى اليمين المسيحاني لا يصدق وعود نتنياهو. في وسائل الاعلام نشر انه في جلسة الكابنت الليلية صرخ ممثلو رئيس الاركان واصطدموا مع رئيس الشباك دادي برنياع ومع رئيس هيئة الامن القومي تساحي هنغبي، الذي بصورة استثنائية اختلف مع موقف نتنياهو. في “اخبار 12” نشرت اقتباسات لا يمكن تصديقها. وزيرة الاستيطان اوريت ستروك، التي ظهرت وكأنها تصمم على تجسيد صورة الشريرة في فيلم هوليوودي، وبخت منسق هيئة الاسرى والمفقودين غال هيرش عندما تجرأ على التصميم على أن يبقى تحرير المخطوفين احد اهداف الحرب. “هذه ليست المهمة”، قالت لهيرش. “المهمة هي تصفية حماس”. في حين ان وزير الامن الوطني ايتمار بن غفير قدم المواعظ لزمير كي يتعلم من الشرطة الانضباط. المقابلة التي تم بثها في نفس القناة مع عامي ايشد، قائد لواء تل ابيب المُقال، اوضحت بعد ذلك الى اين بالضبط دهور بن غفير الشرطة.

توجه كارثي

امس بعد الظهر زار رئيس الاركان قيادة المنطقة الجنوبية. في البيان الذي نشره المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي شمل ايضا تعهد زمير بالحفاظ على حياة المخطوفين والسماح للقوات بالانتعاش من اجل تعزيز القدرة على التحمل والعمل، وفقا لقيم وروح الجيش الاسرايلي. المعنى الضمني واضح. الجيش الاسرائيلي سيتقدم بوتيرته الخاصة، ورئيس الاركان لا تخيفه تصرفات السياسيين. ورغم التوقعات الكثيرة في الاسبوع الماضي إلا ان زمير يم يتسرع في تقديم استقالته، بل سيحاول توجيه الجيش حسب اسلوبه الخاص وتقليص الاضرار التي تسببها الحكومة والكابنت. في الفترة الاخيرة انهالت عليه طلبات من ضباط متقاعدين ومدنيين، يتوسلون فيها اليه من اجل البقاء في منصبه.

حتى الآن الوضع الذي خلقته اسرائيل في القطاع خطير جدا.  يبدو ان المفاوضات حول الصفقة ما زالت عالقة، والخطر على حياة الجنود والمخطوفين سيزداد اذا جرت محاولة احتلال مدينة غزة. الجيش الاسرائيلي في الواقع نجح في اخلاء بسرعة وبشكل عنيف مئات آلاف الفلسطينيين من غزة، خانيونس ورفح. ولكن بعد مرور سنتين تقريبا على الحرب فان القطاع تم تدميره والسكان متعبين، والكثير منهم لا يوجد ما يخسرونه، وتصعب معرفة هل جميعهم سيهربون. الضرر الدولي الذي يلحق باسرائيل آخذ في التراكم. امس اعلنت المانيا عن حظر جزئي لتصدير السلاح لاسرائيل واثارت هنا صدمة معينة.

الى جانب الاضرار الاستراتيجية ربما يفضل الانتباه الى التحذير الذي اسمعه البروفيسور الياف لابلاخ، الخبير في القانون الدولي في جامعة تل ابيب. حسب قوله الجنود، الذين سينفذون أمر احتلال مدينة غزة وطرد سكانها الى منطقة صغيرة فيها لا يمكن الحفاظ على ظروف عيش بالحد الادنى بدون ان تكون لديهم امكانية العودة الى بيوتهم، سيجدون انفسهم متهمين بالتورط في جرائم ضد الانسانية. 

رغم العناوين الدراماتيكية، يبدو أنه بعد جلسة الكابنت اكثر مما تسرع فيه اسرائيل نحو كارثة جديدة، هي تتمترس في الشرك القائم. لذلك هي يمكن ان تدخل الحرب والمفاوضات الى حالة الجمود لبضعة اشهر بدون التقدم نحو الصفقة أو اتفاق لوقف اطلاق النار. ولكن حتى لو وجد نتنياهو صعوبة في تحقيق هذه المرة رغبته فانه يجدر الانتباه الى ما تم كشفه في هذه الجلسة وفي خطواته الاخيرة. نتنياهو فقد الكوابح تماما، وهو يعمل بدون كوابح لتحقيق اهدافه – البقاء في الحكم بواسطة اشعال حرب خالدة، الانتقاد المنضبط في معظمه من قبل المعارضة لا يؤثر عليه، وفي غضون ذلك تساؤلات الجمهور. حتى لو نجح زمير في ابطاء وتيرة التنفيذ فان التوجه الكارثي الذي تمليه الحكومة بقي على حاله.


مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى