يديعوت احرونوت: إذا قبلت حماس كل مطالب إسرائيل فان نتنياهو لن يوافق على قبولها

يديعوت احرونوت 28/4/2025، ناحوم برنياع: إذا قبلت حماس كل مطالب إسرائيل فان نتنياهو لن يوافق على قبولها
لو كنت ابن 21 اليوم، بعد ثلاث سنوات خدمة في وحدة قتالية، اتخيل كيف كنت سأشعر. الرحلة التي خططت لها الى أمريكا الجنوبية، مع الرفاق، سنة تجول في المشاهد الرائعة، تلغى. اسافر غربا، بالتأكيد غربا، لكن فقط حتى غزة. حكومتي مددت لي أربعة اشهر أخرى. أربعة اشهر! انظر الى السترة الوقائية التي اعتزمت اعادتها الى مخزن السلاح، الحزام والسلاح، وداعا وليس الى اللقاء، الى السنة التي حلمت بان اقضيها بلا جيش وبلا رقابة أهل، الى الجرابات التي تتعفن مرة أخرى بالرائحة الكريهة، الى الرمل والغبار والعرق في رطوبة غزة.
أحصيت مسبقا ايامي حتى لحظة التسريح: ثمة نوع من المعتقد الخرافي هذا في الا اتعرض للقتل او الإصابة في الليلة الأخيرة فقط. والان كل شيء سيخرب وسأعيد الحساب من جديد. كالسجين في السجن او المخطوف في النفق.
الحكومة تعد بان تعطيني راتبا من 8 الاف شيكل على كل شهر خدمة آخر. بالنسبة لنا هذا بحر من المال، لا جدال في ذلك. لكن يبدو لي هذا كالرشوة، وكأني جندي مرتزق: خذوا مالنا واعطونا حياتكم. من يشغل مقاتلين مرتزقة؟ واحد يدفع كي يقاتل واحد آخر بدلا منه. لو كان وضع مثلما في متسادا، في غيتو وارسو، في يوم الغفران في القناة، نحن أم هم، فاني افهم. لكن هنا يوجد عشرات الاف الرفاق من أبناء عمري تدفع لهم الحكومة كي لا يتجندوا. لا اصدق انه توجد حكومة في العالم تتصرف هكذا، لا اصدق. دعكم، لو كانت الأحزاب الحريدية تعارض الحرب لكنت فهمت، لا نريد أن نقاتل، لا نريد الاخرين ان يقاتلوا، لكنها بالذات مع الحرب هذا الترتيب يناسبها جدا.
يوم الأربعاء هو يوم الذكرى، وبالتأكيد سيدعوننا الى الطابور ليتلوا علينا أسماء ضحايا اللواء، في هذه الحرب وربما أيضا في حروب سابقة. قائد الفرقة سيؤدي التحية للعلم، سيعد بالنصر وأنا سافكر بالرفاق الذين رحلوا الى الابد وأولئك العالقون الان في اقسام إعادة التأهيل ويقيسون الأطراف الصناعية. واحد صعد على عبوة، آخر تعرض لصاروخ مضاد للدروع، ثالث أصيب بقناصة والقائمة لا تزال طويلة. قائد الفرقة سيقول انه لم تكن حرب اكثر عدلا وان شعب إسرائيل ورب العالم وأنا سأفكر – في واقع الامر، ما الذي نفعله هنا، من اجل ماذا ومن اجل من.
ومن التالي في الدور.
في البداية تحمست للحرب. رأيت في الشبكة الصور، كيف ذبحونا، كيف تجولوا في الكيبوتسات، كارباب البيت، كيف استقبلوا في غزة المخطوفين، قلت نحن سنريهم ما هو الجيش الإسرائيلي. اطلقنا النار كالمجانين، قصفنا، كسحنا، دمرنا، اشعلنا الشمعدانات على الخرائب وخطينا شعارات الى أن لم تبقى حيطان تخط عليها الشعارات. الحقيقة، لم ارَ عربيا واحدا حيا في غزة. رأيت فقط جثث، الكثير من الجثث، نعم، لاطفال أيضا، لنساء أيضا، لطواقم طبية أيضا، لا يوجد غير مشاركين في غزة، قال قائد ا لفرقة واعتقدت انه محق.
لكن هذا لم ينتهِ: جولة وجولة أخرى وجولة أخرى. بيت حانون عدنا اليكِ ثانية وثالثة ورابعة وخامسة، كل شيء يبدو مقفرا مثلما في فيلم علم خيالي على القمر. بعد ان كنا نستولي على الأرض كان الجميع يدخلون الى أجواء نهاية الدورة. الوزراء كانوا يأتون للزيارة ومراسلون وحاخامون جاءوا في محاولة للتظاهر بانهم يسوغون الاواني للفصح ويخطبون لنا بان غزة هي جزء من بلادنا المقدسة ويجب طرد العرب وإعادة الاستيطان، هذه فريضة من التوراة. وبين الحين والآخر كان يخرج حماسي من نفق ما، يطلق مضاد دروع ويقتل جنديا. الاحتفال كان ينتهي، خلص، وبعد يومين يعود، وكذا الضيوف. في الاعلام كانوا اننا ابطال، اننا نحقق النصر ونعيد المخطوفين. لكن الحقيقة هي أننا لم نحقق شيئا.
انا مجرد نفر: لا افهم الاستراتيجية، لا افهم السياسة، لكن شيئا ما هنا لا يترتب لي: عمي، الذي هو ضابط كبير في مكان ما، يقول ان حماس تبدي الان استعدادا لقبول ا لعرض المصري، في واقع الامر المطالب الإسرائيلية، كل الأربعة: عودة كل المخطوفين، التخلي عن الحكم، تسليم السلاح للمصريين وخروج القادة الى المنفى. المطلبان الاولان مؤكدان. المطلبان الاخيران ربما نعم، ربما لا، هذا منوط بمن تسأل لكن الاعلام في العالم العربي مليء بذلك.
إذن انتصرنا، اليس كذلك؟ انتهى الاحتفال: يمكن إعادة القوات الى الديار والسماح لي ولرفاقي بان اعود لاستمتع بشرابي في ماتشو بيتشو. لكن عمي، الذي يفهم سياسة، يقول اني لا افهم شيئا. إذا قبلت حماس كل مطالب إسرائيل فان نتنياهو لن يوافق على قبولها. هو مثل الباص في فيلم “سبيد”، الذي زرعت فيه قنبلة. اذا توقف ينفجر. وعليه فهو يبعث برئيس الموساد الى أصدقائه في قطر، لان يضعوا العراقيل امام العرض المصري.
أتدري، يا عمي، قلت له. انسى هذا، لم اسأل شيئا.
فقط أردت ان أقول لكم بان يوم الاستقلال هذه السنة لن يكون متعة على الاطلاق. نجلس في الشجاعية، بين الأنقاض، نحتسي القهوة ونرى من بعيد الألعاب النارية في عسقلان وفي سديروت. تمتعوا هناك، في الجبهة الداخلية. الظلام يهبط على غزة: لا قمر، لا كهرباء. وبعد قليل سنخرج الى دورية على المحور.