ترجمات عبرية

يديعوت: كفى تعامياً عمّا يجري في الضفة

يديعوت 2023-07-19، بقلم: آفي دبوش: كفى تعامياً عمّا يجري في الضفة

قال المهاتما غاندي: “الإنسان السعيد هو الذي لا يترك القرية التي وُلد فيها”.

ومثل الطفل الذي يغلق عينيه ويظن أن لا أحد يراه، نحاول تجاهُل ما يحدث في الضفة الغربية وغزة.

هناك فجوة كبيرة بين التركيز على عملية “بيت وحديقة” في جنين والاهتمام الواسع النطاق بالأحداث “الإرهابية” التي تجري وراء الخط الأخضر وداخله، وبين رغبتنا اليائسة في معرفة ما الذي يجري “هناك”.

أستطيع أن أفهم الخوف والإحساس بالعجز، لكن الواقع المكبوت ينفجر إلى الخارج بوسائل خطِرة.

لا يمكن فعلاً تجاهُل المكان الذي نرسل إليه أبناءنا بلباسهم العسكري، والذي يسكن فيه نصف مليون إسرائيلي، ويشكل جذر المشكلات الأمنية المزمنة التي تحصد أرواحاً وتمنعنا جميعاً من الاستقرار والهدوء.

يؤدي استخدام القوة حتماً إلى ازدياد قوة الطرف الثاني أيضاً. أنا أعيش على الحدود مع غزة، وقبل عشرة أعوام ضحكنا من “الجهاد الإسلامي” الذي كان لديه مئات المقاتلين، ولم يكن يحظى باهتمام السكان.

اليوم، أصبح يضم عشرات الآلاف من العناصر، واستطاع في السنة الماضية شلّ إسرائيل مرتين لأيام طويلة. كما أن قوة “حماس” و”الجهاد الإسلامي” تزداد في الضفة الغربية أيضاً. وما دامت السلطة الفلسطينية غير ديمقراطية، وفاسدة وضعيفة، فإن هذه العملية ستستمر. وليس صدفة أن يطالب كبار قادة الجيش بالقيام بخطوات اقتصادية ودبلوماسية إلى جانب العمليات العسكرية. كما ليس صدفة أن تكون الخطوة الوحيدة الفعالة في السنوات الأخيرة تتمثل في إعطاء 15 ألف عامل من غزة تصاريح عمل، ما قلّص بصورة كبيرة حافز “حماس” إلى الدخول في قتال.

لا يمكن التوصل إلى حلول للنزاع من دون هذه الخطوات. ولا يمكن السيطرة على سكان مدنيين تحت احتلال مستمر منذ أعوام طويلة من دون تحمُّل نضالهم من أجل الحرية.

مَن يعتقد أن العملية في جنين ستعزز الأمن في المدَيين المتوسط والبعيد، يبدو أنه لا يعيش هنا.

عموماً، دعونا نتحدث عن منظماتنا الإرهابية. في كانون الثاني 2022، تعرّض متطوعون من حركة “حاخامات من أجل حقوق الإنسان” لهجوم أثناء قيامهم بزرع أشجار في قرية بورين في نابلس. فجاء 20 مقنعاً ومسلحاً تقريباً من البؤرة الاستيطانية غير القانونية غفعات رونين وضربوهم، وأحرقوا سيارات ومعدات، وأصابوا عدداً من المتطوعين بجروح بالغة. وهذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها ذلك. قبل عامين، تعرّض الحاخام موشيه يهوداي للهجوم، كما هوجمت د. هاجر غيفن وطواقم أُخرى تابعة لنا.

هذه قصة صغيرة. القصة الكبيرة أنه تقع سنوياً مئات الهجمات الإرهابية اليهودية ضد الفلسطينيين، وضد حقولهم وأملاكهم.

هناك ارتفاع دائم في حجم الهجمات وخطورتها. ما رأيناه في حوارة وترمسعيا في الأشهر الأخيرة هو هجمات منظمة لمئات المستوطنين، شملت إطلاقاً للنار وإشعال حرائق والهجوم على عائلات.

هل يجري توجيه كتب اتهام؟ بصعوبة كبيرة. رئيس الأركان والمفوض العام للشرطة ورئيس الشاباك هاجموا الإرهاب اليهودي علناً، لكنهم بذلوا القليل من أجل كبحه ومنعه ومعاقبته. الإرهاب اليهودي لا يفكك صلاحيات الدولة فقط، بل أيضاً يصب الزيت على النار، وفي نهاية الأمر، يؤدي إلى إلحاق الأذى بالمزيد من الإسرائيليين.

تدّعي زعامة اليمين المتطرف أن هجمات الفلسطينيين ازدادت كثيراً. هذا صحيح على صعيد الوقائع، لكن تسجيل حوادث الإرهاب اليهودي محدود جداً، لأن الفلسطينيين الذين تعرّضوا للهجوم لا يتقدمون بشكوى بسبب الخوف وعدم الثقة.

يضاف إلى ذلك أن الجيش والشرطة يتحركان بأعداد كبيرة من أجل الدفاع عن المستوطنين.

نحن ضد كل أعمال العنف وضد كل هجوم على مواطنين أبرياء، لكننا ندرك أن علينا مسؤولية قانونية وأخلاقية ويهودية لوقف الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان الفلسطيني في المناطق.

وإذا أضفنا ذلك إلى عدم جدوى استخدام القوة الذي لا ينتهي، والذي يخلق قوة مضادة، من الواضح لنا أنه من دون عملية سياسية مهمة ووقف الاحتلال، أو على الأقل الحد منه، سنحكم على أنفسنا وعلى أولادنا بالاستمرار في هذه الدائرة التي ستنفجر في وجوهنا جميعاً في النهاية، وبصورة هائلة.

الحجة التي سمعناها طوال أعوام من البروفيسور يشعياهو ليفوفيتش ويساريين آخرين، والتي تقول إن الاحتلال سيتمدد وسيفسدنا نحن أيضاً، هي حجة مزعجة.

نحن نريد أن نغلق آذاننا. لكن خلال الأشهر الستة الأخيرة، شهدنا تحقُّق نبوءة الغضب هذه.

استخدام قنابل الغاز والقنابل الصوتية والسهولة التي تقمع بها الشرطة المتظاهرين، كل هذا لم يبدأ في ساحة كابلان، ولا في شارع بلفور. أيضاً حماسة سمحا روتمان وبتسلئيل سموتريتش الكبيرة للانقلاب القضائي، ناجمة عن أحلام الضم والطرد التي تحتاج إلى السيطرة على المحكمة العليا.

في مثل هذه الحالة، ماذا أقترح؟ كيف يمكن الدفع قدماً بعملية اقتصادية وسياسية من دون صواريخ على مطار بن غوريون ولبننة الضفة الغربية؟

الإجابات موجودة لدى الجهات المهنية في وزارة الخارجية، وفي مجلس الأمن القومي، وفي الجيش، وغيرهم. وكلها مطروحة على طاولة رئيس الحكومة والمجلس الوزاري المصغر. والمقصود تسريع خطوات التكامل الاقتصادي وإعادة بناء البنى التحتية، وخصوصاً في غزة. في المقابل، يجب العمل على تعزيز قوة السلطة الفلسطينية وإخلاء البؤر الاستيطانية غير القانونية التي تشكل قاعدة للإرهاب اليهودي في “المناطق”. بالإضافة إلى ذلك، يجب خلق بنية تحتية حقيقية بوساطة التعاون الإقليمي، مثل منتدى النقب (المؤلف من دول الخليج ومصر والأردن)، والتعاون الدولي، والعودة إلى طاولة المفاوضات، ومحاولة التوصل إلى حل.

إن الأمة الصهيونية الناشئة والمناضلة لديها القدرة الإبداعية على بلورة مستقبلنا، إذا أردنا.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى