ترجمات عبرية

يديعوت: تقليص النزاع بين “الحل الأمثل” و “النمط البلقاني”

يديعوت أحرونوت 8/9/2022، بقلم: ميخائيل ميلشتاين 

تقليص النزاع ليس فكرة جديدة، فقد طرح مرات عديدة منذ 1967 على سبيل فكرة وسطى بين أولئك الذين سعوا لفرض السيادة على “المناطق” [الضفة الغربية] وأولئك الذين سعوا للمضي بحل الدولتين. رائد الفكرة ومبتكر الاصطلاح هو موشيه دايان، الذي وصف رؤية منذ نهاية الستينيات في إطارها تقليل الالتماس بين الإسرائيليين والفلسطينيين، ومنحت حرية حركة لسكان “يهودا والسامرة” وغزة، وتحسن نسيج حياتهم بشكل يكسب إسرائيل هدوءاً أمنياً دون سيطرة مباشرة على الفلسطينيين.

واليوم أيضاً تبدو فجوات بارزة في الفكرة: لا يوجد فلسطينيون مستعدون ليكونوا “شريكاً” لدفعها إلى الأمام؛ وهي تتجاوز البحث في مسائل سياسية مشحونة غير قابلة للإخفاء (بخاصة الحدود، القدس، واللاجئين)؛ وتعتمد بشكل أكبر مما ينبغي على فرضية أن الاقتصاد الجيد قادر على هزيمة الأيديولوجيات.

تقليص النزاع الحالي ينطوي على تكييف الفكرة القديمة مع الواقع الراهن، الذي في مركزه حكم ذاتي فلسطيني محدود في “يهودا والسامرة”. إلى جانب تحسين نسج للحياة يعرض اليوم على الفلسطينيين تواصلاً إقليمياً في إطار الحكم الذاتي إياه، وحرية حركة في أرجاء “يهودا والسامرة” وخارجها، دون الانشغال بمسألة الحدود. يدور الحديث عن فكرة تفترض بأنه سيكون ممكناً إيجاد واقع ثنائي البعد يعيش في إطاره يهود وعرب في الأرض الإقليمية إياها دون أن يلتقيا.

إن فكرة تقليص النزاع ليست سلبية، والسعي لتحسين حياة الفلسطينيين مبارك. ولكنها ليست رؤية بعيدة المدى، بل وسيلة تكتيكية لاستقرار الواقع كي يكون ممكناً تخطيط المستقبل وفحص إمكانية اتخاذ القرارات الحاسمة، سواء باتفاق مع الفلسطينيين أم من طرف واحد. لقد اعتمد زعماء إسرائيل لسنوات طويلة على نهج “القرار بعدم القرار”، ولكنهم في نهاية الأمر اضطروا لاتخاذ قرارات حاسمة، خصوصاً بعد نشوب الانتفاضتين، وأحداث كشفت أيضاً ضعف السلام الاقتصادي كوسيلة لحفظ الاستقرار على مدى الزمن.

إن الذين يتبنون تقليص النزاع يرون فيه وسيلة لمنع الدولة ثنائية القومية، أما نيتهم فهي دولة واحدة، إذ إن دولة ثنائية القومية تنشأ عقب اتفاق بين قوميتين وبقدر أقل معقولية في الواقع القائم. كون الفكرة لا تترافق وترسيم حدود أو نصب حاجز مادي، فهي تبشر باستمرار الدمج الجغرافي، والديمغرافي، والاقتصادي، وبالبنى التحتية – حتى وإن كان بشكل طويل المدى وبطيء نسبياً.

إن النقاش في تقليص النزاع ينبع بقدر كبير من حرج استراتيجي تعيشه إسرائيل في ضوء التعقد المتزايد في السياق الفلسطيني. إسرائيل تغرق في الفخ الذي وصفه ميخا غودمان: فهي لا تريد أن تتحكم مباشرة بالفلسطينيين، بل وتدرك أن ابتلاع المناطق سيهدد طابعها الحالي، لكنها بالمقابل تخاف من التحديات الأمنية الكامنة في الانفصال عنهم، خصوصاً إذا ما قامت دولة مستقلة. لكن تقليص التماس ومنح جودة حياة للفلسطينيين وتجاوز البحث في مسائل جوهرية سياسية، لا يمكنها أن تشكل بديلاً استراتيجياً. فهي تبعد القرارات الحاسمة اللازمة ببضع سنوات.

نوصي بأن نستبدل الانكباب المتجدد على أفكار دايان بالعودة إلى أفكار واحد من منافسيه – يغئال ألون، الذي تمسك في بداية طريقه بفكرة وحدة البلاد، لكنه فهم بعد 1967 أهمية الفاصل المادي بين المجتمعين كوسيلة لاستمرار وجود إسرائيل بطابعها الأصيل. وهو لم يتحدث عن العودة إلى حدود 1967 ولا عن قيام دولة فلسطينية، وفي السياق الإقليمي سمح بمجال تفسير نوصي السياسيين في إسرائيل بتطويره. تقليص النزاع كفيل بأن يكون مرحلة أولى في هذا الاتجاه، لكنه سيستوجب لاحقا مد خط حدودي بين المجتمعين يمنع الانزلاق إلى واقع بلقاني لدولة واحدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى