ترجمات عبرية

يديعوت: تأجيل الحرب البرية من أجل تحرير المخطوفين

يديعوت 2023-10-28، بقلم: رون بن يشايتأجيل الحرب البرية من أجل تحرير المخطوفين

في اليوم العشرين للحرب يبدو أن الجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل يعرفان جيداً ما الذي يريدان تحقيقه وكيف، في كل مرحلة من مراحل القتال المخطَّط لها. لقد عبّر نتنياهو عن ذلك، أول من أمس، عندما قال إن الهجوم البري على قطاع غزة وإعادة المخطوفين هما هدفان متساويان في قيمتهما في نظر الحكومة الإسرائيلية التي ستسعى لتحقيقهما معاً، من دون أن يأتي أحدهما على حساب الآخر. بكلمات بسيطة، دولة إسرائيل ستحرّر المخطوفين كلهم، كما لو أنه لا يوجد هجوم بري، وستنفّذ الهجوم البري في التوقيت الذي تحدده، حتى لو لم تُحلّ مسألة المخطوفين بصورة كاملة.

هذا يعني أن إسرائيل تأخذ وقتها من أجل الضغط على “حماس” وتمهيد الطريق – بالمعنى الحرفي – بوساطة القصف الجوي، ومن خلال تضييق الحصار، كي تدفع الحركة إلى إبداء مرونة في موضوع المخطوفين. الأهداف التي يقصفها سلاح الجو، حالياً، تخدم أهدافاً عسكرية متوسطة وبعيدة المدى. وبحسب المؤشرات كلها، زعيم “حماس”، يحيى السنوار، لا يزال يشعر بالنشوة، وربما ما زال يعتقد أن إسرائيل لن تجرؤ على احتلال شمالي القطاع، قبل استعادة الرهائن، لكن يبدو من كلام زعماء “حماس” في قطر ولبنان، أن صورة الوضع أقل تفاؤلاً. ويمكن التقدير أنهم يضغطون على الزعامة في غزة لإبداء مرونة في موضوع المخطوفين.

الأمر الذي يضغط على “حماس” في غزة، حالياً، هو موضوع الوقود. صحيح أن لدى الأونروا كميات من الوقود تكفي لتشغيل المستشفيات الأساسية في القطاع بصورة كاملة، لكن لم يعد لدى الحركة كميات كافية من الوقود للمولدات التي تشغّل الشفاطات التي تضخ الهواء النقي إلى الأنفاق والمخابئ العميقة الموجودة تحت الأرض في كل القطاع. كما تُستخدم كهرباء المولدات في تشغيل منظومات الإنذار، والكاميرات ووسائل القتال وتشغيل الصواريخ والقذائف المدفعية عن بُعد، وكذلك في إنتاجها. ومن دون وقود، ستتوقف منظومة القيادة والتحكم وجزء كبير من المنظومة القتالية للصواريخ المنحنية المسار.

بالقرب من رفح، يوجد عدد كبير من صهاريج الوقود، لم يفجّرها الجيش الإسرائيلي لأنها تابعة للأونروا. استولت “حماس” على جزء من هذه الكميات، لكن الجزء الأكبر تستخدمه وكالة الأونروا للاجئين. يتعين على إسرائيل مواصلة العمل على منع تزويد القطاع بالوقود الذي يمكن أن يصل إلى يدي “حماس”. ليس هناك أي اعتبار إنساني يبرر، حتى من زاوية القانون الدولي، المساعدة في تشغيل المنظومة الصاروخية ومنظومات “حماس” للقيادة والتحكم.

على صعيد المخطوفين، يجري تحديث العدد يومياً، لأنه يوجد بين القتلى والمفقودين والرهائن عمال أجانب من تايلاند والنيبال، والتعرف عليهم يستغرق وقتاً طويلاً، ويستدعي تحقيقاً جنائياً هائلاً، يجري بالتنسيق مع الدول المعنية.

في رأيي، كلما مرّ الوقت، تحسّن وضع إسرائيل من الناحية العسكرية. نافذة الشرعية الدولية توشك على الإغلاق، وهذا يفرض الإسراع في التحرك. عملياً، الحرب التي نعيشها اليوم هي حرب دفاع عن وجودنا. لقد أخطأ بني غانتس في صيغته لأنه لم يذكر ذلك، وقال إنه ما دام الجيش يتمتع بالكفاءة ولديه حوافز، ما من عدو قادر على تدمير دولة إسرائيل. هو على حق، لكن هذه الحرب تُخاض دفاعاً عن قدرتنا على العيش بأمان في كل مكان في إسرائيل، من دون أن نضطر إلى خوض حرب كبيرة كل بضعة أعوام، دفاعاً عن أولادنا، أو لا سمح الله، انتقاماً لهم.

استنزاف العدو

إن الصورة الحالية ليست بالضرورة تأجيل الخطط العملانية، بل استنفاد ما يمكن تحقيقه بوساطة القصف من الجو والتوغلات البرية المحدودة والقصيرة المدى، كالذي جرى تنفيذه في القطاع، أول من أمس. وهذا يهدف إلى تحقيق الهدف عينه: استنزاف العدو وخلق حالة من عدم اليقين والتوتر لديه، وانشغاله طوال الوقت بالسؤال: متى سيهاجمون؟ وفي أي منطقة؟ وكيف سيتمكنون من التغلب على منظومتنا الدفاعية التي تعتمد على الأنفاق تحت الأرض؟

في هذه الأيام، يعمل “الشاباك” وشعبة الاستخبارات العسكرية طوال الوقت، من أجل تحديث مخزون الأهداف الواجب مهاجمتها. “حماس” و”الجهاد الإسلامي” عدوّان يتمتعان بالخبرة والذكاء، وكلما كانت القوات الإسرائيلية التي ستدخل إلى القطاع مدربة جيداً وتعتمد خططها على استخبارات نوعية، كلما تقلص عدد الخسائر.

سيكبر عدد الخسائر عندما يُستكمل الدخول إلى قطاع غزة، وعندما يبدأ الجيش و”الشاباك” بالعمل على الأرض، بهدف التدمير المنهجي للبنى التحتية العسكرية ووسائل القتال، وفي الأساس ضد قادة ومقاتلي التنظيمات “الإرهابية”. هذه المرحلة من الحرب هي الأخطر، ويتعين علينا التفكير فيها قبل الدخول.

خطة الخروج من غزة يجب الاهتمام بها فقط بعد أشهر طويلة. من هنا، يبدو الطلب الأميركي من إسرائيل، تقديم خطة الخروج قبل الدخول، ليس معقولاً، ويستند إلى الصدمة التي يعانيها الأميركيون في أفغانستان والعراق، وإلى الصدمة لدينا من حرب لبنان الأولى [اجتياح 1982]. توضع خطط الخروج، بعد معرفة ماهية الأهداف التي تحققت، وبالاستناد إلى الوضعين العسكري والسياسي في ذلك الوقت. إذا كان القصد من الطلب الأميركي هو فقط أن تتعهد إسرائيل عدم البقاء في القطاع، ففي تقديري هذا لا يشكل مشكلة. فالرئيس بايدن حصل على مثل هذا التعهد من نتنياهو.

لماذا لم يبدأ الهجوم البري؟

لم تبدأ إسرائيل حتى الآن هجومها البري الكامل على غزة، للأسباب التالية:

ضرورة إعطاء الوقت لمساعي إطلاق المخطوفين من خلال الوسطاء المصريين والقطريين. كما من المفترض أن يعطي الضغط الدولي على “حماس” نتائجه، وتفهم الحركة أن إطلاق سراح عدد ضئيل من المخطوفين لكسب الوقت لن يمنع إسرائيل من الدخول إلى القطاع. لا بل العكس: يوجد بين صنّاع القرار في إسرائيل مَن يعتقد أنه من الضروري إفهام السنوار أن الدبابات ستمرّ فوق الأنفاق التي يختبئ فيها، وسيكون من الصعب عليه الحصول على تنازلات، لذلك من الأفضل أن يفعل ذلك، ما دام يملك هذه الأوراق المخيفة بين يديه.

مرحلة السحق والاستفزاز والرد لم تنتهِ، ولم نستنفد ما يمكن أن نحققه بواسطتها.

الأميركيون يريدون أن يكونوا مستعدين لمواجهة هجوم محتمل من أذرع إيران، مثل الميليشيات الشيعية في العراق وسورية واليمن وأماكن أُخرى، على القواعد الأميركية في الشرق الأوسط. ويريد البنتاغون نشر منظومات دفاع جوي ووحدات من المظليين للدفاع عن هذه القواعد واعتراض الصواريخ والمسيّرات التي ستُطلق في اتجاهها. وهذه الاستعدادات لن تنتهي قبل وصول حاملة الطائرات آيزنهاور مع قوة المهمات التابعه لها إلى منطقة المحيط الهندي جنوب عُمان وإيران، وما دامت الولايات المتحدة لم تنهِ استعداداتها على الأرض في قواعدها الصغيرة في سورية. حتى الآن، تعرضت القواعد الأميركية في الشرق الأوسط لـ 14 هجوماً من طرف وكلاء إيران. وجُرح 24 جندياً أميركياً، والأضرار كانت طفيفة، لكن إذا دخلت إسرائيل إلى غزة، فإن العدد يمكن أن يزداد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى