ترجمات عبرية

يديعوت – بقلم  رونين بيرغمان – اختبار أمريكي ..!

يديعوت – بقلم  رونين بيرغمان – 29/11/2021

” المفاوضات في فيينا هي اختبار لادارة بايدن وخياراتها في مواجهة التحدي النووي الإيراني “.

على طاولة المفاوضات في فيينا يوجد اكثر بكثير من مستقبل المشروع النووي الايراني. إذ  ان معظم المشاركين على اي حال يفهمون انه حتى لو وقع الاتفاق فسيكون ذات تأثير محدود عليه. بين السطور وخلف الابتسامات الدبلوماسية هذا الاسبوع ستتضح حقائق واسعة واكثر جوهرية على العلاقات بين ايران والولايات المتحدة، بين الولايات المتحدة واسرائيل، على سلم اولويات ادارة بايدن والمستقبل الامريكي في الشرق الاوسط، واساسا، على استمرار مكانة الولايات المتحدة اللاعب الدولي المركزي وقدرته على الابقاء على قوة ردعه. 

ان العودة الى المفاوضات هي جزء من الصراع بين مؤيدي النهج الصقري في ادارة ترامب ونتنياهو، ممن يؤمنون بانه يمكن لجم لاعب منفلت العقال كايران فقط بواسطة القوة، بما في ذلك العمليات السرية، العدوانية والعقوبات، وبين اولئك الذين يتبنون نهجا دبلوماسيا في ادارتي اوباما وبايدين، ممن يعتقدون بان القوة ستؤدي فقط الى مزيد من القوة – ولن تخضع ايران. وحسب هذا النهج، فان الطريق المفضل، الوحيد عمليا، هو طريق الحوار، الحلول الوسط والاتفاقات – فقط هكذا سيكون ممكنا وقف السباق الايراني الى القنبلة، بل واقتيادها، مثلما يـأمل وزير الخارجية الاسبق جون كيري عائدة الى حضن اسرة الشعوب. 

من يقرأ بداية الوثيقة التي عنوانها “الاهداف المركزية لـ “Centcom”،  قيادة المنطقة الوسطى الامريكية، كفيل بان يتساءل: لماذا على الاطلاق تأتي الولايات المتحدة الى فيينا؟ إذ ان الوثيقة تبث  تصميما وتصلبا وتحدد بشكل واضح: الهدف الاساس لـ الـ 300 الف جندي امريكي بقيادة المنطقة الوسطى هو “ردع ايران” كون النظام الايراني  “يضعضع الاستقرار ويتسبب بالتصعيد” في المنطقة.  بتعبير آخر: قيادة المنطقة  الوسطى الامريكية تستعد للحرب مع ايران.

قبل سنتين كان هذا قائد المنطقة، الجنرال الكبير فرانك مكنزي بين اولئك الذين اثروا على الرئيس ترامب لاغتيال قاسم سليماني، رجل العمليات الايراني الكبير. مكنزي اياه اوصى فور ذلك بضم اسرائيل الى قيادة المنطقة الوسطى – خطوة اعطت ثمارها  في كانون الثاني الماضي. قبل نحو شهر وصل الى القيادة ايضا المندوب الدائم عن الجيش الاسرائيلي. للجم ايران وعدت ادارة اوباما اسرائيل بانه اذا ما فشلت كل الجهود فان قيادة المنطقة الوسطى ستهاجم ايران. بل ان وزير الدفاع بانتا عرض امام نظيره في حينه اهود باراك توثيقا مبهرا بالفيديو لقذائف خارقة للخنادق تم تطويرها خصيصا ضد ايران، لتدمير الانفاق التي حفرت في الجبال في صحراء نفادا، تصويرا محاكاة للمنشآت الايرانية. في 2015 وقعت الولايات المتحدة على الاتفاق النووي، لايمان زعمائها بان بوسعه ان يعفيهم من هذا الهجوم. كانت له فضائل: فقد فكك تماما مياه المفاعل الثقيلة في اراك، اغلق عمليا الجهد الايراني لانتاج قنبلة بلوتونيوم، وادى الى تفكيك اجزاء كبيرة من البنية التحتية النووية لايران والمادة المشادة التي تحت تصرفها. بتعبير آخر: جمد المشروع النووي والزم ايران برقابة دائمة. 

لكنه ايضا كان مليئا بالثقوب: فترة محدودة تلتزم فيها ايران بالاتفاق، آلية رقابة كان واضحا منذ البداية انها ستكون صعبة على الانفاد، عدم التدمير بل فقط تفكيك جزء من العتاد، وايران لم تلزم بوقف التطوير العلمي. القوى العظمى “قبلت” عمليا الادعاء الايراني بانها لم تحاول ابدا تطوير قنبلة نووية، ناهيك عن عدم وقف مشروع الصواريخ وبلا اي كلمة عن دعمها للارهاب.

لقد أثبتت التطورات التاريخية منذ التوقيع على الاتفاق العكس: حتى 2018 نفذت ايران الاتفاق، الى هذا الحد او ذاك، فككت ما وعدت بتفكيكه وراكمت حتى 300 كيلو غرام من اليورانيوم المخصب بدرجة متدنية. في 2018 سرق الموساد الارشيف النووي الذي اثبت بان ايران كذبت بشكل فظ بل وجربت، ان لم تكن تجرب كل الوقت تطوير قنبلة. “عرفنا انهم يكذبون وكان لهم مشروع عسكري في الماضي”، سيقول لاحقا جون كيري “لكننا عرفنا بانهم لن يعترفوا بهذا ابدا، ولو اصرينا لما كان اتفاق”. 

اما نتنياهو ففكر بشكل مختلف واستخدم وثائق الارشيف لاقناع ترامب بالانسحاب من الاتفاق. ادى الانسحاب الى انسحاب ايراني جزئي والى تحريك للمشروع النووي بوتيرة معززة – مزيدا من التخصيب، مزيدا من اجهزة الطرد المركزي المتطورة، ومزيدا من المادة المشعة.

وبزعم مؤيدي الاتفاق “الجديد”: الاتفاق القديم اثبت نفسه في أنه اوقف ايران في الطريق الى القنبلة، وفعلة ترامب بتشجيع من اسرائيل حققت بالضبط العكس – ايران توجد اليوم في حالة متطورة اكثر مما كانت في يوم الانسحاب. وبزعم معارضي الاتفاق: حقيقة ان ايران نجحت في تحريك ونصب اجهزة طرد مركزي حديثة تثبت بان كل الاتفاق لا يقوم الا على اساس النية الطيبة لنظام آيات الله وليس على فرض قدرته على التقدم نحو سلاح يوم الدين. بمعنى ان الاتفاق لا يساوي الورق الذي  وقع عليه.

ان حقيقة أن إدارة بايدن تريد جدا الاتفاق وان الإيرانيين يلعبونها وكأنهم صعبو المنال، هي الدليل على ضعف الولايات المتحدة وفقدانها لقدرة ردعها. حقيقة ان أمريكا الكبرى بحاجة الى اخطار من الاستخبارات الإسرائيلية كي تخلي جنودها على عجل من قاعدة في سوريا خوفات من المُسيرات الإيرانية التي قصفتها في الشهر الماضي أو انه رغم  انها عرفت بان ايران وقفت خلف الهجوم  الخطير لم  تفعل شيئا،  هو دليل آخر على غروب نجم  الولايات المتحدة.

لكن الاتفاق، بقدر ما يتعلق هذا بالولايات المتحدة وباوروبا، هو موضوع منتهٍ: السؤال الحرج المتبقي هو هل ايران ستكون مطالبة بالعودة الى النقطة التي كانت فيها عشية الاتفاق السابق ام سيجرى الحديث عن “تجميد الوضع القائم”، والتي تجد فيه تعبيرها إنجازات تطويرها منذ الانسحاب. أما الدول الأوروبية، وبشكل غريب، هي التي مرة أخرى تتخذ في هذا الموضوع نهجا أكثر تصلبا تجاه ايران.

وعلى جدول الاعمال أيضا مصير العقوبات: العقوبات والقيود التي فرضت على ايران على مدى عقود الحقت ضررا كبيرا للنظام وللدولة. سؤال حرج هو هل سترفع، وباي قدر وكم ستصر الإدارة على فرضها. في إسرائيل يأخذون الانطباع بانه يوجد امر غير مكتوب في وزارة الخارجية هو ألا يسار الى ابداء دافعية زائدة في موضوع العقوبات. التقدير هو ان التاريخ يتكرر: تقريبا كل من عني بموضوع الاتفاق النووي في إسرائيل وفي الولايات المتحدة في 2015 عاد ليعالجه الان. وكلهم ارتفعوا درجة: بايدن اصبح رئيسا، بارنس رئيسا للسي.اي.ايه، بلينكن وزيرا للخارجية، وكوهن اصبح رئيس الموساد. اما استبدال نتنياهو ببينيت فخرق هذه الصورة ولكنه لم يغير في واقع الامر شيئا في  المعارضة الإسرائيلية. فور  قيام إدارة بايدن أعلنت بانها تريد العودة الى الاتفاق. وهذا الامر نبع، ضمن امور أخرى من الرغبة في شطب تراث ترامب. في نظر الكثيرين في الإدارة الحالية: كل ما فعلته إسرائيل في تلك الفترة بالتعاون مع الولايات المتحدة مصاب بـ “سم” ترامب، وعليه فينبغي التخلص منه. هذا الفكر، ولعله، حتى اكثر من كل اتفاق مع ايران هو الذي ينبغي ان يقلق إسرائيل.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى