ترجمات عبرية

يديعوت: العشائر ترفض، وعودة السلطة تسبب خلافات داخلية

يديعوت 17/3/2024،د. ميخائيل ميلشتاين: العشائر ترفض، وعودة السلطة تسبب خلافات داخلية

في ذروة الشهر السادس للحرب، نشأت ثلاث وقائع في حالة تداخل بقطاع غزة: مناطق ضيقة تسيطر عليها إسرائيل بشكل كامل ودائم، وأساساً في المنطقة التي تفصل القطاع إلى قسمين ومجال الحدود؛ ومناطق تحت سيطرة حماس، خصوصاً جنوبي القطاع؛ و”مناطق صمت” كان الجيش الإسرائيلي عمل فيها ثم أخلاها، لذا نشأت “جيوب سيطرة” لحماس إلى جانب عصابات محلية وعشائر مسلحة – في مدينة غزة أساساً. هذا وضع لا يسمح بإقامة “نظام جديد”. ازدادت الفوضى في القطاع بالتدريج ومعها أيضاً الضائقة المدنية، وهذه تجلب أساس الاهتمام الدولي، وتترافق بطرح علامات استفهام متزايدة حول قدرة إسرائيل على خلق واقع جديد في غزة وتلبية مطالب السكان. هذه هي الخلفية للدفع قدماً بحملات كبرى لإنزال المساعدات المدنية وبناء رصيف، ما يعبر عن شكوك متزايدة تجاه إسرائيل.

الحرج يؤدي إلى بوادر صحوة في إسرائيل: التخلي عن نظريات طرحت حول نوع النظام وهوية العنوان السلطوي “في اليوم التالي”. فضلاً عن أن ذاك اليوم إياه لم يظهر بعد في الأفق في ضوء استمرار سيطرة حماس على مناطق وعلى أوساط جماهير غير قليلة في غزة. درة تاج تلك الصحوة كانت لقاء رئيس هيئة الأمن القومي تساحي هنغبي برئيس المخابرات الفلسطينية العامة ماجد فرج، أحد الشخصيات القوية في السلطة، والذي بحثت فيه -حسب ما علم- إمكانية أن يكون رئيس الجهاز مسؤولاً عن تلقي وتوزيع المساعدات المدنية في غزة بل وفرض النظام العام في قسم من القطاع. أضيف إلى هذا شقاق بين وزير الدفاع ووزراء الليكود الجمعة الماضي، عندما طرح الأول العمل على حوار مع محافل محلية من “فتح” في غزة، وهوجم بزعم أنه يسعى لإدراج السلطة الفلسطينية في مخططات “اليوم التالي”.

تأتي الصحوة في ضوء خبو فكرة حكم العشائر التي حاولت إسرائيل دفعها قدماً في غزة مؤخراً. فقد رفض رؤساء العشائر علناً التعاون مع إسرائيل عقب تهديدات حادة من جانب حماس. وحتى قبل ذلك، كان واجباً التساؤل في جدوى التعاون مع جهات مهزوزة بدا نسخاً لتجربة مريرة متمثلة بالتعاون مع الكتائب في لبنان.

في السياق إياه، كان يفترض إثارة علامات استفهام على أفكار أخرى تطرح في الأشهر الأخيرة، وعلى رأسها: انتشار قوات عربية أو دولية تقوم بدلاً من إسرائيل “بالعمل الأسود” (لا يبدو وجود دافع لدى أي جهة في العالم في هذا الشأن)، أو الاعتماد على رجال أعمال وعناصر “فتح” غزيين غير متماثلين مع السلطة، ليكونوا بديلاً سلطوياً فاعلاً.

لقد مر وقت كاف كي تلقي إسرائيل نظرة مباشرة إلى المرآة وتفهم ما هو قابل للتطبيق وما هو غير قابل في سياق غزة. أولاً، من المهم الاستيعاب بأنه لا يمكن خلق نظام جديد أو تقويض قدرات حماس العسكرية والحكومية دون سيطرة فعلية على أرض القطاع كله. ثانياً، وإن كان حيوياً التفكير في مشاركة السلطة الفلسطينية في غزة، لكن الاعتراف بأنها تعاني مؤخراً من صورة جماهيرية متردية، لا توجد اليوم قدرات لإنفاذ الأمر على المنطقة. بدلاً من هذا، كان من الأفضل المساعدة على إقامة إدارة مدنية فلسطينية على أساس قوى محلية، وعلى رأسها حركة فتح وفي اتصال مباشر بالسلطة، بالتوازي مع استمرار المسؤولية الإسرائيلية في المستوى الأمني، في السنوات القريبة القادمة على الأقل.

تقف إسرائيل أمام بدائل سيئة، وعليها أن تختار الأقل سوءاً. صحيح أن هذا سيكون مفعماً بالمشاكل، لكنه يبقى أفضل من شعارات المعركة التي يغيب عنها بُعد زمني في نهايتها انتصار مؤكد أو أوهام حول شركاء يغيرون الواقع ووعي الفلسطينيين من الأساس.

لا يجب المساومة على المصالح القومية الحيوية، لكن المطلوب منا أن نكون مستعدين لرحلة تاريخية طويلة ومضنية.

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى