ترجمات أجنبية

وول ستريت جورنال: مخاوف الصين من ضعف روسيا تدفعها إلى إعادة التفكير

وول ستريت جورنال 20-3-2023، بقلم لينغلي وي: مخاوف الصين من ضعف روسيا تدفعها إلى إعادة التفكير

تتزايد مخاوف القيادة الصينية من أن زيادة الدعم العسكري الغربي لأوكرانيا سيضعف بشدة روسيا ، وهي شريك رئيسي لبكين في تنافسها المتزايد مع الولايات المتحدة وحلفائها.

المقاومة القوية لأوكرانيا، قادت القيادة الصينية لإعادة التفكير، وأصبحت ميالة للدفع باتجاه وقف إطلاق النار لمنع نكسات جديدة على الروس، أو هزيمة على قاعدة واسعة، وذلك بحسب أشخاص على معرفة بصناعة القرار الصيني.

إعادة التفكير قادت الصين لزيادة علاقاتها الاقتصادية مع روسيا. وتتطلع بكين لزيادة وارداتها من النفط والغاز والبضائع الزراعية وتوثيق شراكتها في مجال الطاقة في القطب الشمالي وزيادة الاستثمارات الصينية في سكك الحديد والموانئ الروسية. وليس من الواضح كيف يمكن ترجمة الانضباط الصيني وعدم تقديم الأسلحة لروسيا، وهو موضوع كان حاضرا في تعليقات وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن في نهاية الأسبوع، حيث قال فيها إن واشنطن لديها معلومات حول تفكير بكين في تقديم أسلحة فتاكة لروسيا. وأثار بعض المخططين الاستراتيجيين في بكين أفكارا حول ما إذا كان يجب على الصين التفكير بتقديم الدعم العسكري لروسيا واستخدامه لأغراض دفاعية. وهذا قد يعطي روسيا ورقة نفوذ لإنهاء النزاع.

لكن خطوة كهذه قد تثير حنقا ضد الرئيس شي جين بينغ في الغرب. ولا يمكن التأكد فيما إن كانت الفكرة تحظى بدعم داخل القيادة الصينية. وهاجم وزير الخارجية الصيني يوم الإثنين، واشنطن ورد على اتهاماتها قائلا: “إنها الولايات المتحدة وليس الجانب الصيني من تقدم سيلا لا يتوقف من الأسلحة” لأوكرانيا. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية وانغ وينبن في إحاطة للصحافيين: “لا يحق للجانب الأمريكي توجيه أصابع الاتهام للصين أو إصدار الأوامر لها، ولن نقبل أبدا النقد الأمريكي للعلاقات الصينية- الروسية”.

وفي زيارة لتركيا يوم الإثنين، قال بلينكن: “أعتقد أن الصين تفهم المخاطر لو قررت تقديم الدعم المادي بأي نوع لروسيا”.

وفي زيارة مفاجئة لأوكرانيا، وعد الرئيس جو بايدن بمساعدات إضافية بقيمة نصف مليار دولار، وهو ما زاد الحاجة لدى الصين كي تبحث عن طرق لوقف النزاع الذي أدى لتوثيق علاقة الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا، مما يثير مخاطر من زيادة الصدع الصيني مع الغرب. ومع أن تراجع القوة الروسية سيعطي الصين ميزة على روسيا من ناحية الحصول على صفقات طاقة رخيصة، لكن المطّلعين على تفكير الرئيس شي، يقولون إنه لا يريد خروج روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين من النزاع في حالة ضعف. ولمنع هذا، تدفع بكين باتجاه وقف النزاع. وقال أكبر دبلوماسي صيني، وانغ يي، نهاية الأسبوع في مؤتمر الأمن بميونيخ، إن بكين ستقدم مبادرة سلام مفصلة في 24 شباط/فبراير وهو اليوم الذي بدأت فيه روسيا حملتها ضد أوكرانيا.

ووصل المسؤول الصيني يوم الإثنين إلى موسكو لمناقشة التطورات مع الرئيس بوتين. وطالما تجنبت واشنطن وبكين المواجهة الشاملة، وتجنبتا الإجراءات التي قد تقود لزيادة النزاغ. ونفت الصين أنها أرسلت أسلحة فتاكة للجانب الروسي، مؤكدة أن شركاتها تقوم بإجراء تعاملات تجارية عادية مع الشركات الروسية. وعبّر بايدن عن مخاوفه من تقديم أسلحة طويلة المدى إلى أوكرانيا قد تضرب العمق الروسي، بشكل يجعل أمريكا وروسيا في مواجهة شاملة.

ويقول سيرغي راديشنكو، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جونز هوبكنز، إن “الدعم العسكري الصيني سيكون بمثابة تغيير لقواعد النزاع” و”قد تكون جزءا أساسيا في خطة السلام التي تحدث عنها وانغ يي أو الدعوة لوقف إطلاق النار على طول الخطوط التي تسيطر عليها روسيا وأوكرانيا”. وأضاف راديشنكو: “الرسالة هنا (للغرب) أننا لو فشلنا في انتهاز فرصة تجميد النزاع الآن، فستجعل مساعدة الصين لروسيا الحرب أكثر كلفة وبمخاطر كبيرة على أوكرانيا والاستقرار الإقليمي”.

ومنذ بداية الحرب، قدمت الصين دعما اقتصاديا لروسيا إلى جانب الدعم الدبلوماسي، حيث اتهمت الولايات المتحدة وحلف الناتو بخلق الظروف التي استفزت لروسيا لكي تغزو أوكرانيا.

سجلات الجمارك الصينية تظهر شحن معدات ملاحة وتكنولوجيا تشويش وقطع غيار للمقاتلات إلى روسيا التي تتعرض للعقوبات.

دفع الصين لهدنة، هي جزء من الدور الذي يرى شي أن بلاده تلعبه في هذه الحرب. فبعدما التزم بالموقف المحايد، ورفض الضغوط الغربية عليه لشجب الحرب، تحرك الآن للعب دور حيوي.

وتتشارك الصين وروسيا بهدف إعادة النظام الدولي الذي تريان أنه متحيز للعالم المتطور، وفي الوقت الذي تجنبت فيه الصين أية خطوات واضحة لدعم روسيا، بشكل يدعو إلى عقوبات جماعية غربية، إلا أن بكين واصلت تطوير وتعميق علاقاتها مع موسكو وسط زيادة التوتر بينها وبين واشنطن. ولا تزال روسيا عالقة في أوكرانيا رغم أنها نشرت معظم قواتها البرية في منطقة واحدة، ومن هنا بدا الدفع لوقف الحرب أمرا ملحّا في بكين.

وفي تقرير نشرته مجموعة راند المؤثرة الشهر الماضي، ولفت انتباه صناع السياسة في بكين بحسب أشخاص مطلعين على الأمر، حيث ناقش التقرير الذي حمل عنوان “تجنب الحرب الطويلة” أنه كلما طال أمد الحرب، كلما زادت احتمالات المواجهة بين روسيا والناتو.

ويرى بعض صناع السياسة في التقرير فرصة للصين كي تتقدم وتخلق فرصة لوقف النزاع. ولكن قادة الغرب لديهم شكوك حول لعب الصين دور الوسيط الذي يوثق به نظرا للعلاقة الوثيقة بين بكين وموسكو. وعبّر الأمين العام للناتو يانس ستولتنبرغ في مؤتمر ميونيخ للأمن عن هذا حيث قال: “لم تكن الصين قادرة على شجب الغزو” و”لم تكن قادرة على القول إن هذه حرب غير شرعية”. وعبّر بعض القادة الغربيين عن أملهم في قدرة الرئيس شي على استخدام الدعم الاقتصادي للضغط على بوتين كي يذهب لطاولة المفاوضات، لكن شي لم يظهر أي إشارة حتى هذا الوقت، مع أنه أخبر قادة العالم أن الصين تعارض استخدام السلاح النووي في أوكرانيا، كما هدد بوتين.

ويتساءل بعض المسؤولين الأمريكيين والمحللين الغربيين، إن كانت خطة السلام الصينية وموقفها من استخدام السلاح النووي هي دعم خفي وهادئ لبوتين. ويرى يان صن، من مركز ستيمصن في واشنطن، أن الصينيين لن يقفوا موقف المتفرج أمام هزيمة الروس بالكامل، و”خطة السلام المقترحة هي خطوة تجاه ذلك الهدف”. مضيفا: “لدي شك في اقتراح الصينيين أي شيء جوهري غير الدعوة للسلام والحوار”.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى