ترجمات أجنبية

واشنطن بوست: بايدن يفكر عميقا بالرد الحاسم على جماعات إيران

واشنطن بوست 29-1-2024، ديفيد إغناطيوس: بايدن يفكر عميقا بالرد الحاسم على جماعات إيران

دعوات الجمهوريين للرئيس جو بايدن لـ”ضرب طهران” وهو ما نادى به السناتور الجمهوري عن ولاية تكساس توم كوتون، ووصف الرئيس بايدن بـ”الجبان ولا يستحق أن يكون قائدا أعلى للقوات المسلحة”، وسيثبت شجاعته حسب كوتون لو ضرب الجماعات الموالية لطهران في داخل إيران وخارجها.

الدعوة لأعمال عسكرية بدون تحمّل مسؤولية نتائجها هو غطرسة معروفة عن أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكيين.

ولحسن الحظ، بايدن يفكر بهدوء للرد على الهجوم الذي جُرح حوالي 40 شخصا، بدون أن يورط الولايات المتحدة في حرب مفتوحة بالشرق الأوسط.

وبناء على حوارات مع مسؤولين حاليين وسابقين، يمكننا أن نتكهن بما يدور في ذهن صناع السياسة الأمريكيين، وما سيقترحونه من خيارات الرد. ومن المتوقع أن يتخذ بايدن ردا حاسما، ولكنه سيفكر عميقا بشأن التداعيات للخيار الذي سيتبناه.

الميليشيات الشيعية كانت محظوظة أو غير محظوظة حتى يوم الأحد، لأنها لم تقتل جنديا أمريكيا في الهجمات التي تستهدف بها القوات الأمريكية في العراق وسوريا والآن الأردن، حيث أحصت القيادة الأمريكية أكثر من 160 هجوما منذ بداية الحرب على غزة.

هذه الجماعات “لا يمكن ردعها” بحسب لغة المخططين الإستراتيجيين. وردّ البنتاغون على الهجمات، ولكن ليس بالقوة الكافية، فلدى إيران جماعات موالية لها في العراق تتراوح قواتها ما بين 60,000 إلى 80,000 مقاتل. وتعتقد الجماعات الشيعية أن استهداف القوات الأمريكية لا يحمل مخاطر كبيرة. وكذا الحوثيون الذين يطلقون النيران على السفن التجارية في البحر الأحمر، مما يعطل التجارة العالمية. و”يجب تغيبر هذه الحسابات”.

وقبل الرد، على القوات الأمريكية تحديد الجماعة الوكيلة المسؤولة عن الهجوم، ودور طهران بشكل محدد. فهذه المعلومات، كما يقول الجنرال مايكل إريك كوريلا، قائد القيادة الوسطى الأمريكية، يمكن أن تساعد في بناء الخطة لتدمير قدرات الجماعة على قتل الأمريكيين.

ويرى كوريلا أن فكرة مسؤولية “المقاومة الإسلامية في العراق” عن الهجوم ليست كافية لقصفها. فضرب الجماعة المسؤولة عن استهداف قاعدة “برج 22” في الأردن لن يكون سهلا أو سريعا. والسؤال هو كيف سترد هذه الجماعات على الهجوم الأمريكي، ذلك أن معظم الجماعات الشيعية تحتفظ بقدرات عسكرية لم تستخدمها مثل الصواريخ الباليستية بعيدة المدى والأسلحة الضخمة والمسيّرات. فالهدف من العمليات الانتقامية هو تخفيض التهديدات وليس زيادتها، فأمريكا لديها سفارة ضخمة في بغداد، و2,500 جندي في العراق، و900 جندي في سوريا، وهي أهداف متعددة. وقبل الرد، على القيادات العسكرية الأمريكية التأكد من أن هذه الأهداف محمية.

والمفارقة في هذا الهجوم، أنه حدث في وقت بدأت فيه الولايات المتحدة محادثات مع العراقيين حول تخفيض محتمل للوجود العسكري الأمريكي، والسبب في ذلك هو أن تنظيم الدولة الإسلامية لم يعد تهديدا كبيرا، وأن القوات الأمريكية الموجودة هناك لمحاربته، باتت أهدافا متحركة.

ولا يريد بايدن الظهور بمظهر الرئيس الضعيف وسحب القوات تحت النيران، وعليه تذكر معضلة مشابهة واجهت الرئيس جي أف كيندي أثناء أزمة الصواريخ الكوبية. ففي ذلك الوقت، كانت الولايات المتحدة تخطط لسحب الصواريخ النووية من تركيا، وطلب الاتحاد السوفييتي سحبها كثمن لسحب الصواريخ الروسية من كوبا، لكنه أخبرهم بطريقة خاصة، أن الصواريخ ستسحب لو التزموا بالصمت وحُلت الأزمة.

استهداف رأس الأخطبوط.

ضرب إيران مباشرة قد يؤدي إلى حرب واسعة، كما أن شن الحرب يحتاج إلى أدلة قوية، خاصة بعد مهزلة غزو العراق. وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إن الاتهامات بوقوفها وراء الهجوم هي “اتهامات بلا أساس”، ويبدو أن الأمريكيين لا دليل لديهم عن رابطة مباشرة بين الجماعة وطهران، مع أن الأخيرة تمول وتدرب وتقدم الدعم السياسي لهذه الجماعات. وهي تقوم بحرب كلاسيكية بالوكالة، وتدعم الجماعات المسلحة في سوريا والعراق بهدف طرد القوات الأمريكية، بدون أن تتحمل المسؤولية المباشرة.

فهوس إيران بشعار “الموت لأمريكا” يغلي منذ عام 1979 ولن ينتهي في ليلة وضحاها، إلا أن بايدن يستطيع منع مواجهة مباشرة. فالردع هو عن إرسال رسائل قوية، والمسؤول الأهم عن إرسالها هو أستاذ “القناة الخلفية” (اسم مذكراته) أي ويليام بيرنز، مدير المخابرات الأمريكية الذي سافر مباشرة إلى موسكو عام 2022 محذرا من غزو شامل لأوكرانيا وتداعياته على العلاقة مع الولايات المتحدة والناتو، وكان دقيقا في تحذيراته لفلاديمير بوتين.

وستكون مهمة إرسال رسائل إلى طهران صعبة نظرا لعدم وجود علاقة مباشرة، ولدعم أمريكا تهديداتها بالفعل الحاسم. إلا أن ضرب إيران مباشرة هي فكرة سيئة، خاصة أن الشرق الأوسط يشتعل بحرب غزة. ومن هنا، فقناة بيرنز الخلفية ليست مهمة الآن.

ومع ذلك، فالقوى العظمى لديها القدرة على حماية مصالحها، وإيران ليست وحدها القادرة على شن حرب سرية فتاكة. ويظل لدى الولايات المتحدة الورقة الدبلوماسية. فقد عاد مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان من لقاء مع وانغ يي، وزير الخارجية الصيني، الذي التقاه في تايلاند.

وطلب سوليفان من الصين استخدام تأثيرها لكي تخفض التوتر. وقال إن الهجمات الحوثية قد تغرق في النهاية سفينةً في البحر الأحمر، بشكل يؤثر على الأسواق العالمية. ويفهم وانغ على ما يبدو أن الصين التي تعتمد على التجارة العالمية هي الخاسرة من تهور الحوثيين أكثر من أمريكا.

ويقول “دعونا ننتظر إن كانت الصين ستستخدم تأثيرها لمنع أحداث عالمية تتقارب فيها مصالحها مع مصالح واشنطن. وما هو الطريق الوحيد لوقف عنف الجماعات الموالية لإيران الذي تبع الحرب في غزة؟ الجواب هو وقف الحرب سريعا”.

وكان بيرنز في باريس الأسبوع الماضي من أجل التوسط بين إسرائيل وحماس لوقف إطلاق النار بما يسمح بتبادل المحتجزين الإسرائيليين، والأسرى الفلسطينيين، ويحتاج بايدن لاستخدام كل أداة في حقيبته لتحقيق إنجاز.

وعندما تتوقف الحرب في غزة، فسيتم خفض التوتر في كل المسارح (العراق وسوريا واليمن ولبنان). وعلى العكس، فإذا لم تتوقف الحرب في غزة، فالنيران الأخرى ستتكثف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى